أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسين البناء - خرافة الثقافة الافضل في العالم العربي















المزيد.....

خرافة الثقافة الافضل في العالم العربي


حسين البناء
كاتب

(Hussain Albana)


الحوار المتمدن-العدد: 6570 - 2020 / 5 / 21 - 08:44
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في الاونة الاخيرة باتت تتصاعد بعض الاصوت هنا و هناك منادية بالثقافة الشعوبية الطامحة لعودة ثقافة و روح بعض الحضارات القديمة او مايسمونه هم حضارات حتى وان كانوا لا يعرفون منها الا اسمها! و بات هدفها ان تستنكر على الحضارة العربية تاريخها فاصبح شغلها الشاغل طرح المقارنات و الادعاءات بانهم احفاد تلك الحضارات و مالكي ثقافاتها و قيمها و كانما كانت هي الافضل او كانما لهم اي ارتباط حقيقي بها! في هذه المقالة ساسعى الى تبيان الحقيقة الطبيعية التي يغيبها هؤلاء بجهل ام عن قصد.
يدعي هؤلاء بانهم قد عربوا بجبر السلاح و سطوته، ولكن حينما نرى جغرافية الدول العربية و المحيط الاسلامي نكتشف سريعاً كذبهم، فان ذهبنا و نظرنا لمحيط الجزيرة العربية شمالا نرى تركيا و اذربيجان، شرقا ايران، افغانستان، باكستان، اوزبكستان، كازاخستان، طاجكستان، اندونيسيا و بنغلاديش، و ان ذهبنا غربا فهناك تشاد، مالي، النيجر، موريتانيا، نيجيريا، جيبوتي، اثيوبيا، الصومال، تنزانيا، السنغال، اريتريا، زنجبار، جزر القمر، افريقيا الوسطى و ساحل العاج ..الخ، 30 دولة من 52 دولة مسلمة او بكلمات اخرى الاكثرية! ، هذا دون النظر لعدد المسلمين في العالم فالعرب اجمعين بالاضافة الى من يقولون انهم استعربوا بالقوة لايتعدون 20% من العدد الكلي للمسلمين حول العالم! وجميع هؤلاء لا يتحدثون العربية! اذا مالداعي لان تعربوا بالجبر انتم دون غيركم؟! و بالحقيقة حين النظر لتاريخ الفتوحات الاسلامية وجغرافيتها نرى بان ايران مثلا اقرب للجزيرة العربية و اسبق في الفتح من بلاد مثل الجزائر، فنتسائل هاهنا اذا كان العرب قد دخلوا هذه البلاد قبل الجزائر مثلا فلم لم يسبقوهم الى فرض العربية عليهم؟! لم لا يتكلم الايرانيون العربية اليوم؟!
لكن الحقيقة ليست على هوى هؤلاء الذين يتعايشون على القدح والذم ليعوضوا نقصهم، نقصهم الكامن من ضعف الحضارة العربية اليوم فهم لايبحثون عن الاسباب المنطقية لهذا الضعف محاولين تقويمه للوصول للطريق الصحيح، بل هم حفنة من الجبناء الذين يحاولون القفز من هذه السفينة بفصل جلدهم عن اجسادهم، متناسين بانهم سيبقون بلا جلد اي بلا هوية حقيقية، فمن اخبر هؤلاء بانهم ابناء حضارات؟! الواقع يقول بان الاسلام في انتشاره لم يقم الا على حضارتين حاضرتين في ذلك الوقت الفارسية و الرومانية او اجزاء كبيرة منها، فالى اي منهما تنتمون؟ فانتم لاتدعون لنفسكم حتى كونكم فرسا فهم شيعة متخلفون (حسب رأيكم) ولا انتم روم شقر و حمر، فمن انتم؟! .. اذ ان الواقع يقول انه حينما دخل العرب بلاد الشام كان اهلها تحت الاحتلال الروماني لما يزيد عن 600 عام و قبله كانوا تحت حكم الفرس فما هي علاقتكم باي حضارة اخرى؟ .. فلا يربطهم بما يسمونه حضارات نشأت على ارضهم سوى اسماءها و البقعة الجغرافية، فلا يملكون ثقافة ولا قيم ولا اخلاق ولا نظم سياسية ولا علوم ولا فنون خاصة ليربطوها بهم(اي ماينسبون انفسهم اليه من حضارة) فكلها كانت مستوردة او جبرية فارسية كانت او رومانية، فما هي الحضارة التي يتغنون بها اذاً ويدعون نفسهم اليها؟ لا شيء! وكذا الامر بالنسبة لمصر.
اما عن من هم غيرهم فاكتفي بما ذكر ابن خلدون "هذه الأقطار كانت للبربر منذ آلاف من السنين قبل الإسلام، وكان عمرانها كله بدوياً ، ولم تستمر فيهم الحضارة حتى تستكمل أحوالها " .. "وأيضاً فالصنائع بعيدة عن البربر لأنهم أعرق في البدو، والصنائع من توابع الحضارة وإنما تتم المباني بها، فلا بد من الحذق في تعلمها، فلما لم يكن للبربر انتحال لها، لم يكن لهم تشوق إلى المباني فضلاً عن المدن"، ".. ومن استقر منهم بافريقية والمغرب لم يجد بهما من الحضارة مايقلد فيه من سلفه اذ كانوا برابر منغمسين في البداوة" .. "يتصف البربر غالبا بالبلادة في أذهانهم والخشونة في أجسامهم" و من المفارقة اللطيفة ان ابن خلدون هو من عين الاصول التي يسمونها بربرية! فما هو الفخر الذي تندبون؟!
يخطئ البعض حينما يظن ان اللغة هي كل شيء في قيام اية حضارة، فالحضارة كما يعرفها وول ديورانت في موسوعته الشهيرة قصة الحضارة" هي نظام اجتماعي يعين الإنسان على الزيادة من إنتاجه الثقافي، وتتألف الحضارة من عناصر أربعة: الموارد الاقتصادية، والنظم السياسية، والتقاليد الخُلقية، ومتابعة العلوم والفنون .. " فاللغة ليست كل شيء ولكن اللغة تتأثر بحضارة الأمة التي تنتمي اليها فلما كان ذلك فقد نظر ابناء تلك الشعوب التي دخل اليها العرب و المسلمين نظرة انبهار للغة العربية كونها اللغة تحمل اليهم مظاهر الحضارة من فكر وعلم و قوة، عدا عن كونها لغة الدين الجديد. فدأب الناس على تعلم تلك اللغة وادابها بل ان ابرز علماء العربية في التاريخ سيبويه كان من ذوي الاصول الفارسية! فمالذي سيدفع عالماً و مفكراً في ذلك الزمان ليكتب مصنفاته باللغة العربية ان كان مجبرا عليها؟! الجواب انها كانت لغة العلم في ذلك الوقت! وبسبب حركة الترجمة الغزيرة حتى الغرب و الشرق و العالم اجمع كان ينظر للعرب كمصدر الحداثة والتفوق بفضل المنتوجات العلمية و الفكرية التي كانت تكتب بالعربية، فنبغ الفلاسفة و العلماء و المفكرين و المخترعين في كنف الحضارة العربية بل غزارة الانتاج الفكري و العلمي تفوق اي مما يذكر لأي مما يصفونه بالحضارة في تاريخها! و لا تكفينا كتب في ذكر قيمة اللغة العربية على الحضارة الكونية.
اذا قد اتاحت لهم الحضارة العربية الوصول الى ابعاد و الاطلاع على مالم يصلوا اليه من قبل مما ادى الى نبوغهم العلمي و الثقافي و حدوث نقلة نوعية في حياة شعوب تلك المناطق من الناحية الفكرية والثقافية والمادية. فلم تكن اللغة يوما عبئا عليهم والا ما ابدعوا!. اذا مالسبب الحقيقي لانتشار العربية في بلدان اكثر منها بلدان اخرى؟ الحقيقة ان اختصاره هو ماينقله الينا علماء اللغة ان اللغة العربية و الارامية او السيريانية بل وحتى العبرية هم من اصل واحد ولأي كان حق البحث في ذلك فسيرى ان التقارب كبير جداً ولن يشكك في اصلها الواحد الا مجنون! لذلك كان من السهل جدا على تلك الشعوب تكلم اللغة العربية خصوصا مع ماذكرنا من مقومات جاذبة فليس في الموضوع اي اعجاز!. فما المعجز في معرفة اسباب بحث الناس تكلم الانكليزية اليوم؟!.
اما قول هؤلاء المتخلفين عن التخلف الحضاري الذي نعيشه اليوم، هذا التخلف الذي لا ينكره اي مثقف و مطلع، لكن ماهي الاسباب التي ادت لذلك؟ لماذا كان اجداده يعشقون التحدث بتلك اللغة و البحث و التصنيف بها بينما هو يدعي النفور منها بل هو بغباء مضحك اذا اراد ايصال شتائمه للغة و اهلها (الذي يعد منهم) يستخدمها للتواصل؟!
اما من ناحية عرقية وهو ما يعتقده هؤلاء المتخلفين اساس للسوء في الانسان، فهم لا يفهمون الفرق بين الدين و الثقافة الدينية، فالدين هو مالدينا من نصوص ثابتة لذلك الدين، اما الثقافة الدينية فهي كيف نفهم ذلك الدين بسبب ظروفنا و حياتنا و ماتربينا عليه وماورثناه من طباع ..الخ، فهل رأيت مسلمين مثلاً يختلفون في تحريم الخمر؟ ولكن بفهم بعضهم ان كله حرام و غيرهم يقول ان قليله غير المسكر ليس بحرام! ولكنهم يتفقون على حرمته بحال او باخرى، والسبب في ذلك هو التفاوت الثقافي بين الاثنين. فهم "المتخلفين" دائماً مايذكرون ان العرب بدو(اي اهل الجزيرة العربية) معتقدين من جهلهم ان مايقصد بالعربية هو مدار عرقي وليس ثقافي و لغوي، هم لايعلمون ان الجزيرة العربية كانت مقر لعديد من الحضارات التاريخية العظيمة، نذكر منها ماجان، ديلمون و حضارات اليمن، ..الخ. فهؤلاء ايضا ابناء حضارات لربما بعضها اعرق من الحضارات التي ينسبون نفسهم اليها! واذا كان الموضوع عرقياً كما يصفون فان العرق الذي ينتمي اليه من يصدر كل كتبه في التكفير كابن تيمية وابن القيم الجوزية (السيريانيين) لهو اسوأ العروق اذاً ؟! فهو مايرتكز عليه فكر داعش والنصرة والقاعدة وغيرهم من التنظيمات الارهابية! بل واغلب الارهابيين منهم!
الحقيقة ان تخلفهم و جهلهم و تكرارهم الدائري لحديثهم هو نفسه ما يعيشه العالم العربي منذ موت ابن رشد (فهم لم يخرجوا من مدار هذا التخلف الذي ينتقدون) و بسبب الغزالي هذا الرجل الذي ينسب له المفكرين و العلماء سبب تخلف الامة العربية و الاسلامية و جمودها الفكري فكفر الفلسفة و المفكرين و فضل النقل على العقل فوضع بذلك حداً للعصور الذهبية الاسلامية.
ولاختم كلامي، فانا لا انكر فضل اي حضارة على الانسانية، ولكن ارفض اسلوب الشتم الغريب و الجهل المريب الذي يعايشه البعض من فوقية مصطنعة ليس لها اي اسس، فان اردنا التفاخر بتكبر لفعلنا! ولكننا لسنا متخلفين اهل نقص، فلا نحتاج الى مدح انفسنا و تاريخنا بل نحترم انفسنا بما نحن عليه، فمن انت الان؟! وان كانت الامة تعاني من رواسب تخلف او تعيش تخلفاً فالواجب رفع الهامة و ايجاد الحلول لا الانسلاخ او الانبطاح!.



#حسين_البناء (هاشتاغ)       Hussain_Albana#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- عمال أجانب من مختلف دول العالم شاركوا في إعادة بناء كاتدرائي ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي ...
- أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع ...
- الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى ...
- الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي- ...
- استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو ...
- في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف ...
- ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا ...
- فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسين البناء - خرافة الثقافة الافضل في العالم العربي