|
كورونا... صيام اخر..؟؟...2
اكرم هواس
الحوار المتمدن-العدد: 6565 - 2020 / 5 / 16 - 20:24
المحور:
ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات
كورونا... صيام آخر..؟؟...2
هل كورونا هو نتاج عقلي ..؟... ربما... هناك كلام كثير عن استراتيجية حرب بيولوجية... و كلام عن خطأ بشري في مختبر ما في الصين او في غيرها.. في كلا الحالتين فالمنتج عقلي المصدر... او ربما هو وباء بنمط عقاب رباني... اي انه نتاج العقل الأكبر ... عقل الله... و ربما مجرد "نتاج عرضي" بسبب التلوث ... هذا يعني ايضا نتاج "عقل" الطبيعة يهدف الى محاولة اعادة التوازن عن طريق خلق ميكانيزم عملي في مواجهة مسار الدمار الرهيب الذي يعصف بالأرض و بيئتها و أجوائها ..
الغريب ان "الجميع" انبرى للدفاع عن "حق" العقل و أهميته القصوى و قدرته الفريدة في مواجهة الكارثة ... كورونا... و تناسوا الاشكالية التاريخية ان العقل البشري ما زال يقف مشلولا امام ثلاثي "العدالة و المساواة و التوازن" لان اي من هذه المفاهيم لا يضمن سلطة العقل ...
القيم التي خلقها العقل البشري لا تقبل بالمساواة لان ذلك انتقاص من السلطة المطلقة ... و تتهرب من التوازن لان ذلك يستدعي العمل وفق آليات عامة تشترك في خلقها كل عناصر الكون ...حيث الانسان هو عنصر واحد من هذه العناصر... العقل البشري يفضل ميكانيزم العدالة لانها تشرعن مبدأ الصراع الأبدي الذي يؤطر حلم السلطة المطلقة اكثر مما يخلق هدفاً يمكن معرفة حدوده العقلية او القيمية او حدوده الجغرافية على الارض و بين الكائنات..
السبب المباشر لظهور كورونا ... كما اخبرنا العقلاء و مؤسساتهم السلطوية... هو اختلال في التوازن بين قابيل (قوة العقل) و هابيل (عطاء الطبيعة) مرة اخرى... قابيل (انسان) قتل هابيل (خفاش) و إمتص دمه و إلتهم جثته... فانبرى ڤيروس (ثائر) من مكونات جسد هابيل (الطبيعة) و اقسم ان يحقق "العدالة" و هكذا بدأت ديناميكية جديدة لصراع ابدي يحبه اصحاب السلطة هنا و هناك ..!..
هذا تصور مبني على تفسير علمي (عقلي) لقضية علمية و هي ظهور و انتشار فيروس كورونا.... لكن دعنا نطرح فرضية ايضا علمية ... لكن من نوع اخر قد لا يحبه عادة الغرور البشري... لانه يخدش كبريائه ...حتى لا نقول "عنجهيته" و استبداده الفكري..
دعنا نفكر كيف يمكن ان نفعّل مفهوم الرحمة مثلا في المنظومة المجتمعية خاصة اننا في شهر الصوم و الصيام .... دعنا نفترض اننا عندما نتضامن مع الآخرين دون التفكير في مصلحتنا معهم... عندما نذرف الدموع من اجل الذين يتعرضون للظلم... عندما نمد أيدينا لمساعدة الآخرين دون ان نفكر فيما يكلفنا ذلك .. عندما نساعد الفقير و المحتاج دون نفكر بالجنة و النار ... عندما نعيش حياتنا دون ان نهدم حياة الآخرين ... حينها فقط نقترب من عالم الحيوان النقي... كيف..؟؟..
مبدأيا ربما نفعل ذلك في لحظات خشوع سايكولوجية تعيد فينا ذاكرة حياتنا الاولى قبل السقوط الى الارض ... لكن تلك اللحظات نادرة الحصول في الواقع لاننا عادة نستيقض على وقع تاثير العقل الذي يحاول ان يبقينا في عالم الانسان حيث يفرض علينا العقل كل انواع المناورة في الاحاسيس و الكلام المنمق و الخبث في الحساب و الكذب و الادعاء لخلق حالة التفوق و الانتصار ... حتى دموعنا لا نذرفها الا بمقدار أرباحنا و التضامن لا نبديه الا مع من يشبهنا و نشبهه في اللون و الثقافة و تجمعنا به المصالح و الأهداف ...الخ ..
اعرف ان هذا الكلام لا يعجب الكثيرين بل سيعتبرها البعض إهانة للانسان و قيمه العليا ... لكن الذين يعرفون شيئا عن البنية السايكولوجية و المسارات السلوكية للحيوان يعرفون ان ملكة العقل عند الانسان قد انتزعت منه البرنامج الالهي للسلوك القويم الذي وضعه الله في الكائنات الحية من النباتات و الحشرات و الحيوانات و الملائكة...وووو ...بينما الانسان وهبه الله العقل لكي يعيد به ترتيب أولوياته و سلوكه ... و رغم ذلك فانه و منذ خلقه قبل منذ ملايين السنين ما زال يحاول ان يتعلم ... لكنه ما يزال يخطأ... و يمارس النفاق و يقتل لعله ينتصر على خطيئة القبول بالأمانة ... ( سورة الأحزاب: 72)...
في الثقافة العام يعتبر ربط سلوكياتنا الوحشية مع عالم الحيوان دليلاً واضحاً على عنجهيتنا و استهتارنا بقيمة الحيوان ... و يتم ذلك وفق معيار "تفوقنا العقلي" و ليس وفق معيار قيمة العدالة التي ندعي اننا ننشد تحقيقها.... كما ان إجلالنا لصورة الملائكة يستند فقط الى الصورة الذهنية القادمة من الكتب المقدسة ... و لو كانت الملائكة ظاهرة لنا و كان يمكننا رؤيتها و لمسها لتعاملنا معها بشكل اشد بؤساً من تعاملنا مع الحيوان و النبات و الارض ... لاننا ببساطة نعتبر ان العقل البشري قد استحوذ على الحق المطلق في الاعلوية على كل الكائنات (طبعا ايضا بين الناس أنفسهم وفق معايير اقتصادية و سياسية و اجتماعية )...
لا شك ان قدرة العقل هائلة في خلق الدوافع و ايجاد التبريرات .. بل و خلق التفسير و التأويل لإعطاء السلوكيات المختلفة قيمة اخلاقية مرتبطة بمركبات قيمية خارجة عن امكانية الانسان العادي على التحقيق من أمره ... او قيمة نفعية مرتبطة بحاجة الانسان الفعلية او الإسترتيجية ...
العقل و العقلانية و "احسن تقويم" كلها رموز تخدم التصور الطاغي عن مركزية الانسان في الكون Homocentrism.... هذه المركزية تشكل الأساس في تعامل الانسان مع الكائنات الاخرى ... ليس على أساس "شركاء" على الارض و في الكون و إنما باعتبار كل شيء في الكون مسخر لخدمة الانسان ..!!... لان الشراكة بلا شك تخلق التوازن بينما مفهوم التسخير يفتح باب الاستغلال المفتوح لكل شيء حيث لا حكم سوى عقل الانسان نفسه...
على أساس ذات الهيمنة العقلية جرى التفريق بين بني البشر ... تاريخيا جرى اعتبار المرأة رمزا للاغواء بعقل الرجل و دفعه الى ارتكاب الخطيئة... و هكذا تم اخراج المرأة من "قوم العقلاء".... ثم تم التفريق على اللون و القوى الجسمانية فكانت مركزية الانسان الأبيض ... و بين هذا و ذاك تم اخراج الفقراء و الضعفاء و المرضى و المنتمين الى هذا العرق و هذا الدين و هذا التاريخ و هذه الجغرافية وووووو... و ظهرت فئة IQ مقياساً للنخبة العاقلة ... و هكذا
الان يمكننا ان نتسائل:... لو كان العقل البشري يمتلك حتى جزءاً بسيطا من القدرة الهائلة لاية حشرة او جرثومة او فيروس في الحركة و التغيير و التاثير ... هل كان يستطيع كبح جماح طموحه في القضاء على مبدأ الحياة ذاتها و ليس فقط على بعض الكائنات و الموارد وووو..كما فعل الڤايروس الثائر كورونا..؟؟..
سنتابع في مقالة قادمة حول كورونا و القيم المجتمعية .... حبي للجميع
#اكرم_هواس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كورونا... صيام آخر..؟؟..1
-
المرأة و الحديد.. هل يلتقيان..؟؟!!..
-
مخيال... عالم ما بعد الشيطان....!!..
-
الثورة -العفوية-...!!!.،
-
-الانسان الإله- و عقلانية الحرب...1
-
أوراق بغداد...2
-
تضخم الأحادية... سريالية الأنا الممتدة..
-
أوراق بغداد...1
-
الجزائر ... تفكيك الاحجية..؟؟...2
-
الجزائر ... تفكيك الاحجية..؟؟...1
-
العراق و عولمة الفساد ... هل من حل..؟؟..
-
مصر ..أفريقيا .. و التنمية المستدامة: معادلة تتبلور ...2
-
مصر ..أفريقيا .. و التنمية المستدامة: معادلة تتبلور ...1
-
يمشي و يحمل جرحه معه...
-
عودة الفكر الإمبراطوري ..2
-
الطبقة الوسطى: الثورة و الحكم و شرعة الفساد ..1
-
العراق... ثورة جياع ..ام استراتيجيات كبرى..؟؟؟..
-
انتخابات فوضوية ... او حرب مياه..؟؟؟..
-
مارتن لوثر كنج... و حلم المساواة
-
عفرين... و موسم الجينوسايد الكوردي ..
المزيد.....
-
لأول مرة منذ 9 أشهر.. شاهد إجلاء مرضى فلسطينيين عبر معبر رفح
...
-
السيسي لترمب.. لا لتهجير الفلسطينيين
-
نتنياهو يتوجه إلى الولايات المتحدة ليكون أول رئيس يلتقي ترام
...
-
-د ب أ-: منظمة الشباب التابعة لحزب -البديل من أجل ألمانيا- ت
...
-
صربيا.. المحتجون يغلقون الجسور عبر نهر الدانوب في مدينة نوفي
...
-
اكتمال تثبيت قلب مفاعل الوحدة الثالثة في محطة -أكويو- النووي
...
-
بعد سحب منتجات كوكاكولا مؤخرا.. إليكم تأثيراتها على الجسم!
-
هل تعاني من حرقة المعدة أو الارتجاع بعد شرب القهوة؟.. إليك ا
...
-
مشاهد للقاء الأسير الإسرائيلي الأمريكي كيث سيغال مع بناته
-
ظاهرة غامضة تتسبب في سقوط شعر جماعي لسكان إحدى ولايات الهند
...
المزيد.....
-
الآثار القانونية الناتجة عن تلقي اللقاحات التجريبية المضادة
...
/ محمد أوبالاك
-
جائحة الرأسمالية، فيروس كورونا والأزمة الاقتصادية
/ اريك توسان
-
الرواسب الثقافية وأساليب التعامل مع المرض في صعيد مصر فيروس
...
/ الفنجري أحمد محمد محمد
-
التعاون الدولي في زمن -كوفيد-19-
/ محمد أوبالاك
المزيد.....
|