|
في ذكرى يوم العمال العالمي .. أفكار سريعة عن الطبقة العاملة في العراق .
حامد حمودي عباس
الحوار المتمدن-العدد: 6552 - 2020 / 5 / 2 - 01:06
المحور:
ملف 1 ايار-ماي يوم العمال العالمي: العمال والكادحين بين وباء -الكورونا- و وباء -الرأسمالية- ودور الحركة العمالية والنقابية
بمناسبة ذكرى عيد العمال العالمي .. وعبوراً فوق جميع ألأحاسيس الوطنية ، والمؤسسة على مشاعر حسن النية فقط .. حيث تقتصر افرازات تلك الاحاسيس على انواع وألوان الهتاف بحياة الطبقة العاملة ، دون التوقف لتناول حال تلك الطبقة وما آلت اليه ظروفها المستجدة ( والحديث هنا عن العمال في العراق ) .. عبورا فوق ذلك كله ، فانني ما زلت أزعم بان الطبقة العاملة العراقية ، أريد لها ان تذوب في أتون ظاهرة فقدان التوصيفات الطبقية التي من شأنها أن تؤسس لها دوراً قيادياً في المجتمع ، يؤهلها ، وبالضرورة ، لأن تتقدم أية تحركات جماهيرية صوب التغيير الجزئي أوالشامل في المجتمع . لقد كتبت في عام 2012 مقالاً بعنوان ( الطبقة العاملة العراقية ، وتراجع دورها التاريخي ) تم نشره على صفحات الحوار المتمدن ومواقع رصينة عراقية وعربية .. قلت في مستهله .. بأن العراق ( ومنذ دخوله عقد الثمانينات ، والطبقة العاملة العراقية فيه تواجه زخما هائلا من محاولات الإذابة والدفع بها الى مؤخرة الهرم الاجتماعي ، بحيث أضحت بعد حين ، مفتقدة لتوصيفاتها المعروفة بكونها قائدة لعملية التغيير الثوري ، وبدت وكأنها ضمن خليط غير متجانس من الفقراء والمعدمين ، وفاقدي ألأهلية للمساهمة في توجيه الحركة الاجتماعية وباتجاهات غير معلومه ) . وأردفت قائلاً في ذات المقال : ( ان الهرم الطبقي في داخل المجتمع العراقي اهتزت اركانه ابتداء من تلك الفتره ( عقد الثانينات ) ، بحيث انقلب في زمن ما لتكون قمته الى الاسفل وقاعدته الى الاعلى ، محدثا دويا هائلا ، لتكون نتائجه المنظورة ، هي زيادة حدة الاضطراب الحاصل في التكوين الاجتماعي وضياع ملامح التوزيع السكاني الضروري ، والكفيل بصنع الاستقرار المطلوب في البلاد ، الامر الذي أصاب المنابع الحقيقية للتقدم الاقتصاد بالنضوب .. فالزراعة فقدت اهم عناصر ديمومتها مع الهجرة الجماعية من الريف الى المدينة ، بفعل اصابة الاراضي الزراعية عموما بمظاهر التصحر، وفقدان السلطة الزراعية لقدرتها على متابعة الآفات الزراعية ومعالجة الأوبئة ، وتدني الامكانيات المتاحة للتصدي لموجات الجراد القادمة من دول الجوار ، والاهم من ذلك كله ، تعرض شبكات الري الى العطل نتيجة القدم وعدم التحديث ، وانحسار مناسيب المياه في نهري دجلة والفرات ، وطمر الكثير من مبازل التصريف ، كل ذلك ساهم في اخلاء الريف وانتقال الفلاح العراقي للعيش في المدن ، منشغلا بممارسة اعمال لا تمت بأية صلة بطباعه الاصيلة ولا قدراته المتعلقة باستصلاح وزراعة الارض وما تنتجه من خيرات ، محدثا ، وعن غير قصد ، خللا كبيرا في المنظومة الاجتماعية التي حل بها غير مرحب به ، وبذلك فقدت طبقة الفلاحين هي الاخرى ، صفتها بانها الحليف الرئيسي لطبقة العمال خلال عملية النضال من اجل تحقيق العدالة الاجتماعية في مجتمع خالي من العسف .. بل واصبح الفلاحون ( الباعة المتجولون ) الجدد في اسواق المدن وعلى ارصفة الشوارع ، أهم معوق يعرقل سبل الحياة العامه ، ويقف بالضد من تطبيق القوانين المدنية ، وبهذا فانهم وبالضرورة ، ساهموا بازاحة الطبقة العاملة الى الخلف ، متضامنين مع سلطات الاستبداد أيا كان شكلها ومهما كانت قوانينها ودساتيرها تقف بالضد من مصلحة المواطن .. ان اهم سند لحكام العراق بعد عام 1968 ، ولحد هذه اللحظة ، هم من ضحايا الهجرة من الريف الى المدينة ، ممن لا يمتلكون وظائف او أي سبل للعيش الكريم .. وقد أضحى هؤلاء بعد ان تركزت حياتهم في المحيط الجديد ، الى هادم لحدود التمييز بينهم وبين الطبقة العاملة حينما عمدوا ، مضطرين بفعل ظواهر العوز ، الى مزاحمة العمال الذين سربتهم ظاهرة توقف المصانع ، فبات الجميع يدورون في فلك بطالة مرعبة النتائج ) .. انتهى . انني اليوم ، وذكرى عيد العمال العالمي تحل بيننا ، مطلة وبشموخ عالي ، لتعيد امام اذهان الجميع ، بان طبقة العمال في شتى بقاع العالم ، وبتحالف مجيد من قبل الفلاحين ، كانوا هم الاساس في احداث تغيير شامل في مجتمعات كان الاستغلال ينهش في اوصالها ، لتصبح في مأمن من شرور اصحاب رأس المال وحماتهم من المدافعين عن ظواهر استعباد الفقراء ، وذلك قبل ان تشيع رائحة تهالك الدول الغنية في تعمد نهش اوصال البلدان الضعيفة والاطاحة بفاعلية الطبقة العاملة فيها عن طريق تعطيل منابع النمو الاقتصادي ، والتفنن بمحاربة عناصر التصنيع كمهمة رئيسية في احداث دمار شامل في تلك البلدان .. انني اليوم لم أزل متمسكاً بزعمي المتواضع ، بأن الرأسمالية العالمية قد أفلحت في محاولاتها الحثيثة لدفع الطبقة العمالية في شتى انحاء العالم ، ومن ضمنها العراق ، الى الخلف .. حين قامت باحداث شرخ قاتل في بنية المجتمع العراقي على سبيل المثال ، بحيث بدت مختفية تلك المفاهيم العظيمة والتي دافع عنها ودعمها مناضلون أشداء ، راحوا وللاسف الشديد ، ضحايا لغياب القدرة على التحليل المنهجي لواقع ما جرى من حولهم من ارهاصات سياسية ومجتمعية ، فاقت قدراتهم على التمييز ما بين العدو المتربص بهم وبمصالح الشعب ، وبين ضرورات ركوب سفينة التغيير وبرؤى واضحة . ان المقدمات الضرورية الملحة لتوفير شروط خلق طبقة عمالية فاعلة في العراق ، هو العمل على خلق فضاءات ملائمة لانعاش القطاع الزراعي من خلال توفير البنى التحتية الحديثة في الريف .. ووضع السبل الكفيلة بتشجيع الفلاحين وعوائلهم ممن يعيشون الان اقسى ظروف الضياع وسط المدن وعلى اطرافها ، داخل عشوائيات لا توفر لهم ابسط مقومات العيش الكريم . فضلا عن تسببهم في استحداث واقع ضاعت فيه جميع الاعراف الجميلة في دواوين الريف ، واختفت القيم الانسانية النبيلة لتحل محلها اعراف هجينة تسودها مفاهيم بالية قوامها ( الفصول ) وعدم احترام القوانين المدنية في تسيير مفاصل المجتمع المختلفة .. وبالتالي تدعيم اسباب زيادة البطالة ، واعطاء اركان السلطة عذراً تحتمي وراءه عندما تلوذ وراء تفسير عدم التقصير في اداء واجباتها فيما يخص بناء المشاريع الصناعية الواعدة ، حينما تفسر اسباب ذلك التقصير بسعة النمو العشوائي للمدن ، بفعل الهجرة غير الممنهجة لملايين الفلاحين من قراهم واريافهم الى مناطق الحضر ، ودون دراسة مسبقة . بذلك وحده .. يمكن التحرك صوب القيام باعادة الطبقة العاملة الى مواقعها الحقيقية ، حين يصار ، وضمن هبة وطنية شامله يساهم فيها الجميع ، الى احياء ريفنا العامر بالخيرات .. والى تدوير الة الانتاج والاستماتة بالدفاع عنها وفي كل الظروف .. وبذلك وحده ايضا ً ، يمكن استعادة فاعلية الطبقة الوسطى للمساهمة في خلق اقتصاد متنوع يخرج عن حدود الانتاج الريعي وحيد الجانب . حينها سنكون وعند كل الازمنة ، على موعد مشرف للاحتفال بذكرى طبقتنا العاملة المجيدة .
#حامد_حمودي_عباس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حقوق أطفال العراق ، بين ديباجات الاتفاقيات الدولية ، والواقع
...
-
ثقافة النخبة في العراق .. وما يعترضها من واقع .
-
عدنان عاكف .. وشرنقة التاريخ المزيف
-
عيون السلطان ... ( قصة قصيرة )
-
الاصلاح البيئي والزراعي في العراق .. ضرورة عاجلة من ضرورات ا
...
-
الدكتور مهدي الحافظ .. سيرة وانتماء .
-
إمتهان الاحساس بالقهر
-
الانحياز لقضايا الشعب والوطن ، فقط ، هو السبيل الوحيد لانقاذ
...
-
من أجل تجديد الدعوات المخلصة لوحدة اليسار في العراق
-
العنف ضد المرأة في العراق .. واقع وحلول .
-
الطفولة في العراق .. الى أين ؟
-
وسقط الضمير .. ( مسرحية من فصل واحد ) .
-
خرسانة الدم
-
قول في حقوق المرأة .
-
النظام الوطني الديمقراطي ، غير الشمولي في العراق ، هو الحل .
-
إيحاءات سياسية
-
التحالف الغربي مع العرب ، ضد الاتحاد السوفييتي في حرب افغانس
...
-
ملك الملوك والمربع القادم على رقعة الشطرنج .. صور قريبة من و
...
-
ملك الملوك والمربع القادم على رقعة الشطرنج .. صور قريبة من و
...
-
ملك الملوك والمربع القادم على رقعة الشطرنج .. صور قريبة من و
...
المزيد.....
-
يقدمون القرابين لـ-باتشاماما-.. شاهد كيف يعيش بوليفيون بمناز
...
-
انفجار هائل ثم حريق خارج عن السيطرة.. شاهد ما حدث لمنزل صباح
...
-
قتلى وجرحى فلسطينيين في خان يونس
-
ترامب ويطالب بضم كندا والسيطرة على قناة بنما
-
لافروف لـ RT: أحمد الشرع يتعرض لضغوط كبيرة من الغرب الساعي ل
...
-
فنلندا تحقق في دور سفينة أجنبية بعد انقطاع كابل كهرباء تحت ا
...
-
جثثهم تفحّمت.. غارة إسرائيلية تقتل 5 صحفيين في النصيرات بقطا
...
-
تركيا توجه تحذيرا لوحدات حماية الشعب الكردية في شمال سوريا
-
صورة لـ-شجرة عيد الميلاد الفضائية-
-
-اتفاقية مينسك لم تكن محاولة-.. لافروف يقدم نصيحة لمبعوث ترا
...
المزيد.....
المزيد.....
|