الشهيد كسيلة
الحوار المتمدن-العدد: 6576 - 2020 / 5 / 28 - 16:01
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
في طفولتي ككل أقراني قرأت قصة رأس الغول وقصة تميم الداري وحربه على الجنّ وفتوح إفريقية للواقدي .... ثم جاءت الأفلام والمسلسلات التي حولت تلك القصص إلى مشاهد اقتتال وجحافل وسيوف وتطاير رؤوس وهتافات الانتشاء بالنصر على "الكفار" وبقدر ما كانت مشاعري تستعذب تلك الانتصارات في الطفولة بقدر ما تحولت مع بدايات الشباب إلى تصادم أفكار في ذهني بل إلى وخز ضمير وكانت النزعة إلى نقد تلك الحروب تزداد وكان السؤال الجامع لكل ما دار في ذهني عبر سنين هو لماذا الخلط والجمع بين الحرب والدعوة إلى دين الإسلام ؟ وهل الدعوة إلى اعتناق دين هو رسالة سماوية إيمانية أخلاقية تتطلب إعمال السيف وفرض الشروط الثلاثة : الإيمان ، الجزية عن يد وهم صاغرون أو القتال ؟ وهل حروب الأمويين وهم قتلة العائلة النبوية والمنكلون بها هي حروب لنصرة الإسلام ونشره ؟ وهل تخميس البربر - وقد أسلموا وحسن إسلامهم - من صميم الدين ؟
إذا سلمنا بان غزوات الرسول ﷺ كانت ردّا لعدوان قريش وأحلافها فهل حروب الخلفاء من بعده هي حروب دفاعية ؟ الواضح أنها حروب محكومة بشروط جميع الحروب التي حدثت في التاريخ ، والدين استعمِل كعنصر استعداد للتضحية وبه تم الانتصار على أكبر الجيوش وأعتى الإمبراطوريات ، فالدين في هذه الحالة لم يكن هدفا بقدر ما كان أداة .
ما هو خطير هو أن تقوم السينما العربية بإحياء تلك النزعة الحربية وأن تشحن أجيال القرن العشرين بتلك الجرعات التي كانت تزداد في كل رمضان بتحبيب تلك الحروب وباستعذاب قتل الكفّار في أوطان نصف شعوبها من أولئك الذين تصفهم أفلام السينما العربية بـ "الكفار" ، وفي ذات الوقت كانت تثير لدى الشعوب الأصلية مشاعر الألم والحزن على ما تعرض له أسلافها من قتل وتشريد واسترقاق وسبي !
هل كانت نخب المجتمعات العربية تدرك مخاطر هذه الأفلام ومخاطر قراءة التاريخ بهذا الأسلوب ، ألم يع فقهاء الإسلام أن الدعوة إلى الدين ينبغي أن تكون تبليغا ولا ينبغي أن تكون حربا وفي القرآن آيات عديدة تحث على السلم ومنها : ادع إلى ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن . لماذا لم تتخذ هذه الآية عنوان مشروع دعوي يرفع عن الإسلام وزر "دين انتشر بالسيف" أم أن خطط لورانس العرب هي السائدة وأن "بركته" لا تزال عنوانا لعلم تلك المملكة : الشهادة بالسيف ، ليأتي اليوم من يستغرب الانزلاقات الخطيرة - في العالم العربي - التي انتهى إليها القرن العشرون وبدأ بها القرن الواحد والعشرون وحروبها لا تزال مشتعلة !
#الشهيد_كسيلة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟