|
المسار- العدد 39
الحزب الشيوعي السوري - المكتب السياسي
(The Syrian Communist Party-polit Bureau)
الحوار المتمدن-العدد: 6550 - 2020 / 4 / 30 - 09:45
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
العدد /39/ نيسانإبريل 2020
---------------------------------------------- افتتاحية العدد: نقد العقل المعارض السوري
في عام 1980، عندما طرحت المعارضة السورية بشقيها الإسلامي والديموقراطي برنامجيها، كان ذلك بدلالة «الذات» وليس بدلالة «الآخر». كذلك عندما قام الشق الديموقراطي من المعارضة (التجمع الوطني الديموقراطي) في عام 1989، بتغيير البرنامج من «التغيير» نزولاً إلى «الإصلاح»، بعد هزيمة المعارضة بشقيها الديمقراطي والاسلامي بأحداث1979-1982، فقد كان هذا أيضاً من خلال دلالة «الذات» وممكناتها. لم يعد الأمر كذلك في مرحلة «العهد الجديد» إثر وفاة الرئيس حافظ الأسد في 10 حزيران 2000، حيث بدأ نهجٌ، مازال يسود أغلب المعارضة السورية (الظاهرة الاجتماعية تصبح ظاهرة عندما تأخذ أكثر من النصف من الحالة الاجتماعية المعنية)، يتمّ فيه بناء السياسة بدلالة «الآخر»، لتتحرّك الذات وتبني تصوراتها وبرنامجها من خلاله. أول ما بدأ هذا عند «التجمع الوطني الديمقراطي» ــ ما عدا رياض الترك ــ وعند «جماعة الإخوان المسلمين» و«لجان إحياء المجتمع المدني» لمّا بنوا سياستهم على أساس «وجود تيار إصلاحي في القصر الرئاسي ضد التيار المحافظ الموجود عند الحرس القديم"وحين خاب رجاؤهم من «الآخر» ضمن السلطة السورية، اتجه معظم هؤلاء ــ ما عدا حزب الاتحاد الاشتراكي والمعارضون لرياض الترك وتوجهه الأميركي الجديد في الحزب الشيوعي السوري (المكتب السياسي) ــ إلى «نهج الاستعانة بالخارج»، وبناء السياسة بدلالة «الآخر» (رأوه عند الأميركي المحتل لبغداد في 9 نيسان 2003)، للاستعانة به لإحداث تغيير داخلي سوري على غرار ما فعلت المعارضة العراقية ضد صدام حسين، بسيناريو عسكري أم بغيره. كان الملفت سقوط رياض الترك في نزعة بناء السياسة بدلالة «الآخر الأميركي» وتزعّمه لهذه النزعة السورية الجديدة. كان تكوين «إعلان دمشق» (16 تشرين أول 2005) في هذا الاتجاه، نتيجة اجتماع النزعتين المذكورتين وتسيّدهما في صفوف المعارضة السورية، التي تشجّعت بعد ما جرى في بغداد (9 نيسان 2003) وبيروت (14 آذار 2005). عندما خاب رجاء هؤلاء في تكرار التجربتين البغدادية والبيروتية في دمشق بحكم الاتجاه الأميركي إلى «تغيير سياسات النظام السوري وليس تغييره»، استمروا على تلك النزعتين، وهو ما ظهر في بيان «الأمانة العامة لإعلان دمشق» (5 أيلول 2008) بخصوص زيارة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إلى دمشق، وفي مقابلة رياض الترك مع وكالة «رويترز» (31 أيار 2009)، حين ظهرت مراهنات على أن انفتاح ساركوزي ونظيره الأميركي باراك أوباما على السلطة السورية ستكون له انعكاسات إيجابيةعلى الداخل السوري من حيث تخفيف القمع عند السلطة. بعد فاصل قصير، استمر بين ما حصل في درعا يوم 18 آذار 2011 وبين أيلول 2011، كان هناك عودة إلى بناء السياسة عند كل المعارضين السوريين بدلالة «الذات» الذي رأوه في «الحراك» وفي البعد عن «الاستعانة بالخارج» بحكم قوة الداخل المتحرك في الشارع ضد السلطة، وبعد فشل ذلك الحراك الداخلي في إحداث تغيير داخلي ــ كما حصل في تونس (14 كانون الثاني 2011 والقاهرة 11 شباط 2011) ــ رأينا عودة قوية عند أغلب المعارضين، ما عدا «هيئة التنسيق الوطنية»، نحو بناء السياسة بدلالة «الآخر» ونحو «نزعة الاستعانة بالخارج»، وقد كانتا نزعة واحدة بحكم أن هذا «الآخر» كان هو «الخارج الأميركي التركي>>. منذ خريف 2011، أُضيفت نزعة جديدة إلى المعارضة السورية وهي عدم قراءة ميزان القوى كأساس في بناء السياسة، بوصف الأخيرة «عملية إدارة للممكنات»، وقد ساعد اجتماع «الرهان على الخارج» مع «العنف المعارض المنظمّ البادئ في خريف 2011» على طغيان «نزعة إرادوية» على «نزعة إدارة الممكنات»، وكان دخول المنشقّين عن المؤسسة العسكرية ــ وهم الجدد على العمل السياسي ــ و«معارضي ربع الساعة الأخير» وخاصة من المثقفين والإعلاميين و«المنشقين المدنيين عن النظام من أصحاب المناصب السابقة» ــ الذين يستخدمون التطرف المعارض لنظامهم السابق كغسّالة لغسل أوساخهم الماضية ــ بمثابة عوامل إضافية ساعدت على هزيمة «نزعة إدارة الممكنات» في المعارضة السورية. يضاف إلى هذا، ارتباط معارضين سوريين كثر بدول كبرى أو إقليمية رأت أن نشوب النزاع السوري يخدم أجنداتها الخاصة ــ كل تلك الدول كانت قريبة من السلطة السورية (تركيا 2004، قطر 2006، فرنسا 2008، الولايات المتحدة 2009) ــ ما جعلهم منساقين وراء لعبة أكبر منهم، تمنعهم من الرؤية أو لا تسمح لهم بالتعبير عما يروه إن كان مخالفاً لإرادة مشغليهم. كان هناك عامل إضافي ساعد على عدم القبض على الوقائع وانكفاء «نزعة إدارة الممكنات»، وهو وجود رؤوس في المعارضة هي بعيدة زمنياً لعقود عن التربة السورية، ما جعلها خارج الوقائع أو لا تستطيع مسكها معرفيّاً. كل العوامل المذكورة، قادت المعارضين إلى غربة عن الوقائع الداخلية والخارجية، فهم لم يدركوا، ما عدا «هيئة التنسيق»، أن تشكل الحلف الأميركي ــ الأوروبي ــ التركي ــ الخليجي في «الصراع على سوريا وفي سوريا» منذ خريف 2011، قد أدى إلى تشكل استعصاء سوري ناتج عن تشكل حلف مضاد روسي ــ إيراني، أُضيف إلى الاستعصاء الداخلي المتشكل بحكم وجود انقسام الداخل السوري إلى أثلاث متساوية: موالاة ــ معارضة ــ تردد، منذ أحداث درعا 18 آذار 2011، وهو ما منع تكرار تجربة الرئيس المصري حسني مبارك في دمشق خلال ربيع وصيف 2011. كذلك، لم يدركوا عبر موسكو (7 أيار 2013) يومَ اتّفق وزيرا الخارجية الأميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف حول الأزمة السورية، بأنّ هناك انعطافة كبرى بحكم تلزيم المسألة إلى موسكو من قبل واشنطن، بكل ما يعنيه ذلك من انتهاء التلزيم الأميركي لتركيا منذ خريف 2011، وأن هذا يعني أن مضمرات «بيان جنيف 1» (30 حزيران 2012) ستكون لصالح بقاء الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية وليس رحيله. تأكّد هذا الاتجاه الأميركي ــ الروسي في الاتفاق حول تسليم الأسلحة الكيميائية السورية، بين كيري ولافروف (14 أيلول 2013) وكان من متضمنّاته الكبرى، التي ضمّنت بعد ثلاثة عشر يوماً في القرار الدولي رقم 2118، الذي بُني على ذلك الاتفاق وجعل «بيان جنيف1» ضمن متضمنات قرارات الأمم المتحدة. عندما انعقد مؤتمر «جنيف 2» (كانون ثاني 2014) ــ وفقاً للقرار 2118 ــ كان من الواضح أن مندوبي «الائتلاف الوطني» مثل من يذهب إلى الحج في مكة في شهر صفر وليس في ذي الحجة. وفي مؤتمر «جنيف 3» (2016) أصبحوا ــ ومعهم العسكريون والمنشقون المدنيون ومنهم رئيس وزراء سابق للنظام (رياض حجاب) ــ واعين ومدركين لذلك الاتجاه الأميركي ــ الروسي، ولكنهم يحاولون عرقلته عبر إفشال المفاوضات وايقافها كمافعل رياض حجاب في 18تيسان2016من طرف واحد ومن ثم عبر «عملية الراموسة» في تموز وآب 2016، التي تهدف ــ عبر فرض وقائع عسكرية مضادة جديدة واقية ــ إلى إفشال «جنيف 3» أو منع حلول مفروضة من موسكو وواشنطن، شبيهة بما جرى في «اتفاق دايتون» الخاص بالبوسنةعام1995. . في السياسة هناك أربع نماذج للسياسيين: الأول: يملك الحدس لاتجاه الرياح السياسية القادمة. والثاني: يدرك الوقائع السياسية أثناء وقوعها. والثالث: يدرك الوقائع السياسية بعد وقوعها. أما الرابع: لا يدرك الوقائع السياسية حتى بعد وقوعها وجريانها في مجراها. . أحسن الموجودين في «الائتلاف» وفي «منشقي النظام السوري» هم من الزمرة الثالثة، والغالبية العظمى من الزمرة الرابعة، بينما ليس هناك أحد على الأرجح، سوى رياض الترك، من الزمرة الثانية، وربما هو من الأولى ولكن تمنعه «نزعته الثأرية من السلطة السورية بسبب السجن» من التسليم أمام قوة الوقائع وبناء السياسة بوصفها «إدارة للممكنات». مثال رياض الترك، يدلّ على مرض مستشرٍ عند المعارضين السوريين يقارب السرطان، حيث تقودهم «النزعة الثأرية» المستشرية عند غالبية السجناء المعارضين وعند منشقي النظام وعند الكثير من المتألمين من مظالم السلطة السورية، إلى نزعة بناء السياسة عبر «التعاكس مع النظام»، فهم عند كل نقطة نقاش يقولون «هذا يفيد النظام» أو «هذا يقوله النظام». هم ليسوا معارضين للنظام بل متعاكسين معه، وهم هنا بشكل أو بآخر يبنون السياسة بدلالة «الآخر» ولكن عبر التعاكس معه، غير مدركين أنهم يتوجّهون وفق سيره عبر «بوصلة مقلوبة»، وهو ما يجعل النظام السوري بمثابة "المرشد التعاكسي لهم". هذا الاتجاه موجود أيضاً عند موالين حاليين للنظام، وعند معارضين سابقين للنظام أصبحوا موالين أو قريبين منه في مرحلة ما بعد درعا 18 آذار 2011، عندما يقودهم «الرهاب من الإسلاميين» إلى بناء السياسة عبر الاقتراب والتحالف مع كل من يتواجه مع الإسلاميين وبغض النظر عن موقع هذا المتجابه. ويمكن أن يقودنا الحديث عن إدراك اتجاه الرياح السياسية إلى مثالين: حزب الاتحاد الديموقراطي (pyd) الذي أدرك بعد القرار «2170» (15 آب 2014) بأن التركيز الأميركي في سوريا وعراق ما بعد «موصل 10 حزيران 2014» قد أصبح على «داعش»، لذلك أراد الصعود عبر هذا «الأسنسور»، وهو ما نجح في ذلك عبر «طوابق» عين العرب وتل أبيض ومنبج، متجهاً لتحقيق مشروعه الكرديّ الخاص بوصل الشريط الممتد من المالكية إلى عفرين، إما من أجل كيان منفصل أومن أجل جعل القامشلي مقابل دمشق بمثل وضعية أربيل مقابل بغدادمابعد9نيسان2003. مقابل هذا الذكاء الكردي توجد حالة معاكسة، ففي هدنة 27 شباط 2016 ،التي رعتها الدول الكبرى في مجلس الأمن بعد بدء أعمال(جنيف3)، منعت موسكو سقوط شرق حلب من أيدي المعارضة المسلحة لصالح السلطة وحلفائها، وهو ما كانت تقوله الوقائع العسكرية. وكان طلب موسكو هو أن تقوم المعارضة المسلحة الموجودة في «الهيئة العليا للمفاوضات» بفك ارتباطها مع «جبهة النصرة»، وبدلاً من القيام بذلك، بدؤوا في آذار هجوماً مشتركاً مع «النصرة» جنوب حلب عند منطقة جبل عزان، في أول خرق نوعي لاتفاق الهدنة. ولمّا عيل صبر موسكو من ذلك، قامت بدعم قواتها الجوية بقطع طريق الكاستيلو يوم 17 تموز2016، مستغلّة تداعيات محاولة الانقلاب التركي والاتفاق الأميركي ــ الروسي قبل يومين. وعوضاً عن فهم التصرف الروسي قامت المعارضة المسلّحة بالاصطفاف وراء زعيم «النصرة» ــ بعد تغيير قميصه من دون جسمه قبل يومين مع تغيير اسم جبهة النصرة ــ وهاجموا الراموسة في 30تموز2016في عملية جعلت كل المعارضين العسكريين الموجودين في «الهيئة العليا للمفاوضات» ضمن كيان عسكري واحد مع «النصرة» تحت اسم «جيش الفتح»، وجعلت أبو محمد الجولاني (زعيم النصرة) في وضعية «أقوى شخصية معارضة سورية عسكرية»، في وقت ما زالت مفاعيل القرار 2170، الذي يضع «النصرة» و«داعش» ضمن لائحة الإرهاب الدولية، قائمة وهو ما أكد عليه اتفاق موسكو (5 تموز 2016) بين كيري ولافروف. ----------------------------------------------- من البرنامج السياسي للحزب الشيوعي السوري (المكتب السياسي) لعام 2019:
الوضع الدولي تشكل الوضع العالمي الراهن من خلال سقوط وتفكك الاتحاد السوفياتي عام 1991 وما ترافق معه من نشوء (القطب الواحد الأميركي للعالم): الوضع الدولي القائم الآن أهم خصائصه التحديدية هي القطبية الأحادية. لا زال العالم تحكمه الأحادية القطبية الأميركية وما نراه من ظهور للنفوذ الروسي في بعض المناطق من العالم ومنها سورية ما هو سوى محاولة روسية للخروج من حالة الضعف وموسكو ليست بعيدة في دخولها العسكري لسورية عام 2015 عن الغطاء الأميركي. ما نراه من محاولات من دول كبرى عديدة ليست هي في اتجاه تحدي الأحادية القطبية بقدر ما أنها في اتجاه الاستيقاظ من الضعف والبحث عن أدوار في هذا المكان أو ذاك من العالم، وقد كانت محاولة تأسيس مجموعة دول البريكس عام 2009 هي المحاولة الأكبر لتحدي القطبية الأميركية الأحادية والبحث عن عالم متعدد الأقطاب ولكن كل المؤشرات تدل على أن مشروع البريكس قد فشل. الاتجاه الأميركي في عهد أوباما، والمؤشرات على أن دونالد ترامب في هذا الخط، ينظر الى الصين بوصفها هي المهدد الحقيقي للقطبية الأميركية الأحادية للعالم. لا يتم ذلك من خلال السلاح بل من خلال منظار الاقتصاد حيث تحتل الصين المركز الثاني عالميا بترتيب الاقتصاد العالمي بعد الولايات المتحدة وفق مقياس البنك الدولي الصادر في 11/أكتوبر/2016 برقم .10,866,444 تريليون دولار أميركي من مجموع 73,502,341 تريليون دولار أميركي وهو مجموع الاقتصاد العالمي وفق مقياس الناتج المحلي الإجمالي لعام 2015 فيما الولايات المتحدة الأميركية هي الأولى عالمياً برقم 17,946,996 تريليون دولار أميركي. بينما روسيا في المرتبة 13 برقم 1,199,057 تريليون دولار أميركي وهي وراء استراليا وكوريا الجنوبية وكندا والبرازيل وايطالية والهند فيما فرنسا في المركز السادس وبريطانيا الخامسة وألمانية في المركز الرابع واليابان الثالث. ومن الواضح عير هذا الجدول أن ثقل الاقتصاد العالمي يتحول في القرن الحادي والعشرين نحو شرق أسيا بدلاً من المحيط الأطلسي بضفتيه الأميركية والأوروبية وهذا تطور مفصلي على مستوى خمس قرون هو الذي حدد في السنوات الأخيرة الانزياح الأميركي نحو الشرق الأقصى وهو الذي يحدد تقاربات واشنطن مع موسكو من اجل أبعادها عن بكين والتقاربات الأميركية مع الهند واليابان من أجل تطويق الصين وفي هذا الاتجاه تأتي القواعد العسكرية الأميركية في شمال أستراليا وفي فيتنام. الدولة الكبرى أو العظمى لا تتحدد من خلال السلاح بما فيها السلاح النووي بل من خلال الاقتصاد. يؤكد التطور العالمي في القرن الجديد على أن تركز الاقتصاد العالمي في أيدي دول قليلة وفي أيدي أفراد قلائل هو دليل على صحة نظرية لينين عام 1916 حول الإمبريالية. بالتأكيد هناك حلقات قوية وحلقات ضعيفة من الإمبريالية ولكن من الواضح أن تركز القوة موجود في واشنطن والى حد أقل في بلاد أخرى من العالم. الولايات المتحدة الأميركية ليست هي فقط القوى الاقتصادية الأكبر في العالم من حيث الناتج المحلي الإجمالي عندما تشكل ربع الاقتصاد العالمي بل الواقع أكبر من ذلك عندما تشكل مداخيل الشركات الأميركية في العالم ثلث الاقتصاد الأميركي من حيث الحجم. أيضاً تسع جامعات من أصل الجامعات العشر الأولى في العالم هي أميركية ونظام التعليم ما قبل الجامعي هو الأفضل في العالم كما أن الولايات المتحدة هي صاحبة ثلاثة أرباع المنتوجات العلمية والتقنية في العالم، وهناك ميل عالمي نحو نمط الحياة الأميركية اجتماعياً. أن الهيمنة الإمبريالية العالمية للولايات المتحدة الأميركية هي التي تحدد الكثير من التطورات الإقليمية وفي أحيان كثيرة تحدد التطورات الداخلية والمحلية في أكثر من بلد في العالم. القطب الواحد للعالم يستند الى شركات متعددة الجنسية وتداخل اقتصادي عالمي. بالمقابل إن نمو الانعزالية في أميركا وفرنسا وألمانيا ليس ناتجاً عن فشل العولمة بل عن مشاكل لها علاقة أو هي ردود فعل على الإرهاب والهجرة ومشاكل الولادة الصعبة للاتحاد الأوروبي. تجربة اليسار في أميركا اللاتينية لم تنشأ سوى من اجل فك التبعية عن واشنطن، وبعد عقدين من بداية تجربة فنزويلا مع شافيز عام 1998 والبرازيل 2003 تظهر أنها كانت تجربة غير ناجحة. كمجمل عام: لا يتجه الوضع الدولي، في المدى المنظور القريب والمتوسط الى تعدد الأقطاب. هناك ملامح على أن النمو الاقتصادي الصيني، بترجماته المحتملة عسكرياً وسياسياُ، سيتجه نحو قلقلة الوضع العالمي وربما ينتج توترات وحروب كما كان النمو الاقتصادي الألماني بعد وحدة 1871 مؤدياً لنمو توسعية ألمانية عسكرية قادت للحربين العالميتين الأولى والثانية. الاتحاد الأوروبي بتركيبته الحالية لا يتجه نحو تشكل قطب موازي للأمريكان بل تدل مؤشرات كثيرة بأنه لم يتجاوز دور الرديف والملحق بواشنطن. روسيا في عهد بوتين واستيقاظ دورها لا تتجه باقتصادها الضعيف نحو استعادة الدور العالمي الذي كان لموسكو في عهد ستالين وخروتشوف وبريجنيف، بل إلى أدوار الدولة الكبرى في مناطق محددة من العالم: مثلا سوريا ما بعد 30 أيلول 2015، كما فرنسا في ليبيا 2011، ولكن تحت أشراف أميركي. كخلاصة استنتاجية: نبتعد في هذه الرؤية للوضع الدولي عن الاتجاه الرغبوي ونتمسك بالتحليل الماركسي للواقع الملموس من أجل بناء رؤية سياسية وبرنامج سياسي. مازالت القطبية الأميركية الواحدة للعالم قائمة ولكن هناك تحديات لها ذات طابع اقتصادي وتقني تقدمها الصين وهناك تحديات سياسية وعسكرية تقدمها روسيا وقد كانت تجربة (مجموعة دول البريكس) عام2009بمثابة محاولة من أجل انشاء تحالف صيني-روسي مع دول أخرى ولكنها فشلت في المآل الأخير. هناك أزمة في وضعية القطب الأميركي الواحد للعالم بين اتجاه تدخلي عسكري (البنتاغون وبقايا المحافظين الجدد) واتجاه لا تدخلي عسكرياً يرى الاقتصار على استخدام الاقتصاد كسلاح من أجل تحقيق الأهداف الأميركية في التعامل مع الدول الأخرى(ترامب). مازالت هناك أهمية للشرق الأوسط في الاستراتيجية الأميركية بخلاف رأي أوباما، وما يحصل الآن من إدارة ترامب تجاه إيران يؤكد ذلك. نحن نرى أن الامبريالية الأمريكية بهيمنتها على العالم تطرح ضرورة وجود برنامج وطني في كل بلد لمقاومة الهيمنة الامبريالية ومكافحة التبعية المحلية والبحث عن الاستقلال وفك التبعية ليس فقط في الاقتصاد بل في السياسة والثقافة، وهذه مهمة اليساريين الماركسيين في كل بلد مع البحث عن تحالفات محلية وإقليمية وعالمية من أجل المساعدة على تحقيق ذلك. ----------------------------------------------------------
رأي حول إحاطة المبعوث الدولي للأمم المتحدة لسوريا غير بيدرسون أمام مجلس الأمن الدولي 30/أذار2020 (رأي من أحد القانونيين) وضع وفد الحكومة السورية وقدّم عن طريق الرئيس المشترك، في آخر جلسة للجنة الدستورية في نهاية تشرين ثاني2019، عدة بنود أسماها ، وطلب التوافق عليها، كشرط مسبق للانتقال الى مناقشة قضايا أخرى وتركزت أهمهاعلى: 1ـ إدانة الإرهاب<كل من حمل السلاح ضد الدولة>. 2ـ رفع العقوبات الاقتصادية. 3ـإدانة الاحتلال التركي <عملية نبع السلام>. وبالمقابل قدم وفد هيئة التفاوض مقترحات لجدول أعمال الجلسة منها مناقشة مقدمة الدستور والمبادئ الأساسية. لم تعقد الجلسة وتوقفت الاجتماعات واستمر التعطيل لأعمال اللجنة المصغرة، وفي نهاية الشهر الثالث لعام 2020، أعلن المبعوث الدولي الخاص للأمم المتحدة لسوريا السيد بيدرسون بإحاطته لمجلس الأمن أن: كلا رئيسي الوفدين قد اتفقا على جدول أعمال اللجنة الدستورية للدورة القادمة، والمتضمنة مناقشة الأسس والمبادئ الوطنية بناءا على ولاية اللجنة والمعايير المرجعية والعناصر الأساسية للائحة الداخلية للجنة الدستورية، وأن نقاش هذه المبادئ والاْسس لن يكون شرطا مسبقا للانتقال الى قضايا أخرى، وأن مكونات اللجنة الثلاثة يحق لها خلال الدورة القادمة اقتراح أسس وطنية ومبادئ، وأن النقاش سينتقل في الدورات التالية الى موضوعات تتعلق بالدستور، اتساقا مع ولاية اللجنة والمعايير المرجعية والعناصر الأساسية للائحة الداخلية . فالمبعوث الدولي يؤكد في هذه الإحاطة على أن عمل اللجنة الدستورية سوف يستند دائما على ما صدر من قرارات أممية تتعلق بالتسوية للأزمة السورية وخاصة القرار 2254والتقيد بكل ما جاء من بنود تنظم عمل اللجنة وآلية صنع القرار وامكانية وأحقية أطراف اللجنة العمل على تطوير والاتفاق على قواعد إجرائية تراها تخدم عمل اللجنة دون شروط مسبقة، وأيضا على اللجنة الدستورية السير في عملية اعداد مشروع اصلاح دستوري يحظى بموافقة شعبية ومن أجل التطبيق الكامل للقرار 2254،والاستناد الى المبادئ الاثني عشر ولابد للجنة عند وضع مشروع الإصلاح الدستوري أن تسترشد بالتجارب الدستورية التي مرت بها سوريا، ولها أن تقوم بتعديل الدستور الحالي لعام 2012، أو صياغة دستور جديد، وعند عقد الجلسة القادمة للجنة الدستورية بعد الاتفاق بين الوفدين سوف تتبع آلية اتخاذ القرارات ،المتفق عليها منذ الجلسة الأولى للجنة الدستورية في تشرين أول2019بين وفدي الحكومة وهيئة التفاوض، إما بالتوافق أو الحصول على نسبة لا تقل عن 75% من الأعضاء في الهيئة المعنية113عضواً حاضراً للتصويت في الهيئة الكبرى،34 عضوا حاضراً للتصويت في الهيئة المصغرة>، فإذا تم الاتفاق بأي شكل على المبادئ والأسس الوطنية فذلك سوف يعد اختراق مهم في عملية اللجنة، ولكن في حال عدم حصول اتفاق في هذا الشأن لن يعني تعطيل انعقاد الجلسة القادمة ويمكن لهذه المبادئ والأسس الوطنية وضعها في مقدمة الدستور، ولن تكون هذه المبادئ والأسس بعد ذلك عرضة للتعديل أو الإلغاء باعتبارها ذات طبيعة استثنائية تخص جميع أطياف وفئات الشعب السوري لا يمكن المساس بها من قبل أي حزب او نظام سياسي حاكم مهما كانت نسبة مؤيديه، وبكل الأحوال فإن الثوابت الوطنية او المبادئ الأساسية يمكن لكل ممثلي الوفود الثلاثة| الحكومة وهيئة التفاوض والمجتمع المدني ،التي تشكل قوام أعضاء اللجنة الدستورية بأعضائها المائة والخمسون النقاش حولها والعمل على الاسترشاد بالمبادئ الاثني عشر المقدمة من المبعوث الدولي الأسبق دي مستورا الى وفدي المعارضة والنظام في الجولة الثامنة من مفاوضات جنيف واعتبارها أساساً مهماً يمكن النقاش حوله واستنتاج الثوابت الوطنية والمبادئ الأساسية التي تصلح للوضع السوري والتي كان وفدي النظام والمعارضة قد اتفقا على معظمها. *************************************************************************** - العرب وأوروبا - - الدكتور جون نسطة - بقي العرب تحت سلطة العثمانيين من العام ١٥١٦ حتى العام ١٩١٨ في غربة طويلة عن العالم الغربي وتطوراته العلمية والفكرية والثقافية، بعض النظر عن حملة نابليون في العام ١٧٩٨ التي دقت بعنف ابواب التأخر العثماني، عندما جلب معه الطابعة العربية وكوكبة من العلماء والأدباء والمفكرين من كافة الاختصاصات وقاموا بوضع خارطة للساحل المصري ودرسوا اللغة الفرعونية بعد عثورهم على حجر رشيد، وحاولوا لمدة ثلاث سنوات الاحتكاك مع المصرين، لم يبقى لهذه الحملة النابولية التي طرقت اسوار عكا بدون جدوى ايضا أثراً ذا أهمية كبيرا. بعد انسحاب نابليون. في القرن التاسع عشر بدأت تصل إلى العالم الإسلامي أخبار الوحدة الايطالية ونضالات الطليان التي استمرت من العامم١٨١٥ حتى العام ١٩٧١ ، وبرقت أسماء كافور وغيريبالدي على الساحة الدولية كأبطال للقومية الايطالية. وفي العام ١٨٧١ نفسه حقق المستشار بسمارك البروسي وحدة ألمانيا بعد نضالات طويلة عسكرية ودبلوماسية وحضوصاً بعد انتصاره الكبير على فرنسا في العام 1870في معركة سيدان. القرن التاسع عشر كان قرن الوحدات القومية والوطنية للقارة الاوروبية. هذه الاحداث كلها بدأت تصل الى الامبراطورية العثمانية التي كانت في سبات عميق، ففي العام ١٨٩٨ ظهر اول تنظيم سياسي في اسطنبول واسمه اتحاد عثماني وتطور إلى جمعية الاتحاد والترقي أسسه عدد من طلاب المدرسة العسكرية وبعض طلاب الطب، ثم ظهرت جمعية تركيا الفتاة التي توحدت فيما بعد مع جمعية الاتحاد والترقي وقاموا بانقلاب ١٩08في وطالبوا بحكم الدستور الخ . الملفت في الموضوع إن عددا من الطلاب العرب في باريس قاموا في العام ١٩٠٩ بتشكيل تنظيم سياسي أطلقوا عليه العربية الفتاة بإيحاء من تركيا الفتاة: وكان من مؤسسيها: عوني عبد الهادي من فلسطين رفيق التميمي من فلسطين محمد البعلبكي من لبنان محمد عزة دروزة من فلسطين جميل مردم بك من سوريا توفيق السويدي من العراق محمد رستم حيدر من لبنان نسيب البكري من سوريا. وكان لهذه الجمعية دور في نشر الفكر العربي والثقافة العربية ومهدت لعقد المؤتمر العربي الاول في باريس عام ١٩١٣ برئاسة عبد الحميد الزهراوي، الذي استشهد شنقا في العام ١٩١٦ بأمر من الطاغية جمال باشا. جمعية العربية الفتاة والمؤتمر العربي الاول ومجزرة ٦ أيار عام ١٩١٦ كانت المقدمات بإعلان الثورة العربية في ١٦من حزيران بقيادة الشريف حسين من مكة المكرمة وبمساعدة من عدد من الضباط العرب المنشقين عن الجيش العثماني وعدد من المفكرين والثوار العرب الاخرين. بعد الاعلان عن اتفاقية سايس بيكو عن طريق السلطة السوفيتية الحديثة والتي كانت طرفا فيه روسيا القيصرية، بدأت موجة غضب شديدة في الشارع العربي وقام البطل يوسف العظمة بخوض معركة ميسلون الغير متكافئة وهرب ملك سوريا الأول ثم أصبح له عرشاً في بغداد. ودخل الجنرال الفرنسي غورو منتصرا إلى دمشق عاصمة الأمويين. حاول هو وغيره من قادة الانتداب الفرنسي تقسيم سوريا إلى خمسة دويلات، وبمقاومة وصلابة الجماهير السورية فشلت كل هذه المحاولات. وقام كل بلد عربي بنضال ،من سوريا إلى لبنان الى العراق، شاق يهدف الى الاستقلال، رغم أن السوريين في نضالهم من اجل الاستقلال، ظلوا يعتقدون بأن سوريا، (سايس بيكو) هي وطن مؤقت لهم، ولم ينسوا هدفهم الأكبر بالوحدة العربية. قامت في اوروبا في ايطاليا والمانيا أحزاب قومية متطرفة فاشية بقيادة موسيليني وهتلر. كان لها تأثير واضح في نشوء أحزاب سورية مثل الحزب الاجتماعي القومي السوري وفيما بعد حزب البعث العربي الذي نادى بالوحدة العربية وبأمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة، لم يقم هذا الحزب القومي إلى اليوم الإفصاح عن هذه الرسالة الخالدة. وعلى كل حال أصبح شعار الوحدة العربية هو الشعار الذي التف حوله غالبية الجماهير العربية الذي أصبح هو الحل. بعد فشل الوحدة العربية مع مصر وفشل البعث العربي الاشتراكي في سوريا والعراق في اقامة دولة وحدوية، رغم توفر الظروف الموضوعية، والاهم بعد هزيمة حزيران الفاجعة، وبعد ظهور الاتحاد السوفياتي منذ زمن بعيد وتكون المعسكر الاشتراكي ونجاحاته الاقتصادية، بداء يظهر شعار الاشتراكية هي الحل، فهي الطريق إلى النهضة والوحدة العربية. يريدون أن يبنوا الاشتراكية دون مصانع وورش عمل ودون طبقة عاملة ودون حركة نقابية ذات وزن وخبرات نضالية وبدون فكر نظري ماركسي واضح. وبعد سنوات أيضا من الفشل من بناء الاشتراكية. عادت الاصوات ترتفع أيضا متأثرة بأوروبا، منادية بالديموقراطية وبانها هي الحل أيضا لكل مشاكلنا. وانا أتساءل كيف لنا ان نبني مجتمعات ديموقراطية، ونحن منذ الصغر لم نحمل تقاليد وعادات وثقافة وادب ديموقراطي، لم نملك منظمات ومؤسسات ديموقراطية، ومعظم احزابنا هي احزاب غير ديموقراطية في الأهداف وبالبنية التنظيمية. واخيرا وفي ظل جائحة كورونا بدأت اصوات من علماء اجتماع ومفكرين ورجال سياسة تقول بأن النظام الديموقراطي لم يتمكن من القيام بواجباته بالسرعة والتنظيم المطلوب، بعكس الصين مثلا بجهاز حكمها المركزي المنضبط. المهمة الأساسية في العالم العربي هو كيف يتخلص من حكام وأنظمة فاسدة وديكتاتورية ومستبدة بنفس الوقت. والله لا يغير بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم. ------------------------------------------------------
فيروس كورونا: جولة في عقليات قادة ومسؤولين وكتًاب حول العالم نادر عازر ظهر فيروس كورونا (كوفيد-١٩) لأول مرة في مدينة ووهان الصينية، في شهر كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٩. ويعتقد الخبراء أنه انتقل من الخفافيش إلى الثعابين أو آكل النمل الحرشفي، ومنها إلى الإنسان من خلال الاختلاط بحيوانات مصابة في سوق للأسماك والحيوانات البرية في ووهان. بعد ذلك، تفشّى الفيروس في جميع أنحاء العالم، لأسباب عديدة، منها عدوته الشديدة، وأعراضه الخفيفة التي تظهر على معظم المصابين الذين ينقلوها دون معرفتهم، وبسبب معدل سفر الناس الكبير والنشاط السياحي، وعدم توفر معلومات كافية حول الفيروس، كونه جديد، ولا يوجد لقاح له حتى الآن، إلى جانب عدم إعطاءه أهمية وأولوية من قبل العديد من الحكومات في العالم. أدى انتشار الفيروس، الذي صنّفته منظمة الصحة العالمية على أنه جائحة، إلى تكاثر أعداد هائلة من نظريات المؤامرة التي استقبلها معظم الناس بسرعة، وساهموا في نشرها بنشاط غير مسبوق، وهذا أمر غريزي وطبيعي، كون الناس يفضلون إجابات مبسّطة عن أحداث معقدة، وخاصة في فترات الغموض والقلق. لكن ما يستدعي التوقف عنده، هو تلقّف الأفكار المؤامراتية ونشرها، بقصد أو بدونه، من قبل قادة دول ومسؤولين ورجال دين وكُتّاب يمثّلون شريحة كبيرة من الناس ولهم تأثير، يفترض أنهم يمتلكون الحد الأدنى من المعرفة والمسؤولية والحس النقدي. وفي جولة مكثّفة على عقليات وتصرفات بعض من المسؤولين والشخصيات العامّة في العالم: سوريا وسط تحذيرات منظمة الصحة العالمية من تفشي فيروس كورونا في سوريا دون اكتشافه، وخوف المواطنين اليائسين من المجهول في البلد الذي انهكته الحرب لتسع سنوات ودمرت أغلب بنيته التحتية والبشرية والطبية، قال وزير الصحة في حكومة السلطة السورية نزار يازجي في لقاء مع محطة الإخبارية: "إن الجيش العربي السوري طهر كثير من الجراثيم الموجودة على أرض سوريا"، وأكد أنه لا توجد حالات في البلاد، ليكشف لاحقاً وجودها، حتى طلب السفير السوري بموسكو من وزارة الصحة الروسية مساعدتها عبر تزويدها بأجهزة لرصد الفيروس والفحص والتحليل، وتوفير سترات واقية. دولة الاحتلال الإسرائيلي حاول الحاخام ديفيد ويكسلمان ربط انتشار كورونا، بطريقة ما، بمعاناة السوريين ومعاناة اليهود على يد هتلر، وكتب في مقال: "إن تفشي فيروس كوفيد-١٩ يعود إلى عدة أسباب من أهمها تجاهل العالم لعذابات ومحرقة الشعب السوري المستمرة منذ سنوات، إن المظالم التي تعرض لها اللاجئون السوريون تحولت إلى لعنة على العالم، تجسدت في كورونا، وأن ما يصيب البشرية ناجم عن معاصيها ونسيانها لخالقها وتجاهل أوامره". فيما قال الحاخام مئير مزوز: "إن انتشار فيروس كورونا المستجد حول العالم بسبب الشذوذ الجنسي، ومسيرات المثليين في إسرائيل، التي هي ضد الفطرة والطبيعة، والله ينتقم منا بسبب ذلك". ويعتبر مئير مزوز من كبار المرجعيات الدينية اليهودية الشرقية في دولة الاحتلال، وهو حاخام وزير الداخلية الإسرائيلي السابق (إيلي شاي) الذي كان يقدم مقترحات أمنية للحكومة بناء على ما يسمعه منه. إيران قال علي رضا بناهيان، رجل الدين المقرب من المرشد الإيراني علي خامنئي، في تصريح: "كورونا حرب بيولوجية، ضد البشرية وتيار المقاومة". أما المرشد الإيراني، علي خامنئي، فقد كتب على موقع تويتر: "بإمكان تأسيس مقرّ صحّي وعلاجي لمواجهة الكورونا أن يكون بمثابة مناورة دفاعيّة بيولوجيّة نظراً للقرائن التي تشير إلى احتمال كون هذه الأحداث «هجوماً بيولوجيّاً» وأن يضاعف القوّة والقدرات الوطنيّة". وفي كلمة ألقاها خامنئي بمناسبة "العام الفارسي الجديد" قال: "هناك شكوك في أن الولايات المتحدة خلقت فيروس كورونا... أمريكا متهمة بصناعته ونشره، وأنا على دراية بمدى صحة هذا الادعاء، لذا أي شخص يتحلى بالمنطق لا يستطيع الوثوق بدواء ستقدمونه أنتم الأمريكان ". وتابع: "يمكن لدوائكم أن يسبب استفحال المرض، والأطباء الذين سترسلونهم إلينا سيراقبون عن كثب التأثيرات الجانبية للسم الذي صنعوه، وكما يقولون إن جزءاً من الفيروس تم إنتاجه بما يتناسب مع المورث الجيني للإيرانيين". ومن جهته، رد وزير الخارجية الأمريكي مارك بومبيو، على تغريدة المرشد الإيراني، قائلاً: "كما يعلم خامنئي، أفضل دفاع بيولوجي هو إخبار الشعب الإيراني الحقيقة عن فيروس ووهان عندما انتشر في إيران من الصين، عوضاً عن ذلك، أبقى رحلات (شركة) طيران ماهان تأتي وتغادر مركز الوباء في الصين، وسجنَ الذين تحدثوا بجرأة". العراق وفي العراق تحدى زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، الإجراءات الحكومية لاحتواء الفيروس واستمر في إقامة صلوات جماعية حتى قبل عدة أسابيع، قبل أن يتراجع عنها، واتهم الرئيس الأمريكي ترامب بنشر الفيروس بين معارضي أمريكا. كما ألقى الصدر باللوم على انتشار الفيروس على "شرعنة زواج المثليين" في شتى دول العالم، على الرغم من أن الفيروس ينتقل عبر القطيرات التنفسية الناتجة عن السعال والعطاس. وقال الصدر في تغريدة على توتير: "إن من أفدح الأمور التي تسببت بانتشار هذا الوباء هو تقنين (زواج المثليين). من هنا أدعو كل الحكومات إلى إلغاء هذا القانون فوراً وبلا توانٍ فلعله سيكون بمثابة الندم على الذنب، وإلا فلإفلات حين مندم". وفي تغريدة أخرى: "يا ترامب. أنت وأمثالك متهمون بنشر هذا المرض ولا سيما أن أغلب من يعاني منه هم معارضون لأمريكا". الصين في البلد الذي انطلق منها فيروس كورونا (كوفيد-١٩)، اتهم مسؤول في وزارة الخارجية الصينية الجيش الأمريكي بنقل الوباء إلى الصين. وقال نائب رئيس إدارة المعلومات بوزارة الخارجية الصينية، ليجان زاهو، في تغريدة على موقع توتير: "متى بدأ المريض الأول في أمريكا؟ كم عدد الأشخاص المصابين؟ ما أسماء المستشفيات؟ يمكن أن يكون الجيش الأمريكي هو من جاء بالوباء إلى ووهان. كونوا شفافين، أعلنوا بياناتكم للعامة! الولايات المتحدة تدين لنا بتفسير". البرازيل استخف الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو بفيروس كورونا بداية، قائلاً إنها "مجرد أنفلونزا بسيطة"، وقلل من مخاطر الوباء من خلال تصريحاته ومخالطته لأنصاره ومصافحته لهم، وتعمّد مخالفة توصيات التباعد الاجتماعي. كما أنه ضغط ضد إجراءات الإغلاق التي فرضها حكام الولايات البرازيلية. وقال أيضاً: "الناس سيموتون، أنا آسف... لكن لا يمكننا إيقاف مصنع للسيارات بسبب وقوع حوادث مرورية". أما وزير التعليم البرازيلي، أبراهام وينتروب، فقد قال في تغريدات على موقع توتير إن تفشي فيروس كورونا "جزء من خطة جيوسياسية للسيطرة على العالم"، واعتبر أن الصين كانت وراء أزمة الصحة العالمية. وكتب أيضاً: "من الناحية الجيوسياسية، من سيخرج أقوى من هذه الأزمة العالمية؟". روسيا قال زعيم "الحزب الليبرالي الديمقراطي" الروسي، فلاديمير جيرينفسكي، في تصريح "إن فيروس كورونا يقف خلفه البنتاغون بمساعدة شركات الأدوية بهدف خلق أوبئة محلية يمكن أن تُدمّر مجموعة مختارة من السكان دون الانتشار في دول أخرى". كما صرّح السياسي إيغور نيكولين: "إن اختيار ووهان لنشر كورونا، كان بسبب احتضانها معهد ووهان لعلم الفيروسات، الذي يقدم للبنتاغون والمخابرات الأميركية غطاء مريحاً لإجراء تجاربهم البيولوجية"، وأن "المختبرات الأميركية تقوم بجمع ومعالجة المواد الوراثية للسكان الروس والصينيين من أجل تطوير فيروس -محدد عرقياً-يستهدف شعوباً معينة فقط". من جهته، قال الخبير العسكري الروسي فيكتور بارانيتس: "إن الحرب البيولوجية أصبحت سلاحاً جديداً تستخدمه الولايات المتحدة من أجل التفوق على خصومها الرئيسيين". كما يوجد عدد هائل، يصعب إحصاءه، من التقارير الإعلامية الروسية التي تعج بالمؤامرات دون أي دليل علمي أو منطقي. فيما أعلن مصدر في وزارة الخارجية الروسية، أن موسكو لا تملك معلومات حول "الأثر الأمريكي" في ظهور فيروس كورونا المستجد، ولكن هناك أسئلة يتوجب على واشنطن الرد عليها. الولايات المتحدة بداية، قلّل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من احتمالات وصول الفيروس إلى البلاد، قائلاً إن "الوضع مسيطر عليه… وبلادنا مستعدة لأي ظرف من الظروف. لا يوجد سبب للذعر على الإطلاق"، وأن "الأفراد الذين يتمتعون بصحة جيدة سيكونون قادرين على التعافي بشكل تام". كما اتهم رئيس أركان البيت الأبيض بالإنابة، ميك مولفاني، الإعلام الأميركي بإثارة الذعر حول فيروس كورونا، أملاً بالإطاحة بالرئيس دونالد ترامب، وقال: "السبب في إيلائهم الكثير من الاهتمام للفيروس اليوم، هو اعتقادهم أن هذا سيؤدي إلى إسقاط الرئيس". وبعدها بعدة أسابيع تصدرت الولايات المتحدة قائمة الإصابات والوفيات في العالم. كُتّاب قائمة الكُتّاب الغارقين بنظريات المؤامرة طويلة جداً، لكن يمكن اختصارها بمثالين: الكاتب البحريني إبراهيم راشد الدوسري، قال في تصريح صحفي: "هل فيروس كورونا وباء طبيعي أم فيروس من صنع عقول خبيثة تحيك أسيادها خطط ومكائد لا يعلم أهدافها إلا الله... أشك أنه توجد في مطبخ المؤامرات وجبات مسمومة تطبخ على مهل". الكاتب عبد الباري عطوان، ذكر في إحدى مقالاته: "لن نُفاجأ أن يأتي اليوم الذي تظهر فيه الحقائق حول اختراع أمريكا لفيروس الكورونا، ونشره في الصين وإيران لتدمير البَلدين واقتِصادهما.. والأيّام بيننا". ------------------------------------------------------------------------------------------ - مراحل الأزمة السورية - - محمد سيد رصاص - جريدة "الأخبار"20آذار2020 بدأت الأزمة السورية مع مظاهرات مدينة درعا في يوم الجمعة 18آذارمارس2011، وليس مع مظاهرة سوق الحميدية بدمشق في 15الشهر المذكور. من خلال درعا كان هناك صفارة بداية لحراك اجتماعي معارض أخذ شكل مظاهرات في مدن وبلدات سورية عدة (اللاذقية – بانياس- دوما- حمص- جسر الشغور)،إضافة إلى منطقة حوران حصلت فيما تبقى من الشهر المذكور والشهر التالي ثم انضمت مدينتي حماة ودير الزور ومناطق واسعة من ريفي ادلب ودمشق في صيف2011.كان واضحاً خلال أشهر أربعة بأن حراكاً اجتماعياً عفوياً واسعاً(ثم دخلت الأحزاب على الخط بين حزيران وتشرين أول2011) يحمل مطالب بالتغيير السياسي من دون الوصول إلى شعار "اسقاط النظام" الذي لم يظهر سوى في بعض المظاهرات بشهر تموزيوليو. الأزمة السورية نشأت من مشهدية الحراك المعارض في مواجهة السلطة حيث لم يستطع طرفا المشهد ايجاد تسوية بينهما، ولاأن يتغلب أحدهما على الآخر. الأزمة تكونت من هذا الاستعصاء التوازني وهي كانت داخلية في عناصرها حتى أقلمتها مع مبادرة الجامعة العربية في 2تشرين ثانينوفمبر2011. خلال تلك الأزمة السورية الداخلية كان ملفتاً موقف الأطراف الخارجية: سعت تركية لمصالحة بين السلطة السورية و"جماعة الإخوان المسلمين" منذ نيسانإبريل2011.كان السفير الأميركي روبرت فورد مساهماً رئيسياً في الدفع لعقد مؤتمر لمعارضين سوريين في فندق سمير أميس في 27حزيرانيونيو والذي نقل جلساته التلفزيون الرسمي. كان هناك تصلب فرنسي وقطري اتجه نحو القطع مع السلطة السورية منذ شهر تموزيوليو، فيمالم يتجه الأتراك نحو ذلك إلابعد زيارة وزير الخارجية أحمد داوود أوغلو لدمشق في 9آبأغسطس وكذلك السعودية التي أعلنت القطيعة مع السلطة السورية خلال العشرية الأولى من شهر آب حتى وصلت الأمور للذروة مع الرئيس الأميركي باراك أوباما في 18آب من خلال دعوته الرئيس السوري للتنحي وليتبعه بنفس اليوم رئيس الوزراء البريطاني دافيد كاميرون ووزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون. كان الموقف الايراني واضحاً منذ الشهرين الأولين في مساندة السلطة السورية فيما لم يتوضح الموقف الروسي سوى عبر فيتو 4تشرين أولأكتوبر 2011في مجلس الأمن. هذا الاستقطاب الاقليمي- الدولي الذي نشأ بين الشهرين الثامن والعاشر من عام2011على وقع الأزمة السورية ذات الايقاع الداخلي نقلها إلى مقلب آخر وحتى جعل الأطراف السورية المتنازعة تفكر في تصليب وضعها وتقويته مثل السلطة التي راهنت منذ ذاك الوقت على دعم ايراني- روسي فيما الكثير من المعارضين وخاصة بعد تصريح أوباما الذي سبق بخمسة أيام سقوط القذافي ،أصبحوا يراهنون على تكرار سوري للسيناريو الليبي عندما كان السلاح المحلي المعارض هو ذريعة لتدخل الناتو ضد القذافي بدءاً من شهر آذارمارس2011،وفعلاً هذا ما رأيناه عند تشكيل "المجلس الوطني السوري "في 2تشرين أول2011عندما كان طلب "الحماية الدولية للمدنيين "مترافقاً مع دعم "الجيش السوري الحر "ومع اتجاه " الاخوان المسلمون" ، وهم الفصيل الرئيسي في المجلس بالتعاون مع "اعلان دمشق "،إلى تبني حمل السلاح وهو ما قرره مجلس شورى الجماعة خلال شهر تشرين أول2011. بعبارة أخرى: على وقع أزمة سورية داخلية نشأت جبهتا دعم ،أي روسيا – ايران- حزب الله للسلطة السورية والولايات المتحدة- فرنسة- تركية- قطر ل"المجلس الوطني السوري" والمعارضة المسلحة، فيما ترددت السعودية كثيراً في خريف 2011وبحر عام 2012في الانخراط الكثيف بدعم المعارضة السورية بسبب هواجسها من مد الأصولية الاسلامية،بخلاف سياسات الرياض في فترة 2013-2015عندما حاولت انتزاع "الائتلاف "من قبضة قطر وتركية في أيار2013عبر ما سمي ب"التوسعة "ثم تعاونت مع تركية في تشكيل "جيش الفتح"بربيع2015مماقاد إلى سقوط مركز محافظة إدلب ومدينتي أريحا وجسر الشغور من يدي السلطة. على الأرجح أن هذا الاستقطاب الدولي – الاقليمي لم يقد فقط إلى انتفاء محلية الأزمة وإنما قاد أيضاً إلى استحالة نجاح أقلمتها وبالذات الشكل العربي للأقلمة متمثلاً في مبادرة الجامعة العربية التي كانت ذات نفس اصلاحي- تغييري للواقع السوري وليست ذات نفس ينحو إلى ما ذهب إليه "المجلس" نحو "اسقاط النظام "،وقد كان هناك تعاون كبير بين أمين عام الجامعة العربية نبيل العربي وبين قياديين من "هيئة التنسيق الوطنية" في كتابة مسودة المبادرة منذ آب2011.كانت أقلمة الأزمة من خلال تعريبها بداية لنقل الأزمة من أيدي السوريين ،ولكن كان ملفتاً للنظر هنا أن اللاعب الاقليمي الأكبر في الأزمة السورية أثناء أقلمتها (2تشرين ثاني 2011-21آذار2012عندما بدأ تدويل الأزمة مع صدور البيان الرئاسي من مجلس الأمن بتأييد مبادرة المبعوث الدولي كوفي عنان) لم يكن العرب بل تركية وايران.فشلت مبادرة الجامعة العربية لأن العرب لم يكن لهم اليد الطولى في أزمة عربية ،كماكانت مصر والسعودية في الأزمة اليمنية1962-1970،ولأن (الدولي)،أي واشنطن وموسكو،كان أقوى في الأزمة من أنقرة وطهران إذا لم نقل بأن أنقرة كانت مخلب واشنطن في سوريا كماكانت فرنسا ساركوزي رأس حربة للأميركي ضد القذافي وهذا ما قاد إلى طريق سالك نحو تدويل الأزمة السورية التي أصبحت أزمة بثلاثة طوابق: سورية- اقليمية- دولية ثم انضاف لها طابق رابع منذ 9نيسانإبريل 2013مع تأسيس "داعش"ليصبح الطابق الرابع هو المنظمات العابرة للحدود وإن كان وجود "جبهة النصرة "منذ اعلانها في 23كانون ثاني يناير2012هو الاسم الكودي ل"دولة العراق الاسلامية" بزعامة أبوبكر البغدادي و ل"تنظيم القاعدة "الذي كان يتبع له البغدادي حتى تأسيس "داعش" مادام الجولاني مرسلاً من البغدادي لسوريا في عام2011. هنا تدويل الأزمة السورية كان حصيلة للانخراط الروسي الفعلي في الأزمة السورية والذي كانت قمة جبل جليده هما فيتو 4تشرين أولأوكتوبر2011وفيتو4شباطفبراير2012،وهوما منع تكرار السيناريو الليبي عبر أردوغان في سوريا وخاصة بعد ارسال الروس لأسطول البحر الأسود إلى الساحل السوري في أواخر تشرين ثانينوفمبر2011.الملفت للنظر هنا أن قمة اتفاق الأمريكان والروس حول نص تدويلي للأزمة السورية مثل (بيان جنيف1)في 30حزيرانيونيو2012لم تعقبه خطوات عملية نحو الحل السياسي بل بقي حبراً على ورق في ظل انخراط أميركي فعلي وواضح المعالم نحو دعم المعارضة السورية المسلحة ومع دعم أميركي لداعمي الأخيرة نحو تغيير الواقع على الأرض من خلال عمليات أمنية (تفجير خلية الأزمة- 18تموز2012،اقتحام مبنى الأركان العامة للجيش في قلب دمشق- 26أيلول2012) أوعمليات عسكرية قادت لتغييرات على الأرض لصالح المعارضة المسلحة (الأحياء الشرقية لمدينة حلب وأغلب أحياء ديرالزور في تموز2012)أ وعمليات عسكرية حاولت احداث تغييرات على الأرض (هجوم المعارضة المسلحة على مدينة دمشق المنطلق من ريفها نحو المطار وطريق المطار والأحياء الشرقية لدمشق بدءاً من يوم 7تشرين ثانينوفمبر2012حتى أواخر العام).كاد الروس أن ينحنوا من خلال تصريح ميخائيل بوغدانوف أمام الغرفة الاجتماعية الروسية: "فيما يتعلق بالاستعدادات لانتصار المعارضة فلايجوز استبعاد ذلك بالطبع. يجب النظر إلى الوقائع. هناك توجه إلى هذا المسار"(جريدة "الحياة"،13122012)، وكان هناك مراهنات أميركية بأن التشاؤم الروسي حول الوضع السوري سيؤدي إلى تغييرات عند الكرملين في النظرة للوضع السوري وهو ما سارعت موسكو لنفيه بعد الضجة التي أحدثتها تصريحات بوغدانوف (جريدة "السفير"،15122012). في هذا الإطار كان تزعم واشنطن لمؤتمر أنطاليا الذي أنشأ قيادة جديدة ل"الجيش السوري الحر "،استبدل فيها رياض الأسعد بسليم ادريس،ضمن هذا الانخراط الأميركي في دعم المعارضة السورية المسلحة ، وإذا كان هذا قد تزامن في الأسبوع الثاني من كانون أول ديسمبر2012مع القرار الأميركي بوضع "جبهة النصرة "ضمن قائمة المنظمات الارهابية ،فإنه على ما يبدو كان يعبر عن جهد أميركي لتغليب "المعتدلين "على "المتطرفين "في المعارضة المسلحة وخاصة مع استبعاد "جبهة النصرة "و"كتائب أحرار الشام "من تشكيلة مؤتمر أنطاليا الذي حضرته مع أميركا وتركية كلاً من فرنسة وقطر والسعودية. بالتأكيد فوجئ الأمريكان في مؤتمر "أصدقاء سوريا "بالمغرب في 12122012برئيس "الائتلاف "معاذ الخطيب مدافعاً عن "جبهة النصرة" ورافضاً القرار الأميركي قبل ان يلحقه في ذلك نائبه جورج صبرة ،ولكنهم على الأرجح قد فوجئوا أكثر عندما ظهرت "النصرة "و"أحرار الشام "بوصفهما أقوى من تشكيلة أنطاليا عندما سيطرا على مطار تفتناز(1112013)وعلى بلدة مورك شمال حماة وعلى بلدة الشدادة جنوب الحسكة (شباط)وعلى مدينة الرقة(332013).كان باراك أوباما قد اعترف ب"الائتلاف" ك"ممثل للشعب السوري "في خطوة اعتبرها الروس نقضاً لبيان جنيف الذي يقول بحل توافقي بين السلطة والمعارضة وعلى ما يبدو أن الرئيس الأميركي قد اقتنع بالحل التوافقي الذي يمثله بيان جنيف "بعد أن أصبح مقتنعاً بأن سيطرة الاسلام الراديكالي على المعارضة المسلحة ستجعل البديل للنظام السوري هو دولة اسلامية متطرفة"(جريدة "نيويورك تايمز"،2742013).من هنا ذهاب وزير خارجيته جون كيري لموسكو وعقده اتفاق 7أيارمايو2013مع لافروف لتفعيل بيان جنيف وعقد مؤتمر جنيف2 الذي أتى وفق القرار2118(27أيلول2013)الذي وضع النص الكامل لبيان جنيف في سياقه ولوأنه كقرار أتى حصيلة لتوافق أميركي- روسي لنزع السلاح الكيماوي الروسي حيث كان الاتفاق المذكور حصيلة للتدويل الأميركي- الروسي الذي أنتج (جنيف 2) و(جنيف3) ومابينهما أتى التدخل العسكري الروسي لسوريا في 30أيلول2015حصيلة لتوافق أميركي- روسي ثم القرار2254. يمكن أن يكون هنا، تاريخ 30أيلول2015مرحلة جديدة في مسار الأزمة السورية لأنه أنتج مفاعيل جديدة منها التقارب الروسي – التركي(منذ 9آب2016) ومسار أستانة (الأسبوع الأخير من عام2016) ومؤتمر سوتشي الذي أنتج اللجنة الدستورية بتوافق روسي مع الأمم المتحدة في الشهر الأول من عام2018،كماأنه أنتج تحالف موسكو- طهران- أنقرة عبر قمة سوتشي في تشرين ثانينوفمبر2017.على الأرجح أن اتجاه الروس لتحالفات في سوريا غير مرضي عنها أميركياً مع أنقرة وطهران هي التي دفعت الأمريكان منذ عام2016 ،ومن أجل الضغط على الروس ولموازاة وجودهم، نحو بناء تواجد عسكري في قواعد بمنطقة شرق الفرات من خلال استخدام الفرع السوري لحزب عبدالله أوجلان كمظلة سورية لهذا التواجد العسكري الأميركي.التحالف الروسي-التركي سمح لأنقرة بالسيطرة على خط جرابلس-الباب-إعزاز عام2016وعفرين عام2018وخط تل أبيض-رأس العين عام2019وهو الذي وضع سقوفاً لمعركة محافظة إدلب الأخيرة من خلال اتفاق 5آذارمارس2010في موسكو بين بوتين وأردوغان. - جمال الأتاسي في الذكرى العشرين لوفاته - د. سراب جمال الأتاسي
30 آذار 2020
يأتي أخيراً الإعداد لإصدار الجزء الأول من كتابات المناضل والمفكر القومي جمال الأتاسي تحت عنوان “جمال الأتاسي، أبحاث ومقالات في الفكر والسياسة “.
أعدت صياغة السيرة التي بين أيديكم، والتي تتناول بإيجاز وتركيز أهم محطات حياة والدي جمال الأتاسي، في السنة التي سبقت غيابه، وكان ذلك بطلب من أحد رفاقه. وعند إتمام المهمة عدت إليه وطلبت منه الموافقة عليها، راجعها معي بدقة مبتسماً وصافناً. وقد اخترت أن تكون هذه السيرة مقدمة إلى الجزء الأول من أعماله الذي سيضم في مدخله أيضاً تقديمًا عامًا لجملة الكتابات والوثائق والأبحاث إضافة لمنهج العمل وخطته. لقد تأخر كثيرا مشروع طباعة أبحاث ومقالات الدكتور جمال الأتاسي، علما أنني كنت قد أنجزت جمع المادة واعادة تنضيد معظمها مع تنسيقها منذ العام 2002 بفضل الدعم الذي حصلت عليه من المخلصين الذين كانوا حولي من أصدقاء ورفاق والدي. ولا بد من التنويه هنا الى أن هذه المادة كانت متاحة دائما لكل من طلبها واحتاج العودة اليها. واليوم وبعد النكبة التي
عاشتها سورية وبعد كل الدمار الذي أصاب في الصميم الانسان والحجر، التاريخ والتراث في بلادنا تأتي هذه النصوص أساسية لأنها تحمي ذاكرة جيل سياسي أخلاقي تحمل المسؤولية وأراد أن يكون دليلًا للجيل العروبي الشاب الذي يتلمس طريقه في أصعب الظروف.
جمال الأتاسي
مسارٌ فكري ملتزم في القومية والسياسة
كانت قضية القومية العربية في حياة جمال الأتاسي هي القضية المحورية والأساسية، قضية تحرر واستقلال وطني وقومي، قضية تسمح بالنهوض بالأمة على طريق التقدم والوحدة وإقامة دولة الأمة وذلك من خلال مواجهة أعداء الأمة وكل المشاريع المعادية لها. وضمن هذا المنهج كانت قضية القومية العربية قضية جمال الأتاسي فكراً وممارسة وعملاً والتزاماً وهذا على مدى ستة عقود من الزمن تقدم فيها مراحل وأطواراً. أول التزام وممارسة نضالية ظهر فيها هذا التوجه لدى جمال الأتاسي كان التزامه بنصرة العراق عام 1941 والتحاقه، وهو في سنته الجامعية الأولى في كلية الطب في جامعة دمشق، مع مجموعة صغيرة من رفاقه الطلبة العرب، بثورة رشيد علي الكيلاني في بغداد. وآخر مشاركة عامة له في عام 2000، كانت مشاركته في المؤتمر القومي الإسلامي ثم في المؤتمر العام الثامن للاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي حيث ألقى كلمة الافتتاح في 20آذار، وكانت هذه الكلمة آخر ما خطته يد المناضل جمال الأتاسي. كان جمال الأتاسي من الشباب القوميين الملتزمين والنشطاء طوال فترة دراسته الجامعية في مدينة دمشق، وساهم عام 1943 بإنشاء “الرابطة العربية” للطلاب العرب الدارسين في كليات الجامعة السورية، وقام بإدارتها وتنظيم نشاطاتها ومحاضراتها من على منبر الجامعة، تبشيراً بالقومية العربية ووحدة الأمة في مواجهة الدعوات الإقليمية والأممية والأصولية التي سادت تلك الفترة. ومن نشاطات تلك الرابطة كانت دعوة الأستاذ ميشيل عفلق لإلقاء محاضرته الخطابية على منبر الجامعة في “ذكرى الرسول العربي”، وهكذا قام تلاق كان له أبعد الأثر في الحياة السورية السياسية؛ وكان جمال الأتاسي أول من شارك (كممثل للطلبة الجامعيين) مع الأستاذين ميشيل عفلق وصلاح الدين البيطار ورفاقهما في تأسيس حزب “البعث العربي” وذلك في أواخر عام 1943؛ ولازم جمال الأتاسي الأستاذ عفلق في العمل لعدة سنوات، وشارك معه في وضع الميثاق الأول للحزب ووضع شعاراته وإصدار بياناته السياسية وتنظيم مناسباته الخطابية؛ وفي نيسان عام 1947 كان على رأس اللجنة التحضيرية التي أعدت أوراق المؤتمر التأسيسي لحزب البعث العربي ومشروع ميثاقه القومي ونظامه الأساسي، وبعد ذلك انصرف بضع سنوات للدراسة والتخصص في الطب النفسي. سنوات قضاها أيضاً في التعمق في البحث النظري وفي الكتابة وإلقاء الدروس والمحاضرات السياسية فضلاً عن العمل الطبي والمشاركة في النضالات الوطنية. وفي منتصف عام 1955 عاود نشاطه الحزبي في القيادة المركزية للحزب، عندما توسع الحزب وقد أصبح “حزب البعث العربي الاشتراكي” بعد أن ضم إليه “حركة الاشتراكيين العرب” لأكرم الحوراني، وفي هذه الحقبة الهامة أصدر الحزب في عام 1956 تحديداً جريدة “البعث” الأسبوعية وكان جمال الأتاسي أحد المشرفين الرئيسيين على سياسة الجريدة وصفحاتها الفكرية وكان له دوره البارز داخل قيادة الحزب، ومن خلال كتاباته المتعمقة والمنتظمة، في التبشير بوحدة القطرين والإعلان عن قيام الجمهورية العربية المتحدة في شباط/ فبراير عام 1958. استمر بإصدار جريدة البعث بشكل مستقل ولعدة أشهر، بعد قيام الوحدة وحل الأحزاب، ثم اضطر للتوقف؛ وفي مطلع عام 1959 وبعد الاطلاع على كتاباته والتعرف على مواقفه القومية وبخاصة من خلال ما نشره في الصحافة اللبنانية حول انحراف عبد الكريم قاسم بثورة 14 تموز عن طريق القومية العربية والوحدة، رشحه الرئيس عبد الناصر ليكون صاحب ورئيس تحرير واحدة من الجريدتين المستقلتين اللتين تقرر الترخيص لإصدارهما في دمشق، وهكذا تولى جمال الأتاسي رئاسة تحرير جريدة الجماهير، الصحيفة اليومية التي قامت لتدافع عن الوحدة ودولة الوحدة في وجه الحملات المعادية، ولأول وآخر مرة في مسيرته المهنية تفرغ بشكل كامل لعمله في “الجماهير”. غير أنه آثر التوقف بعد مدة وبعد كتابة مقال افتتاحي بعنوان: “الصمت موقف”، تعبيراً عن الاحتجاج على النهج البيروقراطي والأمني الخاطئ الذي سار عليه حكم الوحدة في سورية، ولكنه أكد في الوقت نفسه على حرصه على استمرار الوحدة وتقدمها حتى لا يُستغل نقده لصالح أعداء هذه الوحدة؛ وفي محادثات الوحدة الثلاثية عام 1963، كان استعراض هام وتحليلي لهذه التجربة، وهذا ما يفسر ما جاء وجرى على لسان الرئيس عبد الناصر في اجتماعات المحادثات من سؤال بعضهم: “وما قولكم يا أصحاب الصمت موقف”.
وبعد توقف “الجماهير” انصرف جمال الأتاسي إلى ترجمة عدد من الكتب في أهمية الوعي القومي، واهتم بشكل خاص في هذه الفترة بالكتابة وتقديم البحوث والمحاضرات انتصاراً لثورة الجزائر. وبعد أن وقع الانفصال كان بين النشيطين، كتابة وتنظيماً، سياسةً وعملاً والتزاماً من أجل إسقاط الانفصال وتجديد الوحدة مع مصر عبد الناصر، وكذلك في العمل من أجل قيام جبهة موحدة بين الجناح الوحدوي من حزب البعث الذي أعاد تنظيمه في سورية وبين القوى الشعبية الوحدوية (الناصرية)؛ وكان آنذاك المشرف الفعلي على جريدة البعث التي عاودت الصدور عام 1962، هذه الصحيفة التي لعبت دوراً بارزاً في معارضة عهد الانفصال؛ ثم شارك في حركة التغيير التي قامت بها القوى الوحدوية عام 1963، هذه الحركة التي عُرفت بثورة الثامن من آذار؛ ولكنه ما لبث أن استقال من الوزارة ومن مواقعه القيادية في حزب البعث ومن عضوية مجلس قيادة الثورة؛ وذلك بعد التعثر الذي أصاب التقدم على طريق الوحدة الثلاثية، وبالأخص عندما آثر الحزب الانفراد بالسلطة على الدفع والمضي على طريق الوحدة مع عبد الناصر؛ وكانت فترة تحول في حياته السياسية انحاز بعدها بقناعات راسخة إلى الحركة الشعبية الناصرية، وأمسك منذ ذلك الوقت، وما زال حتى يوم وفاته ، بنهج قومي ناصري مجدد فكراً وممارسة والتزاماً بالمشروع القومي النهضوي العربي الذي كان يستلهم توجهاته المستقبلية ومقوماته من تجربة الثورة الناصرية وما حركت وما قدمت وذلك بروح تجددية موضوعية تواكب تحولات وتعثرات العالم العربي. لقد بقي جمال الأتاسي في كل مراحل حياته، يربط بين الفكر والممارسة، عملاً والتزاماً، وله موقعه في العمل الوطني والقومي والناصري، مع توجه ديمقراطي في هذه المجالات، توجه ديمقراطي تعمق في فهمه ودراسته وتحليله ليقدمه كجزء لا يتجزأ من العمل القومي العربي. بعد هذا العرض العام للخط الوطني والقومي والسياسي الذي التزمه جمال الأتاسي في كل مراحل حياته لابد من التأكيد على أن كل مراحل هذه الحياة كانت مجندة لقضية التزمها بتصميم وإحساس بالمسؤولية. وما جاء هذا الانعطاف الهام في حياته السياسية عام 1964 وقبوله المسؤولية والأمانة العامة للاتحاد الاشتراكي العربي إلا تجسيداً لفكر قومي تنامى وتجدد اعتماداً على فهم حقيقي للبعد القومي والوطني لفكر عبد الناصر ومحاولاً متابعة الطريق بما كان لهذا النهج العروبي من إمكانيات عظيمة على مستوى الأمة العربية. وكان كل ما درسه وقرأه وحلله جمال الأتاسي حتى في مجال اختصاصه في الطب النفسي أو في العديد من اهتماماته الفلسفية المبكرة قد أفاد منه في تعميق فهمه لمرحلة تاريخية بالغة التعقيد والخطورة على مستوى العالم العربي. وكان كل ما كتب أو ترجم أو نشر خلال أكثر من نصف قرن إلا وكان من خلال موقف إيديولوجي وسياسي ومن أجل إحداث فعل وتأثير هادف في مرحلة معينة من مراحل عمله الوطني. وهو إذا لم ينصرف في حياته شأن الكثير من الكتاب إلى جمع كتاباته وما نُشر وينشر له منها في الصحف والمجلات أو في “المنشورات الخاصة” فذلك أن همه كان يتمحور دائماً حول الحدث الذي يعيشه والنص الذي سيواكب هذا الحدث، وهذه النصوص كانت في مجملها تتصف بفكر عميق وذهن متألق يقظ مواكب لا للأحداث السياسية فحسب ولكن للثقافة والعلم والحضارة العالمية؛ وكم من مقال أو بحث كتبه دون توقيع بسبب أن هذه الكتابات كانت تندرج في إطار قومي أو وطني عام. وفي هذا السياق، جاء العمل على جمع ونشر تراث جمال الأتاسي المدون، هذه الأبحاث والمقالات التي تشكل قبل كل شيء شهادة وذاكرة للتاريخ المعاصر والحديث في وطننا العربي، والتي تزداد أهميتها في هذا الضياع العربي الراهن. لم أكن فقط الابنة الكبرى المسؤولة، بل أصبحت مع تقدم العمر والأيام صديقة "الدكتور جمال”، ذلك أننا كنا نلتقي على الصعيد الفكري والثقافي، وكنت أيضا السكرتيرة الملتزمة، احمل له الصحف والكتب، ارافقه في بعض المهام الصعبة أو الانسانية، أرتب العيادة بشكل منتظم وأنظف وأعزل وأضيع في ترتيب الأوراق. هذه الصداقة الحلوة التي ما زالت حية في قلبي ووجداني سمحت لي بمواكبة وفهم عمق وأخلاقية التزامه السياسي الوطني، وهي أيضا التي دفعتني بعد رحيله الى أن أكون حريصة ودقيقة في جمع تراثه وذاكرته وحماية ذكراه. سوف يضم الجزء الأول الذي يصدر تحت عنوان “جمال الأتاسي، أبحاث ومقالات في الفكر والسياسة”، بعض المؤلفات البارزة مثل كتاب “إطلالة على التجربة التاريخية لعبد الناصر ونهجه الاستراتيجي” ومبحث “الحوار مقدمة للعمل والديمقراطية غاية وطريق”، وآخر مقال نُشر في مجموعة مقالات مهداة إلى الأستاذ أنطون المقدسي تحت عنوان “القومية العربية على مشارف الألفية الثالثة”، إضافة إلى الحوار الشامل الذي أجراه معه الأستاذ مجدي رياض عام 1986 والذي تحدث فيه جمال الأتاسي مطولاً عن لقائه بالرئيس جمال عبد الناصر عام 1969. كان جمال أتاسي قد أدرك حاجة بلده إلى الوعي السياسي والإنساني ولهذا لم يهجر أبداً الساحة وقَبِل المسؤولية كما قبل التكليف وتمثل هذا المثقف الملتزم محدداً ملامحه بهذه الكلمات: “ذلك الناقد الذي يقف من غير تحزب في معارضة واقع الظلم والفساد، وإذا عارض السلطة فليس كفوضوي يرفض أي سلطات للدولة أو النظام، وإنما يرفض التسلط والشمولية والاستبداد”.
لقد رحل عنا جمال الأتاسي ولكنه مستمر في فكره المتقدم والمبدعْ، في فكره العلمي القومي الناصري الذي ما زال ينهل منه رفاق دربه وتلاميذه.
” لقد غاب الرجل، ويغيب الرجال، وتبقى لنا التذكرة والذكرى، وإن من الذكريات ما يدل على طريق المستقبل من سلسلة قادة الأحزاب الشيوعية العربية: فؤاد مرسي ولد في الإسكندرية عام ١٩٢٥ من أسرة عمالية، وأنهى دراسته الجامعية بكلية الحقوق بجامعة الإسكندرية عام ١٩٤٥. كان تفوقه سبباً في إيفاده على حساب الدولة المصرية ببعثة دراسية إلى فرنسا حيث حصل على الدكتوراه من جامعة السوربون في الاقتصاد السياسي. في فرنسا كان على صلة بالحزب الشيوعي الفرنسي، وجماعة المصريين الدارسين هناك، وعند عودته حاصلاً على الدكتوراه عام ١٩٤٩ عمل على تجميع بقايا الحلقات الماركسية التي نجت من حملات القمع والاعتقال والسجن عامي ١٩٤٨ و١٩٤٩، وأسس شهر كانون الأول عام ١٩٤٩ الحزب الشيوعي المصري (الراية) الذي عرف باسم جريدته "راية الشعب" وكانت نشرته الداخلية تعرف باسم "الحقيقة". ظل منخرطاً في العمل السري وهو يعمل بالجامعة مدرساً وأستاذاً مساعداً حتى ٨ كانون الثاني/يناير ١٩٥٨عندما تم توحيد الحركة الشيوعية المصرية بمنظماتها المختلفة تحت اسم "الحزب الشيوعي المصري" حيث أصبح في قيادة الحزب. في ١ كانون الثاني/يناير ١٩٥٩ اعتقل ودخل السجن حيث عذب الشيوعيون فيما بين تشرين الثاني/نوفمبر ١٩٥٩ وحزيران/يونيو ١٩٦٠ تعذيباً وحشياً، وتم نفيهم إلى سجن الواحات في أقصى جنوب مصر حتى أفرج عنهم في أيار/مايو ١٩٦٤. في فبراير ١٩٧١ عين رئيساً للبنك الصناعي. في أيلول/سبتمبر ١٩٧١ عين عضواً في مجلس إدارة البنك المركزي المصري. في كانون الثاني/يناير ١٩٧٢ عين وزيراً للتموين والتجارة الداخلية في الوزارة التي رأسها عزيز صدقي لكنه قدم استقالته من الوزارة في آذار/مارس ١٩٧٣ وبعدها استقالت الحكومة. اشترك فؤاد مرسي عام ١٩٧٦ في تأسيس حزب "التجمع" وخاض العديد من المعارك ضد حكم السادات وسياسته المهادنة مع اسرائيل وضد توجهاته الرامية إلى بيع القطاع العام وغيرها من المعارك، إلى أن تم القبض عليه مع مجموعات المعارضة في اعتقالات أيلول/سبتمبر ١٩٨١ الشهيرة والتي اغتيل السادات على إثرها في ٦ تشرين الأول/أكتوبر ١٩٨١ ومن ثم تم الإفراج بعد ذلك عن السجناء المعارضين من معتقلي أيلول/سبتمبر ١٩٨١. له دراستان في الاشتراكية إحداهما بعنوان "حتمية الحل الاشتراكي" والثانية بعنوان "رأس المال لكارل ماركس" وتعتبر تمهيدا لقراءة "رأس المال". أثرى المكتبة العربية بالعديد من الأبحاث لعل من أهمها كتابه الأخيرة "الرأسمالية تجدد نفسها" الصادر في عام ١٩٩٠. توفي في حادث سير بتاريخ ١٣ أيلول/سبتمبر ١٩٩٠. ------------------------------------------------------------------------------------------------
تأسيس الأممية الثانية وتأسيس النقابات والمنظمات السياسية العمالية كانت الديموقراطية الاجتماعية الألمانية أكبر حزب ضمن الأممية الثانية، وكانت أول منظمة عصرية جماهيرية وذلك بالنظر إلى أهميتها العددية وبالنظر أيضا إلى مواقفها النظرية. أسست سنة 1875 باتحاد أتباع لاسال مع الماركسيين. وترأسها كل من ويلهيلم ليبنيخت وأوغست بيبيل وقد أضحى كارل كاوتسكي وبسرعة منظرها الأساسي. ففي سنة 1887، سنتين قبل إنشاء الأممية الثانية، نشر كاوتسكي مؤلف "النظريات الاقتصادية لكارل ماركس"، والذي أضحى المؤلف الأساسي والتقليدي لنشر الماركسية. وبذلك حجمت المبادئ الاقتصادية الماركسية إلى مجرد دعوة عقائدية تقوم عليها، وعوض ذلك الفراغ بمقولات جدلية أفرغت من القاعدة الفلسفية عامة. جعل أعضاء الأممية الثانية من أنفسهم ورثة رسميين لمؤلفات كارل ماركس وإنجلز، على أنهم لم ينشروا أبدا "مخطوطات ماركس الاقتصادية والفلسفية"، بينما أصبح تأليفات كاوتسكي التحجيمي مرجعاً أساسياً لكل من يود "البحث الموضوعي" في الفقر والمراهقة الفوضوية وغيرها من جرائم الرأسمالية. وفي سنة 1892 نشر كاوتسكي برنامج إرفورت، الذي أضحى بدوره مرجعا لكل الأحزاب الديموقراطية الاجتماعية عند إعدادها لبرامجها واستراتيجياتها السياسية. كان العنصر الأساسي في النظرية كما هو في التطبيق، هو التأكيد على التنظيم أولا وأخيرا. لذلك ركزت الديموقراطية الاجتماعية الألمانية قواها لتحقيق الحاجيات الأولى حسب متطلبات العصر، تاركة الأهداف الأساسية للاشتراكية إلى ما بعد. وإذا كان بالإمكان الانتظار في هذا النطاق، فإن الحاجة كانت ملحة للنضال التطبيقي والذي سيمكن من الإحراز على انتصارات معتبرة. وخلال الإثنى عشر عاما لوجودها، كان على الديموقراطية الاجتماعية الألمانية أن تواجه عقبة القوانين المعرقلة والمضادة للاشتراكية والتي وضعها بسمارك عام1878 ثم أزيلت عام1890، فمنعت الاجتماعات والمنشورات كما تم التضييق على الزعماء، بل سجنوا في كثير من الأحيان. ومع ذلك تم طبع المنشورات في الخارج وأدخلت خلسة إلى ألمانيا. لقد حاول بسمارك تحويل أنظار العمال عن الاشتراكية وذلك بإعلانه عن مقتضيات وقوانين ذات بعد اجتماعي كالتأمين عن المرض والشيخوخة، ورغم ذلك فقد ظل العمال عازمين على إنشاء منظمتهم الخاصة وبوسائلهم الذاتية. وناضلوا من أجل تحديد ساعات العمل اليومي والزيادة في الأجور والتعليم لفائدة الجميع وحرية الصحافة. ورغم التضييق والقمع فإن الحركة العمالية لم تتوقف عن النمو. وفي سنة 1890 وبانتهاء صلاحية القوانين المضادة للاشتراكية أضطر المستشار الحديدي إلى الاستقالة. وعند أول انتخابات حرة حصلت الديموقراطية الاجتماعية على 1427000 من الأصوات، أي 20 بالمائة من الأصوات المعبر عنها. وفي سنة 1905 صوت 25 بالمائة من الألمان للاشتراكيين، ومكنوا 81 برلمانيا من الديموقراطية الاجتماعية من الصعود إلى البرلمان (الرايخستاغ). وفي سنة 1914 كان الحزب يضم مليوناً من المنخرطين، كما كان يؤيده ثلاثة ملايين من أعضاء النقابات المختلفة. لقد كانت الديموقراطية الألمانية أول حركة اشتراكية تقوم بإعداد منظمة محكمة ومتطورة؛ فهناك الحزب السياسي الجماهيري، زد على ذلك عددا من المنظمات النقابية والتعاونيات وحركات الشبيبة وجمعيات النساء، كما كانت تنشر عددا من الصحف والدوريات والكتب والمناشير الخاصة، وأضحت عالما في حد ذاتها، بخلقها لتقاليد "اشتراكية" خاصة بمناسبات الزواج والولادة والوفاة؛ وكانت تمول جمعياتها الرياضية والرحلات والأنشطة الموازية لدرجة ظن فيها البعض من أعضائها أن القوة التنظيمية للديموقراطية الاجتماعية قادرة بذاتها، وفي حد ذاتها، على منع الحرب الرأسمالية، وضمان السلطة الديموقراطية الاجتماعية. وعندما اندحرت الرأسمالية بشكل آلي وحتمي ،كماكان يؤما،، ظن البعض بأن زعماء الحزب سيأخذون بمقاليد الأمور، وسيعوضون الزعماء الرأسماليين الذين "أساؤوا تسيير" قوى الإنتاج، ودخلوا في متاهات الاستعمار وأثقلوا كاهل الشعب بالمصاريف العسكرية. لقد أضحى هذا الإيمان الأعمى بالقوة التنظيمية القادرة على الدفع الآلي بعيدا بكل خطر حربي، السمة المميزة ليس فقط بالنسبة إلى الديموقراطية الاجتماعية الألمانية بل أيضا بالنسبة إلى الأممية الثانية بكاملها. وعليه قام كير هاردي، المؤسس للحزب العمالي المستقل لبريطانيا والذي تميزت مواقفه النضالية بالاتجاه اليساري دائما، "بإعلان إضراب عمال المناجم البريطانيين، ظنا منه أن ذلك كاف في حد ذاته لإيقاف الحرب." ونفس الشيء ظنه أدلير أحد الممثلين النمساويين حيث آمن بقوله إن "جريمة الحرب" ستؤدي بشكل "آلي" إلى نهاية الحرب. لقد كان مصطلحا "الآلية" و"الحتمية" الأكثر شيوعا في قاموس الأممية الثانية، على أن الكامن وراء ذلك كان هو النظام والتنظيم أولا وأخيرا. لقد أضحى انعدام النظام الوصف الأكثر احتقارا، كما أشار إلى ذلك إرنست فيشر ضمن مؤلفه: "يصبح العامل غير المنظم نوعا متخلفا من الجنس البشري". وأصبح الأساس هو "رأسمالية منظمة" اعتبرت "كمرحلة انتقالية ضرورية نحو الاشتراكية". بينما احتقر كل المقاولين الصغار والجماهير القروية الكبرى والصناع التقليديين والعمال غير المنظمين، لدرجة أن الاستعمار الذي حورب رسميا لم يلحقه نفس الاحتقار الذي لحق كل من "لا يعتبر منظما".لقد كان موقف الأممية الثانية كالتالي: "على النقابات تنظيم وتعبئة البروليتاريا على الصعيد الاقتصادي، وعلى الأحزاب تنظيمها وتعبئتها على الصعيد السياسي، بينما تنظم الشبيبة على أساس معارضة الحرب والنظم العسكرية. وعندما نحصل على ما يكفي من الأصوات سنمتلك العالم". وفي سنة 1907، وفي أوج الأممية الثانية اعتمد المؤتمر التعديل المضاد للحرب والمقدم من لدن لينين ولوكسمبورغ، في حين تراءت النهاية القريبة للأممية. لقد كان مؤتمر 1907 الأول الذي انعقد بعد الثورة الروسية لسنة 1905. مما يفرض ضرورة مناقشة هذه القضايا الحاسمة، أو بالأحرى إعادة النظر في النظرية على ضوء هذه المستجدات، إلا أن ذلك لم يكن متضمنا في جدول الأعمال. ورغم قيام الثوريين اليساريين – لينين ولوكسمبورغ وتروتسكي – بتعديل نظرياتهم تباعا وعلى إثر الثورة الروسية، فإنهم لم يطالبوا أعضاء المؤتمر بفعل نفس الشيء، ولم يناقش أي منهم الصفة الأوربية لهذا التجمع العالمي، في وقت عملت فيه الطبقة العمالية على "السيطرة على الأفق". ولم يطالب أحد بإدراج الأحداث الأخيرة ضمن جدول الأعمال. ولم يتهم أحد الغلبة النظرية والتطبيقية للأحزاب الألمانية. ورغم اختلاف كل من لوكسمبورغ ولينين وتروتسكي جذريا فيما بينهم، فإنهم لم يبتعدوا عن الاتجاهات السياسية الأخرى، خاصة وأنهم كانوا أكثر وعيا بالإجماع الفكري الذي يقربهم من الأممية وينأى بهم عن اختلاف الرؤى الذي يبعدهم عنها. لقد استلهمت مقررات المؤتمر من روح أحداث 1905، حيث شكلت الثورة الروسية حصيلة طبيعية للحرب الروسية اليابانية عام1904. وعليه فقد تقدم كل من لينين ولوكسمبورغ بتعديل لمشروع القانون المضاد للحرب تضمن ما يلي: 1- التعهد بمجانبة الحرب بأي ثمن. 2- في حال وقوع الحرب، "وجب التدخل لإيقاف النزاع بسرعة، واستغلال الأزمة الاقتصادية والسياسية الناتجة عن الحرب بأقصى ما يمكن لتأجيج الطبقات القاعدية للشعب، والإسراع بإسقاط هيمنة الرأسمالية" . وبذلك حصل التعديل على إجماع المؤتمر. لا توجد نظرية ماركسية لا تشرك بين المرحلة الخاصة بعينها لثورة العمال والمرحلة الخاصة للتطور الرأسمالي. فلقد مكنت ثورة 1905 من ظهور شكل جديد للنظام العمالي، لم يكن معروفا حتى ذلك التاريخ، وهو السوفييت. ولا يمكن تفسير عدم الإشارة لهذا المعطى الجديد ضمن جدول الأعمال إلا بالقول بأن منظري الأممية الثانية كانوا غير آبهين بالموجات الثورية للطبقات العميقة والقاعدية للبروليتاريا الروسية، بينما كانت كل أفكار النظرية كما عاشها ماركس تخرج من أحشاء هذه البروليتاريا. ويرجع الفضل إلى النضالات الفعلية للعمال في قطيعة ماركس مع الفكر البرجوازي للنظرية. فعلى المثقفين أن لا يبنوا أفكارهم من لا شيء، بل عليهم أن يتبعوا الحركة العمالية التي تنتج الظروف التي تمكنهم من إعداد نظرياتهم، وعلى هذا الأساس بنى ماركس نظريته. وإذا رأينا في السابق أن ثورات 1861و1871كان لها إثر عميق على الفكر الماركسي، فإن الثورة الروسية لم يكن لها أي تأثير على منظري الأممية الثانية. وبذلك أصبحت الإشارة إلى أن الأممية الثانية، كمنظمة، تبتعد عن الخط الماركسي، وعلى الرغم من أنها اعتمدت اللغة الماركسية؛ فإنها لم تتبع الفكر الماركسي. رايا دونا ييفسكايا : كتاب " الماركسية والحرية"- الكتاب صادر في عام1958. -----------------------------------------
زوروا صفحتنا على الفايسبوك للاطلاع و الاقتراحات على الرابط التالي http://www.facebook.com/1509678585952833- /الحزب-الشيوعي-السوري-المكتب-السياسي موقع الحزب الشيوعي السوري- المكتب السياسي على الإنترنت: www.scppb.org
موقع الحزب الشيوعي السوري-المكتب السياسي على (الحوار المتمدن): www.ahewar.org/m.asp?i=9135
#الحزب_الشيوعي_السوري_-_المكتب_السياسي (هاشتاغ)
The_Syrian_Communist_Party-polit_Bureau#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
38المسار- العدد
-
المسار- العدد 37
-
بيان حول مايسمى بصفقة القرن
-
المسار- العدد 36
-
المسار- العدد 35
-
البرنامج السياسي للحزب
-
المسار- العدد 34
-
المسار- العدد 33
-
بيان حول العدوان التركي
-
المسار- العدد 32
-
المسار- العدد 31
-
المسار- العدد 30
-
المسار- العدد 29
-
المسار- العدد 28
-
المسار- العدد 27
-
بيان بمناسبة عيد الجلاء
-
المسار- العدد 26
-
حول الجولان العربي السوري
-
المسار- العدد (25) – كانون ثاني /يناير 2019
-
المسار- العدد (24) – كانون ثاني /يناير 2019
المزيد.....
-
مشهد يحبس الأنفاس.. مغامر يتسلق جدارًا صخريًا حادًا بسويسرا
...
-
وسط التصعيد الأوكراني والتحذير من الرد الروسي.. ترامب يختار
...
-
انخفاض أعدادها ينذر بالخطر.. الزرافة في قائمة الأنواع مهددة
...
-
هوكستين في تل أبيب.. هل بات وقف إطلاق النار قريبا في لبنان؟
...
-
حرس الحدود السعودي يحبط محاولة تهريب نحو طن حشيش و103 أطنان
...
-
زاخاروفا: الغرب يريد تصعيد النزاع على جثث الأوكرانيين
-
صاروخ روسي يدمر جسرا عائما للقوات الأوكرانية على محور كراسني
...
-
عشرات القتلى في قصف إسرائيلي -عنيف- على شمال غزة، ووزير الدف
...
-
الشيوخ الأمريكي يرفض بأغلبية ساحقة وقف مبيعات أسلحة لإسرائيل
...
-
غلق أشهر مطعم في مصر
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|