عبدالجواد سيد
كاتب مصرى
(Abdelgawad Sayed)
الحوار المتمدن-العدد: 6554 - 2020 / 5 / 4 - 02:40
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
السجن مابيموتش، بس الوحدة بتموت ، أنا حاولت أقاوم كل إلى بيحصللى لوحدى، عشان أخرج لكم نفس الشخص إلى تعرفوه، بس مبقتش قادر خلاص، مفهوم المقاومة فى السجن أنك بتقاوم نفسك، وبتحافظ عليها وإنسانيتك، من الآثار السلبية، من إللى بتشوفوا وبتعيشوا كل يوم، وأبسطها أنك تتجنن أو تموت بالبطئ، لكونك مرمى فى أوضة بقالك سنتين ومنسى، ومش عارف حاتخرج منها إمتى وإزاى، والنتيجة إنى لسة فى السجن، وكل 45 يوم بأنزل عند قاضى، وتكون نفس النتيجة، تجديد 45 يوم حبس، من غير حتى مايبصلى، أو يبص لورق القضية ، إللى كل إلى فيها مشوا من 6 شهور، محتاج لدعمكم، ومحتاج تفكروهم إنى لسة محبوس، وأنهم لسة ناسينى، وأنى بأموت بالبطئ كل يوم، لمجرد أنى ليا صحاب كثير بيحبونى، وخايفين يكتبوا عنى، أو فاكرين أنى حااخرج من غير دعمهم ليا، أنا محتاجلكم، ومحتاج دعمكم أكثر من أى وقت.
شادى حبش/ سجن طرة 26 أكتوبر2019
كان ذلك هو نص آخر رسالة تركها شادى حبش ، المخرج المصرى الشاب ، الذى ساعد فى إخراج وتصوير أغنية عن الرئيس عبدالفتاح السيسى، بعنوان بلحة، ألقى على أثرها فى غياهب السجون ، حتى مات منذ يومين، نتيجة للإكتئاب على الأرجح. شادى ليس أول ولا آخر سجين يموت فى السجون المصرية، وسجون الشرق الأوسط، بلا إستثناء، كما أن رسالته ليست أول قطعة أدبية من أدبيات السجون، التى ملأت تاريخنا القديم والحديث، من عبدالرحمن الأبنودى إلى عبدالرحمن منيف، لكن رسالة شادى ستعيش ، لما إنطوت عليه من معانى ودلالات تحتاج منا بعض التأمل والتفكير.
كتب شادى رسالته القصيرة فى زمن وسائل التواصل الإجتماعى، فسرت سريان النار فى الهشيم، حيث لم يعد الحاكم الطاغوت يمكنه إخفاء صرخة المظلومين ، تنبأ شادى بموته القريب ومات، حدد لنا شادى الحرية هدف أكبر للحياة، فلم يطلب طعام ولادواء ولافراش، فقط طلب حريته، أغلى مطلب للإنسان، ترك لنا شادى رسالة فى قيمة الحب فى الحياة، طلب دعم أصدقائه فى المحنة التى كان يعرف أنها ستودى بحياته، وربما لو كثفوا زياراتهم لتغلب على الإكتئاب ومامات، الحب والحرية، أكبر مطلبين فى حياة الإنسان، وليس بالخبز وحده يمكن أن يعيش الناس،رسالة شادى للأجيال، ترك لنا شادى صورة القاضى ، الشرق أوسطى بالمنظور الكبير، الذى يصدر الأحكام دون أن ينظر فى الأوراق، عبد فرعون، ذلك الذى كان يشترى منصب القضاء، فى عصور الخلفاء، والمماليك والعثمانيين، ومازال يفعل حتى اليوم. رسالة شادى صرخة للأجيال بأن ذلك الكابوس يجب أن ينتهى يوماً ما، ذلك العقد الإجتماعى الكئيب، مع طواغيت الشرق الأوسط عبر العصور، أمانك مقابل حريتك، وإلا تركتك نهباً لفساد العربان وإرهاب الدراويش، أنا أو الفوضى، وعليك الإختيار، لكن إذا إخترتنى ، فليس لك عندى، أى حقوق، سوى الأمان، هذا هو عقدى الإجتماعى فإختار، رسالة أخيرة ربما يكون قد تركها لنا شادى عند الإحتضار، كيف ياربى يمكن أن تجعل من هذا الشرق الأوسط اللعين، مهداً لرسالات السماء؟
#عبدالجواد_سيد (هاشتاغ)
Abdelgawad_Sayed#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟