|
من هم أصحاب الأعراف
الحسين افقير
كاتب مغربي .
(Houcine Oufkir)
الحوار المتمدن-العدد: 6570 - 2020 / 5 / 21 - 13:18
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يسأل الكثير من الناس عن من هم أهل الأعراف الذين قال عنهم الله سبحانه وتعالى: "وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ ۚ وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ ۚ وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَن سَلَامٌ عَلَيْكُمْ ۚ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ" (46) من هم أصحاب الأعراف الطامعين في الدخول الجنة سنحاول اولا تعريف مفهوم الاعراف ثانيا نتناول شروحات علمائنا الافاضل ثالثا مصير أصحاب الاعراف.
اولا: معنى الأعراف لغة واصطلاحا
أ - الأعراف لغة تعريف الأعراف لُغةً: تأتي كلمة الأعراف بمعنى الحاجز، وقد تأتي بمعنى أعلى الشيء، فعُرف الجبل أيّ أعلاه. ب - تعريف الأعراف اصطلاحاً: هو سورٌ عالٍ بين الجنّة والنّار يقف عنده أهل الأعراف، وقد اختلفت عبارات المفسّرين في شرح معنى أهل الأعراف الوارد في القرآن الكريم، فذكر بعضهم أنّ أهل الأعراف هم من استوت حسناتهم وسيّئاتهم، وقد قال بهذا القول: ابن عباسَ وابن مسعود، وقد قيل أنّهم من تجاوزت حسناتهم النّار فابتعدوا عنها، لكنّ سيّئاتهم قصّرت بهم عن دخولهم الجنّة، وقيل كذلك أنّهم أهل فضلٍ من المؤمنين فرغوا من شغل أنفسهم، وتفرّغوا لمطالعة أحوال الناس، وقيل هم قوم أنبياء، وقيل هم ملائكةٌ موكلون بهذا السّور يميّزون الكافرين من المؤمنين قبل دخولهم الجنّة والنّار.
ثانيا: من وجهة نظر علمائنا
يقول الشيخ محمد متولى الشعراوى في تفسيره لـ {وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الأعراف رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ...} [الأعراف: 46]، و{كُلاًّ} المعنى بها أصحاب الجنة وأصحاب النار، فقد تقدم عندنا فريقان؛ أصحاب الجنة، وأصحاب النار وهناك فريق ثالث هم الذين على الأعراف، و(الأعراف) جمع (عُرف) مأخوذ من عرف الديك وهو أعلى شيء فيه، وكذلك عرف الفرس. وجماعة الأعراف هم من تساوت سيئاتهم مع حسناتهم فى ميزان العدل الإلهى الذى لا يظلم أحداً مثقال ذرة. {فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ} [القارعة: 6-9]. وقال ابن القيم: فقوله تعالى (وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ) أى: بين أهل الجنة والنار حجاب، قيل: هو السور الذي يضرب بينهم ، له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبَله العذاب؛ باطنه الذي يلي المؤمنين فيه الرحمة، وظاهره الذي يلي الكفار من جهتهم العذاب . والأعراف: جمع عَرف، وهو المكان المرتفع، وهو سور عال بين الجنة والنار عليه أهل الأعراف . عن ابن مسعود قال: "ومن استوت حسناته وسيئاته كان من أصحاب الأعراف فوقفوا على الصراط ثم عرَفوا أهل الجنة وأهل النار ، فإذا نظروا إلى أهل الجنة نادوا (سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ) وإذا صرفوا أبصارهم إلى أصحاب النار (قَالُواْ رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) فأما أصحاب الحسنات فإنهم يُعطون نوراً يمشون به بين أيديهم وبأيمانهم ، ويُعطى كل عبد يومئذ نوراً فإذا أتوا على الصراط سلب الله تعالى نور كل منافق ومنافقة ، فلما رأى أهل الجنة ما لقي المنافقون ( قَالُوا رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا) . قال حذيفة وعبد الله بن عباس : هم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم فقصرت بهم سيئاتهم عن الجنة ، وتجاوزت بهم حسناتهم عن النار ، فوقفوا هناك حتى يقضي الله فيهم ما يشاء ثم يدخلهم الجنة بفضل رحمته . وقيل : هم قوم خرجوا في الغزو بغير إذن آبائهم ، فقتلوا ، فأعتقوا من النار لقتلهم في سبيل الله ، وحبسوا عن الجنة لمعصية آبائهم ، وهذا من جنس القول الأول . وقيل : هم قوم رضي عنهم أحدُ الأبوين دون الآخر يحبسون على الأعراف حتى يقضي الله بين الناس ثم يدخلهم الجنة ، وهي من جنس ما قبله فلا تناقض بينهما . وقيل : هم أصحاب الفترة وأطفال المشركين . وقيل : هم أولو الفضل من المؤمنين علوا على الأعراف فيطلعون على أهل النار وأهل الجنة جميعاً . وقيل : هم الملائكة لا من بني آدم . والثابت عن الصحابة هو القول الأول ، وقد رويت فيه آثار كثيرة مرفوعة لا تكاد تثبت أسانيدها ، وآثار الصحابة في ذلك المعتمدة . وقد اختلف في تفسير الصحابي هل له حكم المرفوع أو الموقوف على قولين ، الأول : اختيار أبي عبد الله الحاكم ، والثاني : هو الصواب ، ولا نقول على رسول الله ما لم نعلم أنه قاله . ثم يقال لأهل الأعراف ( ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ ) . وقد قيل : " إن أصحاب الأعراف ملائكة يحبون أهل الجنة ويبكّتون أهل النار " ، وهو بعيد لوجهين : أحدهما : قوله تعالى ( وَعَلى الأَعرافِ رِجالٌ ) والرجال : الذكور العقلاء ، والملائكة لا ينقسمون إلى ذكور وإناث . والثاني : إخباره تعالى عنهم وأنهم يطمعون أن يدخلوا الجنة ، والملائكة غير محجوبين عنها ، كيف والحيلولة بين الطامع وطمعه تعذيب له ، ولا عذاب يومئذ على ملك . من خلال هذه تعاريف واجتهادات علمائنا الافاضل ، نتسائل ما هو مصير أصحاب الأعراف، وهل ينتظرون حتى يؤمر لهم بدخول الجنة ام انهم لن يدخلونها. ثالثا: مصير أصحاب الأعراف
قال حذيفة وعبد الله بن عباس: هم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم فقصرت بهم سيئاتهم عن الجنة، وتجاوزت بهم حسناتهم عن النار، فوقفوا هناك حتى يقضى الله فيهم ما يشاء ثم يدخلهم الجنة بفضل رحمته . فقد قال ابن كثير عن أصحاب الأعراف: اختلفت عبارات المفسرين في أصحاب الأعراف، من هم؟ وكلها قريبة ترجع إلى معنى واحد، وهو أنهم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم، نص عليه حذيفة، وابن عباس، وابن مسعود وغير واحد من السلف والخلف يرحمهم الله. انتهى وهذا هو الذي قرره القرطبي في تفسيره. أما عن مصيرهم، فالقرآن والسنة لم يصرحا بشيء فيه، لكن ورد في كتب التفسير عن ابن عباس رضي الله عنهما وغيره، أن الله تعالى سيرحمهم ويدخلهم الجنة، قال ابن كثير في قوله تعالى: لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ [الأعراف:46]، فكان الطمع دخولاً، وهذا هو اللائق بسعة رحمة الله تعالى، وإذا كان الله تعالى سيخرج أقواماً من النار بعد عذابهم فيها، ويدخلهم الجنة برحمته، فإن أهل الأعراف أولى بذلك وقال الحافظ الحكمي في معارج القبول عن أصحاب الأعراف: يوقفون بين الجنة والنار ما شاء الله أن يوقفوا، ثم يؤذن لهم في دخول الجنة. انتهى وقد ذهب أكثر هؤلاء المفسرين أيضا من الصحابة والتابعين إلى أن مصير أصحاب الأعراف هو الجنة، وهو الأقرب إلى ظاهر القرآن الكريم، كما جاء عن الحسن البصري رحمه الله: أنه تلا هذه الآية: (لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ) قال: والله ما جعل ذلك الطمع في قلوبهم، إلا لكرامة يريدها بهم. وورد نحوه عن ابن عباس ومجاهد والضحاك وغيره من المفسرين. إذا كان مصيرهم الأقرب هو الجنة هذا ما نتمناه لهم ولنا.
#الحسين_افقير (هاشتاغ)
Houcine_Oufkir#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أول ليلة القدر في زمان كورونا
-
سجن COVIDE 19
-
مذكرات
-
قال لها
-
هرطقات كورونية
-
تصورات مونتسكيو حول -أشكال الحكم- وفصل السلطات-
-
العقد الاجتماعي من منظور فلاسفة العقد الاجتماعي
-
دحرتهم كورونا
-
ورقة عن مفهوم العقد الاجتماعي عند هوبز- لوك - روسو
-
اللفيتان لطوماس هوبز
-
محاور كتاب الامير لنيكولا مكيافيلي
-
كل شيء ممكن
-
كم هي الأشياء
-
يرنو إلى نافذتها
-
هل حقا أنا
-
بذاكرتنا
-
لنقول أننا انتصرنا
-
في الملعب
-
كنت
-
مشهد يتكرر
المزيد.....
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
-
إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|