عادل عبد الزهرة شبيب
الحوار المتمدن-العدد: 6567 - 2020 / 5 / 18 - 11:14
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
تعرض الاقتصاد العراقي وبسبب تداعيات كورونا الفتاك الى هزة عنيفة بسبب انخفاض أسعار النفط الخام في الأسواق العالمية والتي سببت انخفاض موارد العراق المالية والذي يعتبر الممول الوحيد تقريبا لموازنته, وقد ساعدت الظروف الاقتصادية التي مر بها العراق على اقامة مشاريع صناعية صغيرة ومتوسطة تعتمد على وسائل انتاج بسيطة واعمال حرفية ,وقيام العديد من الورش والمعامل الصغيرة غير المجازة رسميا والتي انتشرت بشكل عشوائي بعيدا عن رقابة الدولة. وبسبب عدم قدرتها على المنافسة في ظل اغراق السوق العراقية بالمنتجات المستوردة الرخيصة بعد 2003 لذلك لجأ الكثير منها الى الغش الصناعي والتجاري في منتجاتها .
ومما لاشك فيه فان للمشاريع الصناعية الصغيرة والمتوسطة في العراق أهمية كبيرة في تحريك القوى العاملة شبه الماهرة وغير الماهرة باتجاه التصنيع , كما أن لها دورا في توسيع نطاق التنمية الصناعية في الاقتصاد ليشمل كافة المجالات فيما اذا تم الاهتمام بها .
لقد حققت الصناعات والورش الانتاجية الصغيرة والمتوسطة سواء في الدول المتقدمة أم في الدول النامية نجاحا مهما كما هو الحال في الصين والهند وماليزيا واندونيسيا وغيرها حيث ساهمت في التخفيف من البطالة وتحسين ميزان المدفوعات من خلال صادراتها . وعلى اعتبار ظروف التخلف الاقتصادي للعراق واقتصاده الريعي الوحيد الجانب والازمات التي يعاني منها اليوم فهو بأمس الحاجة لدور المشروعات الصناعية الصغيرة والمتوسطة والتي يمكن اعتبارها الحل السحري له حيث تمثل أسرع الحلول وأقلها تكلفة وأسرعها عائداً , ولها الدور أيضا في تلبية احتياجات السوق المحلية بدلا من استيراد السلع المثيلة وبالعملة الصعبة .
تعريف المشروعات الصغيرة والمتوسطة:
لا يوجد تعريف واحد متفق عليه لتعريف هذه المشروعات اذ يختلف ذلك من دولة الى اخرى, كما أن هناك عدد من المعايير المستخدمة لتمييز المشاريع الصغيرة عن المتوسطة والكبيرة والتي ايضا تختلف من بلد لآخر , ومن هذه المعايير :
• معيار عدد العاملين .
• معيار القيمة المضافة .
• معيار حجم رأس المال المستثمر .
• معيار الايرادات .
• درجة التخصص في الادارة.
• مستوى التقدم التكنولوجي .
أما بالنسبة الى تعريف هذه المشروعات فقد عرفتها منظمة الامم المتحدة للتنمية الصناعية (يونيدو) بأنها : (( تلك المشروعات التي يديرها مالك واحد ,ويتكفل بكامل المسؤولية بأبعادها الطويلة الاجل (الاستراتيجية) والقصيرة الاجل ( التكتيكية ) ,كما يتراوح عدد العاملين فيها ما بين (10 – 50 عامل ).)). في حين يصف البنك الدولي المشروعات التي يعمل فيها أقل من (10) عمال بالمشروعات المتناهية الصغر. أما التي يعمل فيها (10 _ 50 )عامل يصفها بالمشروعات الصغيرة , وتلك التي يعمل فيها بين ( 50 و100 عامل ) بالمشروعات المتوسطة . أما مؤسسة التمويل الدولية فتحدد المؤسسات التي تستثمر حد اقصى من الاستثمار مقداره (2,5 ) مليون دولار امريكي بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة .
أهمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة للاقتصاد العراقي :
1. لها أهمية في التنمية وتشكل نواة للمشروعات الكبيرة .
2. تساعد على امتصاص البطالة ويمكن لها أن توفر فرص العمل للشباب .
3. تساعد ايضا على تنمية المناطق الريفية ويمكن أن تحقق الهجرة المعاكسة من المدينة الى الريف.
4. تعتمد اعتمادا كليا على الموارد المحلية المتوفرة .
5. تساعد عل التقليل من الاستيراد وتحسين كفة الصادرات وتساهم في دعم الناتج القومي .
ويلاحظ ان المشاريع الصغيرة والمتوسطة يمكن أن تمارس أنشطتها في القطاعات الاقتصادية المختلفة سواء الصناعية أم التجارية أم الزراعية اضافة الى المقاولات, ويمكن أن تقام في المطاحن وتقطيع الحجارة والمنتجات الحجرية واعمال المقاولات وصناعات الالبان ومنتجاتها وصناعة الثلج والخبز والحلويات ومنتجات النجارة وخياطة الملابس اضافة للصناعات التي تتطلب دقة في العمل اليدوي كمشغولات الذهب والماس والفضة والملابس المطرزة, الى جانب صناعة الفخار والخزف الصيني وصناعات الاواني الزجاجية والمنتجات النحاسية وغيرها , اضافة الى مشاريع التنمية الزراعية كإنتاج الحبوب والفواكه والخضار او المشاتل الزراعية المحمية ومشاريع الثروة الحيوانية كتربية الابقار والاغنام والدواجن والمناحل , ومشاريع الثروة السمكية كصيد الاسماك واقامة البحيرات الصناعية لمزارع الاسماك , الى جانب المشاريع الخدمية المختلفة.
خصائص وسمات المشروعات الصغيرة والمتوسطة :
1. قلة رأس المال المستثمر فيها مقارنة بالمشروعات الكبيرة .
2. مالك المشروع يتولى بنفسه العمليات الادارية والفنية والمحاسبية وهو مديرها .
3. تعتمد على مواردها الذاتية .
4. تعتمد على المواد المحلية وليست المستوردة مما يسهم في تخفيض كلف الانتاج .
5. لديها القدرة على الانتشار الجغرافي في المناطق الريفية والمدن .
6. المساهمة في زيادة الدخل القومي .
7. قلة كلفة المخاطر نظرا لقلة تكلفة الانتاج .
التحديات التي تواجه الصناعات الصغيرة والمتوسطة في العراق :
1) عدم وجود خطط استراتيجية صناعية لمواجهة التحديات التي تواجه عملية تنمية وتطوير المشروعات وعدم وجود خطط مستقبلية على المدى القصير والمتوسط .
2) التحديات الادارية والتنظيمية والمالية والبشرية والتسويقية .
3) التحديات التنافسية الجديدة المرتبطة بالترويج لاقتصاد السوق وعملية اغراق السوق المحلية بالمنتجات الاجنبية المستوردة والرخيصة الثمن .
4) تحديات تتعلق بمسألة بناء الاطار المؤسسي والتشريعي وتحسين مناخ الاستثمار .
5) عدم تأهيل أصحاب العمل من خلال التدريب وتطوير المهارات والقدرات الانتاجية .
6) انعدام أو ضعف أنشطة البحث العلمي والتطوير .
7) تركيز الوزارات والمصارف والاتحادات المختصة على الجانب التمويلي للمشروعات في ظل غياب التنسيق وتوحيد المواقف وتقديم الاستشارة لضمان نجاح المشروع .
لقد أثبتت الصناعات الصغيرة أيام الحصار الاقتصادي على العراق نجاحات هامة في تلبية الطلب المحلي قبل انهيارها وتوقفها وتراجعها نتيجة غياب الاستراتيجية الصناعية لدعم القطاع الخاص مع غياب التنظيمات المسؤولة عن توجيه المستثمرين الصغار في ظل تزايد اعداد العاطلين وتزايد مستويات الفقر. فقد بلغ مجموع الصناعات الصغيرة عام 2003 (17929 ) مشروع بعد أن كانت ( 69090 ) مشروع عام 2001 , اذ توقفت خلال هذه الفترة العديد من الصناعات اما جزئيا او كليا ولعدة أسباب منها :-
1. سياسة اغراق السوق بالمنتجات الاجنبية المستوردة دون ضوابط .
2. أزمة الطاقة الكهربائية والوقود اللازمين لتشغيل هذه المصانع .
3. تلكؤ الاقراض وعدم تعامل المصارف معها لعدم توفر الضمانات .
4. ممارسة النشاط الاقتصادي بصورة غير قانونية وعدم خضوعها للرقابة الحكومية وتعرضها للملاحقة والمساءلة.
5. العمليات العسكرية والنشاط الارهابي والطائفي التي أدت الى توقف المشروعات الانتاجية الصغيرة والمتوسطة .
6. قدم المكائن والمعدات ومحدودية الصيانة والتحديث التكنولوجي اضافة الى غياب الدعم المالي والتكنولوجي .
7. الضرائب المفروضة على مستلزمات الانتاج التي تزيد من كلف الانتاج في ظل غياب الدعم الحكومي لأسعار المواد الخام .
8. ضعف المهارات وانعدام سياسة التحفيز للتطوير والابتكار .
9. انعدام او ضعف مراكز البحث والتدريب في تأهيل أصحاب الاعمال .
10. عدم وجود جهات لتقديم الاستشارات الاقتصادية والمالية والقانونية والمحاسبية والتسويقية ...
أثر سياسة الاغراق في الصناعات الصغيرة والمتوسطة :
- أدت سياسة الاغراق المعتمدة حاليا الى تخفيض عدد المصانع الصغيرة من 69090 عام 2001 الى 11620 عام 2006, بينما انخفض عدد المصانع المتوسطة من 163 مصنع عام 1998 الى 52 عام 2006 .
- أدت الى زيادة عدد العاطلين عن العمل حيث انخفض عدد المشتغلين من 142724 عامل عام 2001 الى 46492 عامل عام 2006 . أما بالنسبة للمصانع المتوسطة فقد انخفض العدد من 2123 عامل عام 2001 الى 960 عامل عام 2006 , وهذا يعني التدهور المتواصل في امكانات وقدرات القطاع الخاص الانتاجي وعجز الحكومات المتعاقبة منذ 2003 والى اليوم في النهوض بالواقع الاقتصادي للعراق وتحقيق التقدم الاقتصادي الاجتماعي, وأصبحت الصناعات الصغيرة والمتوسطة في العراق تعاني من مشاكل تتعلق بنقص الكفاءة وغياب المؤسسات المسؤولة عن توجيه المستثمرين الصغار , اضافة الى غياب الدعم التجاري والفني ما جعل هذه الصناعات غير قادرة على التكيف ومواكبة عملية هيمنة قوى السوق التي أمنت بها الدولة وروجت لها منذ 2003 .
الحلول اللازمة للنهوض بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة :
1) ضرورة اعتماد استراتيجية صناعية تستند الى الحماية التجارية للمشاريع .
2) وضع حد لسياسة الاغراق وتقديم الدعم لصناعتنا الوطنية وفقا لبرنامج متكامل .
3) تقديم العون والمشورة والمساعدة التقنية .
4) ضرورة وجود مرجعية واحدة للإشراف على المشروعات الصغيرة والمتوسطة وتنميتها ومساعدتها على التوسع .
5) انشاء مراكز لهذه المشروعات تعمل على تحفيز الشباب على اقامة مشاريعهم .
6) اعادة النظر بمناهجنا التعليمية لتتلاءم مع حاجات سوق العمل .
7) وضع برامج تدريبية لأصحاب المشاريع لغرض رفع مهاراتهم المختلفة .
8) الاستفادة من التجارب والخبرات العالمية في هذا المجال .
9) تشجيع الصادرات والاستفادة من المشاركة في المعارض المتخصصة المحلية والدولية .
10) انشاء مراكز لتدريب العمالة من قبل الدولة .
11) تقديم الدعم من الدولة لهذه المشاريع لتحسين جودة منتجاتها للتمكن من المنافسة في الخارج .
12) تقديم الدعم المالي من خلال القروض الميسرة ومراقبة استغلالها في الامر الذي اقترضت من أجله .
13) مكافحة الغش الصناعي والتجاري الذي تقوم به بعض المشاريع .
14) توفير الامن والاستقرار الضروريان لكل نشاط اقتصادي .
15) توفير الطاقة الكهربائية والوقود اللازمين للصناعة .
16) دعم القطاع الخاص عموما وتوفير البنى التحتية لتطويره ومنحه التسهيلات اللازمة وتوفير الحماية له حتى يستطيع الارتقاء بمنتجاته لمستوى المنافسة .
#عادل_عبد_الزهرة_شبيب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟