|
أمريكا والصين والدولار ، الى أين !!؟؟ - الجزء االثاني-
عبدو المراكشي
الحوار المتمدن-العدد: 6574 - 2020 / 5 / 26 - 10:23
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
أدت أزمة الرهن العقاري للعام 2008 ، الى اثارة العديد من التساؤلات حول امكانية نشوء ركود اقتصادي طويل الأمد في الولايات المتحدة الأمريكية و على صعيد العالم قاطبة ، و ظهرت معها كذلك مسألة أخرى أكثر أهمية وعمقا ، تتعلق بمدى ارتباط الاقتصاد العالمي برمته بالدولارالأمريكي الوهمي .لقد ظهرت هذه الأزمة ( أزمة 2008)، بداية في الولايات المتحدة الأميركية كأزمة مالية في السوق العقارية ، بعدما عجز ملايين الأمريكيين عن تسديد الديون المستحقة للأبناك التي رهنت المساكن التي اشتروها .الأزمة بدأت من الأبناك الكبرى كما الصغرى ، و تفشّت بصورة ملحوظة في البلدان التي انحط اقتصادها الى الاستهلاكية كالولايات المتحدة الامريكية ودول غرب أوروبا. ماهو أكيد أن هذه الأزمة ، قد فاقمت وزادت من ارتباك العصابات الحاكمة في الولايات المتحدة الامريكية وبلدان غرب أوروبا ، وأبانت هشاشة و طفيلية اقتصادها الاستهلاكي ، الذي أصبح عاجزا على اطعام شعوبه بعدما استزفها الى الرمق الأخير ......و سوف نذهب الى أبعد نقطة منذ البداية ، لنؤكد جازمين أن هذا الاقتصاد الهجين هو على وشك السقوط والانهيار التام .
ولكن دعونا نتساءل ؟! لماذا لم تتأثر الصين كثيرا بهذه الأزمة ؟!
لم تتأثر الصين كثيرا من أزمة الرهن العقاري للعام 2008 ، لأن اقتصادها لازال انتاجيا وليس استهلاكيا ، فهي أكبر مصدر للبضائع للعالم برمته و معظم انتاجها يتعدى أو يعادل تقريبا معظم استهلاكها ، و لم تتأثر من هكذا أزمة الا بالقدر الذي تستثمر رؤوس أموالها في الولايات المتحدة الأمريكية التي انهارت أبناكها الكبيرة كما الصغيرة سواء بسواء مع هذه الأزمة . هذه الخا صية ، خاصية الانتاجية العالية التي تميز الاقتصاد الصيني هي التي جعلت منه اقتصادا تصديريا كبيرا يمد العالم كله بما يحتاجه من بضائع . نفس الشيء يمكن أن نقوله على اليابان والتي يسير مجمل انتاجها في توافق مع استهلاكها الى حد ما . على عكس البلدان التي تحول اقتصادها الى اقتصاد استهلاكي طفيلي ، نتيجة الانهيار المدوي للرأسمالية العالمية مند منتصف السبعينات كالولايات المتحدة الأمريكية وبلدان أوروبا الغربية ، فكان تأثير هذه الأزمة على اقتصادها عميقا .
لقد راكمت الصين في العقود الأخيرة احياطيات مهمة من الدولارات يفوق حسب بعض التقديرات 4 تريليون دولار ، و أصبحت مع الانهيارات المتالية التي يشهدها الدولار ، تدرك بدون ادنى شك خطورة هذا الاحتياطي الدولاري عليها ، فقامت في العقود الأخيرة بتحركات ومبادرات مالية واقتصادية لاشك أنها أسالت لعاب ومداد الكثيرين ، وبدأنا نسمع على لسان بعض "المخرفين " مما يسمى بخبراء الاقتصاد ، بأن الصين تسير بثباث مابعده ثباث في اتجاه تقوية وتعزيز حضورها اقتصاديا وعسكريا على الصعيد العالمي ، وكذا تعبيد الطريق أمامها من خلال توفير جملة من الشروط التي ستمكنها من "زعزعت الدولار ونزع الثقة عنه "!! قد نعذر هؤلاء الاقتصاديين على جهلهم ، لكن دعونا نقول أنه وقع لهم مايقع عادة لبعض الأطباء الجهلة كذلك ، و الذين يقدمون وصفات لعلاج المريض دون فحصه ودون تحديد الأسباب الحقيقية الكامنة وراء مرضه . نعم لقد دخلت الصين في استثمارات مباشرة ضخمة في آسيا وأفريقيا وأميركا نفسها ، وأنشأت بنكا للتنمية الآسيوية ، ودخلت في مبادرة "الحزام والطريق" ، وضخت فيها مليارات الدولارات ، وأصبحت الصين جزءا من المكون النقدي العالمي عام 2016 ، وخفضت من قيمة اليوان بهدف تنشيط الصادرات الصينية ....الخ .نعم هذه حقائق لايمكن أن ينكرها الا جاهل ، كما أكدنا على ذلك في الجزء الاول من هذا المقال . ولكن ماذا عن الاحتياطي الدولاري المتوفر لديها ؟! كيف ستتخلص منه الصين وما سبيلها الى ذلك ؟!
دعونا نعرج على بعض الحقائق الموجودة على الأرض ، لنرى الى أي مدى ستتمكن الصين من الافلات من فخ الدولار بدون خسائر تذكر !!
تقول الحقائق الموجودة على الأرض أن الصين تتوفر على احتياطي دولاري يفوق 4 تريليون دولار في خزائنها .وبالتالي فالاقتصاد الصيني أصبح أسيرا للدولار المزيف ، ولن يستطيع الانفكاك من قبضة ومشنقة الاقتصاد الهجين الذي وضعها فيه كل من نيكسون ودنغ بنغ مند منتصف السبعينات . نعم لن تستطيع الصين اخراج عنقعها من مشنقة الاقتصاد الطفيلي بدون خسائر تذكر . فلو تجرأت عصابة " الحزب الشيوعي الصيني " وطرحت وفقط النصف من التريليونات المخنوقة في خزائنها والتي تتعدى 4 تريليونات دولار لانهارت أمريكا ومعها الصين !! هذه بعض الحقائق الموجودة على الارض ، وقد أكدها كذلك الباحث الاقتصادي الصيني (سنونج هونغ) في كتابه "حرب العملات" في العام 2007 ، حيث أشار الى أن الاقتصاد الصيني سيتعرض لضربة اقتصادية شبيهة بالضربة التي تعرضت لها اقتصاديات دول جنوب شرق آسيا سنة 1998 ، حيث تخطت خسائر اليابان في تلك الأزمة ما لحق بها من الضربة الذرية في الحرب العالمية الثانية ، وأكد أن النزول بسعر الدولار إلى أدنى مستوى سيؤثر على الاحتياطي الصيني من هذه العملة والبالغ أكثر من 4 تريليون دولار!! كما حذر وزير الخارجية الأمريكية الأسبق هنري كسينجر ، من احتمال تحول الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة إلى حدث أكثر خطورة وشراسة من الحربين العالميتين الأولى والثانية على حد وصفه . و أكد أن مستقبل العالم قد بات مرهونا بقدرة البلدين على حل الخلافات بينهما. مؤكدا في الوقت نفسه على أن هذا النزاع قد يتحول إلى صراع أبدي يجر العالم أجمع نحو مصير كارثي !! مهما كانت خلفية ودوافع هنري كسينجر من وراء هذا التحذير ، الذي يوجه الى كل من أمريكا والصين ، نقول له ليست مايسمى " بالحرب التجارية " بين الصين وامريكا على حد ، قولك هي التي أوصلت أو ستوصل العالم الى هذا النفق المسدود . هذه الفوضى التي سادت ، مند انقلاب البرجوازية الوضيعة السوفياتية على الاشتراكية و دولة ديكتاتورية البروليتاريا منتصف الخمسينات ومعها انهيار ثورات التحرر الوطني في بداية السبعينات ثم انهيار الرأسمالية العالمية مند منتصف السبعينات .
ونقول لهنري سكينجر ثانية ، أن المصير الكارثي كما تفهمه أنت ليس قطعا كما نفهمه نحن !! فالكارثة كما نفهمها نحن ، هي ما بعد الانهيار القادم والحتمي لفوضى الهروب من الاستحقاق الاشتراكي والذي ستعجل به جائحة الكرونا !! وانهيار فوضى الهروب من الاستحقاق الاشتراكي ، سوف لن تنفع معه لا تحذيرات كسينجر ولا دعواته الى أمريكا والصين لحل خلافاتهما والابتعاد عن مايسمى بالحرب التجارية بينهما !! ........ يتبع .
#عبدو_المراكشي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أمريكا والصين والدولار ، الى أين !!؟؟ - الجزء الأول -
-
البرجوازية الوضيعة : من الردة إلى الانهيار !! - الجزء الثالث
...
-
البرجوازية الوضيعة : من الردة إلى الانهيار !! - الجزء الثاني
...
-
البرجوازية الوضيعة : من الردة إلى الانهيار !!
المزيد.....
-
النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 583
-
تشيليك: إسرائيل كانت تستثمر في حزب العمال الكردستاني وتعوّل
...
-
في الذكرى الرابعة عشرة لاندلاع الثورة التونسية: ما أشبه اليو
...
-
التصريح الصحفي للجبهة المغربية ضد قانوني الإضراب والتقاعد خل
...
-
السلطات المحلية بأكادير تواصل تضييقها وحصارها على النهج الدي
...
-
الصين.. تنفيذ حكم الإعدام بحق مسؤول رفيع سابق في الحزب الشيو
...
-
بابا نويل الفقراء: مبادرة إنسانية في ضواحي بوينس آيرس
-
محاولة لفرض التطبيع.. الأحزاب الشيوعية العربية تدين العدوان
...
-
المحرر السياسي لطريق الشعب: توجهات مثيرة للقلق
-
القتل الجماعي من أجل -حماية البيئة-: ما هي الفاشية البيئية؟
...
المزيد.....
-
الاقتصاد السوفياتي: كيف عمل، ولماذا فشل
/ آدم بوث
-
الإسهام الرئيسي للمادية التاريخية في علم الاجتماع باعتبارها
...
/ غازي الصوراني
-
الرؤية الشيوعية الثورية لحل القضية الفلسطينية: أي طريق للحل؟
/ محمد حسام
-
طرد المرتدّ غوباد غاندي من الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) و
...
/ شادي الشماوي
-
النمو الاقتصادي السوفيتي التاريخي وكيف استفاد الشعب من ذلك ا
...
/ حسام عامر
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
/ أزيكي عمر
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
المزيد.....
|