ثائر الناشف
كاتب وروائي
(Thaer Alsalmou Alnashef)
الحوار المتمدن-العدد: 1584 - 2006 / 6 / 17 - 11:12
المحور:
المجتمع المدني
لا شيء بدون مقابل , المقابل يأخذ شكل الثمن , الثمن تتحدد قيمته بحجم الأشياء المقدمة أو المضحى بها , سابقاً كان يقدر الثمن بالحجم , بمعنى أنه كلما كبر الحجم كلما زاد الثمن والعكس صحيح , هذه القاعدة لازالت سارية في بعض الحالات ولو بشكل جزئي نادر .
الثمن الحقيقي هو الثمن الواجب دفعه عاجلاً دون مماطلة , عندما تفيض أنهارنا العذبة , فإن هذا الفيضان قد يشكل حالة إنقاذية , بدلاً من حالات الغرق , كثيراً ما يشاع أن الغرق يلزم أحيانا عن فيضان ما , هذا صحيح من جهة وخاطئ من جهة أخرى , صحيح لأن الشخص قد يوجد وحيداً وسط النهر , لا يجد من يصغي إليه ولا من يمدد له يد العون , مصيره الوحيد الغرق , وخاطئ عندما نكون مجموعة كاملة متكاملة في صوتها , وضميرها وقلبها وحسها , ومتحدة في استهجانها وشجبها لكل عذاباتها القادمة من بؤرها المقيتة , وبنفس الوقت هذه المجموعة تكون قائدة لفيضانها وليست منقادة , ما ينجيها من الغرق , لا بل هي من يغرق الأوضاع ويقلبها رأساً على عقب.
على أي حال قلما توجد مثل تلك المجموعة على أرض الواقع , لندرتها وقلتها , ومن يريد أن يزيل عذاباته ويصفي أيامه العكرة , عليه أن يدفع ثمن كل خطوة يقوم بها .
وبين حالتي التفاؤل والتشاؤم , ثمة تساؤلات تطرح نفسها مجدداً , أما زال الفرات جارياً؟ أما زالت الحياة جارية معه أم أن الحياة توقفت وتحول الفرات إلى بركة ماء راكدة؟.
لنكن أكثر وضوحاً عن أي فرات نتحدث؟ إن قصدنا فرات العراق , فو الله خضبت ماؤه بدم أهله , وتملح طمعه العذب , وهاهم أهله يدفعون الثمن دون أن يتحصلوا على شيء , عفواً تحصلوا على القتل اليومي والمجازر والاعتقالات والتفجيرات والفوضى المسماة بالحرية زوراً وبهتاناً .
أمّا إن قصدنا فرات سورية , فهو الأكثر حزناً وألماً على توأمه العراقي الجريح , يستحيل الفصل بين الفراتين مهما حاولت قوى الأرض مجتمعة , الواضح أن فرات سورية صامت في جريانه , هادئ في انسيابه , إلا أن حالة الصمت والهدوء ليست من صفاته , بين الفينة والأخرى تراه مرة يتحين للفيضان , تفاؤلاً نحو الأفضل, وتراه مرة أخرى مستكيناً داخل حوضه , متشائماً وخائفاً من المجهول .
لا تفاؤل ولاتشاؤم بعد اليوم , فالمطلوب الاستعداد لتأدية الأثمان دفعة واحدة وبدون مواربة كمستحقات لثمرات الفيضان , فهل من يقدر على تأديتها ؟.
لابد من القول لكل عقدة ولها حلها , عقدتنا بين أيدينا وحلها بين أيدينا أيضا, فأي حل نختار؟.
#ثائر_الناشف (هاشتاغ)
Thaer_Alsalmou_Alnashef#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟