|
العراق أبقى ياحماس
طالب الرماحي
الحوار المتمدن-العدد: 1581 - 2006 / 6 / 14 - 10:47
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
تعلمنا من التاريخ أن الشعوب تميل الى مصلحتها أولاً ، وهي بذلك لا تميل الى تبني مواقف تضر بتلك المصلحة مهما كانت الظروف ، وتعلمنا أيضا أن الشعوب تستفيد من أخطائها وتجاربها فهي تتبنى الصالح وتدفع عنها الطالح ، وكل ذلك هو جزء من تركيبة عقلية وتفكير الشعوب والفرد أيضا إذا افترضنا أن الإنسان بطبيعته يميل الى الجمال ويمقت القبح وهو يميل الى الخير ويتحاشى الشر ... هذا ما تتمييز به كل شعوب العالم إلا ( غالبية الشعب الفلسطيني ) فإن أمره غريب ومواقفه تثير الدهشة لدى العقلاء وأنا أدعو القاريء الى هذه الرحلة في تتبع مواقف غالبية الشعب الفلسطيني وخاصة الحركات الإسلامية منه خلال الحقب الأخيرة مما يحصل في المنطقة والعراق بالذات ، قبل أن نلقي نظرة على الأسباب . * كانت الحكومة والحركات الإسلامية الفلسطينية تساند النظام السابق في العراق في حربه مع إيران وكلنا نتذكر القبلات والعناق الحار من قبل ياسر عرفات لصدام ، ونحن في العراق ندرك بما لايقبل الشك في أن الفلسطينييين في العراق كانوا يشكلون ركناً أساسيا في مخابرات صدام التي كانت تقمع الشعب العراقي . ونعتقد أن الحكمة في ذلك الوقت تتطلب أن يكون الشعب الفلسطيني على أقل تقدير محايداً طالما أن صدام يشن حرباً على إيران الإسلامية التي ساندت القضية الفلسطينية بشكل غير محدود واستبدلت سفارة إسرائيل بسفارة لفسطين ، كما أن موقف الفلسطينيين المؤيد لصدام في حربه تلك دقت أول اسفين بين الشعب العراقي المتعاطف مع القضية الفلسطينية وبين أصحاب القضية لأن الشعب العراقي كان موقفه رافضا للحرب وأنه سيق إليها مجبوراً بفعل أجهزة أمن ومخابرات حزب البعث . * الشعب الفلسطيني كان الشعب الوحيد الذي ساند صدام في غزوه للكويت ، علما أن العالم بأجمعه قد اتفق على أن الغزو كان جريمة إنسانية وأن صدام قد ارتكب خطأ فادحاً بحق دولة الكويت . لقد انفرد الفلسطينيون في موقف غريب يتناقض مع موقف كل دول العالم فقد ساندوا صدام في الغزو إعلاميا ولوجستيا ، وكانت النتيجة أن خسرالفلسطينيون موقعا اقتصاديا مهما إذ طرد ت الحكومة الكويتية كل العمالة الفلسطينية فكانت انتكاسة اقتصادية مازال أثرها واضحا حتى الآن ، ناهيك من أن هذا الموقف الغريب قد أثر على موقف الكويت من القضية الفلسطينية بعد أن كانت تلك الدولة من الدول المهمة التي تساند قضية فلسطين سياسيا وماديا. وبالطبع كانت النتيجة التي خرج بها الشعب الفلسطيني مقابل ذلك .. لا شيء. * كل العالم أجمعَ على أن نظام صدام كان نظاماً دموياً وديكتاتوريا شموليا قد فتك بالشعب العراقي وقد ظهرت أدلة هذا الفتك من خلال مئات المقابر الجماعية وأشرطة وسائل التعذيب الوحشية التي ظلت تعرض على شاشات الفضائيات طيلة الثلاث سنوات الماضية ، وكان من المفروض أن يكون الشعب الفلسطيني أقرب الى الشعب العراقي العربي المسلم في علاقاته وتفاعله ، وهذا مبدأ إنساني وعرف تاريخي ليس بين الشعوب التي تشترك في تاريخ واحد وثقافة ودين واحد وأنما أيضا بين الشعوب التي تخلتف في ثقافاتها وأديانها . ولكن الشعب الفلسطيني الشعب الوحيد في العالم الذي قلب هذه المعادلة وظل على طول الخط يساند الحكومة الصدامية على حساب الشعب العراقي ، وكان في كل المحطات يكيد للشعب العراقي المكائد من أجل أن يدخل السرور على قلب الحاكم من خلال التظاهرات المستمرة التي يحمل المتظاهرون فيها صور صدام وينعتونه بنعوت البطولة الزائفة وما شاكلها، وهو بذلك عمق الهوة بينه وبين الشعب العراقي. * عندما قتلت القوات العراقية والأمريكية ولدي صدام وقد كانا معروفين بفسقهما وفجورهما وكثرة جرائمها بحق الشعب العراقي عمت الفرحة والبهجة ابناء الشعب العراقي ، أما الفلسطينيون فقد عمت مظاهر الحزن والجزع ونصبت سرادق العزاء والتأبين لهما وكان أحمد ياسين على رأس من حضر هذه السرادق ، علماً أن المسلمين الشيعة في النجف قد خرجوا حاملين صور الشيخ ياسين عندما قتله الإسرائيليون بغارة جوية ، انظروا الفرق الكبير بين الموقفين ، الشيعة تحزن لمقتل الشيخ ياسين وهو موقف إنساني إسلامي عربي وهم يحزنون لأسر أو مقتل جلادينا . * عندما ألقت القوات الأمريكية القبض على صدام في حفرته البائسة بعد أن ظل هاربا من المعركة طيلة سنتين عمت الفرحة كل أبناء الشعب العراقي ، أما الشعب الفلسطيني فقد عمه الحزن والوجوم . * أما اليوم وقد استطاعت القوات الأمريكية والعراقية أن ترسل ( الزرقاوي ) الى الجحيم ، كان الشعب العراقي يأمل من الفلسطينيين أن يصمتوا على أقل تقدير ، وأن لا يظهروا مشاعر الحزن أو الأسف عليه احتراما لمشاعر الآلاف من الأبرياء التي اعترف الزرقاوي مفتخراً بقتلهم ومتوعد الأحياء من الشيعة بمزيد من عمليات القتل والترويع . لكن وللأسف الشديد انبرت حركة حماس في بيان لها فاعتبرت الزرقاوي شهيد الأمة وقتله خسارة للأمة ، ولم يكتف الفلسطينيون بهذا التعدي على الشعب العراقي إذ راح وزير خارجية السلطة الفلسطينية يؤبن ( المجرم ) الرزقاوي بعبارات الأسف والحزن ... إن سياسة الفلسطينيين شعبا وحكومة وحركات وأشخاص تسير في طريق تعميق الهوة بين الشعب العراقي والشعب الفلسطيني ، وهي بهذا الإصرار تحاول أن تقتل ما تبقى من مشاعر التعاطف العراقي مع القضية الفلسطينية وأنا لا أغالي إذا ما قلت إن المواقف المتتالية للفلسطينيين والتي غالبا ما تحاول أن تستخف بالدم العراقي وتمجد وتعظم من يسفك ذلك الدم الطاهر البريء، أقول إن تكرار هذه المواقف قد قتلت فعلاً أي مشاعر للتعاطف العراقي مع القضية الفلسطينية وأصبح الشعب العراقي تبعا لذلك ينظر الى الفلسطينيين نظرة ريبة واستغراب . فثمة تراكم طائفي تاريخي يطبق على العقلية الفلسطينية ولا يسمح لها أن تتحرر من عقدة الكراهية التي أفرزتها الطائفية ، وهذا يستوجب على الفلسطينيين جهودا ليست بالسهلة من أجل إصلاح ذلك الخلل الكبير وعلى رأس ذلك الإصلاح هو اختيار قيادة سياسية حكيمة وعقلائية تضع مصلحة الشعب الفلسطيني فوق ما تعتقده من أوهام سياسية ومواقف ابتنتها على اسس واهية من مزاعم الكثير من القيادات ( الكارتونية ) كصدام وأمثاله ، ساسة تنظر الى الشعوب كوحدة واحدة تسعى من أجل التقريب بينها ، لا أن تضحي بها من أجل شخص أرعن كصدام أو مجرم محترف كالزرقاوي . فالشعوب باقية بقاء الدهور والحكام تتبدل بين حين وآخر سواء كانوا طواغيت أو شرفاء ، وها نحن في تجربة نعيشها فعلاً ويدركها الشعب الفلسطيني الذي هو الآن تحت تأثير ( المخدر ) الطائفي أن صدام في المعتقل ينتظر يوم القصاص من الشعب العراقي الذي هو مازال حيا يرزق وشامخا ، وكذالك فإن الزرقاوي الذي أمضى الشعب الفلسطيني يراهن عليه في هزيمة الشعب العراق قد لقي مصيره المحتوم الأسود ، وها هو الشعب العراقي ما زال حيا يرزق وشامخاً .. إذن ما ذا جنى الفلسطينيون بعد تلك السنوات من تأييد الحكام والمجرمين ؟ لقد خسر الشعب العراقي بالتأكيد ، خسر قلعة عنيدة كان ينبغي له أن لا يفقدها في الوقت الذي تخلت الشعوب العربية وحكوماتها عن القدس ، وفيه أصبحت إسرائيا ماردا يعرف اففلسطينيون قبل غيرهم أن لاطاقة لهم عليها. www.thenewiraq.com [email protected]
#طالب_الرماحي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لِمَ لم يوحدنا 124 ألف نبي ؟؟
-
حقا صدام منكم آل العرب!! صدق أبوالمعالى فائق
المزيد.....
-
سقط من الطابق الخامس في روسيا ومصدر يقول -وفاة طبيعية-.. الع
...
-
مصر.. النيابة العامة تقرر رفع أسماء 716 شخصا من قوائم الإرها
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى يستخدمها -حزب الله- لنقل الأ
...
-
كيف يؤثر اسمك على شخصيتك؟
-
بعد العثور على جثته.. إسرائيل تندد بمقتل حاخام في الإمارات
-
حائزون على نوبل للآداب يطالبون بالإفراج الفوري عن الكاتب بوع
...
-
البرهان يزور سنار ومنظمات دولية تحذر من خطورة الأزمة الإنسان
...
-
أكسيوس: ترامب يوشك أن يصبح المفاوض الرئيسي لحرب غزة
-
مقتل طفلة وإصابة 6 مدنيين بقصف قوات النظام لريف إدلب
-
أصوات من غزة.. الشتاء ينذر بفصل أشد قسوة في المأساة الإنساني
...
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|