أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامر خير احمد - التعزية بالزرقاوي: لا فرق بين -المعتدلين- و-المتطرفين- إذن!














المزيد.....


التعزية بالزرقاوي: لا فرق بين -المعتدلين- و-المتطرفين- إذن!


سامر خير احمد

الحوار المتمدن-العدد: 1583 - 2006 / 6 / 16 - 11:50
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


هذا المقال لا علاقة له بالخلاف بين الحكومة الأردنية والإخوان المسلمين، ولا بعمليات الحشد والحشد المضاد الجارية بينهما على قدم وساق، وإنما هو مجرد تحليل لمعنى قيام أربعة من نواب جماعة الإخوان المسلمين، التي طالما قيل أنها تمثل تياراً إسلامياً معتدلاً، بتقديم التعزية بمقتل أبو مصعب الزرقاوي، الذي كان يتزعم تنظيماً متطرفاً ينسبه إلى الإسلام، ويكفر كل من لا يؤيده في الرأي والموقف حتى لو كان من "الإسلاميين المعتدلين".
فالزيارة، التي عللها أصحابها بأنها تنطلق من التفريق بين أفعال الزرقاوي "الجهادية" وأفعاله الأخرى "الإرهابية"، تعني أول ما تعني أن ثمة مساحة من القناعات المشتركة تجمع الإسلاميين المعتدلين بالمتطرفين. والحقيقية أن تلك المساحة تتمثل بالانطلاق من مرجعية واحدة في فهم الإسلام، هي المرجعية التراثية، ترسم في مخيلتهما صورة مثالية متشابهة لكيفية تطبيق الإسلام في المجتمع، ولهذا نجد أن جماعة "المعتدلين" مقتنعون بأن أفعال الزرقاوي في العراق هي مما ينطبق عليه الوصف الجهادي، لأن الزرقاوي بخطابه وخططه طابق تلك الصورة المحفوظة في مخيلتهم عن الجهاد كما كان في التاريخ، فاعتبروه مجاهداً حكماً.
الفريقان ينطلقان من فهم واحد للإسلام، مفاده أن الإسلام الصحيح والحقيقي هو ذاك الذي طُبّق في زمن السلف من المسلمين الأوائل، وأن تطبيق الإسلام اليوم يلزمه الأخذ بما كان زمن السلف والاعتراف بفضلهم وأسبقيتهم في فهم القرآن واستخلاص العلوم الشرعية منه. أما ما يختلف عليه الفريقان، ويتم على أساسه تقسيمهما إلى "معتدلين" و"متطرفين"، فهو الحد الذي يريدون تقليد السلف فيه، فالمتطرفون يقلدون السلف حرفياً في لباسهم ولغتهم ومحتوى أفكارهم التراثية (أو هكذا يظنون) فيما المعتدلون يقلدونهم في أفكارهم فقط ويستعملون إلى جوارها الملابس العصرية واللغة المتداولة!
هكذا فإن تقسيم "معتدلون ومتطرفون" ليس دقيقاً، إذ أن هذا الاعتدال المزيف ليس معناه سوى الاعتدال في تقليد الماضي عوضاً عن التطرف فيه، ما يعني أنه ليس اعتدال في فهم القرآن وتطبيقه ولا علاقة له بالمحتوى الحقيقي للقناعات الفكرية. إنه اعتدال في المظهر مع الحفاظ على التطرف في الجوهر، نفسه الموجود لدى المتطرفين.
هذا الاعتدال الانتقائي لا يمكن أن يخلق مدرسة فكرية مختلفة عن مدرسة التكفير السائدة عند المتطرفين. كل ما في الموضوع أن المتطرفين يجاهرون بتكفير كل من سواهم فيما المعتدلون يصمتون عنه أو يؤجلونه، وقد يتداولونه فيما بينهم، بل هم يتداولونه فعلاً وإن بشكل غير مباشر حين يعتبرون كل من ليس منظماً في تنظيمهم، غير إسلامي، بدليل أنهم يسمون أنفسهم "الإسلاميون"، وكأن الانتساب للعمل الإسلامي رهن فقط بالانضواء في جماعتهم!
الفرق بين الاعتدال والتطرف يكون حقيقياً حين ينبني على التفريق بين أفكار معتدلة ترى الناس سواسية، وأخرى متطرفة تظن أن صنفاً من الناس ولسبب ما متفوق على من سواه. أما حين يُجمع كل من المتطرفين والمعتدلين على تفوق مجموعة من البشر على الآخرين ويتفقون على أنها هي الإسلام والجهاد الحقيقيين، فإن الحقيقة تكون أن كلا الطرفين هم من المتطرفين.
يكون الاعتدال حقيقياً حين يُقرأ القرآن قراءة معاصرة تساوي بين الناس وتحرّم قتلهم بغير حق وتترك الحساب والعقاب لله وحده يوم القيامة وتأخذ بالمفاهيم الجديدة لحياة الناس على الأرض ولا تقيسها على ما كان في زمن السابقين الذين عهدوا مفاهيم أخرى وظروفاً مغايرة، ولا يهمها أن تعيد إنتاج ما كان من أشكال سياسية واجتماعية في قرون سابقة، ولا يعنيها أن تُجبر الناس على اعتناق ما تراه من أفكار، ولا تكمم أفواههم بدعوى الدفاع عن الدين، مقتنعة بان ليس لأحد الحق في أن يدعي أنه هو الإسلام أو ظل الله على الأرض. كذلك يكون الاعتدال حقيقياً حين يقدر، منطلقاً من قاعدة صلاحية الإسلام لكل زمان، على الاستغناء عن علوم الأولين وفقههم، باعتبارهما نتاجاً بشرياً لا إلهياً، وفي المقابل إنتاج فقه وفكر وعلوم جديدة قد ترى مثلما رأى أهل التراث، وقد تختلف معهم تماماً دون أن يدعي أحد أنها غير إسلامية لمجرد أنها تختلف مع ما في التراث.
هل مثل هذه المواصفات للاعتدال هي مما ينطبق على أصحاب التعزية بالزرقاوي؟ لو كانت كذلك لاختلفوا تماماً مع أفكاره وتصرفاته ولما قاموا من ثم بالتعزية فيه.



#سامر_خير_احمد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل أميركا مخطئة في حقنا؟
- فتاوى خلوية
- تقرير التنمية: إضافة نوعية لإحدى طريقي الحرية
- نهاية الدرس اللبناني
- للأسف.. أميركا دائماً أقوى
- الدرس اللبناني: لا مكان للدكتاتورية إذا توحد الشعب
- لا تشتموا الفضائيات
- تحنيط التراث: التراث باعتباره شاهداً ليس إلا
- لا تفتش عن المرأة !
- العرب وتحولات العالم
- الفكر الاسلامي بلغة علمانية
- لا ديناصورات ولا خائنون
- الاسلام بين التطهير والتغيير
- هل الديمقراطية ممكنة في العالم العربي؟
- عمرو خالد والنمذجة الاخرى
- ادفنوا هذه المنظمات
- عمرو خالد ونموذج التراث
- البرميليون العرب
- نادر فرجاني «وزمرته»!
- -الحُرة-.. وفكرة المركز والمحيط


المزيد.....




- السيسي يناقش -خطة غزة- مع رئيس الكونغرس اليهودي وولي عهد الأ ...
- الرئاسة المصرية تكشف تفاصيل لقاء السيسي ورئيس الكونغرس اليهو ...
- السيسي يؤكد لرئيس الكونغرس اليهودي العالمي على عدم تهجير غزة ...
- السيسي لرئيس الكونغرس اليهودي العالمي: مصر تعد -خطة متكاملة- ...
- الإفتاء الأردني: لا يجوز هجرة الفلسطينيين وإخلاء الأرض المقد ...
- تونس.. معرض -القرآن في عيون الآخرين- يستكشف التبادل الثقافي ...
- باولا وايت -الأم الروحية- لترامب
- -أشهر من الإذلال والتعذيب-.. فلسطيني مفرج عنه يروي لـCNN ما ...
- كيف الخلاص من ثنائية العلمانية والإسلام السياسي؟
- مصر.. العثور على جمجمة بشرية في أحد المساجد


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامر خير احمد - التعزية بالزرقاوي: لا فرق بين -المعتدلين- و-المتطرفين- إذن!