|
تحديات الإعلام العربي.. بين الواقع الراهن والمستقبل المنشود
حسن الشامي
الحوار المتمدن-العدد: 6578 - 2020 / 5 / 30 - 17:24
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مقدمة : يساهم الإعلام في تعزيز الوعي السياسي والاجتماعي وتدعيم القيم السياسية والمشاركة في إحداث التغيير وتوعية المواطنين بما يدور حولهم من أحداث ومواقف سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي ويساعد في إحداث تغيير في المجتمع خاصة عندما يكون هذا الإعلام منظما ويسير وفقا لسياسية إعلامية تخدم المجتمع وتهدف لتنمية الوعي السياسي للمشاركة في التغيير. وتلعب وسائل الإعلام الخارجية وخاصة الفضائيات والإذاعات الخارجية دورا مؤثرا على المواطنين في ظل العولمة والتغيير الحاصل في العالم إضافة إلى الأوضاع الاجتماعية والسياسية. ونظراً لقدرة وسائل الإعلام علي تشكيل المدركات السياسية للمتلقين من خلال تزويدهم بالمعلومات عن الشئون والقضايا السياسية وشرح مفهوم الديمقراطية وآليات الإصلاح وتركيز إدراكهم لأهمية هذه القضايا، فهو يستطيع توجيه المواطنين وبث روح الألفة والتعاون فيما بينهم للوصول إلى إقناع تام بضرورة الإصلاح السياسي. ويمكن القول إن البيئة الإعلامية في الوطن العربي غير مهيأة لدعم حركة الإصلاح السياسي بالصورة المطلوبة وبالتالي غير معدة لتبنى مفاهيم وأفكار التسويق السياسي حتى لو منحت الاتجاهات السياسية المعارضة بعض الفرص المحدودة لتقديم رؤاها وأفكارها السياسية وفقاً لشروط وقيود معينة. ولأن التكوين السياسي في الوطن العربي يتمحور عند الاتجاهات اليسارية والناصرية والدينية وبعض الإصلاحيين الجدد بالإضافة إلى أصحاب السلطة والمقربين منها. وكل هذه الاتجاهات يمتلك من المقومات الإعلامية التي تروج لأفكارهم ويمكن آن تساعد في تنمية الديمقراطية وبث روح الأمل لدى الشعوب العربية. أما النظام الإعلامي الخاضع لملكية الدولة والواقع تحت سيطرة الحكام أو الموالين لهم فلا يتيح للجماهير التعرف بحرية والتعرض لكل القضايا والموضوعات السياسية. وهناك معوقات أمام وسائل الإعلام تحول دون تنمية الوعي السياسي وبالتالي المشاركة في عملية الإصلاح. وهذه المعوقات قد تكون بشرية أو مادية أو سياسية ولعل أهمها عدم استقلال وسائل الإعلام عن الدولة والقواعد واللوائح والقوانين المنظمة للملكية والممارسة المهنية للمؤسسات الصحفية القومية والقنوات التليفزيونية والمحطات الإذاعية المملوكة للدولة وآثر ذلك في التغطية الإعلامية للأحداث السياسية. كما أن الوضع الاقتصادي المتدني الذي يعانى منه الشباب يعد أهم معوقات تنمية الوعي السياسي من خلال وسائل الإعلام. ولعل الحل يكمن في تطوير أداء وسائل الإعلام والإيمان بضرورة مشاركة المواطنين.
الخروج من النفق المظلم إن غالبية الشعوب العربية ما زالت تعيش في حالة من التخلف والرجعية بسبب السياسات التي اتبعتها الأنظمة الحاكمة منذ سنوات فأرست مبادئ عقيمة في نفوس الغالبية العظمى من المواطنين انه لا سبيل للإصلاح وان الأوضاع ستبقى كما هي.. ورغم المحاولات المستمرة من دعاة الديمقراطية والتمسك بالأمل والمطالبة بالمزيد من الإصلاح، إلا آن الأنظمة الحاكمة مازالت على موقفها تحت دعاوى متعددة. ورغم آن الديمقراطية هي السبيل الوحيد لإصلاح المنطقة العربية ويجب طرح هذه الأفكار في وسائل الإعلام المختلفة لتحقيق الحلم بقيام أنظمة حكم ديمقراطية توفر مناخ لاحترام حقوق الإنسان وتساوى بين المواطنين وتمنحهم حقهم في الحياة الكريمة وإجراء إصلاحات سياسية شاملة. إلا أن الأنظمة الحاكمة لا ترغب في ذلك. ونحن بحاجة إلى يقظة الإعلام العربي حتى يحقق ما تتمناه الشعوب وتسعى إليه. وبعد الطفرة الكبيرة في تكنولوجيا الاتصال، يمكن للإعلام العربي بوسائله المختلفة آن يشارك بطرق مباشرة وغير مباشرة في عمليات الإصلاح السياسي.. ولكي يتم ذلك لابد من توفير حرية الكلمة والرأي واستقلالية الإعلام ومتابعة السلطة ومراقبة تصرفاتها, وحرية إصدار الصحف وبث القنوات التليفزيونية والإذاعية. ولن يتم ذلك دون اعتبار الإعلام والصحافة سلطة رابعة كما في الدول الديمقراطية. لكنها مازالت في الوطن العربي محدودة التأثير في الحياة السياسية والاجتماعية بسبب القيود الكثيرة التي تكبلها، فسيطرة الحكومات والأفراد وتحالف السلطة ورأس المال سهل سيطرة الحكومات علي الحياة السياسية وجعل المجتمع سهل الإقناع من قبل السلطة. كما نحتاج إلى تطوير الخطاب الإعلامي لتدارك أخطار وآثار مظاهر الاستبداد السياسي وفرض الأمر الواقع وتكريس هيمنة الأنظمة الحاكمة فلابد من ابتكار خطاب إعلامي متجدد يستطيع أن يتبنى المطالبة بالإصلاح السياسي المجرد دون أهداف خاصة آو لتحقيق مصالح محددة. وعلى الطليعة الديمقراطية في العالم العربي أن تستفيد من التطور الإعلامي الذي يعيشه العالم حاليا بكل جوانبه الإيجابية وليس السلبية ولعل أسلوب الأنظمة العربية في تعاملها مع ملف الإعلام وخاصة تلك التي تتحدث باسمه وتعكس سياستها أرض خصبة لكشف حقيقة تلك الأنظمة وتعاملها مع ملف الديمقراطية. ولعلنا نكون صرحاء مع أنفسنا عندما نقول إن حرية الإعلام العربي وهم كبير، فليس هناك حرية، وإنما هناك مساحة للحرية تخضع للكثير من الضغوط، والمضايقات.. وهناك اعتبارات كثيرة تضغط على الإعلام وسياساته، مثل اعتبارات الأمن القومي، واعتبارات المصالح المشتركة، والاعتبارات المالية، واعتبارات الحظوة والعلاقات الخاصة بين الصحفيين والدولة، والاعتبارات الأيديولوجية، والاعتبارات الثقافية. كما أن الرقابة على وسائل الإعلام، المكتوبة والمسموعة والمرئية، لا يضبطها قانون محدد، ويجري اختيار نصوص القانون المشددة التي تعاقب الصحفيين بالحبس والغرامة المشددة. وفي بعض الدول العربية يحاكم الصحفيون أمام محاكم خاصة بقضايا النشر أو أمام محاكم الطوارئ. ويوجد في البعض الآخر أجهزة أمنية وقضائية متخصصة في التعامل مع الإعلاميين مثل مباحث الصحافة ونيابة الصحافة ومحاكم الصحافة ومحاكم أمن الدولة.
محاولات تحسين أوضاع الحريات الصحفية ورغم المناخ الإعلامي في الوطن العربي، ويصل في بعض البلدان إلى حالة من الاستبداد، فإن المحاولات التي قام بها بعض الإعلاميين، في السنوات الأخيرة أدت إلى تحسين أوضاع الحريات الصحفية، وتطور الممارسات الصحافة، ودخول وسائل الإعلام ضمن منظومة الحراك الاجتماعي والسياسي. لقد حدد الإعلام الرسمي خلال السنوات الماضية أهدافه في كيفية توجبه المواطنين وتزوير الحقائق ليصل إلى خداع المواطنين ويؤصل للأنظمة الحاكمة ويثبت أقدامها. وفي المقابل هناك مساع فردية ومؤسسات صحفية خاصة ومعارضة تقوم بدور مهم في حركة إعلامية نشطة عبر وسائل الاتصال المختلفة لتنير الطريق المظلم.. وهذه الجهود تحتاج إلى الدعم ولكن في ظل غياب سياسات إعلامية قوية وكيانات اقتصادية ترعى المؤسسات الإعلامية فلن يتحقق ذلك. إن الإعلام الوطني الشريف في حالته الراهنة لا يرقى إلى حدود مستوى المخاطر التي تعيشها الأمة..ِ بينما الإعلام الموالى للأنظمة يحقق مكاسب على أكثر من جبهة.. مستغلا الإمكانات المالية غير العادية التي توفرها له الأنظمة الحاكمة. ولابد أن ترقى الرسالة الإعلامية الداعية للإصلاح إلى مستوى مواكبة التطورات التي يشهدها العالم وبالشكل الذي يمكن وسائل الإعلام من مشاركة المواطن العربي تلك المرحلة التي يسعى إليها. فالإعلام الحقيقي يتعايش مع هموم المجتمع، ويشعر بنبض المواطنين، ويدرك أهميته في تسيير دفة الشأن العام، وتطوير آليات المعالجات المؤسسية لمواجهة حاضرنا والبناء لمستقبلنا.
الإصلاح الإعلامي.. ضرورة وليس رفاهية في مجال الصحف والمجلات : ـ ضرورة توفيرها بحيث تكون في متناول الجميع وأن تعكس الواقع السياسي والاجتماعي للمجتمع وأن تعرض الوقائع والأحداث والمواقف السياسية والاجتماعية بشكل موضوعي دون التحيز لبعض القوى والأحزاب السياسية وأن ترسخ ثقافة حرية الرأي والتعبير واعتبارها حقا جماهيريا. في مجال الإذاعة : ـ ضرورة توفير الإمكانات المادية والبشرية المدربة على إعداد البرامج الإذاعية السياسية خاصة التي تنمى الوعي السياسي. وتشكيل مجلس أعلي للإذاعات المحلية يرسم السياسة الإعلامية والإستراتيجيات الداعية للإصلاح الديمقراطي. في مجال الفضائيات والتلفزيون : ـ ضرورة اعتماد سياسة إعلامية منهجية تعتمد على قواعد وثوابت وأسس وطنية وتستطيع أن تظهر الصورة الحقيقية للمجتمع وتكثيف الدورات وورش العمل للعاملين سواء كانوا مذيعين أو مقدمي أو معدي برامج أو فنيين من أجل تنمية القدرات الفكرية والإبداعية وتوفير كفاءات إعلامية من ذوى الخبرة وأن تسهم البرامج السياسية والاجتماعية في زيادة التثقيف السياسي وتشجيع المشاركات السياسية.
#حسن_الشامي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مستقبل الصحافة الورقيّة في مصر.. صراع -النزع الأخير-
-
لماذا يحتفل العالم بعيد الأم؟
-
حقوق الإنسان : بين المواثيق الدولية والتشريعات الوطنية .. مص
...
-
الدَّين الخارجي المصري في عام 2019 : كيف زادت الأعباء وارتفع
...
-
خبراء روس يثبتون أثر التغيرات المناخية على الحضارة المصرية و
...
-
ثورة 23 يوليو 1952 والثقافة للجميع
-
الصراع بين الاستخبارات الصينية والموساد الإسرائيلي لحسم معرك
...
-
في اليوم العالمي للمرأة : هل حصلت المرأة العربية على حقوقها؟
-
مشروع الشرق الأوسط الجديد
-
تقرير أممي يتوقع أن يحافظ الاقتصاد المصري على نسبة نمو 5.2 ف
...
-
إطلاق النسخة العربية من تقرير اليونسكو للعلوم
-
الضباب.. رؤية روائية معاصرة للحركة الطلابية في سبعينات القرن
...
-
اللجنة النقابية للعاملين بنوادي هيئة قناة السويس تنسحب من ان
...
-
تقرير -المرأة والأرض في العالم الإسلامي-
-
لماذا الاحتفال بعيد الأم في العالم كله؟
-
التفاصيل الكاملة للانتخابات الرئاسية في مصر
-
كسب السلام : أمريكا والنظام العالمي الجديد
-
لماذا يطلق علينا العالم المتقدم مسمى “الدول ما قبل الحديثة”؟
-
لماذا لا يوافقون على انفصال كردستان؟
-
الإسلام الحضاري تأليف الدكتور عبد الله بدوي
المزيد.....
-
السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
-
الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
-
معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
-
طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
-
أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا
...
-
في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
-
طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس
...
-
السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا
...
-
قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
-
لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|