|
إنهيار الحُلم الأمريكي
راغب الركابي
الحوار المتمدن-العدد: 6580 - 2020 / 6 / 1 - 18:49
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
كثيرا ما يتغنى الإعلام الأمريكي وأدواته عن هذا الحلم الموهوم ، ويتبع ذلك خطب رنانه وكلام معسول من رؤساء أمريكا المتتاليين ، كلاما عن العدالة والحرية والسلام والمساواة والديمقراطية !! ، ويطبل لهذا الزيف المُخادع جوقة من المهرجين قليلي الحيلة والضمير في هذا البلد أو ذاك ، حتى ويكأن أمريكا هي هذا المنقذ والأمل المنتظر لشعوب الأرض وتحريرها من الضلالات والإستبداد والظلم ، وقس على هذا تفاوت درجات الهرولة والتمسح بأركان الكعبة الموعودة ( أمريكا ) .
لكن الجريمة التي أرتكبتها الشرطة الأمريكية بحق رجل أسود كشفت عن زيف هذا الحلم وهذه القبلة الظلماء ، هذه الجريمة ليست الأولى بل سبقتها جرائم مماثلة ودون ان تأخذ العدالة مجراها الطبيعي لهذه الفئة من الناس ، فضاعت وتضيع حقوقهم ، و كل ذنبهم إنهم من سود البشرة ، ولقد سمعت ذات مرة من غير واحد منهم ، ان فئة منهم ليست بالقليلة تلوم الدهر والخالق والطبيعة معاً ، على هذا الخلق الذي جعلهم سخرية وعبيداً عند من هب ودب .
لقد تعرت تلك الأيام المثالية المزعومة المُدعاة لرائدة الحقوق كما تُسمي نفسها ، تعرى ذلك التهريج والدجل الأكبر عن الجنايات والجرايم التي طالت كل شعوب الأرض من أقصاها إلى ادناها ، وزاد الطين بله تلك التصريحات الرعناء من الرئيس ترامب وهو يعلل تارة ويبرئ تارة اخرى جريمة شهد لها العالم على أنها جريمة كاملة العناصر ، فالرئيس الهمام كأنه في هذا يلوم هذا الرجل الأسود على لون بشرته ، ثم ينتزع للشرطي القاتل تبريرا مقيتاً ، ويذهب بعيداً ليلصق كل هذا العنف بمنظمة – انتيفا - ، التي هي في الأساس منظمة قامت وتأسست من أجل الحريات و مقارعة الفاشية والعنصرية والنازية ، وأندهش هنا لهذا التناقض الواضح لأدعياء الحرية والعدالة والعاملين للكفاح ضد التطرف والعنصرية ومعاداة السامية من جانب ، ومن جانب اخر نراهم يلوذون بتصريحات وقحة ضد منظمة كل اهدافها تحقيق العدالة وترك الناس يعيشون بسلام .
وأراني أجزم إن جهود - مارتن لوثر كنغ - قد ضاعت وتضيع ، كما أن الطفرة النوعية التي حصل عليها - باراك أوباما - في توليه للكرسي الكبير في امريكا لم تساعد ولم تساهم في تدعيم ونشر ثقافة المحبة والسلام ورفع الحيف والتمييز عن أولئك المعذبين ، ودعوني أعلن معكم موقفي الرافض لهذا السلوك العدواني والتمييز العنصري لدى فئات عنصرية منحطة من الشعب الأمريكي من اليمين المتطرف ، ودعونا نسجل معا وسويا رفضنا المطلق ذلك النزوع الأحمق للأستقواء بالحرس الوطني وبالجيش وبالسلاح والكلاب ، مواجهة شعب يصرخ بحرقة وألم لا للعنف لا للكراهية نعم للحياة من غير عُقد أو أحقيات .
أقول هذا والعالم جميعه يُصارع هذا الوباء اللعين - كورونا – المختلف في شأنه وشأن صانعه ومصنعه ، في هذا الوقت بالذات يتندر شرطي لعين مسخ ليهوي بكل ثقله ومن غير رحمة على رجل سمعنا نداءه وهو يردد و يقول - لا استطيع التنفس - ، تلك الإيقونة الصوتية التي دفعت بملايين الناس لإعادة حساباتهم والوقوف والتمهل ، فإن هناك من يحاول تدمير الحياة على وقع شعارات عف عليها الزمن وداس .
ودعونا نرسخ ثقافة الحياة بدلا عن ثقافة الموت ، التي يذهب إليها الفاشيين والنازيين والعنصريين والإرهابيين من المتطرفين ، دعونا نشجع بعضنا البعض لحماية دولنا وشعوبنا ، ونرسخ معهم جذور الإنتماء ولا يغرنا هذا الزيف المخادع المضلل الذي يجعل منا أنصاف مواطنين في وطننا ، دعونا نرسخ جذور الهوية والإنتماء للوطن ،، ونبعد من المُخيلة حب التطلع للهجرة إلى هذه العوالم التعيسة ، فإن من يفقد هويته وانتمائه يفقد ناموسه وشرفه ، فالتغرب بعد ذلك مهانة ونقصان في الكرامة .
ونجدد مع غيرنا هذا الرفض التام لكل إجراء تتخذه الحكومة الأمريكية ضد المنتفضين ، ولعلنا نذكرهم فقط بمواقفهم الفضفاضة عن الحريات والحقوق حين يدسون أنوفهم في هونغ كونغ و إيران و فنزويلا أو حتى الخليج ، ونقول : دعو شعوب العالم تتعامل مع حكوماتها من غير زعيق وصراخ فاسد فالمستور قد انكشف وبانت عورته ، وفي هذه المناسبة أجد من الواجب أن أذكر شعبي في العراق التمسك بالوحدة ، وعدم إثارة ما يُعكر أو يُكدر نوع التعايش المجتمعي الذي كان ، وثقوا ان الاعتماد على الغير دمار وهلاك ومضيعة ، إنما تعاونوا على البر والوحدة والكلمة السواء ونبذ الفساد ومحاربة الجريمة وتعزيز الهوية الوطنية ، والتمسك بان يكون المستقبل هو الأمل المنشود ، وأنتم شعبي العزيز أهل لهذا ، فلا تصغوا إلى كلام الأغيار لأنه وهم ومضيعة وفساد .
وبالختام سلامنا التام لشعوب الأرض جميعاً ، والتحية الخالصة لروح الشهيد جورج فلويد الأمريكي الذي طحنه الحقد والكراهية ، والسلام الخاص لشعبي العزيز ودعائي الخالص ان يرفع عنه كل ضيم وهضيمة ليعود معافى بأذن الله ..
#راغب_الركابي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الانتظار في زمن الكورونا
-
سجن الحوت في الناصرية
-
تحذير هام
-
في صراع الهوية
-
الثورة العراقية الكبرى
-
ماذا تعني ثورة العراقيين ؟
-
إنتفض
-
أدعياء الوطنية الزائفة
-
الحراك العراق اللبناني
-
الحروب السخيفة
-
عندما يثور الشرفاء
-
عاش العراق
-
قتل المتظاهرين العُزل
-
سفر روحاني إلى نيويورك
-
الحكومة السائبة
-
الحوار الإيراني الأمريكي
-
ثمن الحرية
-
قانون التقاعد العام
-
هل يجوز النيابة عن الميت للحج ؟
-
سقط القناع
المزيد.....
-
الفصائل الفلسطينية تفرج عن دفعة جديدة من الأسرى بينهم أربيل
...
-
تسع خطوات عاجلة لـ 10 نقابات مهنية مصرية ضد تهجير ترامب للفل
...
-
انتهاء إضراب “النساجون الشرقيون”.. وهيكلة المرتبات خلال 15 ي
...
-
وقف إطلاق النار في غزة.. نصر فلسطيني جزئي بعد خسائر لا يمكن
...
-
خواطر واعتراض واحدة من “أطفال يناير” على ميراث الهزيمة
-
الانتخابات الألمانية القادمة والنضال ضد الفاشية
-
م.م.ن.ص// رقم إضافي لقائمة حرب الاستغلال البشع للطبقة العامل
...
-
الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي تدعو إلى التعبئة قصد التنزيل
...
-
غضب صارخ عند النواب اليساريين بعد تصريحات بايرو عن -إغراق- ف
...
-
النهج الديمقراطي العمالي يحيي انتصار المقاومة أمام مشروع الإ
...
المزيد.....
-
مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية
...
/ وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
-
عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ
...
/ محمد الحنفي
-
الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية
/ مصطفى الدروبي
-
جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني
...
/ محمد الخويلدي
-
اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963..........
/ كريم الزكي
-
مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة-
/ حسان خالد شاتيلا
-
التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية
/ فلاح علي
-
الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى
...
/ حسان عاكف
المزيد.....
|