أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كمال غبريال - المسيحية. . بحث في الجذور














المزيد.....

المسيحية. . بحث في الجذور


كمال غبريال
كاتب سياسي وروائي

(Kamal Ghobrial)


الحوار المتمدن-العدد: 6548 - 2020 / 4 / 27 - 20:16
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


صلب رسالة يسوع موعظته على الجبل. والتي جاءت ارتقاء بأخلاق اليهودي، عن التدين الطقوسي المظهري، والفهم ‏الحرفي للشريعة وتطبيقات الكهنة والفريسيين لها. بجانب فكرة أن "الشريعة من أجل الإنسان، وليس الإنسان من أجل ‏الشريعة".‏‎ ‎
هذه الأخيرة جعلته تحت تهديد تهمة الخروج على الشريعة الموسوية، ومثلت خطراً حالاً على يسوع شخصياً أثناء ‏تبشيره، بالإضافة لتهديده لسلطان الكهنة، ما أدى بالفعل لمحاكمته وصلبه. كما كانت خطراً على مستقبل الرسالة ‏وحامليها من التلاميذ فيما بعد.‏‎ ‎لذا كان الحرص على ربط يسوع ووصاياه بالعهد القديم، بأنه جاء ليكمل لا لينقض. ‏ومحاولة يسوع في أكثر من موقف إظهار احترامه لمنصب الكهنة، رغم نقده لشخوصهم.‏
كان الأمر في بدايته إذن رؤية إصلاحية لمنظومة العقيدة اليهودية السائدة وقتها. بتناقضاتها بين مختلف الفرق ‏كالفريسيين والصدوقيين وغيرهم. وبركام أسفارها المقدسة المشتتة والمختلف عليها. وقد بدا أن الزمن والحضارة الإنسانية ‏في ظل عولمة الإمبراطورية الرومانية قد تجاوزتها، وصارت بحاجة لمصلح مجدد من بنيها، يبث فيها الحياة والحداثة.‏
ربما كانت هذه الرسالة الإصلاحية المجددة هي حدود يسوع التاريخي، رغم افتقاد هذا الظن للتوثيق التاريخي، شأنه شأن ‏الأمر بمجمله.‏
لكن الأمر قد تطور مع يسوع الإنجيلي على يد كتبة الأناجيل، ليكون يسوع هو المسيا المنتظر من اليهود على مر ‏مئات السنين، ليخلصهم ويرفع شأنهم ليتسيدوا على الأمم. فعمد كتبة الأناجيل لاقتطاع عبارات من أسفار العهد القديم ‏من سياقها، وعرضها كنبوات قد تحققت في يسوع.‏‎ ‎وسار بولس الرسول المؤسس للمسيحية كدين قائم بذاته على ذات ‏النهج، الذي وفر للمسيحية في بدايتها قبولاً لدي الجاليات اليهودية في أنحاء العالم القديم. حتى وإن كان سياق نبوات ‏العهد القديم التي تم الاستشهاد بها لتتحقق في يسوع تصف خلاصاً ومخلصاً مختلفاً تماماً عما انتظره اليهود من المسيا ‏ملك اليهود المنتظر.‏‎ ‎
كان هذا المنهج في ربط الجديد بالقديم جيداً تماماً في نظر من انتهجوه، ولم يفطنوا إلى أن القفزة الأخلاقية الكبيرة التي ‏أحدثتها وصايا يسوع، والتي جاءت متوافقة مع تطور الأخلاق الإنسانية في عصره، وتنادى بمثيلها فلاسفة ومفكرون، ‏هذه القفزة المتسامية بالأخلاق كانت قطيعة مع الأخلاق القديمة للقبائل العبرانية وإلهها يهوه رب الجنود الغضوب ‏الشرس.‏
أدرك هذا التناقض بين الجديد والقديم كثيرون مثل ماركيون وماني، وحاولوا تحرير العهد الجديد من أسر العهد القديم ‏ونصوصه. لكن محاولاتهم لم يقيض لها الانتصار، لأن أصحاب وجهة النظر المضادة بجانب نجاحهم في استقطاب ‏السلطات السياسية، كانوا يحملون للناس رسالة وبشارة أكثر بريقاً.‏‎ ‎فيسوع بدون العهد القديم سيبدو داعية أخلاق ككثيرين ‏وقتها في العالم الروماني واليوناني، وعرفت رؤاهم في حيز الأوساط الثقافية، لم تتجاوزها لتخلب لب العامة. أما يسوع ‏الذي تم تقديمه مع أسفار ما سمي بالعهد الجديد، فقد كان المسيا المخلص الذي تنتظر مثيله كافة الشعوب باختلاف ‏ثقافاتها. وقد قدم كتاب أسفار العهد الجديد المسيا المخلص بصيغة عالمية إنسانية، كمخلص من أسر الخطيئة، ولم ‏يعد ذلك المخلص بمعناه اليهودي الضيق الذي يعيد المجد لإسرائيل شعب يهوه المختار. بعدها صار أيضاً هو ابن ‏الإله ثم هو الإله، نتيجة لما تم من تطعيم للفكر العبراني بالثقافات السائدة بمنطقة البحر المتوسط، من فرعونية ‏ويونانية ورومانية، والتي كانت ترفع الملوك والأباطرة إلى مصاف الآلهة وأبناء الآلهة. وهو ما لا أثر له في ثقافة يهود ‏تلك الأيام وتراثهم المقدس.‏
تظهر إشكالية ربط العهد الجديد بالقديم متفاقمة الآن أكثر من أي وقت مضى. فمستوى الأخلاق الإنسانية الذي قبل ‏ولو بصعوبة وقت تأسيس المسيحية ربطها بأسفار العهد القديم وإلهه يهوه، قد تطور في عصرنا هذا إلى رؤى إنسانية ‏تعتبر وصايا إله العبرانيين وسلوكه مع شعبه محل إدانة كاملة لا تقبل مهادنة أو تجاوزاً.‏
كانت إجابة اللاهوت المسيحي على هذه الإشكالية لابأس بها بالنسبة لعامة الناس. وهي أن العهد القديم بأخلاقيات ‏عصره قد مضى، وهوذا الكل قد صار جديداً. لكن إذا كانت هذه الإجابة مقنعة لمن يقولون بها ولعامة الناس، فإن ‏الإشكالية تظل قائمة لدى من يتسائل الآن من المثقفين المهتمين بالأفكار المجردة:‏
هل وصايا العهد القديم وتعليماته للبشر هذه وصايا إله؟
وإن كان هكذا الآلهة فما هي وظيفة الشياطين؟



#كمال_غبريال (هاشتاغ)       Kamal_Ghobrial#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عفواً د. يوسف زيدان
- بين الإيمان المجرد والتدين
- فوضى العبث الكونية
- نحن ومبارك والأبوية
- أرض السلام
- ثورة 25 يناير وأنا
- ظلال الإله على الأرض
- لبنان حديث متحضر
- بين الثورات البرتقالية والربيع العربي
- قصة قصيرة- نهدان على الضفة الأخرى
- دستور يا أسيادنا
- إرهاصات التوحيد
- بريطانيا والبريكست- مهزلة الديموقراطية
- العالم إلى أين
- صراعات الكنيسة القبطية الأرثوذكسية-
- تجربة مقدسة
- إخناتون وتوهم التوحيد
- الحضارة بين الجماعية والفردانية‎
- المدونات التراثية
- الحضارة الإنسانية تحترق


المزيد.....




- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كمال غبريال - المسيحية. . بحث في الجذور