ليث الجادر
الحوار المتمدن-العدد: 6548 - 2020 / 4 / 27 - 18:26
المحور:
دراسات وابحاث قانونية
حالة أسترداد الجنسيه هي ممارسه قانونيه تضرب جذورها في تاريخ الامبراطوريه الرومانيه للقرن الثاني الميلادي في عهد الامبراطور كريكور , كان الدافع الذي تسبب في ظهور هذا التطبيق القانوني دافعا اقتصاديا سببته ازمه ماليه وضعت ميزانيه الامبراطوريه على حافة الافلاس وبما ان الجنسيه الرومانيه في حينها كان استحصالها يتم مقابل دفع مبلغ مالي كبير وكانت حصرا على الرومانيين الاصلين فقد اصدر الامبراطور تشريعا يمنح حق الجنسيه لكل رعاياه وترد الى كل من فقدها بسبب الاسر , ومع انهيار الامبراطوريه الرومانيه أنكفىء تطبيق هذه الحاله , حتى تهيئة الاسباب بعد الحرب العالميه الاولى وتاسيس عصبه الامم حيث ظهرت بوادر وبشكل اقوى من ذي قبل بتوجه المجتمع الدولي لايجاد قواسم قانونيه في ادار شؤونها , ثم اتضح هذا أكثر بعد نهايه الحرب العالميه الثانيه وبروز منظمه الامم المتحده , وفي سياق نشاطها الذي استمر طيله عقد من الزمن في التصدي لقضيه (انعدام الجنسيه) المتفاقمه انذاك تم التصدي لحاله أسترداد الجنسيه التي جاءت الاشاره اليها في الفقره 2 من الماده 5 من اتفاقيه 30 اب لسنه 1961 ( خفض حالات انعدام الجنسيه ) ونصت على ( إذا كان المولود خارج رابطة الزواج، وفقا لتشريع الدولة المتعاقدة، يفقد جنسية هذه الدولة كنتيجة للاعتراف بنسبه، يتوجب أن توفر له إمكانية استرداد هذه الجنسية بطلب خطي يقدم إلي السلطة المختصة ولا يجوز للشروط التي يخضع لها هذا الطلب أن تكون أشد صرامة من تلك المنصوص عليها في الفقرة 2 من المادة 1 من هذه الاتفاقية).. .. ثم جاءت لاحقا اتفاقيه 1997 الاوربيه التي ورد فيها (ان كل دوله طرف في المعاهده تسهل وفقا للحالات والشروط المنصوص عليها في قانونها الداخلي , استرداد جنسيتها من قبل الاشخاص اللذين كانوا يحملونها من قبل ..), وهنا تلاشى تقريبا الدافع الاقتصادي المباشر الذي كان وراء الحاجه للظهور هذا التطبيق القانوني وصار يقوم على اعبارات العداله بجانب مصالح الدوله , فاعتبارات العدالة توجب السماح للقاصر أو الزوجة اللذين فقدا جنسيتهما بالتبعية للأب أو الزوج بالعودة إلى جنسيتها الأصلية عند بلوغ سن الرشد أو بعد انحلال الزوجية، ومصلحة الدولة قد تقضي بتيسير عودة الوطني الذي فقد جنسيته إلى جنسيتها وبالتالي يزيد كم رعاياها ويجعلها كذلك تبدوا في موقف متجانس مع الصف الدولي ..وهذا ما لم يفلح المشرع العراقي في الوصول اليه , حينما قرر حق أسترداد ورد الجنسيه العراقيه في قانون 26 لسنه 2006 , بل انه ارتكب سقطه مريعه في وحل العنصريه والتمييز حينما الحق المادات الخاصه لهذا التشريع بتذيلات يستثني بها اليهود العراقيين من الشمول بهذا الحق , وارتكز على قانون رقم 1 لسنة 1950والقانون رقم 5 لسنه 1951 ارتكاز المقعد على عصا منخور
قانون رقم 5 العراقي لسنه 1951
(( المادة 1
يقصد بالتعابير الاتية المعاني الواردة ازاءها :-
وزير – وزير الداخلية
امين عام – الشخص الذي يعين بقرار من مجلس الوزراء للقيام بالاعمال في هذا القانون والانظمة التي تصدر بموجبه.
الشخص المسقطة عنه الجنسية العراقية :كل عراقي سقطت عنه الجنسية العراقية بموجب القانون 1 لسنة 1950 .
الاموال : تشمل الاموال غير المنقولة العائدة للشخص المسقطة عنه الجنسية . والتي تحت حيازته بطريق التامين او الايجار او الرهن او باية طريقة اخرى وثمن بيعها .. وبدل رهنها . وـامينها . وايجارها . ونمائها . والحقوق المرتبة لها .. كذلك الامانات والديون والنقود والعملات والاسهم وبوليسات الشحن والحوالات والسندات القابلة للتحويل واي حق عيني او شخصي يعود له . ويستنى من ذلك الاثاث البيتية . ومواد الاعاشة . والملابس الشخصية . الا اذا قرر الامين العام انها اكثر من الحاجة. وللامين العام ان يستثني الاشياء والمبالغ الطفيفة.(1)
المادة 2
ا- تجمد اموال الاشخاص المسقطة عنهم الجنسية العراقية ولا يجوز التصرف بها باي انواع التصرف اعتبارا من تاريخ نفاذ هذا القانون . ويجري التصرف بها وفق احكامه والانظمة التي تصدر بموجبه .
ب- تؤسس دائرة الامانة العامة لمراقبة وادارة اموال الاشخاص المسقطة جنسيتهم برئاسة الامين العام وفق ملاك يقرره مجلس الوزراء . وتكون رواتب موظفي هذه الدائرة والمصاريف التي يقتضى صرفها وفق هذا القانون والانظمة التي تصدر بموجبه من الاموال التي تحت تصرف الامين العام .)
أنتيكه قانونيه , استجمع فيها المشرع كل ارهاصات العدوانيه الدونيه ودلقها بتأني وبرودة ضمير في صياغه قانونيه .. صياغه مسكونه بالحقد الذي دفع المشرع وبكل سذاجه لان يعدد المفردات بشكل تفصيلي بينما كان بامكانه ايجازها بمصطلح قانوني ( كل حق عيني وكل حق شخصي ) كما انه صار اكثر سفاله حينما اردف الاستثناء الذي شمل ضروريات الحاجه اليوميه باستثناء ما يقرره الامين العام .. انه نص تكفي عدوانيتهم المفتضحه من ان تنقضه قانونيا وتبعا للقوانين والاعراف الانسانيه التي تتضمنها المعاهدات والمواثيق الدوليه , ولم يكتفي القانون رقم 5 لسنه 1951 بايراد هذا النص المفتضح العدوانيه بل تضمن نص الفقره ب التي لاسند عقلي لها هي تذكرنا بتعاليم مجلس قياده الثوره الذي كان قد اجبر اهل المعدوم بسبب ارتكابه جريمه الهروب من الخدمه العسكريه بدفع ثمن الرصاصات التي اعدم بها ....يبدو ان تاريخ المشرع العراقي لم يخلوا وعلى مر المراحل السياسيه من هذه الترهات القانونيه السوداء , بدايه من القانون رقم (1) لسنه 1950 ومرورا بقانون رقم (5) لسنة 1951 ومن ثم قانون 12 لسنه 1951وبعدها القانون 161 لسنه 1963 الذي كان بمثابه فخ وليس قانونا ويكفي هنا ان نورد (الاسباب الموجبه ) التي تضمنها بيان القانون للتدليل على صحه وصفنا , خصوصا ونه صدر في بدايه عهد انقلاب شباط الذي أستهلته السلطه باعلان البيان رقم 13 الذي اباح قتل العراقيين الشيوعيين
نص الاسباب الموجبه لقانون 161
(لقد ظهر اثناء تطبيق قوانين اسقاط الجنسية والتجميد ان هناك عددا من اليهود العراقيين قد اسقطوا جنسيتهم العراقية باسماء اخرى غير اسمائهم المعروفة والمسجلة املاكهم على اساسها في دوائر الطابو، وان هناك عددا اخر لم يظهر لهم قيد في سجلات اسقاط الجنسية العراقية ولا في سجلات المحتفظين بها، وان هناك قسما اخر من اليهود العراقيين اصحاب الاملاك توفوا قبل صدور قوانين التجميد وتركوا ورثة من اليهود العراقيين الذين تعذر على الجهات المختصة بعد صدور قوانين التجميد الوقوف على جنسيتهم وذلك لمجهولية محل اقامتهم ولعدم وجود قيود لهم في السجلات المتعلقة بالاسقاط او الاحتفاظ بالجنسية كما وانه يوجد عدد من اليهود العراقيين تركوا العراق منذ مدة طويلة واكتسبوا جنسيات اجنبية دون ان يكون للسلطات العراقية علم بذلك فبقيت اموالهم في العراق موضع شك لعدم تحديد التاريخ الذي اكتسبوا به الجنسية الاجنبية اذ ان لذلك اهمية قصوى بالنسبة للمدد التي حددها المشرع في قوانين اسقاط الجنسية العراقية فقد يكون مثل هؤلاء خاضعين لاحكام سقوط الجنسية العراقية عنهم قبل اكتسابهم الجنسية الاجنبية . ولغرض وضع الحلول القانونية للمشاكل المتقدمة وامثالها، فقد اضيفت فقرة الى المادة الخامسة من القانون رقم 12 لسنة 1951 لمعالجة ذلك )
..ثم ياتي قانون الجنسيه العراقيه رقم 26 لسنه 2006 ليحتفظ بكل تلك الانحطاطات القانونيه ويزيدها اسفافا, حينما ينتهج الانتقائيه الغير مبرره في بنود ومواد مايخص حالة رد الجنسيه وتحديدا بما يخص اليهود المشمولين بالقوانين السالفة الذكر وبين الكرد الفيليه او ما يطلق عليهم باصحاب (التبعيه الايرانيه ) المشمولين بقرار مجلس قياده الثوره (المنحل ) المرقم 666 لسنه 1980 , واستثنى هذا القانون (26لسنه 2006) اليهود كذلك من شمولهم بمادته رقم (18 ) والتي تنص:-
(أولا : لكل عراقي أسقطت عنه الجنسية العراقية لأسباب سياسية أو عنصرية أو طائفية أن يستردها بتقديم طلب بذلك وفي حالة وفاته يحق لأولاده الذين فقدوا الجنسية العراقية تبعا لوالدهم أو والدتهم أن يتقدموا بطلب لاسترداد الجنسية العراقية .
ثانيا : لا يستفيد من حكم البند ( أولا ) من هذه المادة العراقي الذي زالت عنه الجنسية بموجب أحكام القانون رقم ( 1 ) لسنة 1950 والقانون رقم ( 12 ) لسنة 1951
هذا فيما يخص حالة رد الجنسيه والتي تتداخل عند الغير مختصين مع حاله (أسترداد الجنسيه ) , فحالة الرد تتحقق بقوه القانون وتعالج قضيه الفقدان بسبب الاسقاط والتجريد وهي في الغالب لاتحتاج الى اجراءات رسميه وروتينه معقده , بينما الاسترداد فهي تعالج فقدان الجنسيه الاختياري والارادوي للفاقد , وهنا تكمن العبرات كما يقول المثل , هنا تكمن كل الصور القبيحه لتناقضات القانون العراقي .. هنا يتم التفريق بين حالة الاسترداد وبين حالة الرد ولكن اليهود وبقدرة شيطان غبي يكون موقعهم في كلا الحالتين المختلفتين في تشريع واحد !!؟؟ فهم مستثنون من حق الاسترداد في البند ثانيا من الماده 14 من قانون 26 (ثانيا : إذا فقد عراقي الجنسية العراقية ، يفقدها تبعا لذلك أولاده غير البالغين سن الرشد ، ويجوز لهم أن يستردوا الجنسية العراقية بناءاً على طلبهم ، إذا عادوا إلى العراق وأقاموا فيه سنة واحدة . ويعتبرون عراقيين من تاريخ عودتهم .
ولا يستفيد من حكم هذا البند أولاد العراقيين الذين زالت عنهم الجنسية العراقية بموجب أحكام القانون رقم ( 1 ) لسنة ( 1950 ) و القانون رقم ( 12 ) لسنة ( 1951 ) )
وهم مستثنون كما اسلفنا من الماده 18 ... لا يمكن ان تندرج هذه الشموليه بين مختلفين الا في منطق عنصري بغيض ..ولهذا وتهربا من الكثير من الاعتراضات المتوقعه من جانب كتبة هذا القانون , فانهم كرروا الاستناد الى قانون رقم 1 لسنه 1950 الذي نص على ما يلي
.... يتبع
#ليث_الجادر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟