|
موقف الثورة البلشفية من مسلمى شعوب الشرق
سعيد العليمى
الحوار المتمدن-العدد: 7058 - 2021 / 10 / 26 - 09:35
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
البلاشفة والاسلام بقلم جيرى بيرن - القسم الاول ترجمة سعيد العليمى ( يبدأ هنا جيري بيرن فى تقصى العلاقة بين الحزب البلشفى الروسي الذى انجز الثورة الروسية عام 1917 والولايات الاسلامية الخاضعة التى ورثوها عن الامبراطورية القيصرية . وماالذى يمكن ان نتعلمه منها ، ان كان هناك شئ نتعلمه ، حول علاقة الاشتراكيين بالاسلام اليوم ؟ )
ينظر الى " اعادة كتابة التاريخ " بصفة عامة كاختصاص للستالينية ، تزييف الوثائق والسجلات التاريخية ، لتبرر بشكل استعادى انعطافة سياسية ، او ليبتعد المرء عن الاعداء السياسيين الحاليين . ولكن هناك طريقة اخرى اخبث يمكن بها اعادة كتابة التاريخ بالاقتباس الانتقائى والعجز عن تقديم سياق للوقائع المنتقاة . اعلنت مجلة سوشياليست ريفيو فى ديسمبر – كانون الاول مايلى : " البلاشفة والاسلام : الحقوق الدينية . مقالة خاصة كتبها داف كروش . يمكن للاشتراكيين ان يتعلموا من كيف تعامل البلاشفة مع مسلمى الامبراطورية الروسية . " لايحتاج المرء لعبقرية مكيافيللى ليستنبط لم ظهرت المقالة فى هذا الوقت . عند بدء حزب ريسبكت واستهلاله فى نهاية يناير – كانون الثانى جلد حزب العمال الاشتراكى مناصريه حتى يهزموا بالتصويت سياسات قضوا حياتهم السياسية فى دعمها ، فى محاولة للاحتفاظ بتجمع يؤطر الجمعية الاسلامية فى بريطانيا ذات النهج المعتدل وجورج جالواى ، صديق مستبدى " العالم الثالث . كم يكون ملائما ان تكون قادرا على ان تجادل بالقول " كان يمكن للينين ان يفعل نفس الشئ " . هناك امران بهذا الصدد . هل من الحقيقى ان لينين قد فعل نفس الشئ فى ظروف مشابهة ؟ وهل لأن لينين فعل ذلك يجعل منه امرا صائبا ؟ تتضمن المسألة الثانية مفهوما لعصمة بابوية فعلية لقادة الثورة الروسية ، لاتكاد تمثل موقفا ماديا ماركسيا . لكن ماهى الحقائق ؟ فى اى شئ تجادل مجلة سوشياليست ريفيو ؟ وهل هذا صحيح ؟ تغطى المقالة : *موقف الماركسيين من الدين ( والمواقف المختلفة من الاسلام والمسيحية )*" الكولونيالية " البلشفية وتحركات لينين ضد " الكولونياليين السوفييت " *تمرد الباسمشى *الشريعة الاسلامية والمدارس الاسلامية *الاشتراكية الاسلامية *التحالف مع فرق الجامعة الاسلامية *مؤتمر باكو لشعوب الشرق ودعوته ل " الجهاد " ضد الامبريالية .*مؤتمر الكومنترن عام 1922 ، الذى صادق على التحالف مع حركات الجامعة الاسلامية ضد الامبريالية *" العصف " الستالينى ( القصف او العصف ) بالاسلام . التنوير بالقوة . حقيقة : الماركسية والدين الماركسية فلسفة مادية وعلى ذلك فهى ملحدة وتعادى الدين بوصفه لاعقلانية . ولكن ، كماديين، نحن ندرك ان الدين ينشأ من ظروف تاريخية عينية . وللدين طبيعة مزدوجة ، كمؤسسة طغيانية قوية ، واداة تنطق باسم المضطهدين ، وكرد على ذلك الاضطهاد والاغتراب ." زفرة المضطهد وروح عالم لاروح له " . بسبب هذا نحبذ الفصل التام بين الكنيسة والدولة .ولابد ان يكون الدين شأنا فرديا خالصا . يؤيد الماركسيون حرية المعتقد الدينى ، غيرانهم ضد ان تكون للمؤسسة الدينية اى سلطة ، قانونية او اقتصادية ، لفرض العقيدة . ولنفس السبب نحن مع التعليم العلمانى وضد التعليم الدينى . يكتب داف كروش : " الماركسية نظرة مادية للعالم ومن ثم فهى ملحدة للنهاية . لكنها تفهم الدين بوصفه ممتد الجذور فى الاضطهاد والاغتراب ، لاتطلب الاحزاب السياسية الماركسية من اعضاءها او مناصريها ان يكونوا ملحدين ايضا . " صحيح ماقيل حتى الآن ، وتصويب معقول للموقف الستالينى الموصوف بأنه " التنوير بالقوة " ولكنه احادى الجانب . اين الاقرار بأن الدين هو اضطهاد مؤسسي ؟ فى تصوير الاسلام بأنه " زفرة المضطهد " بشكل خالص فإنه يخطئ فى تناسي دوره كمضطهد هو ذاته . ويصبح هذا امرا هاما فيما بعد عندما يتحدث كروش عن موقف البلاشفة من المدارس الدينية . ومن المستحيل الا نقرأ كلماته ، من منظور القرن الواحد والعشرين ، الا بوصفها دفاعا " بلشفيا " عن التعليم الدينى . "الكولونيالية " البلشفية جرت الثورة البلشفية فى سياق الحرب العظمى ، حيث جهدت الامبراطوريات الاوروبية الكبرى للسيطرة على اقتصاد العالم . لقد كانت تلك هى اعلى ذرى الامبريالية ، وكانت روسيا هى الدولة الاقل تطورا وسط الدول الكبرى ، والاشد هشاشة من الناحية السياسية . وقد امتدت امبراطوريتها لمناطق شاسعة ، نصف المعمورة ، وسكنتها ملايين من الشعوب الخاضعة ، لكن مركزها كان متهافتا ، بدائى من الناحية الاقتصادية والسياسية ، ولطالما كانت سيطرتها هشة . عكس الحزب البلشفى الذى قام بالثورة اصوله فى اقلية طبقية فى اكثر المراكز تطورا فى روسيا الراسمالية ( وفى الجيش ) . "ورثت" الدولة العمالية الجديدة امبراطورية . كان واحد من اولى مراسمها ، بعد ايام من استلام السلطة ، هو " اعلان حقوق الاقليات القومية " كفلت فيه حق تقرير المصير والحق فى الانفصال . كان هذا فى تضاد مشهود مع رغبة الحكومة المؤقتة فى أن تحتفظ بامبراطورية القيصر . مثل كثير من مراسم السلطة السوفيتية الاولى ، فقد عكس النزوع الديموقراطى والتحريرى للثورة : الدولة البروليتارية ، فى تضاده مع كل اشكال الحكم الطبقى السابق ، وأبان عدم رغبتها بابقاء الشعوب اسرى دائمين للاضطهاد القومى والدينى . وكان هناك الأثر النموذجي لهذا الموقف على الجماهير خارج روسيا . لقد اظهرت الطبقة العاملة الروسية السبيل ليس فقط للطبقات العاملة فى العالم الراسمالى ، ولكن ايضا للجماهير المضطهدة غير البروليتارية فى المستعمرات ، التى كانت فى حالة غليان ضد الامبرياليين . اذن ، كانت الاحوال اكثر اضطرابا فى اطراف الامبراطورية الروسية . حلت " الكولونيالية السوفيتية " فى مناطق عديدة محل الجهاز القيصرى . كانت لجنة السوفييت فى طشقند على سبيل المثال ، ذات ال97 % من السكان المسلمين ، تتكون من 100 % من الروس . اوضح كوليسوف ، رئيس مؤتمر طشقند للسوفييتات : " من المستحيل ادخال المسلمين الى الاجهزة العليا للحزب الشيوعى ، لانهم لايملكون اى تنظيم بروليتارى " وقد كان ذلك حقيقيا : كان عمال النسيج والنقل فى اغلبيتهم مستوردون من روسيا . وكان هناك تاريخا معاصرا ، فى عام 1916 ، للمذابح الدموية التى جرت على يد الجيش القيصرى فاتحا الطريق للمستعمرات الروسية فى آسيا الوسطى ، ضد السكان المسلمين الاصليين . كان ينظر الى علمنة التعليم ، اغلاق المحاكم الشرعية ، مصادرة اراضى الوقف ، بالقوة وفصل المسجد عن الدولة ، بوصفها امتدادا للكولونيالية الروسية . ووجدت لجان اسلامية بجوار السوفيتات ، وعقب شهور باتا فى حالة حرب مكشوفة . فى عام 1918 ، قصفت قوات تنتمى لسوفييت طشقند ودمرت مدينة توكاند عندما اعلن مجلس الشعب الاسلامى استقلال تركستان الذاتى . وفى قازان ، عاصمة تاتار الفولجا اعلن السوفييت الاحكام العرفية واعتقلوا قادة المجلس العسكرى الاسلامى ( شورى الحرب ) و انحازت كثير من القوى الاسلامية الى البيض ( القوى المناهضة للبلاشفة ). ولكن كان الوضع مضطربا ، وكثير من المحاربين غيروا انحيازاتهم خلال الحرب الاهلية . فى الشيشان على سبيل المثال ، تحالف المسلمون مع البلاشفة ( الامر الذى يعتبره القوميون الشيشان الحاليين " الخطأ الكبير ". ) تدخل لينين عند هذه النقطة . لقد عارض بعنف تسرب الشوفينية الروسية العظمى داخل الحزب الشيوعى . ورأى انه لايجب على الدولة السوفيتية ان تتطابق مع الامبريالية القيصرية . وجرى الاعتراف بحزب شيوعى اسلامى ، مستقل عن الحزب الشيوعى الروسي ، وكلية عسكرية اسلامية ، تحت قيادة التاتار ، والمير سيد سلطان جالييف ، ( سنذكره حالا ) وبقى كل ذلك لوقت قصير .كان نصف الفرق الحمراء التى تواجه البيض من انصار كولتشاك على الجبهة الشرقية من المسلمين .اعيدت اراضى الوقف للمساجد وسمح للمحاكم الشرعية بالعمل ، ضمن اطار القانون السوفيتى . تمرد الباسمشى لكن الضرر كان قد وقع . اعلنت ميليشيا ( عصابات ) " الباسمشى " الجهاد او الحرب المقدسة ضد البلشفية . وحيث انهم قد ارتكزوا اساسا على الطاجيك والاوزبيكيين ، فقد جذبو كلا من العناصر الاقطاعية – القبلية الاسلامية . والمدافعون البيض عن القيصرية . اصبحت آسيا الوسطى ، المقطوعة عن روسيا الاوروبية بوجود جيوش البيض ، مجالا لحرب اهلية دموية بين الدولة الاشتراكية و" جيش الاسلام " المتشكل ذاتيا . تلاحمت المجموعات القبلية اليائسة فى قوة موحدة مقاتلة بسبب قصور انور باشا ، احد قادة حركة تركيا الفتاة ، الذى ارسل اصلا لآسيا الوسطى كمبعوث من السلطة السوفيتية . تناول مجلة سوشياليست ريفيو لهذه الموضوعات هو ايضا احادى الجانب . " حاولت السياسة البلشفية ان تقدم تعويضات عن جرائم القيصرية فى المستعمرات السابقة . فهم قادة بلاشفة مثل لينين وتروتسكى ان هذا لم يكن فقط عدالة اساسية ، لكنه كان ضروريا لتنظيف الارض ولتمكين الانقسام الطبقى فى المجتمع الاسلامى من ان يتصدر المقدمة . " لقد تحدث لينين عن الاهمية " التاريخية العظمى " لوضع الامور فى نصابها . وفى عام 1920 امر " بأن يرسل الى معسكرات الاعتقال فى روسيا كل العاملين السابقين فى الشرطة ، والجيش، وقوى الامن ، والادارة ، الخ الذين كانوا نتاجا للعهد القيصرى والذين تحلقوا حول السلطة السوفيتية ( فى آسيا الوسطى ) لأنهم رأوا فيها استدامة السيطرة الروسية " . عكست السياسة السوفيتية الاحتياجات المتغيرة للدولة السوفيتية ، معزولة ، مفقرة ، مغزوة من قبل اكثر من اثنى عشر جيشا امبرياليا .احتاج ضحايا الامبريالية القيصرية المسلمين ان يروا مصيرهم مرتبطا بهؤلاء الذين مثلوا الدولة السوفيتية الجديدة . والى الحد الذى رأوا فيه اجراءات العلمنة كامتداد للامبريالية الروسية ، فقد كانوا سيدفعون الى مطابقتها مع مضطهديهم المحليين .، وسوف يحملون السلاح ضد " محرريهم " . بمجرد ان ودع الامبرياليون ، الذين قادتهم بريطانيا ، القيصر ، وجهوا كل انتباههم لتدمير الدولة السوفيتية ، كمثل يضربونه لطبقاتهم العاملة فى بلدانهم ، اذا ماراودتهم اية افكار عن التمرد . وقد كانوا سعداء باستغلال الانتفاضة الاقطاعية ، القبلية الاسلامية لزعزعة استقرار عدوهم . لقد كانت طبعة اخرى من اللعبة العظمى ، حيث قاتلت القوى الامبريالية من اجل الصعود من خلال مخالبها الاستعمارية . كان على لينين فى هذا الوضع ان يجذب الجماهير المسلمة " الى جانبه " ، وحتى اذا عنى هذا تنازلات للمساجد ، فقد كان ثمنا لابد من دفعه ، مثله مثل الاتفاقية المذلة لصلح بريست – ليتوفسك ، حتى يصون الوجود الهش للدولة السوفيتية . لست متأكدا مما اذا كان القول " ماذا لو " يفيد بعد ادراك متأخر . لقد اتخذ قادة الثورة الروسية قرارات عديدة كانت ضد توجه السياسات الاشتراكية بحرية – حظر الاحزاب السياسية ، قمع انتفاضة كرونشتادت ، لقد قاموا بذلك بوصفه تنازلات فرضها الواقع . لقد احتاجت الدولة السوفيتية ان تصمد حتى يهب عمال الغرب لمساعدتهم بثوراتهم . وهذا لم يحدث ، فقد كانت الثورة معزولة فى بلد واحد . هذا مانعرفه الآن . اننى اعتبر دفاع لينين عن حقوق الاقليات القومية المسلمة ، الضحايا المضطهدين من الامبراطورية القيصرية ، ومعارضته للنزعة الشوفينية الروسية العظمى المقنعة ب " دكتاتورية بروليتارية " ، متسقة كلها تماما مع الرؤية الماركسية لحكم الطبقة العاملة بوصفه تحريرا لكل المضطهدين . ولكن تنازله للشريعة الاسلامية ، تحالفه مع القوى الاسلامية المعادية للامبريالية وتلفيق موضوع امكان " اشتراكية اسلامية " ، اراه بوصفه خضوعا لضرورات الواقع السياسي . لااريد ان اجعل من نفسي قاضيا ولكننى لن ارفع من ناحية اخرى الضرورات التاكتيكية للحرب الاهلية لمستوى اعتبرها فيه " افضل ممارسة " . على هذا الاساس ، فلابد لحزب العمال الاشتراكى ان يطالب بحظر النقابات . ساتناول فى القسم التالى *الشريعة الاسلامية والمدارس الاسلامية *الاشتراكية الاسلامية *التحالف مع فرق الجامعة الاسلامية * مؤتمر باكو لشعوب الشرق والدعوة ل " الجهاد " ضد الامبريالية ، والحالة الغريبة لأنور باشا * 1922 المؤتمر الرابع للكومنترن والتحالف مع حركات الجامعة الاسلامية ضد الامبريالية * العصف " الستالينى ( القصف او العصف ) بالاسلام . التنوير بالقوة .( يواصل هنا جيري بيرن تقصى العلاقة بين الحزب الروسي البلشفى الذى انجز الثورة الروسية عام 1917 والولايات الاسلامية الخاضعة التى ورثوها عن الامبراطورية القيصرية . وماالذى يمكن ان نتعلمه منها ، ان كان هناك شئ نتعلمه ، حول علاقة الاشتراكيين بالاسلام اليوم ؟ ) ان موضوعات مثل الشريعة الاسلامية ، والتعليم الدينى والحجاب هى موضوعات ذات صدى شديد حاليا ، لذا ان يتمكن الاشتراكيون من ان ينوهوا الى اجراءات الدولة العمالية الاولى حول هذه المسألة يمكن ان يكون حجة قوية فى تدعيم اى موقف كان . ولكن هنا وكما جادلت آنفا ، فإن السياق هو الاساس وكل شئ . سوف اقتبس بشكل مطول من مقال مجلة سوشياليست ريفيو ، فتلك هى الطريقة الوحيدة لاظهار كيف يمكن لشئ حقيقى ان يكون مضللا : " لقد انشئ نظاما قضائيا موازيا فى 1921 ، ومحاكم اسلامية تدير شؤون العدالة وفقا للشريعة الاسلامية . وكان الغرض من ذلك هو ان يتوفر للشعب الخيار بين العدالة الدينية والعدالة الثورية . اسست لجنة شريعة خاصة فى المفوضية السوفييتية للعدالة . وقد هزأت بعض المحاكم الشرعية بالقانون السوفييتى ، رافضة ان تمنح الطلاق بناء على طلب الزوجة ، او اعتبار شهادة امرأتين مساوية لشهادة رججل واحد . وعلى ذلك فقد صدر مرسوم فى ديسمبر – كانون الاول يتيح اعادة المحاكمة فى المحاكم السوفيتية اذا ماطلب ذلك احد المتقاضين . مع ذلك ، حوالى 30 الى 50 فى المائة من اجمالى القضايا قد نظرته المحاكم الشرعية ، وبلغ الرقم فى الشيشان 80 فى المائة . كما تأسس نظام تعليم موازى ايضا . استعيدت فى عام 1922 ، حقوق بعض ملكيات الوقف ( الاسلامى ) وخولت للادارة الاسلامية ، مع اشتراط ان تستخدم فى التعليم . وعلى ذلك فقد كان نظام المدارس – المدارس الدينية – متوسعا . كانت هناك فى عام 1925 1500 مدرسة بها 45000 طالب فى القوقاز بدولة داغستان . بالمقارنة ب 183 مدرسة تابعة للدولة . وعلى الضد من ذلك ، حوالى نوفمبر 1921 ضمت مايزيد على 1000 مدرسة سوفيتية حوالى 85000 تلميذا فى آسيا الوسطى – وهو عدد متواضع بالقياس لطاقتها على استيعاب الملتحقين ." وفى مواجهة ذلك اقول ، تبدو هذه بالنسبة لى مزاعم مثيرة للدهشة . دعم البلاشفة المدارس الدينية اوتسامحوا مع نظام قضائى موازى مؤسس على الشريعة الاسلامية . اسسوا نظاما موازيا للتعليم الدينى ، وتعليم دينى بوصفه مناقضا لتعليم الدولة ، ازدهر فى ظل الحكم البلشفى ... ماذا يجرى بحق السماء ؟ قبل ذلك ، مما يستحق التفسير تبيان لم اميل الى طرح افتراض عكسي ، وهو ان البلاشفة عارضوا الشريعة الاسلامية والمدارس الدينية . ماهى الشريعة الاسلامية ؟ توصف بمفهوم واسع بانها القانون الاسلامى ، كما لو ان هذه القواعد والمؤسسات قد وصفت فى القرآن . وفى الواقع ، فإن الشريعة هى التفسير المحلى التاريخى للقرآن مترجمة الى نظام قانونى . او القانون العرفى الاسلامى ان شئت . لذا يعارض كثير من المسلمين الاتقياء الشريعة وهم مع فصل الدين عن الدولة . ومن الصحيح ان بعض الباحثين الاسلاميين يشيرون الى ان القرآن يمنح قدرا اكبر من المساواة للنساء لاتمنحه الشريعة . لقد كانت هناك حركات اصلاحية داخل الاسلام عارضت الحجاب والشريعة ( المقصود اصلاحية دينية – المترجم ) . وقد كانت هذه بالفعل هى الاتجاهات التى كان يمكن لها ان تتحالف مع الشيوعيين وان تفرز الاتجاه المسمى الشيوعية الاسلامية . تمثل الشريعة ، وهناك تفسيرات مختلفة لها حتى داخل البلدان الاسلامية ، درجة معينة من مستوى التطور الاجتماعى التاريخى . يميل الناس الآن تحت تأثير نفوذ النسبية الثقافية ، الى القلق بشأن تسمية مجتمعات معينة ومؤسساتها " متخلفة " ، كما لو كان القول بأن الشريعة تمثل مستوى اكثر بدائية من التطور هو نفس الشئ مثل القول بأن المسلمون متخلفون ، بدائيون او متأخرون . فى الحقيقة فإن كل ماقيل هو ان المجتمع والقوى المنتجة ، تتحرك الى الامام ، خالقة ، تعقيدا متزايدا ، وان هذه المؤسسات تعكس مرحلة سابقة من السيرورة . الشريعة إقطاعية بصفة جوهرية وتعكس علاقات الانتاج الاقطاعية . الفكرة الاقطاعية عن المرأة ان اشد الاختلافات وضوحا بين علاقات الشريعة الاقطاعية والعلاقات الراسمالية ، اذا تغاضينا عن الاشتراكية كمستوى اعلى ، يتجلى فى معاملة النساء . وفى كل من امبراطورية الشرق الاسلامية وفى روسيا المسيحية ، حدد الاقطاع المرأة كشئ اقل من الرجل ، وبوصفها ملكيته ، كما يشهد على ذلك المثل الروسي : " لقد ظننت اننى رأيت اثنين يأتيان . لكنه كان رجلا فقط تصحبه زوجته " . ليست الراسمالية فى حاجة لمثل هذه التمييزات . قانون الربح شخصى : وسوف يستغل اى احد بشكل متساو . وبهذا المعنى فإن الراسمالية تقدمية : فهى تزيد المساواة بين البشر وتخلق الاساس لتحقيق المساواة التامة . لقد جذبت الراسمالية فى روسيا النساء ايضا مثل الرجال الى المدن للعمل فى المصانع . وخلقت اوضاع الحياة الاساس لمطلب مساواة النساء ، وقد كان البلاشفة فى المقدمة بصدد تنظيم النساء العاملات . كانت النساء العاملات هن من اشعلن فى يوم المرأة العالمى 1917 شرارة ثورة فبراير ( وفقا لتقويمهم ) التى انتهت بسقوط القيصر . وعلى ذلك سيكون امرا غريبا بالفعل ان يتغاضى البلاشفة عن نظام قانونى مؤسس على علاقات اكثر رجعية حتى من النظام الذى اطاحوا به . وقد شن البلاشفة حملة بالفعل بصفة خاصة بصدد عدم مساواة النساء " المساواة التامة فى الحقوق بين الرجال والنساء " كانت جزءا من برنامجهم منذ 1899 ، بناء على اصرار لينين . وكان واحدا من الموضوعات التى قاموا بحملة ضدها بحمية شديدة هو مهر العروس ( كاليم ) الذى مثل بوضوح وضع النساء كسلعة ، وكذلك زواج الاطفال ، والزواج بالخطف والاغتصاب ، بسبب فقر عائلة الرجل المدقع وعجزها عن دفع ثمن العروس . " شنت الحكومة السوفيتية حملة لتبنى سلطة النظام القانونى السوفييتى والمحاكم المدنية كبديل لمحاكم القاضى المسلم التقليدى والتقنينات الشرعية . رغم انه سمح لمحاكم القضاة ان تعمل ، قيدت سلطاتها وبهذه الطريقة منعوا من نظر القضايا السياسية او اية قضايا لم يتفق فيها طرفى النزاع على التحاكم الى القاضى بدلا من نظام القضاء السوفييتى الموازى . وبقدر ماجرى قبول المحاكم السوفيتية اكثر ، استبعدت القضايا الجنائية من اختصاص القاضى . ولاحقا ، دعت الحكومة الاطراف التى لم ترض عن الحكم لإستئناف حكم القاضى امام المحاكم السوفيتية . كسب السوفييت بهذه الطريقة سمعة انهم انصار المضطهدين ، بينما بان القضاة بوصفهم من المدافعين عن الوضع القائم . واخيرا منع القضاة من انفاذ اى حكم شرعى يناقض القانون السوفييتى . مندوبان سوفييتيان ، منهم عضو فى ال ( جينوتديل ) وهى ادارة النساء العاملات والفلاحات ، عينا لمتابعة اجراءات القضاة والمصادقة على قراراتهم . واخيرا حين صودرت املاك الوقف التى كانت تعول القضاة واعيد توزيعها على الفلاحين ، اختفى القضاة تماما " وهكذا بينما كانت الواقعة المجردة بشأن وجود نظام قانونى موازى حقيقية كما تصف الامر مجلة سوشياليست ريفيو ، فإن المعنى هو الضد المطلق للمعنى المرسل الينا . كان النظامان المتوازيان وسيلة تقويض واستبدال الشريعة ، وقد كان للقانون السوفييتى دوما القول الفصل . لم يكن مجرد رد فعل مضاد على " الكولونيالية السوفيتية " وانما عكس ايضا الوقائع المادية للدولة السوفيتية . لقد تركت الحرب الاهلية الاقتصاد السوفيتى مدمرا . تدنى الانتاج الى اقل من نصف مما كان عليه قبل الحرب فى ظل النظام القيصرى . وحتى لوكان هناك توزيع متساو للسلع ، بينما هناك انتاج اقل من الناحية الجوهرية ، فسوف تكون غالبية الشعب فى وضع اسوأ . اضف الى ذلك ، كان هناك انهيارا اجتماعيا ضخما . كان اشد العمال وعيا الذين صنعوا الثورة هم من يتطوعوا لذا ابيدوا بالتناسب مع ذلك . هام اليتامى واطفال الشوارع المتروكين على وجوههم . لم تكن المجاعة بعيدة ابدا . كان هذا هو سياق النيب ( السياسة الاقتصادية الجديدة ) التى ارخت عسكرة الاقتصاد وخلقت الحوافز ، وترتب على ذلك اعادة ادخال عناصر رأسمالية مسيطر عليها فى الاقتصاد . سحقت الثورات المتوقعة فى الغرب ، فى المانيا ، والمجر الخ . وكانت روسيا معزولة وتموت جوعا . جادل لينين بأن هذه سياسة لسد الفجوة ، لوضع الخبز فى فم الجوعى والبدء فى بناء الاساس المادى للاشتراكية . عنت هذه الملائمة فى الشرق الاسلامى ، الاقرار بأنه مهما كان الامر الذى ترغب الدولة السوفيتية فى ان تفعله بشكل نموذجى ، فانها لايمكن ان تتخلص كليا من المؤسسات التى قامت بوظائف اجتماعية ضرورية بدون ان يتوفر لها المال الكافى والضرورى للحلول محلها . " على اى حال ، كانت الجهود التى تبذل لضمان الحرية الدينية والحقوق القومية تقوض دوما بسبب ضعف الاقتصاد . عنت عزلة الثورة الروسية ان الفقر اليائس سحب النظام الى اسفل . وبالفعل ففى موسكو عام 1922 تحتم ايقاف الاعانة المالية الحكومية لآسيا الوسطى واغلق الكثير من مدارس الدولة . وهجر المدرسون وظائفهم بسبب الاخفاق فى دفع الاجور . وعنى هذا ان المدارس الاسلامية هى البديل الوحيد المتاح . قال لوناتشارسكى مفوض الشعب للتعليم " حين لاتستطيع ان تقدم الخبز ، فانك لاتجرؤ على ان تنتزع البديل " . اوقف كل تمويل للمحاكم الشرعية فى اواخر 1923 حتى بدايات 1924 . ولكن العوامل الاقتصادية اعاقت المسلمين عن الذهاب بشكاواهم الى المحكمة . اذا رفضت شابة زواجا معدا او زواجا متعددا ، على سبيل المثال ، فقد كانت امامها فرصة ضئيلة فى ان تطعم نفسها لانه لم تكن هناك وظائف ومامن مكان آخر يمكن العيش فيه " . لقد مثلت الشريعة العلاقات الاقطاعية ولكن هذه العلاقات عبرت عن واقع اقتصادى حقيقى . لم يكن المهر ( كاليم ) احدى المؤامرات الشريرة ضد النساء ، ولكن كانت مؤسسة مركزية بالنسبة لتنظيم الانتاج . مرتبطة تكامليا بحقوق الارض والمياه . دفع المهر ( كاليم ) غالبا مايكون من كل القبيلة وعلى فترة طويلة من الزمن ، وهو يربط هؤلاء الذين انخرطوا فى نظام متطور للديون .، بالواجبات والولاءات التى ادت فى النهاية الى الاشتراك فى جيش خاص للبكوات المحليين ( ملاك الارض وتجار الجملة ) . وكانت كل الارتباطات تظاهرها العداوات والثأر للدم . اخفى الفلاحون الفقراء الذين كان يتوقع ان يجنوا مساواة فى الثروة ، ملكية اقاربهم الاغنياء الذين هددتهم المصادرة . وفرض الثأر للدم قسم الصمت . حاولت السلطات السوفييتية من اجل تحييد المزايا الاجتماعية التى وفرتها العلاقات الاقطاعية ، ان تكسب دعما لسياسة المساواة بربطها بمزايا مادية حقيقية للمرأة . فى المؤتمر الثالث عشر للحزب فى عام 1924 ، شن هجوم فى آسيا الوسطى كان مخططا ان يدخل النساء دائرة الانتاج والحياة السياسية . خصصت الاموال من الميزانية المركزية والمحلية لمندوبى الجمعيات النسائية وللاتحادات التى تكافح المهور وتعدد الزوجات . ووضعت الخطط ايضا من تعاونيات المنتجين والمستهلكين لانشاء حلقات ادبية وصحية ومستوصفات طبية . دمرت الستالينية ماهو متضمن تقدميا فى هذه الحركات ، كما سأبين لاحقا ، ولكن كان هناك التزام واضح من جانب الحكومة السوفييتية بالقضاء على هذه العلاقات الاقطاعية التى ناخت بكلكلها على النساء بفظاعة . وهكذا فمن الصحيح ان البلاشفة تسامحوا مع وجود المحاكم الشرعية لفترة وان التعليم الدينى توسع على حساب تعليم الدولة العلمانى . ولكن ان نستخلص من ذلك درسا اليوم بأن على الاشتراكيين ان يتساهلوا مع المظاهر الرجعية للاسلام ( او اى دين آخر ) او ان يدعموا التعليم الدينى حتى يحصلوا على مساندة المسلمين يناقض كليا روح الحرية والمساواة التى ناضل من اجلها لينين . هناك فارق بين ادراك عقبات الواقع المادى الحقيقى فى منع الدولة الاشتراكية من التصرف كما ترغب على نحو نموذجى ، وتبنى او التكيف مع السياسات الرجعية التى عارضتها هذه الدولة كليا . http://www.workersliberty.org/node/1805 المصدر : the bolshviks and islam – by gerry byrne workers liberty- http://www.workersliberty.org/story/2004/02/24/bolsheviks-and-islam
#سعيد_العليمى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قراءة نقدية لأطياف ماركس فى طبعته التفكيكية
-
الثورة والثورة المضادة - تشيرنيشيفسكى ، لينين ، تروتسكى
-
فى ذكرى مرور عام على رحيل الرفيق هانى شكر الله
-
قضية بناء الحزب - الإنتقال من الطور الحلقى الى الطور السياسي
...
-
ذكرى مرور عام على رحيل تروبادور الثورة الدائمة بشير السباعى
-
الطب النفسي والسياسة أداة التلاعب بالعقول
-
هل كان ماركس أبا تقليديا ؟
-
مقالات من الجريدة الرينانية الجديدة حول الثورة المضادة 1848-
...
-
المثقفون المصريون ومناهضة التطبيع فى عهد السادات - 4
-
المثقفون المصريون ومناهضة التطبيع فى عهد السادات -3
-
المثقفون المصريون ومناهضة التطبيع فى عهد السادات - 2
-
المثقفون المصريون ومناهضة التطبيع فى عهد السادات - 1
-
حوار قديم مع المغنى الفلبينى فريدى اجيلار أيام ثورة إدسا 198
...
-
دفاعا عن حزب العمال الشيوعى المصرى والمفكر الماركسي إبراهيم
...
-
من يذكر الديكتاتور الفلبينى ماركوس والإطاحة به ؟
-
هل إستوعبنا حقا دروس إنتفاضة يناير 2011 فى مصر ؟!!! رؤى من م
...
-
فى ذكرى 25 يناير 2011 - إستلهامات لينينية
-
عن الإنتفاضة والحزب فى ذكرى 18- 19 يناير 1977 - رد على رفيق
...
-
حزب العمال الشيوعى المصرى ومنتقدوه - من أوراق شيوعى سابق 1
-
إعادة بناء المادية التاريخية -تقديم إبراهيم فتحى لكتاب جورج
...
المزيد.....
-
مئات المتظاهرين بهولندا يطالبون باعتقال نتنياهو وغالانت
-
مادورو يعلن تأسيس حركة شبابية مناهضة للفاشية
-
الجزء الثاني: « تلفزيون للبيع»
-
عز الدين أباسيدي// لعبة الفساد وفساد اللعبة... ألم يبق هنا و
...
-
في ذكرى تأسيس اتحاد الشباب الشيوعي التونسي: 38 شمعة… تنير در
...
-
حزب الفقراء، في الذكرى 34 لانطلاقته
-
تركيا تعزل عمدة مدينتين مواليتين للأكراد بتهمة صلتهما بحزب ا
...
-
تيسير خالد : سلطات الاحتلال لم تمارس الاعتقال الإداري بحق ال
...
-
الديمقراطيون لا يمتلكون الأجوبة للعمال
-
هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال
...
المزيد.....
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات
...
/ شادي الشماوي
-
المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب -
...
/ شادي الشماوي
-
ماركس الثورة واليسار
/ محمد الهلالي
المزيد.....
|