|
دور اليسار في مكافحة هيمنة رأس المال
خليل اندراوس
الحوار المتمدن-العدد: 1587 - 2006 / 6 / 20 - 12:24
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
لا حركة ثورية بدون نظرية ثورية دور اليسار في مكافحة هيمنة رأس المال لا شك بأن التطورات الأخيرة، خاصة ً بعد إنهيار الإتحاد السوفييتي وفشل التجربة في بناء الإشتراكية، وسيطرة العولمه الإقتصادية المتوحشة على مجريات السياسة العالمية، تفرض على الأحزاب الشيوعية مراجعة الكثير من الممارسات، والقضايا الفكرية والتنظيمية، التي أدت إلى إنهيار هذه التجربة .
مراجعة الذات، وممارسة النقد الذاتي لا تعني أن تتخلى هذه الأحزاب عن برنامجها الثوري الإجتماعي وبأنها أحزاب الثورة الإجتماعية، وليست أحزاب إصلاح إجتماعي، فالإشتراكية العلمية بموجب النظرية الماركسية هي ضرورة حتمية، من وجهة نظر المفهوم المادي للتاريخ.
ولذلك هناك أهمية ملحّة، إلى جانب ممارسة التقد الذاتي، أن نؤكد، بأن الأحزاب الشيوعية، هي أحزاب الثورة الإجتماعية. وعلى هذه الأحزاب أن تؤكد وتبرز للجماهير الواسعة تفاقم الأزمة العامة للرأسمالية وتفاقم التناقض الجدلي بين العمل ورأسمال، معتمدة نظرية النضال الطبقي، من أجل إحداث القفزة النوعية والإنتقال من التكونية الإجتماعية الإقتصادية البرجوازية إلى المجتمع الإشتراكي، هذه هي الرسالة التاريخية للأحزاب الشيوعية، التي عليها أن تحافظ على رفع هذه الراية حتى في هذه الظروف الصعبة من الرده والتفكك والتشويه، وسيطرة الإعلام الغربي الذي يدعي بأن الديمقراطية الليبرالية هي نهاية تطور المجتمع الإنساني .
علينا أن ندافع بكل وعي وإدراك ومعرفة، تنظيميا ً، وإعلاميا ً وشعبيا ً عن جميع الأفكار الأساسية للمارسكية اللينيية، وأن نحافظ على كوننا حزب إشتراكي ديمقراطي ثوري. وإلى جانب ذلك علينا أن لا ننصرف فقط للطرح النظري والنقاش وممارسة النقد والنقد الذاتي، بل يجب علينا أن ننخرط ، وننشغل بمثابره وبروح معنوية عالية، وبشكل مباشر في النضال الجماهيري اليومي، لكي نوصل رسالتنا الثورية لأوسع طبقات الشعب وفي نفس الوقت علينا أن نميز بين الإنتقاد البناء وبين الإنتهازية وخصوصا ً وأننا عانينا الكثير الكثير من الإنتهازيين الذين ساءَوا إلى مصداقية الحزب الثوري بين الجماهير فالكثير من الممارسات خلال 4-5 عقود الأخيرة، إن كان من قبل أفراد حتى قياديين أو أعضاء حزب في الفروع ، مارسوا الفوضى التنظيمية، وأساءوا الأمانة، وفي بعض الحالات مارسوا سلطتهم ومكانتهم الحزبية بشكل غير صحيح بعيد عن الممارسات والأخلاق الشيوعية الحقة. ولا شك بأن طريق الأحزاب الشيوعية عامة ً وطريق الحزب الشيوعي الإسرائيلي طريق صعب، يتطلب الكثير من العمل والتضحيات، وهذا يلزم الرفاق بأن يتحلّوا بروح المسؤولية الحزبية والثورية، متكاتفين بقوة، في مسيرتنا التاريخية الثورية.
نحن بحاجة إلى تعزيز وتشجيع رؤية متحررة، بإتجاه تواصل محلي، بأخذ بعين الإعتبار خصوصيات هذا المجتمع أو ذاك، بحاجة إلى ديمقراطية يتقاسمها الجميع، إلى تجنيد الجماهير الواسعة وخاصة ً الكادحة حول طروحات إستراتيجية واضحة وموضوعات تكنيكية محدّدة معينة يجري تحقيقها على أرض الواقع عن طريق نضالي جماهيري شعبي، والعمل من الجذور، من القاعدة الشعبية الواسعة، للأعلى بدلا ً من محاولة العثور على حلول مؤقتة غير مدروسة بإتخاذ قرارات ومواقف فردية من هذا المسؤول أو ذاك والتي تعني عدم الإلتزام بأولويات التنظيم الحزبي .
فلنأخذ مثلا ً موضوعات البيئة، هذه القضية ليست محلية، إنها تمتد لنضال الأجيال القادمة. سوف يبدي الناس العاديون إهتماما ً كبيرا ً إذا عرفوا بأنه، وبسبب من إصرار العزب على إسترداد فوائد الديون من الدول الأفريقية، فإن نصف مليون طفل يموتون كل عام في أفريقيا لوحدها .
الإعلام الغربي الذي يهمش القضايا الإساسية التي تعاني منها الإنسانية، كالبيئة، والفقر، والأمية، وإرتفاع حرارة الكرة الأرضية، يركز على قضية خلقها الغرب بنفسه، لأن الأصولية الغربية خلقت أصوليات أخرى في العالم، منها الإرهاب الفردي .
التركيز على قضية الإرهاب الفردي هدفها تبرير إرهاب الدولة الأمريكي الغربي في العراق والإسرائيلي في الضفة والقطاع .
فما تسعى اليه سياسات دول الغرب، هو تهميش القضايا الأساسية، وإفساد عقول الناس . فهذه الأمور التي ذكرت ليست محلية، بل عالمية وتخص وتعني الإنسانية جمعاء، لذلك مهم جدا ً العمل في إطار المؤسسات الموجودة، لجعلها أكثر ديمقراطية، ولجعلها أكثر إنسانية وعدالة وأقل إستبدادا ً، ولا بد أن نؤكد بأن أوتوقراطية الرأسمالية في حكم الإنتهاء أيضا ً. والبديل لا بد أن يكون نوع من الإشتراكية التحررية، نوع من الإدارة الجماهيرية- وهذا لا يعني تملّك الدولة أو سيطرة بيروقراطية الحزب الواحد كما جرى في التجربة الفاشلة للنمط في بناء الإشتراكية، بل هي تقاسم ومشاركة العمال والتجمعات الإجتماعية المرحلية الأخرى في توجيه وضبط قرارات الإنتاج والإستثمار والإدارة وضبط القرارات السياسية لما فيه مصلحة المجتمع ككل، من خلال نظام علماني ديمقراطي تعددي .
ولكن ما يجري في العالم العربي، هو تراجع العقلانية في الثقافة والوعي الجماعي، والعودة إلى الغيبية وإلى الإنتساب القبلي – الطائفي .
ففي هذه المرحلة بالذات، مرحلة الضياع، والردة، وإختلاط القيم والمفاهيم، وفي مرحلة إنهيار الكثير من المؤسسات والرموز، تترتب أعباء ومهمات إضافية على الأحزاب اليسارية العلمانية، وخاصة ً الأحزاب الشيوعية.
فالإنسانية اليوم تواجه فترة إنفلات العولمة المتوحشة، إنفلات السوق الحرة، وإتباع سياسات فرض الهيمنة المطلقة المباشرة والغير مباشرة على شعوب العالم من قبل العالم الرأسمالي، هيمنة إقتصادية وحضارية وثقافية وسياسية .
ولذلك بعد إنهيار محاولة بناء مجتمع إشتراكي، وفشل التيار القومي في العالم العربي بعد موت جمال عبد الناصر، ووسط هذا التحول الضخم الحاصل في السياسة العالمية، والتطور العلمي والتكنولوجي والمعلومانية في عصر العولمة، فرضت على المجتمعات العربية، وباقي شعوب العالم مشكلة الحفاظ على الهوية أو على الهويات المتعددة. ولذلك هناك مسؤولية تاريخية للأحزاب اليسارية وخاصة ً الأحزاب الشيوعية، لتلعب دورها النضالي السياسي الثوري، لمنع فرض الهيمنة المادية الحضارية الأمريكية وفرض نمط الحياة الأمريكي الرأسمالي المهمش لأكثر من ثلثي الإنسانية .
وفي النهاية "لا حركة ثورية بدون نظرية ثورية" .
(كفر ياسيف)
#خليل_اندراوس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
البديل الإنساني الوحيد
-
ألصهيونية المسيحية - دين في خدمة العنصرية ورأسمال
-
ألثورة العلمية والتناقضات بين العمل والرأسمال
-
حول الطائفية والعودة إلى السلفية
-
علمنة التراث ودمقرطة العالم العربي
-
إمبراطورية الشر - من وجهة نظر ماركسية
-
بعض ملامح مملكة الحرية - مجتمع المستقبل
المزيد.....
-
مادورو يعلن تأسيس حركة شبابية مناهضة للفاشية
-
الجزء الثاني: « تلفزيون للبيع»
-
عز الدين أباسيدي// لعبة الفساد وفساد اللعبة... ألم يبق هنا و
...
-
في ذكرى تأسيس اتحاد الشباب الشيوعي التونسي: 38 شمعة… تنير در
...
-
حزب الفقراء، في الذكرى 34 لانطلاقته
-
تركيا تعزل عمدة مدينتين مواليتين للأكراد بتهمة صلتهما بحزب ا
...
-
تيسير خالد : سلطات الاحتلال لم تمارس الاعتقال الإداري بحق ال
...
-
الديمقراطيون لا يمتلكون الأجوبة للعمال
-
هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال
...
-
الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف
...
المزيد.....
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات
...
/ شادي الشماوي
-
المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب -
...
/ شادي الشماوي
-
ماركس الثورة واليسار
/ محمد الهلالي
المزيد.....
|