|
الزمن الجميل
زياد ملكوش
كاتب
(Ziyad Malkosh)
الحوار المتمدن-العدد: 6569 - 2020 / 5 / 20 - 10:04
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الزمن الجميل ! اي زمن هذا ؟ هل هو في الخمسينات ؟ الستينات ام قبل او بعد ذلك ؟ هل هذا من وجهة نظر جيل كان في مرحلة الطفولة او الصبا والشباب في حينه ؟ وماذا عن الآباء/الامهات او الابناء ، الا يعتبرون ازمانا اخرى هي الجميلة ؟ الم يكن كبارنا يقولون احيانا : ايام زمان كانت احسن ، كانت ايام بركة .. الا يُقال ايضا في الغرب The good old times .. واذن متى كان الزمن جميلا ؟
صحيح ان اوضاعنا نحن العرب حاليا في اسوء حال ، ولكن متى كانت احوالنا افضل ؟ … بعد الحرب العالمية الثانية كان العرب في دول ودويلات محتلة او تحت الانتداب ثم استقلت شكليا وتكونت في البعض منها نصف ديمقراطيات ( سوريا 1953-58 ,، مصر بعدالحرب وحتى 52 ، الاردن 50-53 ) ولكن سرعان ما انهارت بعد سلسلة من الانقلابات العسكرية بدات بسوريا التي ضربت رقما قياسيا بها (9انقلابات) والتي انهاها متمرس انقلابي استطاع بحكم حديدي وقفها وتاسيس اول جمهورية عائلية وراثية في الشرق . لكن الريادة في الحكم الفردي كانت لمصر فجمال عبد الناصر الذي قاد ثورة 52 كان شخصية استثنائية بكاريزما واجندة وطنية وعدد من الانجازات جلبت له شعبية كبيرة في العالم العربي وجاراه كل حكام الجمهوريات العربية فقط في الحكم الفردي وفي البقاء على راس السلطة مثل الملوك .اجزم ان البعض يعتبرون تلك الفترة زمنا جميلا ، كانت شعارات القومية العربية والحرية والوحدة وتحرير فلسطين احلاما دغدغت مشاعر الشعوب وظنوا ان عبد الناصر سيحققها لهم ، لكنه للاسف قادهم الى هزيمة منكرة نتيجة سوء التقدير وعدم الاستعداد . بعدها استمر العرب في السقوط والتخلف في ظل سلطات دكتاتوريات فاسدة كادت تحول كل الجمهوريات الاستبدادية الى انظمة وراثية عائلية لولا الربيع العربي الذي فاجأ الجميع ، لكنه انتكس وتم الالتفاف عليه وركوبه من دول اجنبية وعربية واقليمية في غالبية البلدان ، وادى في البعض منها الي حالات كارثية واصبح بعبعاً تخيف فيه الانظمة الشعوب من فوضاه ، ثم كانت الموجة الثانية منه التي كان فيها المنتفضون اكثر وعيا وتنظيما لكن صييرورته ونتائجه لم تضح خاصة بعد اجتياح وباء الكورونا المنطقة العربية ايضا .
لابد من الاعتراف بان الفترة الناصرية شهدت ايجابيات في الادب وصحافته وفي النشروالترجمة والشعر وبعض الفنون . كانت المنشورات الثقافية تنبع من القاهرة وبغداد ودمشق والكويت وبالطبع بيروت حيث ازدهرت مجلات عديدة اهمها الآداب ومجلة شعر وتم ترجمة عدد كبير من الآداب الاجنبية وكان مسرح الجيب بالقاهرة وفيلم شادي عبد السلام وبعض افلام يوسف شاهين . وظهر الشعر الحديث وعدد من الشعراء العظام : السياب ودرويش وغيرهم واصبحت القصة ( رواية وقصة قصيرة) فنا ابدعه نجيب محفوظ ويوسف ادريس وغيرهم . وإن كنا لِنَصِف هذا الزمن بالجميل لهذا ففي الزمن الحالي ايضا يوجد كتاب جيدون ومخرجون شباب في بيروت والجزائر وفلسطين وسوريا .
هناك من ينظر الى هذا الامرمن ناحية ترفيهية ( هم يقولون فنية ) فايام ام كلثوم وعبد الحليم حافظ هي الزمن الجميل … حقا ! ام كلثوم على صوتها الآخاذ لم تُعط الا بضع اغاني جيدة ، وباقي اغانيها كلمات سخيفة في الحان تقليدية شوهتها بالتكرار والإطالة . قد لا يعجب البعض ذلك ، اقراوا هذه الكلمات : انساك دة كلام انساك ياسلام او الحب كدة ! اما عبد الحليم فقد ظهر ببداية جيدة توحي بالامل في التغيير ، لكنه انتهى الى ما كانت عليه ام كلثوم من اللف والدوران حول الالحان نفسها والاسلوب نفسه وما شهر الاثنان وغيرهم ( عبد الوهاب ) هو ذكائهم وحس البزنس لديهم مع اعلام مجامل جداويعمل مع الجمهور بتناسب طردي . إن تم مقارنة اغاني ذاك الوقت بالغالبية من اغاني اليوم فربما كان الزمن عندها اجمل ، فاغاني اليوم ليست الا ايقاع موسيقي سريع وكلمات سخيفة بلا معنى ساعدها الفيديو كليب المليء بنساء شبه عاريات ينطنطن حول المغني والمسمى فنان وتصلح لحفلة رقص . ودائما كانت كلمة فنان تطلق على المغنيين والممثليين وهم ابعد ما يكونون عن الفن . سمعت مرة مقابلة تلفزيونية مع Robert Plant مغني فرقة الروك Led Zeppelin وهو الذي كتب ولحن مع Jimmy Page الاغنية التحفة Stairway To Heaven… ساله المحاور كيف يصف نفسه : هل هو فنان ام مغني ام موسيقي ؟ اجاب بان فنان كلمة كبيرة !! في تلك الفترة الشيء الجميل هو فيروز والرحابنة : الفنانون فعلا منذ سيد درويش وعدد صغير من الرواد/الرائدات الذين لم يحالفه الحظ ليصبحوا نجوما .
الزمن الجميل هو الذكريات الحلوة سواء كانت قبل سنة اوعشرين . الزمن الجميل لي ، ليس الجميل لصديقي او والدتي او ابني . عندما نكون في زمن قبيح ، سيء يكون كل وقت آخر جميلا . كل شيء نسبي . لا توجد حقيقة مطلقة . ولكن كما يقول الامريكيون What do I know? I’m just an ordinary guy
#زياد_ملكوش (هاشتاغ)
Ziyad_Malkosh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وحدها شجرة الرمان .. تعرف
-
طاعون كامو في زمن الكورونا
-
كان ياما كان فيروس اسمه كورونا
-
بعيدا عن الكورونا والسياسة
-
الدكتاتوريات في زمن الكورونا
-
ربيع الشعوب وخريف الانظمة
-
اعلان عن جريمة
-
العرب والتخلف
-
المساواة في الميراث
-
وايران ايضا
-
نحن وتركيا وايران
المزيد.....
-
فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN
...
-
فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا
...
-
لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو
...
-
المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و
...
-
الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية
...
-
أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر
...
-
-هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت
...
-
رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا
...
-
يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن
-
نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف
...
المزيد.....
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
المزيد.....
|