|
في ذكرى تأسيس الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 6560 - 2020 / 5 / 10 - 17:28
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بحلول العاشر من مايو 2020 ، تكون قد مرت سبعة أربعين سنة على تأسيس الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب . وإذا كان التأسيس محفوراً في ذاكرة من عاشوا ظروف التأسيس ، فان هذه الظروف تكاد تكون مجهولة بالنسبة للشباب الصحراوي الذي ازداد ونشأ في مخيمات اللاجئين ، بسبب الأيديولوجية والأسطوانة التي غرستها في أدمغتهم الهشة ، الأجهزة المخابراتية الجزائرية من مدنية وعسكرية ، حتى اصبح الحل الراسخ في ذهن هؤلاء هو الانفصال ، خدمة لمخططات النظام الجزائري الإقليمية ، التي لا علاقة لها بالقضية الصحراوية . وبالرجوع الى ظروف المرحلة ، فالشباب الصحراوي الذي سيبادر الى انشاء الجبهة في سنة 1973 ، هم مغاربة احرار كانوا يدرسون بكلية الحقوق ، وبكلية الآداب بالرباط ، وكانوا ينتمون الى الأحزاب المغربية ، وفي مقدمتها حزب " الاتحاد الوطني للقوات الشعبية " ، " حزب الاستقلال " ، " حزب التحرر والاشتراكية / الحزب الشيوعي المغربي " ، كما انّ منهم من انضم الى فصائل الحركة الماركسية المغربية ، وكلهم كانوا مناضلين في اطار المنظمة الطلابية المغربية " الاتحاد الوطني لطلبة المغرب " . ففي خضم الظروف التي كان يمر بها ، ومنها النظام المغربي ، حيث كان الصراع على اوجهه بين القصر ، وبين المعارضة التي كانت تعمل على نظام الجمهورية ، سيتبلور لدا الطلبة الصحراويين بقيادة الوالي مصطفى السيد ، فكرة تحرير الأقاليم الصحراوية من الاستعمار الاسباني ، لا بهدف انشاء دولة انفصالية ، بل كان التحرك من اجل استرجاعها الى المغرب . وحتى يُكوّنوا فكرة صائبة عمّا يمكن ان يحصل من تطورات ، بسبب رفعهم لشعار تحرير الصحراء ، وحتى يضعوا الطبقة السياسية المغربية امام سياسة الامر الواقع ، ويكشفوا زيفها الوطني ، قاموا بمبادرات اتصال مع زعماء الأحزاب السياسية المغربية ، وعلى رأسهم الأستاذ عبدالله إبراهيم ، وعبدالرحيم بوعبيد عن حزب " الاتحاد الوطني للقوات الشعبية " ، وعلال الفاسي عن " حزب الاستقلال " ، و علي يعتة عن " حزب التحرر والاشتراكية / الحزب الشيوعي المغربي " ، وابراهام السرفاتي عن " منظمة الى الامام " . الاتصالات هذه ، لم تسفر عن أي نتيجة إيجابية ، فمن جهة إنّ كل ( الزعماء ) اعتبروا قضية الصحراء هي قضية القصر ، وانّ لا دخل لهم فيها ، ومن جهة فان ابراهام السرفاتي ، فضل الاستمرار في الانكباب على مشروع جمهوريته الديمقراطية الشعبية ، بدل الاهتمام بقضية تحرير الصحراء . ان هذه المواقف المفضوحة لما يسمى بالنخبة السياسية الحزبية ، وهي مواقف لا تزال سارية الى الآن ، تبين جليا ، ان قضية الصحراء ليست فقط قضية نظام ، بل هي قضية جميع الأحزاب التي فوّضت للنظام امر معالجتها ، بما تفرضه معطيات الساحة الوطنية ، والإقليمية ، والدولية . وانّ اكبر دليل على هذا ، ان جميع الأحزاب تبارك وبدون نقاش ، مواقف الملك بخصوص الصحراء . فباستثناء حزب " النهج الديمقراطي " ، فان جميع الأحزاب كانت تقف مساندة ، ومدعمة لمواقف القصر بدون ابداء ملاحظات حتى ولو خجولة ، هكذا ستدعم الأحزاب اتفاق الاطار الذي اعده جميس بيكير ، ودعمت دعوة النظام لتنظيم الاستفتاء في سنة 1982 ، كما دعمت حل الحكم الذاتي في سنة 2007 ، وصفقت لاعتراف النظام بالجمهورية الصحراوية ، وفي سنة 1975 سيطبلون وسيصفقون ، لتوقيع النظام على اتفاقية مدريد الثلاثية التي قسمت الصحراء كغنيمة بين الرباط ، وبين نواكشوط ، ومدريد التي كانت حقوقها في الفوسفاط والاسماك ، والتخلي ، بل التنازل عن سبتة ، ومليلية ، والجزر الجعفرية . بعد الانتكاسة / الصدمة التي اصابت الشباب الصحراوي الثوري ، من مواقف زعماء جميع الأحزاب السياسية ، وبعد ان فهم الشباب الصحراوي تلك المواقف ، على انها بادرة خيانة ، شمّروا عن سواعدهم ، وقرروا التحرك بما يضمن التناقض الأساسي بين الاستعمار الاسباني ، وبين النظام المغربي ، حيث سيُنظّمون مظاهرة بموسم طانطان في سنة 1970 ، رفعت فيه شعارات تحرير الصحراء ، وتم توزيع مناشير تحُثُّ على المقاومة لاسترجاع الصحراء الى المغرب ، لا الى انفصالها . عند تنظيم المظاهرة سيتدخل النظام المغربي بقيادة الجنرال محمد افقير لقمعها ، وترتب عن ذلك اعتقالات طالت التحررين الذين تم رميهم في السجون . لقد كان رد فعل النظام من المظاهرة ، خطأ استراتيجيا أدى بالشباب الصحراوي الذي عانى من ظروف الاعتقال ، ومن السجون ، الى طرح مبادرة تجمع بين التحرير وبين الديمقراطية . وهنا سيتم التنسيق مع اطر المقاومة وجيش التحرير المرابطين بالجزائر ، وبمبادرة من الفقيه محمد البصري ، وعبدالفتاح سباطة ، ومولاي عبدالسلام الجبلي .. ومقاومين آخرين ، سيتم تأسيس الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب ، وكانت الغاية من ذلك ، من جهة توظيف الجبهة التي أصبحت مسلحة من تحرير الصحراء ( التحرير ) ، ومن جهة توظيفها كتناقض مع النظام الذي كانوا يخططون لقلبه من اجل نظام الجمهورية البرلمانية ( الديمقراطية ) ، وهنا نذكر بالترابط الجدلي بين تأسيس الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء وواد الذهب في سنة 1973 ، وبين حركة 3 مارس المسلحة في نفس السنة 1973 التي كانت متمركزة في الجزائر ، و المعروفة بأحداث خنيفرة مولاي بوعزة ، وبمشاركة جناح من الحركة برئاسة الفقيه محمد البصري في انقلاب الطائرة الملكية في سنة 1972 ، وقد عجل بالتأسيس ، أي تأسيس جبهة البوليساريو ، وحركة 3 مارس ، اختطاف الضباط ، وضباط الصف ، والجنود الإنقلابيين في صيف 1973 من السجن المركزي بالقنيطرة الى سجن " تزمامارت " الرهيب ، بقيادة القبطان حميدو لعنگري الذي سيصبح جنرالا مديرا للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني ، ومديرا عاما للمديرية العامة للأمن الوطني ، ومفتشا عاما للمفتشية العامة للقوات المساعدة ... وعندما طرح النظام قضية الصحراء كخلاص من النفق السياسي الذي كاد ان يخنقه ، لان رأسه كان مطلوبا ، نجح بطرحه قضية الصحراء ، في استقطاب المعارضة الراديكالية التي انتقلت من مطلب الجمهورية ، الى مطلب اقتسام الحكم ، ولينتهي بها الزمن بعد سنوات ، وبعد ان تم افراغها من مضمونها ، الى مهرولين فقط للمشاركة في الحكومة ، وليس في الحكم الذي ظل بيد الملك . أدى التوقيع على اتفاقية مدريد التي قسمت الصحراء كغنيمة ، الى اثارة النعرة الجزائرية التي لعب وزير الخارجية الأمريكي السابق هنري كيسينجر ، دورا في الدفع بها ، كتناقض يستجدي نصيبه من الكعكعة . هكذا وبعد ان كان طرفا النزاع نواكشوط والرباط ، ستصبح الجزائر طرفا فاعلا ، ولا عبا أساسيا في الصراع الدائر بالمنطقة ، وتطور المسلسل الى التدخل المباشر للجيش الجزائري بأمغالا ، وبتهجير الصحراويين الى تندوف ، لاستعمالهم كدروع وشماعة ، تستجدي بهم الجزائر المنظمات الدولية ، لخدمة مصالح الجزائر الإقليمية ، باسم الصحراويين الكمبراس في الصراع . فماذا حققت جبهة البوليساريو بعد استقطابها من قبل نظام الهواري بومدين ، وبدعم قوي ومباشر من قبل معمر القدافي ؟ في بداية النزاع المسلح ، وبفعل تدخل قوات اجنبية ، بسبب التخندق الذي املته وتحكمت فيه الحرب الباردة ، ونزوع افريقيا الى التحرر من الاستعمار ، نجحت البوليساريو في حصاد دعم دولي كانت تتزعمه الكتلة الاشتراكية العالمية ( اوربة الشرقية والاتحاد السوفياتي ) ، وبعض الدول العربية كليبيا ، اليمن الجنوبي ، الجزائر ، سورية ، منظمة التحرير الفلسطينية .... وقد تزامن هذا النجاح مع الدخول في حرب ضروس خلفت مآسي ونتائج كارثية على شعوب المنطقة ، كما ركزت كل مجهودات الدول المتصارعة على اقتصاد الحرب ، وتعطيل التنمية المدنية من اقتصادية واجتماعية ، مما اثر على الوضع الداخلي للأنظمة السياسية ، فالجزائر ستشهد ثورة شعبية في بداية الثمانينات ، والنظام المغربي تعرض لعدة هزات كادت ان تقطف رأسه . لكن كل هذه الإنجازات التي تحققت طيلة ستة عشر سنة من الحرب ، سيتم الانقلاب عليها عندما وافقت قيادة الجبهة ، وبموافقة الجزائر على وقف اطلاق النار الموقع في سنة 1991 بين الجانبين ، وتحت الأشراف المباشر للأمم المتحدة ، ومجلس الامن . ان أطماع الجزائر بالوصول الى مياه المحيط الأطلسي لم تبق من ضروب الخيال ، بل أضحت مسألة وقت ، لان الضامن لنتائج اتفاق وقف اطلاق النار تبقى الأمم المتحدة ، وبما ان الهدف الرئيسي هو تنظيم الاستفتاء الذي خلق له الاتفاق " هيئة الأمم المتحدة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية " ، فانتظار تنظيم تقرير مصير الصحراويين لم يكن يتجاوز سنة 1992 ، او 1993 ، وفي ابعد الحالات 1994 . لكن ما غاب عن النظام الجزائري ، وليس الجبهة التي تخضع للدولة الجزائرية ، ان عدم الالتزام بالتعهدات في القضايا الثانوية مثل قضية الصحراء ، ليس مهما بالنسبة للدول الكبرى المسيطرة على مجلس الامن ، وما دام ان هدف هؤلاء ، هو اللعب على الوقت بتمديد النزاع الى اقصى مسافة ممكنة ، بغية التحكم في المنطقة ، بهدف استنزاف الأنظمة ، خاصة الحلقة الضعيفة في المعادلة التي هي النظام المغربي . فهل كان على مجلس الامن ان يغمض عينيه ، لو كان الخروج عن نص الاتفاق الموقع ، وتحت اشرافه يتعلق بنزاع جيو – استراتيجي له علاقة بالغاز او البترول ، او بإحدى الصناعات الاستراتيجية كصناعة النحاس التي تسببت في قلب نظام سلفادور اليندي بالشيلي ؟ فنزاع الصحراء رغم انه جاوز خمسة وأربعين سنة ، فهو يكاد يكون من النزاعات المنسية التي تهتم بها الأمم المتحدة من خلال اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار مرة واحدة في السنة ، او مجلس الامن في دورته التي يعقدها كل شهر ابريل من سنة ، والتي أصبحت دورتين في السنة ، هي شهر ابريل وشهر أكتوبر، قبل ان تعود مرة أخرى الى شهر ابريل ، وهذا دليل ساطع ان الأمم المتحدة ، ومجلس الامن لا يعيرون ادنى أهمية للنظامين المغربي والجزائري ، ومنهما جبهة البوليساريو . فما دام ان النزاع يكبل الأنظمة ويستنزفها ، ويعطل وحدة الشعوب ، ويعرقل أي مشروع وحدة اندماجية ، ويضع العصا في عجلة التنمية المعطوبة اصلا ، فمجلس الامن غير متعجل من امره ، لتسريع حل قد يتناقض مع المشروع الغربي الذي يضع المنطقة تحت المراقبة ، والسيطرة . لذا ومنذ التوقيع على وقف اطلاق النار في سنة 1991 ، ومع مرور السنوات كلها عجاف ، ودامت اكثر من تسعة وعشرين سنة ، ولم يتحقق الهدف الذي أنشأت من اجله المينورسو ، الذي هو الاستفتاء ، حتى دب اليأس والملل الجبهة ، ودب الإحباط وسط الصحراويين الذي ملوا العيش لأزيد من خمسة وأربعين سنة بتندوف ، وتحت السلطة المباشرة لعسكر الجزائر ومخابراتها . والسؤال هنا : من يتحكم في هيكلة الجبهة ؟ من يتحكم في شكليات المؤتمرات ، كالمؤتمر الوطني الرابع عشر والخامس عشر الاخير للبوليساريو ؟ من يمول الجبهة بالمحروقات ، بسيارات النقل العسكرية ؟ من يزودها بالأسلحة ، من دبابات ، ومزنجرات ، وصواريخ مضادة للطائرات ، وللدروع والدبابات ؟ من يشرف على تمويل السوق الغذائي بالمخيمات .....لخ . وبما ان وضع الجبهة مرهون بالنظام الجزائري ، فهي تكون تابعة كمديرية سياسية لوزارة الخارجية الجزائرية ، وتكون من خلال الاشراف على الامن ، بمثابة مديرية بوليسية من المديريات التي تتكون منها المديرية العامة للأمن الجزائري ، وكمنظمة شبه مسلحة ، فهي عبارة عن طابور ملحق بالجيش الجزائري ، الذي كان المسؤول الوحيد عن كل هجمات الجبهة في سبعينات ، وثمانيات القرن الماضي . وبعد ان تخلت على الكفاح المسلح في سنة 1991 ، ومع مرور السنين ، تحولت الجبهة الى ما يشبه حزبا ، او منظمة سياسية تتقن الثرثرة ، والاطناب في الكلام ، وأصبحت تغويها المظاهر والبروتوكلات ، معتقدة انها بهذا التباهي الطاووسي ، تكون قد حققت النجاح في اعتراف الدول بها ، في حين ان الواقع ينطق بعكس ما تتخيله القيادة اليمينية الفاشلة . وبما ان الحكم على اية تجربة يكون مرهونا بتقييم الحصيلة والنتيجة ، فان القاء نظرة ولو بسيطة عن الوضع الحالي للجبهة ، والمآل المؤسف الذي انتهت اليه تنظيميا ، حيث اصبح واضحا تحكم النظام الجزائري في كل تحركاتها ، هو انقلاب الصورة بشكل معكوس ، من منظمة حققت نتائج إيجابية ، وكادت ان تربك الأنظمة التي كانت مهددة بالسقوط ، بفضل ستة عشر سنة من الكفاح المسلح ، الى منظمة أضحت عالة على الصحراويين الذي ملّوا من انتهازيتها ، وانتظاريتها ، واكاذيبها ، واسترسالها بدون خجل في تحويل الهزائم الى نصر ، بل واتقان دفن الرأس في الرمال ، في كل مرة واجهت مشكلة ، او افتضح امرها ، او تفاجئت بشيء جديد لم تكن تتوقعه ، كقرار اجتماع الإحاطة الأخير لمجلس الامن ، الذي قضى على كل احلامها التي كانت متوقعة ، واضحت مجرد سرابا . هكذا وامام التغيير الذي ستقبل عليه الجزائر فيما إذا نجح الشعب الجزائري في بناء جمهورية جديدة ، جمهورية الشعب بعد القضاء على Le monstre coronavirus ، وامام الشعارات التي تم رفعها من قبل الحراكيين تطالب بطرد جبهة البوليساريو ، تطور الامر داخل المخيمات ، التي بدأت تشهد انتفاضات شعبية ضد القيادة ، وضد نظام القبيلة ، ورافضة للمزيد من العيش بالملاجئ بتندوف ، مع ضنك العيش ، وقلة الشيء ، وهو ما تم تفسيره بانقلاب الصورة لرسم أخرى معبرة عن حقيقة المعاناة التي يعاني منها الصحراويون طيلة خمسة وأربعين سنة مضت . ومما زاد في ارباك وضع الجبهة ، انها أضحت موضوع تجادب وتنافس ، بين سياسيي قصر المرادية ، وصقور جبهة التحرير الوطني الذين حاولا توريطها في الحراك الشعبي الجزائري المستمر ، وجنرالات الجيش الذين بعد ان اكتشفوا المخطط ، حتى اتخذوا إجراءات صارمة تضيق اكثر من تنقلات الصحراويين بين المخيمات ، وبين المخيمات والأراضي الواقعة خارج الجدار، وهي التي يسمونها بالأراضي المحررة ، أي وضع المخيمات هو تحت حصار الجيش الجزائري .. الآن قضية الصحراء ، وقيادة الجبهة محاصران بالجزائر ، والقيادة لم يعد لها أي تجاوب مع الجنرالات ، الذين لم يعيروها أي اهتمام ، في قضية الصحراوي احمد خليل الذي لفظ أنفاسه تحت التعذيب ، واصبح وجود الجبهة ليس فقط عالة على الصحراويين ، بل اصبح عالة حتى على الجزائر التي ضاقت درعا من وجودها بتندوف طيلة خمسة وأربعين سنة مضت . فبسبب احتجاجات الشارع الجزائري ، انقسم على نفسه النظام الحاكم في الجزائر بخصوص تحديد موقفه من الجبهة ، الى ثلاثة تيارات متناقضة ، واحد داعم لمافيا الجيش ولقصر المرادية ، والثاني مدعم للحراك ومعادي لتيار المافيا ، وتيار ثالث غير مؤثر ويتكون من المرجئة الذين ينتظرون الفرصة لمغادرة الجزائر ، الشيء الذي جعل التيار المؤيد ظاهريا للحراك يهدد بالكشف عن حقائق تخص العلاقة بين تبذير المال العام ، والدفاع عن قضية الصحراء الغربية ، والغريب المفاجئة ، انّ هذا التيار يترأسه الراحل القايد صالح ، وبعده عبدالمجيد تبون الذي يقف وراء تقنين خروج الصحراويين خارج المخيمات ، متضرعا بحجة كورونا ، وبحجة تهريب المحروقات لتبرير القرار المنع ، في حين ان سبب قرار المنع الحقيقي هو الحيلولة دون فرار الصحراويين ، ومنعهم من الالتحاق بالمغرب ، ومن جهة منع أي تواصل بين الصحراويين ، وبين الحراكيين الجزائريين ، ومنع التواصل بين قصر المرادية وقيادة الجبهة الصحراوية ، حتى لا يتم أي اقحام للصحراويين في حراك الشعب الجزائري المتوقف بسبب كورونا . كل هذه المعطيات ، إضافة الى الاتجار في المخدرات ، تشاركتْ لتسبب غضب المؤسسة العسكرية الجزائرية على القيادة اليمينية الصحراوية ، والمحاصرة ، التي قررت تقنين الولوج الى تلك المناطق ومراقبة حركة الدخول والخروج منها ، أي ان المخيمات اليوم أصبحت عبارة عن سجن كبير للاجئين الصحراويين . وامام عجز القيادة اليمينية الصحراوية رفع تلك القيود عن حركية الصحراويين ، وامام الفشل الذي أصاب الجبهة منذ تطليقها الكفاح المسلح ، وامام التطورات السلبية التي طرأت على وضع الجبهة ، بانتقالها من الكفاح المسلح الذي كاد ان يعطي نتائج ، الى وضع انتظاري دام تسعة وعشرين سنة خلت ، وامام الهزيمة المدوية على جميع الأصعدة ، وخاصة الأممية التي انهاها مجلس الامن بقرار اجتماع الإحاطة الأخير ، سيكون على الصحراويين النضال ضد القيادة اليمينية التي تلاعبت بهم ، وباعتهم الأوهام من اجل التمسك ، والتشبث بالسلطة طيلة المدة التي أعقبت اتفاق وقف اطلاق النار في سنة 1991 ، وضد قرارات جنرالات الجزائر الغير الإنسانية ، بسبب الوضع المزري في المخيمات ، ونقص انْ لم نقل انتفاء المواد الأولية ، وغياب مجالات تشغيل الشباب ، وحتى لا يكون الصحراويون ضحية التغييرات السياسية بالجزائر ، وضحية ضعف القيادة اليمينية التي تعيش في بحبوحة نعيم ، لا تتوفر للصحراويين بملاجئ تندوف . ان الحل الذي على صحراويي المخيمات العمل من اجله ، هو القيام بانتفاضة تحتية وشعبية عارمة ، ضد القيادة اليمينية للجبهة ، وضد قمع جنرالات الجيش الجزائري ، وان تكون الهبّة قوية للحسم مع الترقيع ، والانكفائية ، والانتظارية القاتلة . ان الانتصار على القيادة المرتهنة لعسكر الجزائر لا يتحقق ، الا بانتصار الشباب الصحراوي على الأوهام والاحلام ، والنظر الى الواقع نظرة نقدية وجدلية ، تأخذ بعين الاعتبار التحولات الدولية القادمة ، بعد ان كانت ثلاثون سنة من سنة 1991 سنوات عجاف : 1 ) التسليم بالتغيير الحاصل بشكل ارتدادي منذ تطليق الكفاح المسلح في سنة 1991 ، والارتماء في المفاوضات من اجل المفاوضات ، وهي المفاوضات التي مآلها الفشل دائما . وهنا فالقرار يجب ان يكون جريئا ، والذي لن يكون غير العودة بدون شروط الى المغرب ، لان الطرف المنتصر هو من يملي شروطه . 2 ) التسليم باقتراح النظام المغربي والذي لن يتجاوز حل الحكم الذاتي طبقا للمعايير الدولية ، وليس طبقا لما يريده النظام المغربي . 3 ) العودة الى الكفاح المسلح ، بعد ان طلقوه منذ تسعة وعشرين سنة خلت . وهنا يجب الاخذ بعين الاعتبار ، التحول العميق الذي طرأ على الجيوش ، من حيث نوع الأسلحة ، وتعداد الجنود ، والضباط ، وضباط الصف ، وهو الواقع الذي ادركته الجزائر ، وجعلها تتصرف بأسلوب مغاير لسنوات السبعينات والثمانيات من القرن الماضي . 4 ) التسليم بواقع العيش في تندوف ، والذوبان ضمن المجتمع الصحراوي الجزائري ، ونسيان شيء كانوا يسمونه بالصحراء الغربية . فبدون الجرأة في اتخاذ موقف من الواقف أعلاه ، وامام استمرار حصد الهزائم المتوالية منذ سنة 1991 ، وإذا فشل الشباب الصحراوي في حسم الموقف ، واستمرت الوضع على ما هو عليه ، الا نقول ان جبهة البوليساريو بعد مرور ستة واربعين سنة من انشائها ، في طريقها الى الاندثار ؟
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل يصنع الجياع ثورة ؟
-
الجزائر
-
حين يكشف الرئيس الجزائري عن وجهه بدون خجل وبدون حياء
-
توتر العلاقات بين النظام المغربي ، وبين النظامين السعودي و ا
...
-
المثقف / الحزب / السلطة
-
اَلْمَغَرْبي دِيمَ فِينْ مَا مْشَ مَغْبُونْ وْ مَحْگورْ / مَ
...
-
حركة - صحراويون من اجل السلام -
-
الشيخ عبدالكريم مطيع اللاّجئ السياسي ببريطانيا العظمى
-
الديمقراطيات التحتية الشعْبوية خطرٌ على الانظمة الديمقراطية
...
-
مجلس الامن واجتماع الاحاطة حول نزاع الصحراء الغربية
-
الشبيبة المغربية صانعة الحدث في الماضي
-
ياسر العبادي
-
العفو الملكي
-
الاسلام السياسي
-
البربر
-
جايْحت كرونا ونزاع الصحراء
-
ماذا بعد كورونا / فيروس
-
منذ متى كان قرار وزير الداخلية قرارا ملكيا صرفا ؟
-
جايْحتْ كورونا
-
الأمين العام للأمم المتحدة ونزاع الصحراء
المزيد.....
-
من قوته إلى قدرة التصدي له.. تفاصيل -صاروخ MIRV- الروسي بعد
...
-
نجل شاه إيران الراحل لـCNN: ترامب و-الضغط الأقصى- فرصة لإنشا
...
-
-لقد قتلت اثنين من أطفالي، فهل ستقتل الثالث أيضا؟-: فضيحة وف
...
-
كيم: المفاوضات السابقة مع واشنطن لم تؤكد سوى سياستها العدائي
...
-
الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعتمد قرارا ينتقد إيران لتقليص
...
-
ZTE تعلن عن أفضل هواتفها الذكية
-
مشاهد لاستسلام جماعي للقوات الأوكرانية في مقاطعة كورسك
-
إيران متهمة بنشاط نووي سري
-
ماذا عن الإعلان الصاخب -ترامب سيزوّد أوكرانيا بأسلحة نووية-؟
...
-
هل ترامب مستعد لهز سوق النفط العالمية؟
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|