|
دردشة عن بعض الزملاء 1
علاء الدين الظاهر
استاذ رياضيات
(Alaaddin Al-dhahir)
الحوار المتمدن-العدد: 6558 - 2020 / 5 / 8 - 21:15
المحور:
سيرة ذاتية
في بداية التسعينيات جاء زميلي فرتز فان بكم وكان متخصصا في المعادلات التفاضلية الجزئية وقال لي ان لديه دعوة لحضور محاضرة عن تصميم المحركات النفاثة ومن حقه ان يجلب معه زميل آخر وانه يرغب ان ان اكون هذا الزميل. من شروط الدعوة ان لا نتحدث عن التصميم خارج المحاضرة لاسباب تتعلق بالملكية الفكرية. بالطبع قبلت الدعوة. كنت اعرف سبب اختياره لي حيث كانت لدي سمعة بين الزملاء بأني اجد الاخطاء او نقاط الضعف في المحاضرات او كما وصفني رئيس الجامعة لاحقا بأني صاحب النظرة الثاقبة. ليس لدي عبقرية خاصة لكن سبب هذا هو معرفتي بمواضيع عديدة خارج تخصصي فضلا عن خلفيتي النظرية القوية بينما كان معظم زملائي من التطبيقيين. كانت المحاضرة في مختبر (شركة) فيلبس للعلوم الطبيعية في أيندهوفن والذي يعرف مختصرا بـ (نات لاب). مضت الـ 150 كيلومترا في الطريق الى أيندهوفن بسرعة تخللتها النكات. كان المحاضر يحمل دكتوراه في الهندسة الميكانيكية وكان تصميم المحرك يعود لشركة رولز رويس والتي كان على ما يبدو لـ نات لاب علاقة بالتصميم او البحث الفيزيائي له. اخذت المحاضرة ساعتين وبعد ان خرجنا من المبنى إلتفت الى فرتز فان بكم وقلت له اني لم افهم من المحاضرة شيئا. قال لي انه ايضا لم يفهم منها شيئا وانفجرنا بالضحك. كانت المحاضرة تتعلق بتقنيات متقدمة للمحركات النفاثة التي لا نعرف عنها شيئا. عندما بدأت عملي في نهاية عام 1984 في جامعة آيندهوفن التكنولوجية التقيت بالبروفسور المتمرس كريس باوكامپ والذي اصبح مديرا لمختبر نات لاب بعد بالتزار فان در پول والذي تُطلق من ضمن امور اخرى معادلة تفاضلية بإسمه. كان كريس متواضعا يحب النكتة وربطتنا اهتمامات مشتركة تتعلق بتعلم بعض لغات البرمجة التي تم تطويرها حينها مثل توربو پاسكال. كان لا يتحدث عن نفسه كمدير سابق لمختبر نات لاب لكن عن كونه مساعدا لـ فان در پول في المعهد. احدى النكات التي رواها لي ان قسم الرياضيات في معهد ماساتشوستس التكنولوجي دعاه لقضاء شهرين للمساعدة في حل احد المسائل المستعصية حلّها. قال لي ان زملائه في معهد ماساتشوستس التكنولوجي لا يجيدون الالمانية لان حل المسألة كان موجودا في احد الكتب الالمانية. قضى اسبوعين في شرح الحل وترجمته لزملائه في معهد ماساتشوستس التكنولوجي ثم اضاف ضاحكا: وقضيت ستة اسابيع اجازة في اميركا على حسابهم. كان كريس يحب شرب الجنيفر الهولندي. كان يقضي اجازته الصيفية مع زوجته في النرويج حيث كانت تعمل ابتنه الوحيدة كريستي والتي اصبحت صديقة لنا بعد عودتها الى هولندا وعملها في انسخده وانتقالي للعمل في جامعة تونته. كانت ولا زالت اسعار الكحوليات غالية في النرويج وكان على كريس ان يقوم بتهريب ما يحتاجه من الجنيفر لشهرين. كان كريس قصير القامة ويستخدم نظارات طبية. سألته كيف قمت بتهريب هذا العدد من قناني الجنيفر؟ اجاب انه عند وصوله مع زوجته لنقطة التفتيش كان يغمض نصف عينيه ويرفع رأسه قليلا الى الاعلى ويمسك بمقود السيارة بقوة. ينظر اليه ضابط الحدود ويعطيه الاشارة بالاستمرار في السير. يضيف ضاحكا من يتصور ان (ختيارا) مثلي يهرّب قناني الجنيفر. عند انتقالي الى تونته اهداني كاميرا كانت هدية زواجه وكان عليها قطعة حديدية صغيرة نقش عليها تأريخ زواجه عام 1928. اضفت هذه الكاميرا الى مجموعة كاميراتي القديمة. بعد اسابيع من انتهاء حرب 1991 كنا نزور عائلة زوجتي في لاهاي اثناء عطلة نهاية الاسبوع. بعد عودتنا اكتشفت ان احد نوافذ غرفة الجلوس قد كُسر وبعد التحري اكتشفت ان مجموعة كاميراتي وعدساتي ومنها هدية كريس باوكامپ قد سرقت ما عدا اثنتين. الاولى كانت ياشيكا بوكس وهي هدية للعائلة جلبها حسن الكفيشي بعد عودته من اميركا عام 1962 والثانية اوليمپس پن اهداني اياها صديق الدراسة المتوسطة فائز يحي الجدة. جلست على الاريكة وكانت مشاهد الاكراد الذين هربوا الى الجبال بعد قمع الانتفاضة في خيالي. قلت لنفسي ما قيمة كاميراتي بالقياس الى ما مر به هؤلاء تحت المطر والبرد. ثم سمعت صراخ زوجتي وجاءت والدموع في عينيها: لقد سرقوا هدية زواجنا وكانت تعني القلادة التي اهدتها لها امي. لم نكن قد سمعنا شيئا عن اوضاع اهلي في العراق ولم نكن نعرف إن كانوا على قيد الحياة وكانت تلك القلادة كل ما نملكه من هدية العائلة لزواجنا. في تلك اللحظة تملكني شعور بالغضب ولو وقع اللص بيدي لقتلته في الحال. بعدها التقينا بـ كريس وزوجته في بيت ابنته. طلبت مني كريستي ان لا اخبره عن السرقة. كانت اوضاعه الصحية في تدهور. توفي بعدها بشهور.
#علاء_الدين_الظاهر (هاشتاغ)
Alaaddin_Al-dhahir#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فايروس كورونا يفضح الاديان
-
ناظم كزار مجرم قاتل وسافل
-
الازمة التورنغية في المانيا
-
رحيل عزيز الحاج
-
الله هو الحقيقة والحقيقة هي الله؟
-
حرب حزيران في الذاكرة: هزمتنا النسوان
-
شر البلية ما لا يجعلك تفكّر
-
العرب لا يقرأون والحرب اليمنية
-
هل كان نوري السعيد فعلا داهية؟
-
انقلاب 17 تموز 1968
-
إضافة ل عمالقة الرياضيات في التعليم الثانوي
-
بعض عمالقة الرياضيات في التعليم الثانوي
-
بائس من زمن البائسين، هادي خماس ومذكراته
-
مستوى حكام العراق منذ 1968
-
العبرة بين بيع الاوهام والاكاذيب والحقيقة
-
يان (يوهانس) آرتس استاذ الديناميكية التبولوجية في دلفت
-
الدكتور لو
-
الذكرى الستون لثورة 14 تموز
-
مصيبة مصائب العراقيين بهؤلاء
-
توضيحات عن ما كتبه الصحفي عبدالستار البيضاني عن الزعيم عبدال
...
المزيد.....
-
طفل بعمر 3 سنوات يطلق النار على أخته بمسدس شبح.. والشرطة تعت
...
-
مخلوق غامض.. ما قصة -بيغ فوت- ولِمَ يرتبط اسمه ببلدة أسترالي
...
-
-نيويورك تايمز-: إسرائيل اعتمدت أساليب معيبة لتحديد الأهداف
...
-
خمسة صحفيين من بين القتلى في غارات إسرائيلية على قطاع غزة
-
كازاخستان: ارتفاع حصيلة ضحايا تحطم الطائرة الأذربيجانية إلى
...
-
تسونامي 2004.. عشرون عاماً على الذكرى
-
إسرائيل تعلن انتهاء عملية اقتحام مدينة طولكرم بعد مقتل ثماني
...
-
الولايات المتحدة.. سحب قطرات عين بعد شكاوى من تلوث فطري في ا
...
-
روسيا.. تطوير -مساعد ذكي- للطبيب يكشف أمراض القلب المحتملة
-
وفد استخباراتي عراقي يزور دمشق للقاء الشرع
المزيد.....
-
سيرة القيد والقلم
/ نبهان خريشة
-
سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن
/ خطاب عمران الضامن
-
على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم
/ سعيد العليمى
-
الجاسوسية بنكهة مغربية
/ جدو جبريل
-
رواية سيدي قنصل بابل
/ نبيل نوري لگزار موحان
-
الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة
/ أيمن زهري
-
يوميات الحرب والحب والخوف
/ حسين علي الحمداني
-
ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية
/ جورج كتن
-
بصراحة.. لا غير..
/ وديع العبيدي
-
تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|