أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فارس إيغو - المرض بالغرب















المزيد.....

المرض بالغرب


فارس إيغو

الحوار المتمدن-العدد: 6575 - 2020 / 5 / 27 - 13:33
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لقد مضى على خروج الاستعمار الغربي من آخر بلد في العالم العربي والإسلامي (الجزائر) قرابة 60 عاماً، والى يومنا هذا ما زالت العلاقات متوترة بين الغرب والعالم الإسلامي، وما زلنا نشاهد المثقفين والمفكرين والنخب المسلمة عيونها شاخصة نحو الغرب، بينما العالم في طريقه الى الدوران من المحيط الأطلسي الى المحيط الهادي، نحو أسيا البعيدة، وخصوصاً بعد جائحة الكورونا، حيث برزت النمور الآسيوية كأسود، ونتكلم بالخصوص عن الصين، اليابان، كوريا الجنوبية، تايوان، وسنغافورة، وغداً ربما الهند، بينما نحن العرب والمسلمين ما زلنا حبيسين في ثنائية مقفلة مضى عليها 14 ـ 15 قرن، منذ الاحتكاك الأول مع الإمبراطورية البيزنطية في موقعة مؤتة عام 629 م.
الغرب فعل ذلك، سأفعل أنا العكس، ربما فقه النكاية يعطينا الشعور بأننا نقاوم؛ وقد نجد أنفسنا أمام الفكر الإسلامي وكأننا في قلعة محاصرة من عدو أبدي أزلي يتربص بها منذ قيام الأمة الإسلامية الى يومنا هذا، العالم الغربي يريد الشر بنا، الإيقاع بنا، يريد وقف زحف الإسلام، يريد نشر الإباحية عندنا، يريد نشر الإلحاد في وسط شبابنا، يريد تقسيم المقسم بعد سايكس بيكو، يريد تحويل الأقليات الاثنية (الأكراد، الأمازيغ) والدينية (المسيحيين) الى طابور خامس يطعننا في الظهر.
الغرب بالنسبة للأنظمة الجمهورية الفاشية والكثير من الأقلام الرخيصة في الجرائد الصادرة عن العروش القروسطية الوهابية هو وراء الثورات العربية يريد بها تدمير دولنا واقتصاداتنا، وكأننا قد ملكنا يوماً منذ استولت على رؤوسنا الأيديولوجيات المغلقة واليوتوبيات المستحيلة دولاً ومؤسسات واقتصادات؛ أما بالنسبة للثوريين الذين لم يفرطوا في ثوراتهم ذرة واحدة، فالغرب هو من أراد إفشال هذه الثورات وإبقاء الأنظمة الفاسدة لكي يستمر في ابتزازها، وكأن ثوراتنا كانت لا غبار عليها، لا من الناحية الأيديولوجية، ولا من الناحية التنظيمية، ولا بالخصوص من الناحية المالية والفساد الذي أصبح ثقافة معظم النخب السياسية في السلطة وفي المعارضة.
وبعد جائحة الكورونا، استفحلت الحالة العربية الإسلامية باثولوجياً، وأصبح الغرب على كل شفة ولسان، الذي يحمل أكبر الشهادات، والذي لا يستطيع أن يفك الحرف، الطرفان أصبحا خبراء في عالم الخفايا والمؤامرات التي تحاك في الغرب في الظلام، بالرغم من أن الدول الإسلامية، ما عدا إيران الشيعية، كانت الأقل إصابة بالمرض، على الأقل بالمقارنة مع الغرب الى الآن الذي جمع 75% من ضحايا الكورونا، ولكن هناك من الخبثاء من لم تخيفه هذه الأرقام لكي يتراجع عن هلوساته الماسونية والامبريالية التي أكلت العقل العربي والإسلاموي، فاخترع مؤامرة جديدة طريفة، الغرب يريد الكورونا للتخلص من الأعباء الاجتماعية التي يشكلها المسنون على الدولة الاجتماعية، هكذا بضربة واحدة، لا لزوم لإصلاح صناديق التعاقد الاجتماعي، ولا لزيادة التأمينات الاجتماعية، ولا للتراجع عن دفع المساعدات للعاطلين عن العمل، ولا لإصلاح صندوق التأمين الصحي والتقاعدي واللذان يعانيان من العجز منذ سنوات.
لدينا إنطباع بأن الفكر العربي وبالخصوص منه الإسلامي، أصبح كقلعة مسيجة لا يخترقها الهواء العليل، إنها محاصرة من كل الجهات، لا يوجد لدينا سوى الأعداء، العالم كله يريد جلدنا، وعندما نقرأ هذا الخطاب نخال بأن العالم العربي والإسلامي محاط بالأعداء، وخارج هذا العالم لا يوجد سوى الأعداء.
لقد كنا من الأوائل في إنتقاد ولعن وشتم الإستشراق، ولكن ما الذي منعنا من التدقيق في تاريخنا وغربلة تراثنا وتحقيق مخطوطاتنا بأنفسنا، وما الذي منعنا من تطوير علوم الإستغراب. لقد بدأ الفيلسوف المصري صاحب الجبهات الفكرية المتعدّدة حسن حنفي مشروعه في الإستغراب، وتوقف عند مقدمته، إما لضعف في الإمكانيات المادية أو المعرفية (1). وما الذي منعنا حتى من الاهتمام بالحضارات الأخرى غير الغربية، مثل الحضارة الصينية والحضارة الهندية، واليابانية التي فعلت المعجزة الكبرى بأن وفقت بين الحداثة السياسية والاقتصادية مع الحفاظ على السمات الخاصة للثقافة اليابانية، وإقامة ديموقراطية تجمع بين الحرية والأمان الاجتماعي، وبين الحرية والأمن، وأخيراً الحضارة الأمريكية اللاتينية.
لماذا هذا التقوقع المرضي الهيستيري في ثنائية الإسلام والغرب، متى علينا أن نخرج من هذه الثنائية ونوسع أفقنا ومعرفتنا بالعالم، وحتى معرفتنا بالغرب، فأغلب ما يكتب عندنا في العالم العربي والإسلامي عن الغرب لا يمكن عدّه من النطاق والفضاء المعرفي، بل من أوهام واستيهامات الأيديولوجيات المغلقة واليوتوبيات المستحيلة، كمشاريع الخلافة الإسلامية والوحدة العربية ودولة العلم والإيمان إلخ من المشاريع التي تبقى في الرؤوس التي لا تفكر إلا ضمن أطر الهويات المغلقة.
لقد بقينا قرنين ونيف، منذ إنطلاق عصر النهضة في ترداد مقولة الإسلام يشجع العلم والمعرفة، ويمكن لرجل دين أو أي مفكر إسلامي أو محافظ أن يحدثك ساعات طويلة مدعوماً بالآيات والأحاديث الصحيحة عن صحة ما يقول، لكنه لا يقول كلمة واحدة عن الحرية التي هي أساس قيام العلم والمعرفة، كيف لهؤلاء العلماء ـ العلماء (وليس العلماء كما تفهمها لغتنا المشبعة دينيا حتى التخمة)، والفلاسفة ـ الفلاسفة (وليس الأيديولوجيين الذين يملؤون المشهد الإعلامي العربي والإسلامي بزعيقهم وصراخهم المضجر) أن يعملوا في أجواء من القمع للحريات الذي تمارسه كل السلطات السياسية والدينية في معظم بلدان العالم العربي والإسلامي؟
لقد حفز القرآن المسلمين على النظر والتعقل والمعرفة، والحديث النبوي يقول ابحثوا عن العلم ولو بالصين، طيب كل ذلك جيد، أين هم المسلمون في ميادين المعرفة والإنتاج المعرفي؟ أين هم في ميادين العلم والإختراعات والإكتشافات؟ غير موجودين ولو فتشنا عنهم في المجهر الميكروسكوبي، وإذا وجدنا بعض الاختراعات فهي صادرة عن علماء عرب أو مسلمين يعملون ضمن الهياكل والمؤسسات الغربية، ونكتفي فقط في العالم العربي والإسلامي على ترديد الإعجازات العلمية في القرآن من قبل المفسرين الجدّد، والذي يدعوهم المفكر اللبناني علي حرب بـ ((لصوص المعرفة)) (2). وإذا افترضنا صدق هذه التأويلات للنص القرآني عند هؤلاء الذين يروجون لهذه الظاهرة المرضية، يمكننا التساؤل عندها: لماذا كل هذه الإختراعات والإكتشافات والنظريات (علمية أو اجتماعية) لم تتجسد في الحياة الواقعية من قبل أحد من العرب أو المسلمين، وكانت كلها حكراً على الغربيين (الكفار)؟
لا يمكننا أن نستمر على ترداد ما يأمرنا عليه الإسلام بخصوص طلب العلم ولو بالصين، دون أي أفعال ومشاريع تجسد تلك المقولات، وتجعلها واقعاً مؤسساتياً في العالم العربي والإسلامي، وهذا يتطلب أولاً وأخيراً، أن تتوفر إرادة قوية عند النخب (دينية أو سياسية أو فكرية) في الدعوة الى الحرية، وممارستها بالفعل، بتقبل كل الأفكار والتأويلات التي تطرح بطريقة حضارية، لا مواجهتها بسلاح الترهيب الأمني وسيف التكفير الديني.
(1) حسن حنفي ((مقدمة في علم الإستغراب)) (1991)، من منشورات الدار الفنية للنشر والتوزيع، والكتاب هو من سلسلة التراث والتجديد، موقفنا من التراث الغربي.
(2) علي حرب ((أزمنة الحداثة الفائقة: الإصلاح ـ الإرهاب ـ الشراكة)) (المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء ـ بيروت، الطبعة الأولى 2005)، ص: 19.



#فارس_إيغو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صراع القرن الواحد والعشرين بين الصين والولايات المتحدة الأمر ...
- هل جائحة الكورونا في طريقها للإنحسار؟ وما هو العالم ما بعد ا ...
- نظريات المؤامرة واكتساح الشاشة الرقمية في زمن جائحة الكورونا
- هل الرأسمالية أخلاقية؟ (الجزء الثالث)
- هل الرأسمالية أخلاقية؟ (الجزء الثاني)
- هل الرأسمالية أخلاقية؟ (الجزء الأول)
- علي عبد الرازق ورحلة الشك المتعبة التي إنتهت بالإخفاق الكامل
- كتاب الإيديولوجية الألمانية وبداية الأوهام الماركسية
- نحو الطريق الشاق الى الديموقراطية في الجزائر
- ظاهرة المدون السوري إياد شربجي على الفايس بوك
- الجزائر على منعطف الطريق نحو التحول الديموقراطي
- مارسيل غوشيه والثورات العربية: عودة الدين أن بداية نزع السحر ...
- الديموغرافيا وثورات الربيع العربي
- الصين الشعبية من ماو الأول الى ماو الثاني
- هل ينجو السودان من مخاطر المرحلة الانتقالية
- المفكر الإسلامي وحرية النشر
- الخطاب الأيديولوجي وسرير بروكست
- الصراع بين العسكر والإخوان في المنطقة من خلال العلاقات الترك ...
- خطر اللبننة في الغرب: من حوادث التخريب في الشانزليزيه الى اح ...
- العرب والتراث: معضلة وجودية


المزيد.....




- استقبل تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024 بجودة عالية
- 82 قتيلاً خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
- 82 قتيلا خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
- 1 من كل 5 شبان فرنسيين يودون لو يغادر اليهود فرنسا
- أول رد من الإمارات على اختفاء رجل دين يهودي على أراضيها
- غزة.. مستعمرون يقتحمون المقبرة الاسلامية والبلدة القديمة في ...
- بيان للخارجية الإماراتية بشأن الحاخام اليهودي المختفي
- بيان إماراتي بشأن اختفاء الحاخام اليهودي
- قائد الثورة الاسلامية آية الله‌خامنئي يصدر منشورا بالعبرية ع ...
- اختفاء حاخام يهودي في الإمارات.. وإسرائيل تتحرك بعد معلومة ع ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فارس إيغو - المرض بالغرب