الدير عبد الرزاق
الحوار المتمدن-العدد: 6571 - 2020 / 5 / 22 - 09:54
المحور:
ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات
ضبط العالم ساعاته على مواقيت نشرات الأخبار التي ترد كل يوم حبلى بأرقام ضحايا كورونا من موتى و مصابين و مستبعدين، لكن لم يستطع ضبط المزاج الإنساني الذي تعكر صفوه، و أصيب بحالة من الإحباط و الإحساس بلاجدوى تلاحقه في أحلامه المرئية و غير المرئية.
ألغيت جميع الرحلات و جميع المناسبات و جميع الأحداث، و رفع العالم الراية البيضاء ليس استسلاما و لكن حدادا معلنا إلى ما لا نهاية، انغلاق يترجم أزمة الإنسان المعاصر في وقت تطور كل شيء ، و انبهر العالم بعبقريته التي فاقت الخيال، لكن ماذا حدث بين عشية و ضحاها حيث سارعت الحكومات و المؤسسات الحكومية و غير الحكومية إلى تبني خطاب واحد و أوحد، لا هو يميني و لا هو يساري "اجلس في بيتك"؟.
ماذا حدث؟، حكاية فصولها بدون ملامح، و لكن بطلها الكل يعرف اسمه "كوفيد 19"، لكن لا أحد يعرف تفاصيله حيث يتم تقاذف التهم هنا و هناك، من ضد من؟ و الكل ضد "البطل" الذي انتصر على جميع الإيديولوجيات و المرجعيات و مازال يحقق نجاحاته التي هي إخفاقات الإنسانية.
كيف حدث؟ انتشر كوفيد 19 كالنار في الهشيم، لم يمنح العالم فرصة لخوض غمار حرب لم يعلنها و إنما استقبلها باستسلام وسط عجز لا مثيل له، هل العلم مجرد قشة أمام جبروت الطبيعة؟.
لماذا حدث ؟ جميع القراءات أشبه بالتعليقات التي تأتي من خارج منطقة تركتها الحرب خرابا، لا أحد يعرف لماذا هذا الهوس بالقتل و التخريب، أي نجاح مقابل الدمار و نرجسية الفتك بالإنسان، عقاب الطبيعة أم طبيعة العقاب أم عقدة محدودية الإنسان في مواجهة الطبيعة المرشحة دوما للانتصار، و الإنسان مرشح دوما في موقف الدفاع و المقاومة و الخروج بأقل الخسائر، حيث خسر الإنسان جميع المواجهات الثنائية مع الطبيعة؟.
اليوم دخل العالم كله "سوق رأسه" و خرج العلم يبحث عن رشفة لقاح أو دواء لمرضى كوفيد 19.
اليوم غير العالم إيقاع الحياة هروبا من الموت، و لزم البيوت اختباء من الفيروس "الغول" في صورة لا هي سريالية و لا تشكيلية و لكنها صورة تجسد عمق التراجيديا الإنسانية التي كتب نصها كوفيد 19، و الإنسان وحده من يشخص أدوار الخوف و الموت و المرض و الهروب، بالاختباء من عدو غير مرئي، ضرباته موجعة لكن صداها يتردد بعد 14 يوما في صورة مرض أو موت أو عمر جديد.
#الدير_عبد_الرزاق (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟