|
ألزرقاوي: ألأسطورة وألظاهرة...! ألجزء ألأول
باقر الفضلي
الحوار المتمدن-العدد: 1583 - 2006 / 6 / 16 - 11:50
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ألجزء ألأول
لقد قتل الزرقاوي وتباينت وجهات النظر في قتله، بين قادح ومادح، بين فرح وحزين، وبين صامت ومجلجل..، فمنهم من لا أعار للأمر أهتماما، ومنهم من هدد وأرعد وأزبد، ومنهم من أعتبر ألأمر وكأنه نهاية ألعالم، ومنهم من هنأ وبارك وأوعد..! نعم أن قتل ألزرقاوي يعني شيئا ما، ولكل قوم رأي في ذلك، فما يعنيه قتل ألزرقاوي ياترى..؟ ومن هذا "الجن" ألذي أشغل ألعالم، وأرعب ألأجنة في بطون ألأرحام..؟ من هذا "ألمارد" ألذي أهتز (ألبيت ألأبيض) بقتله، وتبادل زعماء ألدول ألتهاني والتبريكات بموته..؟ من هذا " العفريت " ألذي كان وراء نزيف دماء ألوف ألضحايا ألأبرياء من ألعراقيين..؟ من هذا ألذي حزنت لفقده فضائيات بعينها، وأقيمت له مآتم ألحزن، وسميت بأسمه "ساحات" في فلسطين، وذرفت لفقده دموع في أفغانستان ولندن.. وألقائمة تطول..؟؟!
"ألزرقاوي" هذا ، قد أنقسمت حوله ألأرآء، وتباينت بسببه المواقف، ووظف مقتله في شتى ألصور وألمقاصد..! ونشبت بسبب موته معارك من نوع جديد وكثرت ألتقولات حول شخصيته في مختلف وسائل ألأعلام، عربية وأجنبية..! فمن قائل قادح: أن "ألزرقاوي"؛ ما هو إلا نكرة ، خائبة ألحظ ، بليدة ألفكر، تلقفتها يد صانع ماهر، فحورتها وسبكتها ألى آلة عمياء، تقودها حيثما تريد، وتوجهها حسبما ترغب..، آلة عمياء، تقترف ألدمار وألخراب حينما يطلب منها، عمياء لا تفرق بين ألأبيض وألأسود، بين ألضار وألنافع.. تقتل آنى يشاء منها، فلا تميز بين صغير أو كبير، رجلا كان أم أمرأة ، صبيا أم شيخ..! أن "ألزرقاوي" هذا ، صنيعة ليس ألا، وأمثاله بألأوف؛ إن سقط أحدهم أليوم قام غيره غدا؛ مدجنين كألخراف، لا بصر لهم ولا بصيرة، دهماء، مقادون مأمورون؛ جرائمهم ألشنيعة بحق ألأبرياء، ترقى ألى هول وبشاعة جرائم صانعيهم؛ ألمتسترين وراء كل ما تقدسه ألنفوس وما تؤمن به ألعقائد؛ غلاظ عتاة، متمترسين وراء كنوز ألمال ألسحت، من فيض ألأموال ألمغسولة، من تجارة ألسلاح و ألمخدرات..!؟ ومن قائل متشكك: أنه مجرد إنسان غير طبيعي، ذو شخصية سايكوباثية مشوهة بالفطرة، تتصف بالتطرف والعنف بشكل جنوني في ارتكاب الجرائم وفي أي ظرف كان. وآخرون مباركون أو مؤيديون وهم يدعون: ما "ألزرقاوي" إلا "شيخ" من مشايخ ألتقى وألهداية، نذر نفسه لكسب ألشهادة.. وقد فاضت روحه، في سبيل تطهير أرض ألأسلام من رجس ألصهيونيين، ودنس المحتلين ألصليبين، من أجل أقامة دولة ألمسلمين. فهو مسلم مجاهد، فرض عليه إيمانه سنة الجهاد..وإحتباه ألله أن يكون واحدا من جنوده في ألأرض ليقيم ألعدل ويعيد ألحق ألى أهله في فلسطين، ويحرر ألعراق من ألمحتلين، أما وسيلته لذلك ، فهي في مقاومته ألمسلحة ودك قلاع ألصليبين أنى رحلوا وحيثما كانوا..!
مع كل هذا فقد تبدو شخصية ألزرقاوي حالة أسطورية "غامضة" تختلط كغيرها من أوراق أللعبة ألسياسية بكل تلاوينها في ألشرق ألأوسط، مع كل عوامل وأوراق عملية ألصراع الدائر في ألعالم بين قوى ألعوملة بجبروتها وقدراتها أللامحدودة وبين ردود ألفعل ألمختلفة وألناجمة من واقع هذه ألعملية، وما تعكسه تلك ألردود من حقيقة ألتباين في ألمستويات ألحضارية وألأقتصادية لشعوب البلدان ألتي تستهدفها تلك ألعملية..! ولكن ما يسمح به ألقول، فأن ظاهرة أسطورة "ألزرقاوي" نفسها، ليست عديمة ألأصل أو ألجذور أو أنها ولدت من خيال ..! [[ ففي الخامس من شباط 2003 أعلن وزير ألخارجية ألأسبق ( كولين باول) أمام مجلس ألأمن، شكواه ألتي أصبحت حدثا تأريخيا وألتي يتذكرها ألكثيرون بدقة، متهما ألنظام ألعراقي بتصنيع وحيازة أسلحة ألدمار ألشامل، وبأنه يمتلك علاقة تعاونية خفية مع منظمة "ألقاعدة"..! وكصلة أرتباط بين صدام حسين وأسامة بن لادن، ألفت (باول) ألنظر ألى ألأردني ألمولد وألغير معروف، ألأرهابي "أبي مصعب ألزرقاوي"..! وهكذا خلال لحظات ولدت "أسطورة الزرقاوي"، تلك ألأسطورة، ألتي رغم أن فرضية وجود علاقة خفية سريعا ما ثبت عدم صحتها، فأنها وبدون أدنى شك، قد أثرت على ألتطور في ألشرق ألأوسط والعالم ألأسلامي..!]] - الصحيفة السويدية/ 22/03/2006 Svenska Dagbladet- CARL JOHAN GARDELL ومما جاء في تعليق ألصحفي (كارل يوهان كاردل) ألمشار أليه في أعلاه، على كتاب ألصحفية وألكاتبة ألأيطلية (لوريتا نابوليوني) ألموسوم ب(ألتمرد ألمسلح في ألعراق)، فأنه وعلى حد قول ألصحفية ألأيطالية: فأن أسطورة "ألزرقاوي" قد وظفت في مقاصد كثيرة. فمن خلال عملية ألتماثل للرابطة ألخاطئة بين صدام وألقاعدة ، حاولت أدارة (بوش) إضفاء صفة من ألحقيقة عليها لغاية ألفترة ألتي أتخذت فيها ألقرار بأسقاط ألنظام..! ويضيف الصحفي ألمذكور ونقلا عن ألمؤلفة: " فأن ألزرقاوي، مثله مثل أبن لادن من قبل، عبارة عن شخصية زائفة صنعتهما حكومة ألولايات ألمتحدة وحركة ألمجاهدين." وبعد هذا ألأختراق ألحسي وغير ألمنتظر، وجد نفسه، يسهم في ألدور كشخص عالمي فائق ألشهرة..!" لاحظ ألصحيفة ألسويدية أعلاه
مهما قيل أو يقال عن شخصية "ألزرقاوي" فأنه في أغلبه يتمحور حول "ألزرقاوي" كشخصية "أسطورية"، وألنادر منه تناول "ألزرقاوي" كظاهرة تأريخية، لها أبعادها ألسياسية وألأقتصادية وألأجتماعية، وخلفياتها ألفكرية، وجذورها ألتأريخية..! ولست هنا في معرض ألحديث أو ألدخول في تفصيلات ذلك، فألزرقاوي وغيره أمثال أبن لادن وألظواهري وألشخصية ألجديدة ألتي بانت أرهاصات تألقها( كأسطورة جديدة) على ألصعيد ألدولي في بداية ألطريق ، بعد أن أعلن عنها هذه ألمرة ألرئيس (بوش) بنفسه في زيارته ألمفاجأة للعراق في14/03/ 2006 وليس وزير خارجيته كالسابق، وألمقصود هنا ألخليفة ألجديد ألمدعو ["أبو حمزة ألمهاجر"] ألذي كثر ألسؤال عن هويته بعد مقتل "ألزرقاوي". إن جميع هؤلاء وغيرهم من ألتابعين لا يشكلون بمفردهم (ألظاهرة) نفسها، رغم ما لعبوه ويلعبوه من أدوار ذات تأثير بالغ على ألصعيد ألدولي؛ وحينما يجري ألحديث عن أي منهم يستدعي ألأمر تناول ألظاهرة نفسها وبكل أبعادها ، وهذا ما لا تتناسب معه مقالة بهذا ألشكل وألمضمون..!
وهكذا تبدو ألمواقف من مقتل ألزرقاوي ونهاية ألأسطورة ألتي رسمت حوله، موضع جدل ونقاش لا ينتهيان، طالما أن عوامل وأسباب ظهور مثل هذه ألشخصيات وما يحاك حولها من قصص وتصورات، ماثلة حية بالملموس، تفرزها حقيقة عملية ألصراع ألأقتصاأجتماعي ألعالمية وسيرورتها ألمستمرة..! ولكن ألأمر قد يختلف عن سياقه ألمذكور، حينما يتعلق ذلك بما يجري فعليا على صعيد ألممارسة ألعملية أليومية لمفردات ذلك ألصراع وألنتائج ألمترتبة عليها وردود ألفعل ألتي تحدثها، وطبيعة ألآثار ألتي تتركها على ألمديين ألقريب وألبعيد، ومدى تقبل أو رفض طبيعة ألوسائل ألمستخدمة في أدارتها، كما ونفس ألشيء فيما يتعلق بطبيعة ألذرائع ألتي تسندها..!
يليه ألجزء ألثاني
#باقر_الفضلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قراءة سريعة في برنامج الحكومة المالكية..! 2/2
-
البصرة: بين مطرقة العصابات وسندان المليشيات..!
-
قراءة سريعة في برنامج الحكومة المالكية..!1/2
-
الحكومة الجديدة: حكومة للوحدة الوطنية أم حكومة للتعهدات..؟
-
هل هي صرخة في واد...؟
-
العراق: ملامح الحكومة المرتقبة..!
-
ألعراق: ألأول من آيار- مهام صعبة...!
-
ألعراق: ألأشتباك ألأمريكي – ألأيراني..!
-
هل كان ذلك فخا..؟
-
....عقلانية الخطاب السياسي
-
ما وراء موقف الجعفري..؟؟
-
هل أن الكونفدرالية بديل للديمقراطية..؟
-
!..الملف ألأمني واللعبة السياسية
-
!..وطنية حزب
-
!..ألألتزام -السياسي- بنصوص الدستور
-
الذكرى الثالثة..أحتلال أم تحرير..!؟
-
!..الملف ألأمني- الحالة المستعصية
-
!..حلبجة..ألأنفال
-
العراق: حيرة المتفائلين..!
-
!..حقوق المرأة.. ملف مفتوح
المزيد.....
-
لثاني مرة خلال 4 سنوات.. مصر تغلظ العقوبات على سرقة الكهرباء
...
-
خلافات تعصف بمحادثات -كوب 29-.. مسودة غامضة وفجوات تمويلية ت
...
-
# اسأل - اطرحوا أسئلتكم على -المستقبل الان-
-
بيستوريوس يمهد الطريق أمام شولتس للترشح لفترة ثانية
-
لندن.. صمت إزاء صواريخ ستورم شادو
-
واشنطن تعرب عن قلقها إزاء إطلاق روسيا صاروخا فرط صوتي ضد أوك
...
-
البنتاغون: واشنطن لم تغير نهجها إزاء نشر الأسلحة النووية بعد
...
-
ماذا نعرف عن الصاروخ الروسي الجديد -أوريشنيك-؟
-
الجزائر: توقيف الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال
-
المغرب: الحكومة تعلن تفعيل قانون العقوبات البديلة في غضون 5
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|