|
الأشرار الأربعة: يوسف زيدان، يوسف الصدّيق، محمد عابد الجابري، ومحمد الطالبي
سامي الذيب
(Sami Aldeeb)
الحوار المتمدن-العدد: 6562 - 2020 / 5 / 12 - 17:02
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الأستاذ الدكتور محمد المزوغي تونسي مقيم بإيطاليا، درس الفلسفة بجامعة غريغوريانا ـ روما، تحصّل على شهادة الدكتوراه بأطروحة عنوانها: نهاية الميتافيزيقا وعودة الخطاب الديني في فكر جياني فاتيمو. شَغل كرسي الفلسفة بالمعهد البابوي للدراسات العربية، وله العديد من الكتب والمقالات في الفلسفة والأديان. -------- صدر له عن الدار الليبرالية في سوريا كتاب عنونه في ضلال الأديان وهذا الكتاب سوف يجلب الصداع لكثيرين وقد جاء في نهاية مقدمة الكتاب الهدف الذي يسعى اليه مؤلفه: الغرض من هذا العمل ليس الدفاع عن أيّ دين من الأديان التوحيدية وإنما تفكيك خطاباتها ووضْعها على مشرحة التّمحيص الفلسفي، وخصوصا نقد المفكرين الذين يَتحيّزون إليها، وإظهار تهافُتهم الفكري الفظيع، والكَشف عن المنعرجات الخطيرة التي تنجرّ بالضرورة عن أطروحاتهم الطائفية الهدّامة، والتنبيه على خطرهم على التعايش السلمي بين أبناء الوطن الواحد، وبالتالي سَحْقهم وسَحق أديانهم معهم. . وقد كرس الجزء الأكبر من هذا الكتاب لسحق فكر اربعة من أشرار مجتمعنا: يوسف زيدان يوسف الصدّيق محمد عابد الجابري ومحمد الطالبي . حال ما استلمت الكتاب سارعت بقراءته. وكم صدمت عندما اطلعت على ما تتضمنه كتابات هؤلاء "المفكرين" الذين كسبوا شهرة كبيرة في مجتمعنا وأفسدوا عقول الآلاف من شبابنا لفد كنت اعلم بعضًا مما قالوه وكتبوه، ولكني لم اتعمق فيما كتبوه. فسقطوا من عيني وتبين لي مدى السموم التي نثروها في مجتمعنا. . وحال انتهائي من قراءة الكتاب إتصلت بمؤلفه وعيّرته بشدة لعدم توفير ما يكتب لقراء العربية. فهو مؤلف غزير وعميق ولكن كتاباته لم تلقى الإنتشار الذي تستحقه والمؤلف يعد حاليا كتابا يعتبره تتويجا لأعماله تحت عنوان "مخاريق الأنبياء". والكل يعلم انه عنوان كتاب للفيلسوف والطبيب ابو زكريا الرازي، الذي فقد ولم يبقى منه فقرات ضمن كتابات معارضيه. وحقيقة الأمر، لي اتصال يكاد يكون يوميًا مع محمد المزوغي، نتبادل خلاله اطراف الحديث ونتناقش في مواضيع شتة، ويعرض علي آخر ما دونه في كتابه هذا. واحثه في كل مرة لكي ينهي من كتابه ويسرع في نشره وتوزيعه. وقد ذكرت له في آخر ما كتبته له قول السيد المسيح ما من أحد يوقد سراجا ويضعه في مخبأ أو تحت المكيال، بل على المنارة، ليستضيء به الداخلون (لوقا 11: 33). . وبما أن محمد المزوغي يتقن الكتابة والتحليل، فأنه قليل الحظ في نشر أفكاره. ولذلك أخذت على عاتقي التعريف بكتاباته. وبعد نقاش طويل يتخلله عتب شديد، سمح لي أن اقوم بهذه المهمة. وقد قمت أولا بنشر شريط عن كتاب نشره لدى الدار الليبرالية عنوانه بيار بايل: "محمد"، مقال مقتطف من القاموس التاريخي النقدي ترجمة محمد المزوغي أنظروا شريطي https://youtu.be/a47xSd4YzP8 وقد سمح لي أن انقل لكم بعض ما جاء في كتابه المعنون: في ضلال الأديان، خاصة الصفحات التي سحق فيها الأشرار الأربعة: يوسف زيدان، يوسف الصدّيق، محمد عابد الجابري، ومحمد الطالبي وسوف أبدا بمقدمة الكتاب:
مقدمة كتاب قي ضلال الأديان ----------
كيف تكون الأديان ضَالّة ومُضِلّة وهي التي من المفروض أن تكون، بحسب منطق المتديّنين، هادية للأخلاق الحميدة ولحُسن السيرة؟ لسبب بسيط، واقعيّ ومباشر، وهو أن الأديان لم تَجْلب للبشرية إلا العداوات والحروب، ولم تُفرز إلاّ طغاة وإجراميّين، فتاريخها لم يَخلُ من سفك للدماء، منذ نشأتها الأولى إلى يومنا هذا . إنّ العنف الثاوي في تعاليمها دفع العديد من الفلاسفة إلى اعتبار الأديان منظومة كُلّيانية، مُتهافتة، شرّيرة ولا أخلاقية. أن تكون متهافتة يكفي إلقاء نظرة فاحصة على كُتُبها "المقدسة"، ووضْع تعاليمها اللاهوتية على محكّ العقل؛ شرّيرة لأنها متعصّبة، إقصائية وعنيفة؛ لا أخلاقية لأنها مناهضة للطبيعة البشرية، معدومة الفضائل وخالية من المبادئ الكونيّة المُشتركة؛ لا تعتَرف بالإنسان كقيمة في ذاته ولذاته، وإنما تُلحقه بالإله، كما يتصوّره المؤمنون، وإله المؤمنين، هو أكبر سفسطائي وشرّير في العالم.
فعلا، طبقا لجدليّة الأديان، الله تكلم بشكل مختلف لكل شعب من شعوب الأرض، وبسبب هذا الاختلاف شتّتَ الجنس البشري بدل أن يوحّده: فالهندي لا يَعتقد في كلمة واحدة مما قاله الله للصّيني؛ المسلم يَعتبِر حماقات كل ما قاله الله للمسيحي؛ اليهودي يرى، سواء في المسلم أو المسيحي، مُفسدان ومُدنّسان للشريعة المقدسة التي أعطاها الله لآبائه؛ المسيحي، مُستكبرا بوَحْيه الجديد، يَلْعَن الهندي والصيني والمسلم وحتى اليهودي، الذي يتبنّى كتابه المقدس . وهذا في رأينا دليل على أن الأديان لا تصدر من أيّ قوّة متعالية وإنما هي صناعة بشرية محض؛ بل هي اختراعُ صِنفٍ من البشر ماكرين وشرّيرين، لا يحبّون لها الخير، ولا يرغبون في صلاحها وإنما يريدون هلاكها وجرّها للدمار الذاتي. كيف لا وهم يزعمون أن الحقيقة والصدق والقداسة مَوكولة إليهم وحدهم، ومَودوعة في كتبهم وأن الآخرين في أتمّ الضلال؟
إن هذه المفارقة لم تَخْف على قدماء العقلانيين في العالم العربي كأبي بكر الرازي الذي تَحدّى مؤمني الأديان وسألَهم: «مِن أين أَوْجَبْتم أن الله اختصّ قوما بالنّبوة دون قوم وفضّلهم على الناس وجعلهم أدلّة لهم وأحوجَ الناس إليهم؟ ومِن أين أجزتُم في حِكمةِ الحكيمِ أن يَختار لَهُم ذلك ويُشلِي بعضهم على بعض ويؤكد بينهم العداوات ويُكثر المحاربات ويهلك بذلك الناس؟ ».
ولا يَخدعنا قولهم بأن الله هو الذي أمرَ بذلك وقرّره منذ الأزل، لأن ما يقولونه هو إهانة لله وطعنٌ في قدرته المطلقة، فهُم يُصعِّدون شرورهم إلى السماء ويُلقون بجنونهم على الله. يزعمون، مبدئيا، أن الله عليم حكيم، لكن في الواقع هو مُغفّل وجَهول لأنه لو كان حكيما، يقول الرازي، لألْهمَ عباده أجمعين «مَعرفة مَنافعهم ومَضارّهم في عاجلهم وآجلهم؛ فلا يُفضّل بعضهم على بعض ولا يكون بينهم تنازع ولا اختلاف فيهلكوا. وذلك أحْوَط لهم من أن يجعل بعضهم أئمّة لبعض؛ فتُصدّق كلُّ فرقة إمامها وتكذِّب غيره، ويضرب بعضهم وُجُوهَ بعض بالسّيف، ويعمّ البلاء ويهلكون بالتعادي والمُجاذبات، وقد هلك بذلك كثير من الناس كما نرى ».
صحيح، لقد هلك كثير من الناس بسبب الأديان، والتاريخ البعيد شاهد على ذلك، ولكن التاريخ القريب والراهن أيضا لا يقلّ مأساة عن السابق، فهو يُقدّم لنا يوميّا مَشاهدَ فظيعة تَصَدّر فيها المسلمون الساحة العالمية بعُدوانيّتهم الشاملة واضطهادهم لأهل الأديان الأخرى، خصوصا للمسيحيين، وامتدّت لتشمل حتى الفِرق الإسلامية المخالفة.
نحن لا نُنكر أنّ قوى خارجية، معروفة بتاريخها الاجرامي، لها يد في إثارة النعرات الطائفية وإذكاء الحرب الأهلية، كي يتسنّى لها تقسيم العالم العربي على أسس طائفية عرقية، كما حدث في السودان والعراق. لكن جذور الفتنة موجودة بالقوّة في الدين، ولولا وجودها لما استطاع المُتآمِرُ النّبش عليها واستخراجها من النصوص "المقدسة"، وإعادة غرسها في أذهان المسلمين.
والمثقفون العرب المحدثون، المَحسوبون على العلمانية والعقلانية والانفتاح، كيف واجهوا هذه القضية المَصيريّة؟ البعض بِتَراخٍ تامّ أو بلامبالاة حتّى، والبعض الآخر بتحيُّز للموروث الديني الذي نشؤوا فيه، حيث إن عِلمانيّتهم وعقلانيّتهم لم تَمنعهم من التهجّم على الأديان الأخرى، واتّهامها بالكذب والتحريف والرذيلة، وإعلان الحرب عليها وعلى أتباعها. وقد ركّزوا حربهم خصوصا على المسيحية ـ (وجانبيّا اليهودية) ـ وعلى معتقداتها ورموزها الدينية وكتابها المقدس. لم يُجابهوها من وجهة نظر عقلانية، لأن العقل يُكذّب الأديان كلّها، ولكن من موقع تقديسي ذاتي، يعني بالاعتماد على التراث الإسلامي، وعلى القرآن بالدرجة الأولى. فهُمْ غالبا ما يستخدمون في مُماحكاتهم ضد أهل الأديان كلمات عنيفة وتوصيفات مُهينة، من قبيل: المغضوب عليهم؛ الضالين؛ أهل الشرك؛ عبّاد الصليب؛ مُحرّفي الكتب؛ ... الخ.
لا يخفى على أحد خطورة هذا المنحى الجدالي وانعكاساته السلبية على المجتمعات العربية، خصوصا إذا جاءه الدّعم من طرف كُتّاب وفلاسفة ومؤرخين علمانيين حداثيّين ذوي شهرة عالية في الأوساط الثقافية العربية والعالمية.
ولكي أتقاسم مع القارئ الوعي بهذه المسألة المحورية فقد اخترتُ من بين هؤلاء المفكرين العرب المحدثين أربعة: يوسف زيدان، يوسف الصدّيق، محمد عابد الجابري، ومحمد الطالبي، ولكنني لم أجد في الجهة المقابلة، مفكّرين عرب مَرموقين، (من خلفية مسيحية) شنّوا حملة انتقاد وتجريح على الإسلام وقرآنه ونبيّه، كما فعل المسلمون مع المسيحية. ولِسَدّ هذه الثغرة التجأتُ إلى نصوص مُجادلين عرب وغربيّين قدماء، اخترتُ منهم أربعة، وهم على التّوالي: ثيودور أبو قرّة، عبد المسيح الكندي، ريكولدو دي مونتيكروتشي، وفيليب كوادانيولو.
الغرض من هذا العمل ليس الدفاع عن أيّ دين من الأديان التوحيدية وإنما تفكيك خطاباتها ووضْعها على مشرحة التّمحيص الفلسفي، وخصوصا نقد المفكرين الذين يَتحيّزون إليها، وإظهار تهافُتهم الفكري الفظيع، والكَشف عن المنعرجات الخطيرة التي تنجرّ بالضرورة عن أطروحاتهم الطائفية الهدّامة، والتنبيه على خطرهم على التعايش السلمي بين أبناء الوطن الواحد، وبالتالي سَحْقهم وسَحق أديانهم معهم.
----------
للحصول على كتب الدار الليبرالية يمكن إرسال رسالة لرقم الواتس أب الخاص بالكتب لتصلكم كل الآخبار وآخر ما نشر بشكل دوري الرقم : 0950598503 للقراء خارج سوريا لاسيما في الدول الأوروبية أصبح بالإمكان طلب كتب الليبرالية عن طريق موقع صفحات ناشرون السويد https://www.safahat-publishers.com/product-tag/dar-lebralye/ -------- مدير مركز القانون العربي والإسلامي http://www.sami-aldeeb.com طبعتي العربية وترجمتي الفرنسية والإنكليزية والإيطالية للقرآن بالتسلسل التاريخي وكتابي الأخطاء اللغوية في القرآن وكتبي الأخرى: https://sami-aldeeb.com/livres-books
#سامي_الذيب (هاشتاغ)
Sami_Aldeeb#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عزيزي المسلم 4: ثقافة القطيع
-
نزلاء العصفورية
-
هل هناك أخطاء لغوية في القرآن؟
-
عزيزي المسلم 2: تجربة فكرية
-
تحريف القرآن
-
عزيزي المسلم 2: تبادل الخرافة
-
عزيزي المسلم 1: جغرافيا المسلم
-
ردي على مسلم غيور: اتمنى لك خروجًا سريعًا من سجن الإسلام
-
من هو مؤلف القرآن؟
-
لماذا لا ينشر المسلمون القرآن بالتسلسل التاريخي؟
-
هل عاد احمد حرقان للإسلام؟ ولماذا؟
-
لا سلام للأشرار (اشعياء 48: 22)
-
كتب: فقدت الحياة معناها
-
تبرير النسخ عند المفسرين المسلمين
-
تشنج مسيحي أمام النسخ في اليهودية والمسيحية
-
الناسخ والمنسوخ في الإنجيل
-
الناسخ والمنسوخ في التوراة
-
النسخ في القانون الوضعي
-
الناسخ والمنسوخ في القرآن
-
مسيحي يوصي بدفنه في مقبرة مسلمة
المزيد.....
-
هآرتس: إيهود باراك مؤسس الشركة التي اخترقت تطبيق واتساب
-
الاحتلال يسلم عددا من الاسرى المحررين قرارات بالابعاد عن الم
...
-
هآرتس: الشركة التي اخترقت تطبيق واتساب أسسها إيهود باراك
-
السويد ترحل رجل دين ايراني دون تقديم توضيحات
-
10 أشخاص من الطائفة العلوية ضحايا مجزرة ارهابية وسط سوريا
-
الجنة الدولية للصليب الاحمر تتسلم الاسير الاسرائيلي كيث سيغا
...
-
الجنة الدولية للصليب الاحمر في خانيونس تتسلم الاسير الثاني
-
الجنة الدولية للصليب الاحمر في خانيونس تتسلم الاسير الاسرائي
...
-
إطلاق نار على قوات إسرائيلية في سوريا وجبهة المقاومة الإسلام
...
-
تردد قناة طيور الجنة الجديد بجودة HD على جميع الأقمار الصناع
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|