مازن كم الماز
الحوار المتمدن-العدد: 6558 - 2020 / 5 / 8 - 15:29
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
نقاشات أو حوارات الطرشان التي تدور حول أم هارون ليست مفاجئة بالكامل .. الحديث عن محاولات "تشويه الوعي" أو "تشويه الواقع" بمحاولات "أنسنة" العدو و "شيطنة" الأنا بأنسنتنا و دحض مظلوميتنا المطلقة التي لا تشوبها شائبة , كلها ليست أشياء جديدة , و لا المهاترات بين الأنظمة العربية أو الزعماء العرب و استخدام فلسطين بكثافة في هذه المهاترات , هذه أيضا ليس من مستجدات الأمور .. لم يعرف وعينا أو فضائنا العام أية محاولة جدية لتقديم العدو كإنسان ناهيك عن أن يكون ضحية , أما نحن أو الأنا فإننا لسنا مجرد ضحايا عاديين , نحن فوق البشر , بلا أية أخطاء , ليس نحن فقط بل و أجدادنا أيضا , هنا فقط مورست الجريمة الكاملة : الآخر , الأسود بالكامل , ضدنا نحن , ناصعي البياض .. أن يكون اليهودي ضحية و إنسان أيضا , هذا ما لا يمكن لوعينا قبوله أو الإقرار به .. إنها مؤامرة أن نحاول أنسنة اليهودي و الفلسطيني في نفس الوقت , أن نخرج الفلسطيني من ثياب القديس أو الشهيد القديس على الطريقة المسيحية و ننظر إليه كإنسان هي "شيطنة" له , أن ننظر لليهودي على أنه كائن قد يشعر بالألم أو كإنسان يتصرف بطريقة منطقية أو أنه قد تعرض للقمع بل و للإبادة أحيانا في دمشق و طرابلس الغرب و بغداد فقط لأن مجزرة كهذه ستمر دون أي عقاب , و لأنه لا يستطيع الدفاع عن نفسه , هذه الأنسنة , هذه أيضا مؤامرة , خيانة .. قمع اليهودي و قتله ليست جريمة .. و لا قتل السني أو الشيعي , الكردي أو الأمازيغي , و لا ابن القبيلة المنافسة , إن هذا المنطق بلا حدود عمليا و يتم تعديله باستمرار حسب الطلب .. هكذا لا ننتهي فقط إلى تقديس أنفسنا , بل أيضا إلى تقديس تخلفنا و هكذا لا يبقى أمامنا سوى نظريات المؤامرة لنبرر هزائمنا و تخلفنا الذي يصبح مصدر فخر و هوية لنا .. هكذا نجعل من عجزنا , ضعفنا و تخلفنا , و غباءنا , مصدر تميزنا المزعوم بينما تصبح قوة الآخرين و تقدمهم مسبة و مذمة .. لا أعرف كم يبشر هذا بالخير .. لكن من الواضح أن هذا السؤال لا يهمنا و لا يشغلنا , ليس فقط كأنظمة بل أيضا كشعوب و كجماهير و مثقفين و جماعات سياسية.. إن قدوم الخير أو صنعه ليس مسؤوليتنا في نهاية المطاف , الغرب و أحيانا الله هم المطالبون بصنع الخير , بتحسين العالم و حل مشاكله و مشاكلنا , أما نحن فقد قمنا بدورنا التاريخي , كضحايا , و سنبقى ..
#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟