أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - عبد الحمزة راجوج حمود - استفهام جارح ....














المزيد.....

استفهام جارح ....


عبد الحمزة راجوج حمود

الحوار المتمدن-العدد: 6552 - 2020 / 5 / 2 - 22:38
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    


في حياتنا، يصادف ان نلتقي بشخصٍ او صديقٍ بعد فترةٍ من الزمن (طالت ام قصرت)، وبعد التحية والسلام وسلسة متناسقة من رشقات كلمة "شلونك (١)؟..... شلونك بعد؟ انتَ شلونك؟ شلونك انتَ؟ ماگتلي، شلونك؟"، يتسم اللقاء بعدها بأسئلة استفهامية - نقولها بوعي او على الاغلب دونه، من غير ان نشعر - نُخرجها من افواهنا من باب الاطمئنان والسؤال عن الحال والتي تعكس في مجملها النظرة البصرية الاولى لما اصبح عليه ذلك الشخص بعد هذه الغيبة، على انها قد تكون أسئلة جارحة ومحرجة في اغلب الاحيان.

# أغلب الكلمات بحاجة الى اجترار وتمحص قبل التفوه بها. يغلب جرح الكَلِمْ جرح السيفِ أحيانا.
يقول الشاعر:
جراحات السنان لها التئامٌ
ولا يلتام ما جرح اللسانُ


التقدم في العمر (٢).....
نواجه او نوجه هذه الاسئلة: تبدوا اكبر سناً (كبران) !؟ اراك أشيب الشعر (مشيّب)!؟ ما الذي حل بشعرك؟ الصلع أكل رأسك (صاير أصلع /أگرع)!
هكذا يكون الاستفهام في اغلب الاحيان وكأن المخاطب هو الوحيد الذي يكبر في العمر دون غيره! ظهور الشيب، تساقط الشعر، او ظهور التجاعيد وما شاكل ذلك قد تكون علامات التقدم في السن على ان ذلك ليس بطاقة دعوة لذكرها دونما مراعاة لمشاعر المخاطب.

# من اللباقة في مكان ان نغض الطرف عن احوال الآخرين وندعهم يعيشون بسلام مع بنات الدهر.

هل تعلم كم قد تجرح هذه الكلمات؟ هل تعرف مقدار الالم الذي تتركه في نفوس الناس؟
الاعم الاغلب من الناس يخشى التقدم في العمر الذي لا مناص منه لما يتلو ذلك من مرض محتمل او موت حتمي.

يقول الشاعر:
ونُحْتُ على الشَّبابِ بدمعِ عيني ...
فما نفَعَ البكاءُ ولا النَّحيبُ
ألا ليتَ الشَّبابَ يعودُ يوماً ...
فأُخبِرَهُ بما فعَلَ المشيبُ

وحتى ولو سلمنا بصحة هذه العلامات إلا انها تبقى من خصوصية المخاطب وليس من شأننا. لا يوجد مبرر ان نحشر انوفنا في ملامح الآخرين واجسادهم.

# قد يصح ان ننبهر (او نتصنع الانبهار) من تقدم العمر عند الصغار حينما نراهم وهم في مقتبل العمر حيث ان سؤالنا هذا يعني ان ذاك الطفل (ة) قد اصبح شاباً او شابة في عمر الزهور. وهذا يعطي ارتياح نفسي للمخاطب.

زيادة الوزن ونقصانه (٣) ........
مرة أخرى يخدعنا الاندفاع العاطفي ومقدمات الترحاب من ان نعي ما سوف نسأل.
تبدو بديناً (سمنان، صاير مدبدب او دبدوب او مربرب هالايام)! او تبدو نحيفاً (صاير ضعيف)! وما يدرينا ان يكون ذلك بسبب مرض او سقم في ذلك الشخص.
زيادة الوزن (والسمنة) ونقصانه قد يكون مرضاً كسائر الامراض والعلل وعلينا قدر ما استطعنا ان لا نزج بانوفنا ببطون الآخرين واوزانهم.
لا اعتقد ان الآخرين بحال يرضيهم ان نعلق على اوصافهم او ما حل بهم.

إيضاح المُبهمات ....
قد يقول البعض ان هذه مشاعر نطرحها من باب الاطمئنان والتودد او كما نقول من باب "الميانة" (٤) وليس بين الاحبة من كلفة او تجريح.
نعم. ما يصح بين الاصدقاء قد لا يصح بين غيرهم على ان هذه الاسئلة قد تبقى محرجة ان لم تكن جارحة اصلاً. يجوز لنا اختيار التوقيت المناسب وغير المفاجئ لطرح هكذا اسئلة. ثم ما يدرينا بعد ذاك انها لا تجرح !
يرى البعض انها قد تحوي على فوائد طبية استكشافية اذا انتبه الشخص لحاله في اول الامر.
بعض التغيرات قد يكون أساسها مرضي فعلاً غير ان هذا لا يبيح التدخل في خصوصية الآخرين وشأنهم الشخصي. تقول القاعدة:
"درء المفاسد مقدم على جلب المصالح"
يرى البعض انها قد اصبحت سياقاً عاما في اغلب المجتمعات وليست خاصة بمجتمعنا.
نعم. الموضوع اجتماعي عام ولا يخص مجتمع بحد ذاته غير انه مفهوم خاطئ ولا يجوز الاحتكام الى العموم في هكذا امور (٥).

خاتمة لا بد منها .....
اكتفيت بذكر بعض الاسئلة الاطمئنانية التي نستخدمها فيما بيننا حينما نلتقي ببعضنا البعض بعد فترة من الزمن. الاصح في هكذا أمور ان لا نورد ما قد يسئ للآخرين ولو بصورة ضمنية او من باب الصداقة او من باب الاطمئنان بل يجب ان نترك حرية التحدث للآخر فيما يراه مناسباً لذكره.


..........................
(١) كلمة شلونك تستخدم في اللهجة العراقية الدارجة وتعني: كيف حالك؟ تُعَد "شلونك" كلمة مدمجة من كلمتين: "شلون" و "لونك". شلون تأتي بمعنى "كيف" واللون ربما يمثل لون الشخص أيْ حاله. بدمجهما معاً، نقول "شلونك؟" يُعتقد ان اصل الكلمة قد نشأ اثناء فترة الطاعون في بغداد حيث كان الشخص يتغير لونه تبعاً لشدة المرض. في الخليج العربي، تُستخدم هذه الكلمة أيضاً لذات الاستفسار.
(٢) في اللهجة العراقية الدارجة، نستخدم كلمة "كبران" كصفة للدلالة على التقدم في العمر. هذه الكلمة مشتقة من الكبر أي التقدم في العمر. عند استخدامها، فهي تعني "كبير".
كذلك الحال في كلمة "مشيب" وهي مشتقة من الشيب وتستخدم كصفة للدلالة على وجود الشيب.
تقلب القاف في الدارجة العراقية الى (گ) في بعض الكلمات وكلمة اقرع يتم لفظها ك "أگرع".
(٣) كلمة "سمنان" تعني سمين وهي صفة في الدارجة العراقية اما كلمة "دبدوب" او "مدبدب" فهما كلمتان مشتقتان من كلمة "دب" وتعني كأنك "دب" لكنهما كلمتان مرققتان ونذكرهما من باب اللطافة احياناً وليس التهكم وحدة. وكذا الحال في كلمة "مربرب" فهي كلمة مرققة وتعني السمنة ايضاً
(٤) تستخدم كلمة "الميانة" للتعبير عن ان العلاقة أصبحت وطيدة وغير سطحية ويُسمح لمتبنيها التحدث بحرية مع صاحبه بعيداً عن التكلف والتصنع والرسميات. نقول "أمون عليك" بمعنى انت اكثر من صديقي ولدي حق عليك بحكم صداقتنا العميقة "الميانة".
(٥) مغالطة منطقية مشهورة تسمى الاحتكام الى عامة الناس.



#عبد_الحمزة_راجوج_حمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نظرية الطنطل - اجتماعيا وسياسيا


المزيد.....




- في روما.. يختبر السيّاح تجربة جديدة أمام نافورة -تريفي-
- لغز مرض تسمم الحمل الذي حير العلماء
- -بايدن قد يدعو إلى إقامة دولة فلسطينية قبل انتهاء ولايته- - ...
- قلق على مصير الكاتب صنصال إثر -اختفائه- بالجزائر بظروف غامضة ...
- هل نحن وحدنا في الكون؟ ماذا يقول الكونغرس؟
- مشاهد لآثار سقوط صواريخ لبنانية في مستوطنة كريات أتا (صور + ...
- -حزب الله-: إيقاع قوة إسرائيلية بين قتيل وجريح
- مشاهد لـRT من موقع الضربة الإسرائيلية لمنطقة البسطة الفوقا ف ...
- مجموعة السبع ستناقش مذكرات التوقيف الصادرة عن الجنائية الدول ...
- لماذا يضاف الفلورايد لمياه الصنبور وما الكمية الآمنة؟


المزيد.....

- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى
- الشجرة الارجوانيّة / بتول الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - عبد الحمزة راجوج حمود - استفهام جارح ....