|
تهافت سحر رب العالمين
ميشيل نجيب
كاتب نقدى
(Michael Nagib)
الحوار المتمدن-العدد: 6560 - 2020 / 5 / 10 - 13:51
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
من الأشياء الظاهرة بصورة جلية أن المصريين ظلوا على أعتقادهم البين بأن ما يأتيه إله موسى هو سحر مبين، ولم يتزحزحوا قيد نملة عن ذلك الأعتقاد رغم أن إله القرآن يصف هذا السحر الذى أرسله مع موسى ليصدقه المصريين بآياتنا أى آيات الله، وهو وصف يناقض الواقع فى عصر موسى وسحرة فرعون والدليل أن فرعون نفسه قال عن سحر إله موسى آية، والثابت أن فى ذلك الزمان كانت هناك آلهة كثيرة وكان طبيعياً أن كل مؤمن بإله يقوم بعمل أفعال السحر بأعتبارها آيات من آلهته مثل سحرة فرعون الذى يعتبر نفسه إلهاً، بدأت الأديان بوجود الآلهة التى يتعبدون إليها فى وسطهم كشخصية الملوك وكبار الكهنة حتى وصلت مشاعر التدَين إلى صنع تماثيل للآلهة يذهبون للتعبد أمامها، وجاء الرب الساحر لينادى موسى ويعلن له أنه أختاره رسوله بقوله لفرعون: إنى رسول من رب العالمين!
من عناصر التشويق فى القصص أستخدام كلمات جديدة تشد سمع البشر وهى صفة رب العالمين أى سيد العالمين، كلمة رب معناها كما نستخدمها فى حياتنا اليومية رب البيت أو رب الأسرة أو العالئلة أى سيد البيت أو سيد العائلة، المهم أمامنا سورة الأعراف الآية 103 تبدأ قصة موسى وذهابه على الفور إلى فرعون ليبدأ صنع آيتين هما تحويل عصاه إلى ثعبان كبير، والآية الثانية قام بنزع يده فإذا هى بيضاء للناظرين.. وبدون تأويل واضح الخداع البصرى والسحرى للناظرين الذى عمله إله موسى، بينما سورة طه الآية 9 تبدأ قصة موسى عندما كان جالساً وسط أهله فى صحراء سيناء قرب الوادى المقدس طوى، حيث أبصر ناراً فترك أهله وذهب لعله يأتى منها بشئ المهم أنه ذهب على الفور ليكون وجهاً لوجه أمام الله الذى لا يراه موسى، وقال الله لموسى أنه الله لا إله إلا هو وأنه أختاره فأستمع لما يوحى، أى أن تحويل العصا إلى حية فى الوادى المقدس طوى والآية الثانية أن يضم يده تحت جناحه لتخرج بيضاء من غير سوء.
فى التلخيص السابق واضح التناقض فى السورتين كأن الرواى أو الكاتب أو الذى أوحى ليسوا واحداً، رغم أن القصة واحدة والأحداث واحدة والأشخاص أيضاً لكن وقع الخطأ والأختلاف فى توقيت إرسال موسى إلى فرعون ووقوع الآيات الكبرى أمام فرعون فى سورة الأعراف أقصد السحر الكبير بينما نفس الأحداث والآيات الكبرى صنعها الله الساحر الأعظم فى سورة طه بينه وبين موسى فقط، وليس هذا فقط بل نلاحظ أن موسى بالسحر صنع من عصاه ثعبان كبير بينما صنع من عصاه أمام الله حية، هنا الشئ الذى يهمنا هو: كيف تقول لى أن كاتب هذا الكلام والذى أوحى به هو إله أسمه الله ويخطئ خطأ قاتل مثل هذا؟ هذا الكلام فى سورة الأعراف وسورة طه كان موجهاً لمحمد من إلهه ليتعرف على من سبقه من قصص الأنبياء، أى أننا نقف مصدومين أمام هذه الصدمة الإلهية والتى تدفعنا للتساؤل بالقول: الشئ الطبيعى والمنطقى للأشياء الواقعية أن يتم تدوينها فى قصة واحدة تشهد على وقائعها كما حدث مع القصة الأصلية فى التوراة، لكن الشئ الغريب الذى لا يفهمه العقل ولا نجد له تفسير طبيعى هو: لماذا إذا كان إلهاً يرتكب كل هذا التناقضات والأخطاء وينسى الحقائق التى صنعها هو وليس إله آخر؟ وكيف ينسى ترتيب الحقائق والكيفية التى وقعت بها سواء كانت وقعت معه أم وقعت مع فرعون؟ أم أنه لا يوجد إله ولا يوجد فرعون لكنها قصة منقولة من أساطير اليهود من التوراة وتلاعب كما يحلو له جبريل أو محمد أو الله؟
أعزائى الأخوات والأخوة, الصديقات والأصدقاء, قارئات وقراء هذا المقال هل ترون هناك تناقضاً أخطاء حقيقية؟ تناقض وأخطاء من؟ هل هو تناقض محمد فى رواية القصة أم تناقض الله الساحر رب العالمين؟ هل ينسى الإله الساحر انه قام بتحويل عصا موسى أمام الفرعون إلى ثعبان كبير، وينسى ويوحى لموسى بتحويل عصاه إلى حية أمامه وليس أمام الفرعون؟ من الذى أنزل هذا الوحى: جبريل أم الله أم محمد أم لا هذا ولا ذاك بل هى أساطير الأولين؟
نترك الآن هذه المقدمة أو الملخص السريع لندخل فى مضمون قصة موسى الذى نجده واحد فى سورة الأعراف وسورة طه وهو تكرار خلق تناقض فى الترتيب الزمنى لحدوث القصة وسهو من الله إذا كانت تلك الآيات وقعت أمامه أم وقعت امام فرعون، لكن السؤال المهم والمنطقى لماذا يكرر الله وحى قصة موسى وكتابتها فى اللوح المحفوظ فى أكثر من سورة مما خلق التناقض للأحداث ومسرح الأحداث والأشخاص ولم يكن فى حاجة وهو الإله الساحر أن يكرر قصة ليتها كانت تحوى الموعظة الحسنة وتدعو للهدى والإيمان بإله السماء والأرض، بل كانت القصة المتكرر أخطائها تحكى عن الساحر الكبير وهو يثبت للتلميذ ورسوله الجديد أنه إله عن طريق أعمال السحر وإليكم التفاصيل:
سأنقل النص الأول لسورة الأعراف الذى يؤرخ لبداية بعث موسى كرسول إلى فرعون لنطابقه مع النص الثانى لنرى الفرق بينهما: ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِم مُّوسَىٰ بِآيَاتِنَا إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَظَلَمُوا بِهَا ۖ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (103) وَقَالَ مُوسَىٰ يَا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ (104) حَقِيقٌ عَلَىٰ أَن لَّا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ ۚ قَدْ جِئْتُكُم بِبَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (105) قَالَ إِن كُنتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (106) فَأَلْقَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ (107) وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ (108) قَالَ الْمَلَأُ مِن قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَٰذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (109 .
النص الثانى لسورة طه حيث نجد الأحداث تقع أمام الله مباشرة وليس أمام فرعون والثعبات تحول إلى حية لأنه سحر يفعل ما يشاء: ) وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَىٰ (9) إِذْ رَأَىٰ نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى (10) فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَىٰ (11) إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ ۖ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (12) وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَىٰ (13) إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (14) إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَىٰ (15) فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَن لَّا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَىٰ (16) وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَىٰ (17) قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَىٰ غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَىٰ (18) قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَىٰ (19) فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَىٰ (20) قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ ۖ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَىٰ (21) وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَىٰ جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَىٰ (22) لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى (23) اذْهَبْ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ (24 .
أعتذر عن أننى نقلت هذا الكم الكبير من الآيات لكنى رأيت أنها ستكون لفائدة القارئ حتى يرى بدايات قصة موسى، والخطأ الذى لا تخطئه العين ومن المستحيل أن يكون تحريف من كتبة القرآن، ومن رابع وخامس المستحيلات أن يكون هذا خطأ من الوحى من جبريل أو الذى أرسله، إذن عندما نقول أن إله التوراة وإله القرآن واحد فهذه حقيقة لكن إله الأنجيل هو إله آخر يتكون من ثالوث أى مثلث الأقانيم كما يقول لاهوتيى المسيحية، وهذا معناه بأختصار ولك الحق يا صديقى القارئ أن تبحث وتعيد من جديد تركيب الأحداث لتتأكد أن الآلهة مع أحترامى لما تعتقد هى إبداع وإختراع بشرى!!
#ميشيل_نجيب (هاشتاغ)
Michael_Nagib#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الله الرب الساحر
-
الوداع يا الله
-
هزيمة الله وأنتصار كورونا
-
كورونا يُقَيِّد أيدى الله
-
كورونا والإله الغائب
-
إستسلام المرأة لعورتها ونجاستها
-
إيمان الدكتور مجدى يعقوب
-
الأزهر بين الإسلام والتجديد
-
مؤتمر التجديد لشيخ الأزهر
-
زعيم الأمة والثورة الإسلامية
-
التحية إلى زعيم الأمة الإسلامية
-
أفاعى الدين والدنيا
-
رئيس الخلافة وذوات الحجاب
-
من هو إله الإخوان المسلمين؟
-
ثقافة التغيير والفضيلة
-
هزيمة المؤمن أمام الدين
-
تغيير الفكر الدينى
-
الحوار المتمدن مع وضد الله 2
-
الحوار المتمدن ليس من الله (1)
-
حقوق الإنسان ليست من الله
المزيد.....
-
حركة الجهاد الاسلامي: ندين المجزرة الوحشية التي ارتكبها العد
...
-
البوندستاغ يوافق على طلب المعارضة المسيحية حول تشديد سياسة ا
...
-
تردد قناة طيور الجنة على القمر الصناعي 2024 لضحك الأطفال
-
شولتس يحذر من ائتلاف حكومي بين التحالف المسيحي وحزب -البديل-
...
-
أبو عبيدة: الإفراج عن المحتجزة أربال يهود غدا
-
مكتب نتنياهو يعلن أسماء رهائن سيُطلق سراحهم من غزة الخميس..
...
-
ابو عبيدة: قررت القسام الافراج غدا عن الاسرى اربيل يهود وبير
...
-
المجلس المركزي لليهود في ألمانيا يوجه رسالة تحذير إلى 103 من
...
-
ترامب سيرحل الأجانب المناهضين لليهود
-
الكنيست يصدق بالقراءة الأولى على مشروع قانون يسمح لليهود بتس
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|