|
في ذكرى النكبة...نكبات شعبنا لم تتوقف
راسم عبيدات
الحوار المتمدن-العدد: 6558 - 2020 / 5 / 8 - 20:58
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
نكبات شعبنا مستمرة ومتواصلة في الكثير من الأشكال والتجليات والمسميات،وهذه النكبات متوقع لها مع تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة التي تضم كل ألوان الطيف السياسي الصهيوني المغرق في اليمينية والتطرف والعنصرية ان تتصاعد وان تزداد بشكل غير مسبوق،حيث ان هذه الحكومة في صلب برنامجها،العمل على ضم المزيد من الأراضي الفلسطينية في الأغوار وشمال البحر الميت،والأراضي المقامة عليها المستوطنات في الضفة الغربية،وعمليات الضم والتهويد تلك تحظى بموافقة أمريكا الشريك المباشر للإحتلال في العدوان على شعبنا،وكذلك ستعمل هذه الحكومة في ظل إنشغال العالم في محاربة ومكافحة جائحة "كورنا" الى سن المزيد من القوانين والتشريعات الهادفة الى طرد وتهجير شعبنا من خلال الإستيلاء على أرضه،وممارسة كل أشكال التضييق والخناق عليه،لحمله على الهجرة والمغادرة القسرية،هي سياسة تطهير عرقي بإمتياز،نشهد تجلياتها،كل يوم على أرض الواقع،،فإسرائيل كل يوم تشرعن و"تقونن" و" تدستر" المزيد من القوانين والتشريعات وتتخذ المزيد من القرارات ذات الطابع العنصري،ليس أخطرها قانون ما يسمى بقانون القومية الصهيوني،بل نجد ان دولة الإحتلال كمجتمع ومؤسسة ودولة تحولت الى دولة "أبارتهايد" عنصرية، وما يجري في دولة الإحتلال من صراع على السلطة إنحصر بين قوى اليمين بشقيها الديني والعلماني،ولم يعد هناك وجود لما يسمى باليسار الصهيوني،حتى حزب العمل الذي بنى وأسس هذه الدولة في طريقه للتحلل والإندثار،كما ظهر في نتائج الإنتخابات المعادة للمرة الثالثة خلال عام،ولذلك تُجمع كل القوى الصهيونية التي تتكون منها الحكومة الإسرائيلية القادمة،بأن الحل والخيار الوحيد أمام الفلسطينيين،هو القبول بما يسمى بالسلام الإقتصادي،البقاء تحت "بساطير" الإحتلال،مع تحسين شروط وظروف حياتهم الإقتصادية بتمويل جوهره عربي وبعضه اوروبي غربي،أي مقايضة الحقوق الوطنية السياسية بالحقوق الإقتصادية والخدماتية،وبما يشطب ويصفي القضية الفلسطينية. لعل النكبة الثانية التي تعرض لها شعبنا،وكانت تداعياتها والتي ندفع ثمنها حتى اليوم،اخطر وأشمل من نكبة عام 1948، هي نكبة اوسلو،التي وصفها ثعلب السياسة الإسرائيلية المغدور بيرس،بأنها النصر الثاني لدولة الاحتلال بعد نكبة عام 1948،نعم نكبة أوسلو قسمتنا وفككتنا وطنياً ومجتمعياً،وحولت أرضنا المحتلة في الضفة الغربية الى "جيتوهات" مغلقة ومعازل،لا تواصل جغرافي بينها،وخلقت وأشاعت في أوساط شعبنا،بأن هناك وهم إسمه الدولة والسلطة الوطنية،ولكي نكتشف بعد خمسة وعشرين عاماً من ماراثون المفاوضات العبثية،بأنه لا وجود لشيء اسمه دولة فلسطينية او سلطة وطنية،بل نحن وجدنا انفسنا أمام سلطة حكم إداري ذاتي للسكان، لا يوجد لها أي شكل من أشكال السيادة،وسلطة إدارية مقيدة الصلاحيات،وبلغة رئيس السلطة أبو مازن " سلطة بدون سلطة".وفي قطاع غزة وإن وجدت هناك سلطة فلسطينية،ولكن جوها وبرها وبحرها تحت السيطرة الإسرائيلية،وشعبها يخضع للحصار الظالم منذ ثلاثة عشر عاماً.
اما النكبة الثالثة التي نعايشها حتى اليوم،والتي هي من صنع أيدينا نحن،هي نكبة الإنقسام،الذي هو بمثابة الجرح النازف في الجسد الفلسطيني،والمضعف لجبهتنا الداخلية،والمشتت والمبعثر لجهودنا وطاقاتنا وإمكانياتنا،والذي يستهلك الكثير من وقتنا في الخلافات والمناكفات الداخلية،وما يرافقها من مواقف وسلوكيات من طرفي الإنقسام ( فتح وحماس) تصب في خانة تعزيز الإنقسام وشرعنته وتكريسه،والذي كل المؤشرات تقول بانه سيتحول الى إنفصال جغرافي وسياسي وإداري دائم،حيث يتمسك كل طرف بمواقفه وبرنامجه،دون ان نتقدم خطوة واحدة على طريق إنهائه.
إستمرار هذا الإنقسام،وما يتركه من تداعيات خطيرة على قضيتنا ومشروعنا الوطني،وعلى الروح والحالة المعنوية لشعبنا وجماهيرنا،والتي باتت تفقد ثقتها بالقوى والأحزاب والفصائل،واكثر من ذلك يتنامي ويتكون لديها شعور،بأن تلك القوى والأحزاب،مصالحها ومكاسبها الفئوية والحزبية فوق المصالح الوطنية العليا، فلا نزيف ولا شلال الدم المتواصل لشعبنا ولا تهويد القدس ولا ضم الضفة الغربية ولا الحصار الظالم بحق قطاع غزة يوحدها ولا أنتشار جائحة"كورنا" ولا الحرب على الوعي والعقل العربي والفلسطيني توحدها.
نحن أمام نكبة رابعة لعلها الأخطر من النكبات السابقة،والتي اذا ما استمرت عليها حالتنا ووضعنا الفلسطيني من شرذمة وإنقسام وتحميل مسؤوليات وإتهام وإتهام متبادل ،فإن الحديث عن عدم مرورها إلا على جثثنا، يصبح مجرد إنشاء ولغو فارغ،والحديث هنا عن صفقة القرن الأمريكية،والتي تؤشر خطوطها العام التي يجري تسريبها، بأنها تحمل تصفية شاملة للقضية الفلسطينية،فهي تكرس الموقف الصهيوني على الأرض من مختلف ابعاد القضية ( القدس واللاجئين والمستوطنات والأمن والحدود والرواية التاريخية،وما يجري العمل عليه حالياً،هو بلورة طبيعة وشكل الإطار السياسي للكيان الفلسطيني المتولد عنها.
صحيح أن صفقة القرن تحتاج الى موافقة الطرف الفلسطيني،وبدون موافقته سيكون من الصعب تمريرها،ولكن هذا الرفض اللفظي والنظري لوحده لن يكون كافياً من أجل ضمان عدم تمريرها، وسيبقى مجرد موقف للتاريخ،فالمجابهة الحقيقة من أجل إفشال صفقة القرن،تحتاج الى أبعد من ذلك بكثير،بديل متكامل وطني سياسي اقتصادي كفاحي تنظيمي،يؤسس لمرحلة نضالية قادمة أقوى وأشرس من المراحل السابقة،وما نشهده من عدوان مستمر على قطاع غزة،ورد المقاومة الفلسطينية عليه،بإيجاد حالة من توازن الردع،والتعديل في ميزان القوى،يجعلنا نطمئن بأن الحالة الشعبية الفلسطينية والعربية والمستندة اولاً الى الإرادة الشعبية وحلقات محور المقاومة المترابطة في الإقليم والمنطقة،لن تسمح بتمرير تلك الصفقة، فالعدوان الأمرو صهيوني من أجل فرض تطبيقها بالقوة،سيكلف حلف العدوان خسائر كبيرة بشرية ومادية اقتصادية،ناهيك عن ان الجبهة الداخلية للإحتلال الصهيوني،ليست على قدر عالي من التماسك والجهوزية. وكذلك نحن نشهد نكبة جديدة مرتبطة مباشرة بتطبيقات وتجليات صفقة القرن،هي حرب تجري على الوعي والعقل الفلسطيني والعربي،حرب من الجيل الخامسة،تستهدف نقل التطبيع من المستوى الرسمي السياسي الى المستوى الشعبي الإجتماعي،وما نشهده من مسلسلات تبث على قنوات فضائية مرتبطة بالسعودية،مثل "أم هارون" و"مخرج 7" وكذلك " الهشتاجات" فلسطين ليس قضيتي، كلها تؤشر بأن هذه المسلسلات و" الهشاجات" تستهدف التطبيع مع النقيض الصهيوني الذي يعمل ليل نهار من أجل تزوير التاريخ وتغيير الوقائع بما يخدم مصلحته ومشاريعه ومخططاته،وكذلك العمل على تبيض صفحته وأنسته في لحظة مرة فارقة حرجة تتساوق مع داعمي ومروجي صفقة القرن. هي حرب تستهدف تكريس الرؤيا الصهيونية،بان اليهود العرب خرجوا وهجروا من اوطانهم في الدول العربية نتيجة الإضطهاد الديني والإجتماعي،وهذا تزوير مريع للتاريخ،وتبرير وحجج وذرائع من اجل السيطرة على شعبنا ونفي وجوده وحقوقه الوطنية السياسية،ووضع اليهودية في تضاد مع العروبة والإسلام. هذه الحالة الفلسطينية المريعة،تحتاج منا مغادرة نهج البكاء والتشكي والتصريحات والخطابات التاريخية والتهديدات الفارغة بدون رصيد والذهاب الى موقف فلسطيني جمعي موحد،يستد الى إرادة شعبية فلسطينية – عربية،ومحور مقاومة مترابط الحلقات في الإقليم والمنطقة،الى جانب ذلك دعم ومساندة دول كبرى رافضة للصفقة الأمريكية في مقدمتها روسيا والصين، وإلا فإننا سنجد أنفسنا امام تصفية جدية لقضيتنا ومرتكزات برنامجنا الوطني من قدس ولاجئين وحق عودة .
فلسطين – القدس المحتلة 8/5/2020
#راسم_عبيدات (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في ذكرى عيد العمال العالمي جائحة -كورنا- وإستغلال يتعمق وعدا
...
-
ال- تسونامي- التطبيعي العربي سيتواصل
-
في ذكرى يوم الأسير الفلسطيني جائحة - كورونا- معاناة إضافية ل
...
-
صفقة تبادل أسرى ،ام بادرة إنسانية في ظل جائحة -كورونا-
-
هل ستقود جائحة - الكورونا- الى تفكك الإتحاد الأوروبي..؟؟
-
-غانتس-يستسلم وحكومة برئاسة نتنياهو
-
العمال الفلسطينيين بين مطرقة - الكورونا- وسنديان استغلال ارب
...
-
-اسرائيل- تزاحم المشاريع لحسم السيادة على القدس
-
هل سيحل فيروس- الكورونا- عقدة تشكيل الحكومة الإسرائيلية..؟؟
-
-الكورونا-حرب بيولوجية ام وباء ..؟؟
-
صمود البلدة القديمة ....من صمود تجار القدس
-
سراقب خط احمر لسوريا وروسيا
-
نتنياهو يوظف الحج والعمرة والتطبيع لخدمة مصالحه الإنتخابية
-
انتصار حلب...رسائل كثيرة وكبيرة
-
من - اشتباك- هرتسيليا السياسي الى - -اشتباك-برلمانالسلام
-
مرزوق الغانم يمثل حالة عروبية في زمن عربي رديء
-
لقد كان هناك قمة في الخرطوم يا برهان ....فهل تذكرها..؟؟
-
لا ثقة بجامعة الدول العربية
-
هناك فرق ما بين شيخ يقاوم ...وشيخ يساوم
-
ما بين قصور بلدية الإحتلال ونشر الإشاعات مات الطفل قيس ابو
...
المزيد.....
-
مشهد يحبس الأنفاس.. مغامر يتسلق جدارًا صخريًا حادًا بسويسرا
...
-
وسط التصعيد الأوكراني والتحذير من الرد الروسي.. ترامب يختار
...
-
انخفاض أعدادها ينذر بالخطر.. الزرافة في قائمة الأنواع مهددة
...
-
هوكستين في تل أبيب.. هل بات وقف إطلاق النار قريبا في لبنان؟
...
-
حرس الحدود السعودي يحبط محاولة تهريب نحو طن حشيش و103 أطنان
...
-
زاخاروفا: الغرب يريد تصعيد النزاع على جثث الأوكرانيين
-
صاروخ روسي يدمر جسرا عائما للقوات الأوكرانية على محور كراسني
...
-
عشرات القتلى في قصف إسرائيلي -عنيف- على شمال غزة، ووزير الدف
...
-
الشيوخ الأمريكي يرفض بأغلبية ساحقة وقف مبيعات أسلحة لإسرائيل
...
-
غلق أشهر مطعم في مصر
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|