أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - اسماعيل شاكر الرفاعي - منهجان في معالجة جائحة كورونا















المزيد.....

منهجان في معالجة جائحة كورونا


اسماعيل شاكر الرفاعي

الحوار المتمدن-العدد: 6544 - 2020 / 4 / 23 - 23:12
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تنتظر البشرية بشوق نتائج التجارب المختبرية التي يقودها علماء اكثر من 100 دولة حول العالم ، لاكتشاف لقاح او علاج لفيروس كورونا الذي يتربص بالوجود البشري . لكن ، لا يوجد للأسف ، بين مختبرات هذه الدول : مختبر واحد لدولة إسلامية ، لكأن الدول الإسلامية وفي مقدمتها العربية : ترفض المسير كتفاً الى كتف مع دول العالم في هذه الحرب الكونية ضد هذا الفيروس . لقد تخصصت مختبرات الدول الإسلامية - انطلاقاً من رؤيتها السحرية للعالم - بالاشتغال على اللغة واللغة وحدها ، من اجل انتاج السلعة العزيزة على قلب رؤيتها السحرية في كيفية حل التحديات التي تواجهها والمتمثلة بصياغة : الأدعية ، بمعدل دعاء لكل ظاهرة اجتماعية او سياسية او طبية او طبيعية غير مسيطر عليها ...

ينصرف معنى كلمة عالم ( بكسر اللام ) في الدول العربية والإسلامية الى اصحاب العمائم والكشائد ، ممن درسوا بعض تواريخ الماضي الإسلامي ، لكن ليس بشكل مستقل وحيادي ، ولهذا لا تشبه نتائج ابحاثهم : نتائج أبحاث المؤرخين . لقد درسوا التاريخ : دراسة منحازين لقطب من أقطاب صراعاته الطائفية مانحين وظيفتهم الدينية الحالية : شرعية الاستمرار في تفكيك المجتمعات الإسلامية بإشعال لهيب الصراعات الطائفية فيها . فكلمة " عالم " في البلاد الإسلامية لا تطابق في دلالتها : دلالة مفردة : عالم ، في البلدان الأخرى التي تشير بوضوح الى فئة اجتماعية تخصص أفرادها في دراسة علوم الطب والصيدلة والهندسة والبيولوجيا والكيمياء والرياضيات والفيزياء ، إنما تطابق كلمة : " عالم " في بلداننا كلمة الفقيه الذي تم إعداده فكرياً خلال سنوات طويلة ليكون الناطق الرسمي باسم النظام السياسي الذي قام في الماضي بأدارة شؤون المسلمين ، والذي يسميه فقهاء المذاهب السنية : سلطة الخلافة ( الأموية ، العباسية ، العثمانية ) ، فيما يطلق عليه فقهاء الشيعة : سلطة الأمامة ( الفاطمية او سلطة الفقيه نائب الامام الغائب ) . وهاتان السلطتان معروفتان لدى المؤرخين : بكونهما الأشد استبداداً بين أنظمة الماضي الاستبدادية ، والأكثر زيفاً في ادعاء الاصول الآلهية لنظاميهما السياسيين ، وان من جلس على قمتها من خلفاء وأئمة : هم الاخطر هلوسة من بين حكام الارض الذين حكموا البشرية قبل الثورة الصناعية 1750 ، والأعمق فساداً وفسوقاً ومجوناً وطغياناً ولا عدالة ...

مهما حاول الفقيه الإسلامي التخفي من تهمة الطائفية باستعارة منهج الاعتزال على طريقة محمد عبدة او عباس محمود العقاد او رشيد رضا او خالد محمد خالد وغيرهم الكثير ، ممن اطلق عليهم البعض : بالنهضويين العرب زوراً وبهتاناً - للايحاء بالموضوعية وبالتجرد من عواطفه المذهبية وهو يدرس الموروث ، فأن ارادة الفقيه المسبقة في الدفاع عن منظومة الغيب الفكرية الاسلامية ضد المنظومة الفكرية العلمية ، لا تخرج به ابداً من إطار النظرة الواحدية التي تعيد تأويل النصوص مع وقائع احداث الماضي بما يرفع من شأن رموز طائفة واحدة والحط فكرياً وأخلاقياً من رموز الطوائف الأخرى . فالفقيه الإسلامي يسعى - بلعبة طائفية مكشوفة - الى بعث التفسير والتأويل السني او الى بعث التفسير والتأويل الشيعي . وهذا المنهج " وحيد الجانب " في تفسير الماضي بالانحياز الى واحد من أركانه المتصارعة : ليس بالمنهج العلمي الذي تسترشد به المختبرات . ان التمسك الشديد بالتفسير او التأويل الواحدي للماضي : ينسف جوهر المنهج العلمي الذي يعترف بصحة جميع اطروحات أي مذهب من المذاهب الاسلامية ، شرط ان تثبت صحتها في مختبر الحياة : والحال ان جميع المذاهب الإسلامية تعيش ازمة عميقة مع عصرها ، منذ اتصال الحضارة الحديثة بها ، بعد غزو نابليون لمصر عام 1798 ، ذلك لان جميع المذاهب الاسلامية لم ترتق - منذ اكثر من قرنين من الزمان - الى مستوى هذا التحدي الحضاري وتنتج شيئاً جديداً : غير الدعاء على العدو الغازي بالتهلكة ، بما يعنيه ذلك من عدم منح مختبر الحياة تزكية لجميع مفاهيم وأطروحات المذاهب الإسلامية . ان النظريتين السياسيتين الإسلاميتين كلتاهما ( الخلافة والإمامة ) ، كما هي النظريات السياسية التي جاءت بها جميع الأديان ، قد انطفأت وتوقفت عن الفعل في التاريخ ، وذلك يدل على دنيويتها وعدم قداستها وأنها محض اختراع بشري ، اذ لو كانت من اصل الهي كما يقول فقهاء السنة ، لما كان بأمكان القرار البشري الذي اصدره مصطفى اتاتورك عام 1924 : الغائها ، او ان بكون بإمكان قرار بشري اتخذه صلاح الدين الأيوبي بالقضاء على مؤسسة الأمامة ان يتحقق ، لو كان الله قد جعل من نظام الأئمة ممثلاً له على ارض المغرب العربي ثم مصر ...

ومثلما فشل المنهج الفقهي للسنة وللشيعة على حد سواء في اقناعنا بالأصل الآلهي لانظمتهما السياسية ، لفشل هذه الأنظمة نفسها في الاستمرار بالوجود وسقوطها المدوي في التاريخ ، كذلك سيفشل المنهج الفقهي في جعل منهجية الدعاء ، بديلاً عن التجارب العلمية المختبرية في حماية سماء البلدان الإسلامية من اجتياح أسوار حدودها من قبل فيروس كورونا .
يقوم منطق الدعاء على إرسال رسائل استجداء وعطف الى : الله ، قوة الغيب الرئيسة ، للتدخل وإيقاف هذه الجائحة عند حدها ، ولهذا يستهزيء الفقهاء والحاخامات والقسس بقرارات دولهم في تطبيق استراتيجية العزل البشري ، ويسخرون من ثقة هذه الدول بنجاح العقل البشري ذات يوم في التوصل الى ايجاد اللقاح والعلاج الناجعين في معالجة فيروس كورونا ، كما توصل في مرات سابقة الى ايجاد علاجات ناجعة لامراض وفيروسات وأوبئة كثيرة ...


تتصارع المناهج في التاريخ ولا تتعايش . وانتصار احدهما لا يعني تلاشي وانطفاء وموت فعالية المنهج الآخر ، بل يعني ان غالبية المجتمع بدأت تميل الى تأييد الانطلاق من المنهج العلمي ، وليس من منهج الدعاء السحري في معالجة جائحة كورونا . لقد رفعت جميع امم الارض يديها ، في بداية ازمة انتشار هذا الفيروس ، متضرعة الى الله في ان يوقف حركة انتشار هذا الفيروس السريعة بين دول العالم - مستخدمة في ذلك احدث منجزات التكنولوجيا في إيصال صوتهم اليه - دون جدوى . ومع ذلك لم يتم التخلي نهائياً عن منهج الدعاء السحري في العراق والبلدان الإسلامية ، فلقد شجع هذا المنهج البعض من الناس على التظاهر ضد الإجراءات الصحية التي اتخذتها الدولة الإسلامية كالعزل الاجتماعي ومنع بعض الطقوس الدينية في رمضان التي تتطلب ممارستها تجمعات وحشود بشرية ضخمة ...

يعيش العراق ازمة واحدة ، وازماته الأخرى : السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية ليست سوى تعبيرات متعددة لهذه الأزمة الواحدة ، الناتجة عن صراع المنهجين : العلمي والسحري على امتلاك قرار الدولة العراقية . يميل المنهج العلمي الى معالجة أزمة العراق من جذورها : وذلك بانهاء دور الاحزاب والكتل السياسية في تقاسم السلطة انطلاقاً من منهج المحاصصة ، وارساء مبدأ الشفافية في العمل الحكومي ، وإعادة النظر برواتب الرئاسات الثلاث وامتيازاتهم ، والعمل على استعادة سيادة الدولة بتطبيق القانون وحصر السلاح بيد الدولة ، وانهاء ازدواجية السلطة التي فرضتها فتوى : الجهاد الكفائي ، وتفعيل نشاط هيئة النزاهة بفتح ملفات حيتان الفساد من رؤساء الكتل السياسية والميليشياوية .. وعلى الضد من ذلك يطالب منهج الدعاء السحري بانهاء دور المؤسسة العسكرية ورفع يديها عن تصريف شؤون الأمن والدفاع وإحلال الحشد الشعبي محلها ، ليتسنى للحشد اعلان التحالف الصريح مع ايران ، وربط مصير العراق بمصير صراع ايران مع العالم من اجل بناء امبراطورية تدور في فلك عاصمتها : بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء ...



#اسماعيل_شاكر_الرفاعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لحظة تكليف الكاظمي
- برنامج : عدنان الزرفي
- في عيد الموسيقى العربية
- واللؤم تحت عمائم الانصار
- هوامش كورونية / 2
- هوامش كورونية
- سيادة الدولة ام سيادة الحشد ؟
- استكانات شاي صباحية
- حق الحياة بلا وصاية
- فيروس كورونا
- بمناسبة انطلاق الثورة الكردية
- بين الثورة والاصلاح
- ليس باستراتيجية عنف التيار الصدري يمكن العبور بالعراق الى بر ...
- هل ينقذ الثورة تشكيل كيان سياسي
- دعوة الصدر الى مظاهرة مليونية : انتحار حضاري
- مقتدى الصدر مرة اخرى
- مقتدى الصدر إنموذجاً
- خطاب الرئيس الامريكي : اعلان عن ولادة حرب باردة مع ايران
- عن جلسة البرلمان العراقي لهذا اليوم
- كيف سيكون شكل الرد الايراني


المزيد.....




- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - اسماعيل شاكر الرفاعي - منهجان في معالجة جائحة كورونا