أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رضي السماك - المهام النضالية الآنية لليسار في عصر كورونا ( 3- 3 )















المزيد.....

المهام النضالية الآنية لليسار في عصر كورونا ( 3- 3 )


رضي السماك

الحوار المتمدن-العدد: 6554 - 2020 / 5 / 4 - 19:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ثانيا : كيف يستعيد اليسار المباررة ؟
—————————————
المصيبة أن المنظّر الأميركي للرأسمالية النيو ليبرالية فوكو ياما إذ أسرف بتبشير العالم ب " نهاية التاريخ " غداة بدايات فرط عقد الأنظمة الاشتراكية في أوروبا الشرقية ، والذي تبعه انيهيار الأتحاد السوفييتي ، لربما توهم بأن سخط شعوب العالم من النموذج الغربي الذي تمثله الدول الرأسمالية الكبرى ، وعلى رأسها الولايات المتحدة ، هو بفعل ما لعبه الاتحاد السوفييتي وحلفاؤه وقوى اليسار من دور في خلق هذا السخط وتراكمه ، وفي عدادها قطاعات واسعة من شعوب الدول الرأسمالية نفسها . ولكن فاته أن اليسار كتيار سياسي شعبي عريض يمثل المحرومين والطبقات المضطهدة وُجد تاريخياً - بغض النظر عن الفكر المعبّر عنه دينياً أو سياسياً - منذ أن أنقسمت الشعوب أو الجماعات البشرية إلى طبقات وتشكلت الدول المستبِدة الممثلة والمنحازة للطبقات القاهرة في شتى أرجاء المعمورة ؛ وذلك منذ ما قبل مجيء كارل ماركس بقرون أو عصور طويلة ؛ و ما كان لماركس من دور سوى أن قُيّض له أن يكون الإبن الشرعي لبيئته الصناعية في تطور علاقات الأنتاج التي جاءت به الثورة الصناعية بما بلغته من مستوى متطور في القرن التاسع عشر ؛ لينحاز الرجل للطبقة العاملة التي هي وليدة الثورة الصناعية و المستغَلة ( بفتح الغين ) من قِبل الطبقة الرأسمالية . بعبارة اخرى كان ماركس الإبن الشاهد على بيئة عصره الراصد بعين فاحصة في اكتشاف خصائص الطبقة الرأسمالية وأسرار قوتها في استغلال قوة العمل المتمثلة في الطبقة العاملة الواقع عليها الجور القسري من فعل الرأسماليين وسلطة الدولة أو النظام السياسي الذي يمثلهم . وقد جاءت مساهماته العبقرية الهامة بمثابة نقلة في تطور فكر ونضالات اليسار العالمي بفضل تشييده منظومة فكرية - نظرية علمية رصينة ذات مداميك قوية لم تزل تحتفظ - بوجه عام - بصحتها حتى يومنا هذا ؛ بغض النظر عما لحق العالم من متغيرات هائلة اقتصادية وسياسية واجتماعية على مدى نحو قرن ونصف على رحيله . وسرعان ما تقوضت - كما نعلم - أفتراضات فوكو ياما التبشيرية بنهاية التاريخ على صحة النموذج الغربي بلا منازع ، فماأن أنهار الأتحاد السوفييتي حتى ظهرت مجاميع وقوى جديدة لا تحمل الفكر الماركسي لكنها تبدي احتجاجاتها القوية ضد الرأسمالية تحديداً ، رغم أنها جاءت من مواقع اجتماعية مختلفة لا تقتصر على الطبقات العاملة وإن شاركت قوى يسارية فيها لكن لم يكن دورها فيها هو الحاسم في تلك الاحتجاجات الشبابية . وقد برزت احتجاجاتها في محطات ومناسبات عديدة ، حتي داخل الولايات المتحدة نفسها ، منذ التسعينيات ، منها على سبيل المثال لا الحصر ، الاحتجاجات العارمة التي شهدتها مدينة سياتل ، ومدن اخرى أمريكية وأوروبية ، والمظاهرات السنوية ضد مجموعة قمة العشرين التي أصبحت تقليداً سنوياً ، وبالتالي فالرأسمالية بطبيعتها الاستغلالية ، وبخاصة في طورها المتوحش ، هي نفسها تولّد التناقضات ضدها .
وهاهي أخيراً قد تعرت أخلاقها بامتياز مع تفشي جائحة " كوفيد - 19 " ، وكلنا نعرف بأن الشواهد على ذلك أكثر مما تحصى حتى باتت تغطي معظم البلدان التي اجتاحها الوباء ، ومنها على وجه الخصوص التي تتصدرها في عدد الإصابات والوفيات ، كإيطاليا وأسبانيا والولايات المتحدة التي مافتئت بؤرة انتشاره. ومع أن ثمة محطات مهمة من الأحداث العالمية خلال فترة الثلاثين سنة الماضية نفسها ( 1990- 2020 ) تعرت خلالها الأخلاق الحضارية المزعومة للرأسمالية العالمية ، إلا أن المحطة التاريخية الراهنة ممثلة في جائحة كورونا هي المحطة الأهم ، في تقديرنا التي وضعت تلك الأخلاق العفنة على محك الواقع الفعلي أمام مرأى الرأي العام العالمي بأسره بلا رتوش ؛ ودونما حاجة لتوعيته وتنبيهه عنها سواء من قِبل اليسار أو أي من شرفاء العالم .
على أن كتّاب اليسار ، من باحثين ومحللين ومتخصصين كبار في شتى مجالات العلوم الإنسانية والعلمية، إ نما برز دورهم في هذه المحطة / المرحلة من خلال ربط تلك الظواهر المتجردة من كل معايير الاخلاق والقيم الإنسانية ووضعها تحت المجهر العلمي المادي لتشريحها وربطها بكل أبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية بحيث لم يستطع حتى كبار مفكري الرأسمالية ومنظريها تبريرها .
وفي هذا الشأن نستطيع القول بأنهم استطاعوا عن جدارة على تفاوت مستوياتهم وخبراتهم وتجاربهم ومؤهلاتهم أن يدبجوا مئات المقالات والدراسات العلمية الرصينة ؛ ولربما أعداد منهم تعكف الآن على تأليف كتب قد تصدر خلال الجائحة ، وبعضها الآخر لعله يصدر بعد استصال الفيروس من على وجه البسيطة . لكن ثمة كتابات نُشرت ليساريين بدت وقد شطح الخيال بكتّابها إلى ما هو أبعد من تعرية وإدانة الرأسمالية ، ليس إلى التبشير بقرب زوالها فحسب ، بل و نحى بعضهم الآخر منحى الحنين اللاشعوري بتذكير العالم بإيجابيات النماذج الاشتراكية السابقة أواخر القرن الماضي وكأنها معجزات مبهرة لا يأتيها الباطل لا من أمامها ولا خلفها ، غير مقترتة البتة بأي تجاوزات خطيرة من مطبات الممارسة والتطبيق . وهذا في تقديرنا ليس ما يجانب الصواب فحسب ؛ بل يفضي انطلاقاً من حسن نوايا إلى نتيجة عكسية في في وصول الرسالة للمتلقي القارئ ، أكان ممن سبق الإطلاع بهذا القدر أو ذاك على تلك الممارسات وتكونت لديهم صورة وردية من ثم أضحوا شديدي الاحباط من تلك التجارب لكنهم غير معادين للفكر الاشتراكي ، أم من المعادين له ومطلعين إطلاعاً واسعاً كافياً عليها ( التجارب ) لكن بعيون ماكرة حاقدة لا بعيون ناقدة نقداً موضوعياً محايداً ، ومن ثمَ قد يستغلون مثل تلك الكتابات لتوظيفها لتجديد انتقاداتهم الديماغوجية المضللة الخبيثة .
وتأسيساً على كل ما تقدم نرى أن المحطة التاريخية الراهنة المتمثلة في جائحة كورونا التي نحن شهود على فصولها التي لما تنته بعد ، إذ تشكل فرصة مثلىٰ لقوى اليسار في العالم للملمة صفوفه وتقويتها ينبغي ألا تقتصر على خطاب فضح أخلاق الرأسمالية فحسب ، رغم أهميته ومشروعيته ، أو الإفراط في التغني بالماضي العتيد لأمجاد الاشتراكية ؛ بل يتوجب عليها بأن يقترن كل ذلك بتقديم نفسها للجماهير المتلقية كقوى يسارية جديدة ديمقراطية ذات مصداقية قولاً وفعلا وخُلقاً قادرة على اقناعها بجدارة كممثلة بديلة عن كل القوى اليمينية والشعبوية والرجعية التي تمكنت من استمالة شرائح أو إلى صفوف منها ، ثم نجحت - بدرجة أو اخرى - مستغلةً في ذلك ظروف الانكسار الكبير الذي ما برح اليسار العالمي يعاني منها منذ ثلاثة عقود على انهيار " المنظومة الاشتراكية " . وهذا لن يتأتى بطبيعة الحال إلا من خلال إعمال الفكر والعقل من أجل استعادة قوى اليسار زمام المبادرة في صفوف الجماهير والقوى المتضررة من الأنظمة القائمة ، إن في عالمنا العربي ، وإن في البلدان الرأسمالية نفسها ، وإن في البلدان الاشتراكية السابقة ، وذلك حسب الظروف النضالية الملموسة في كل دولة على حدة ، فضلا عما يمكن القيام به من نضالات اممية مشتركة ، وصولا لرسم معالم الطريق الصحيح الذي يحدد المهام النضالية الاستثنائية الجديدة وذات الخصوصية والسمات المتوافقة مع ظروف عصرنا الدولي الراهن خلال مرحلة جائحة كورونا ، لا سيما وأن كل الشواهد تُنبئ مسبقاً بأن الظروف ستكون مهيئة سياسيا واجتماعياً تماماً لقوى اليسار العالمي لخوض غمار هذه النضالات في مرحلة ما بعد زوال الوباء ، ولن تكون بطبيعة الحال هذه النضالات سهلة معبدة الطريق بعد سنين طويلة من الانحسار .



#رضي_السماك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المهام الآنية النضالية لليسار في عصر كورونا ( 2 )
- المهام النضالية الآنية لليسار في عصر كورونا ( 1 )
- واقتربت الساعة
- صراع عالمي في مواجهة خطر مشترك
- لماذا أنتصرت الصين على - كورونا - ؟
- كوبري قصر النيل في زمن كورونا
- مستقبل - الناتو - بعد جائحة كورونا
- - ووهان - تنهض وتفضح أنانية الرأسمالية
- كورونا بين الصين والرأسمالية الأميركية
- - كورونا - وأمريكا والأنظمة الاستبدادية
- 112 شركة تنمي الإستيطان .. فماذا أنتم فاعلون يا عرب ؟
- الناصريون والمراجعة الغائبة
- في ذكرى ميلاد عبد الناصر
- في تطور الملحمة النضالية لعرب 48
- هل بدأ العد العكسي لنهاية الإسلام السياسي ؟
- العالم بعد ثلاثين عاماً من انهيار الجدار ( 2-2 )
- العالم بعد ثلاثين عاماً من انهيار الجدار ( 1-2 )
- تركيا بين مجازر الأرمن واضطهاد الأكراد
- جيفارا .. القدوة والأيقونة
- عن اُفول المرحلة الناصرية ووعينا السياسي المبكر


المزيد.....




- معلقا على -عدم وجوب نفقة الرجل على علاج زوجته-.. وسيم يوسف: ...
- مشتبه به يشتم قاضيا مرارًا وسط ذهول الأخير وصدمة متهم آخر.. ...
- نائب رئيس الوزراء الصربي: لست -عميلا روسيا-
- -نيويورك تايمز-: التدريبات المشتركة بين روسيا والصين تثير قل ...
- بالضفة الغربية.. مقتل 5 فلسطينيين برصاص القوات الإسرائيلية ...
- -معاناتي لم تنته بخروجي من السجن، لكن فقط تغير شكلها- - أحد ...
- شاهد: الرضيعة ريم أبو الحية الناجية الوحيدة من عائلتها الـ11 ...
- صحيفة SZ: بولندا لم تقدم أي مساعدة في تحقيق تفجيرات -السيل ا ...
- بولندا والولايات المتحدة توقعان عقدا لشراء 96 مروحية -أباتشي ...
- -إسرائيل ترغب في احتلال سيناء من جديد-.. خبراء: لا سلام مع ت ...


المزيد.....

- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رضي السماك - المهام النضالية الآنية لليسار في عصر كورونا ( 3- 3 )