|
قضية مكافحة الفساد في العراق...ثمة خطأ شائع
موسى فرج
الحوار المتمدن-العدد: 6544 - 2020 / 4 / 23 - 17:20
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في الشارع، في الاعلام، بين أوساط المثقفين، في اوساط الحكومة، عند البرلمانيين لو سألت أي شخص من هي الجهة المسؤولة عن مكافحة الفساد...؟ لقال لك هيئة النزاهة ...ولو سألت لماذا تعثرت قضية محاربة الفساد والفاسدين في العراق ...؟ لتعثرت الإجابة وتموجت الصورة بين من يلقي اللوم على الأحزاب وبين من يلقي اللوم على الحكومة وبين من يلقي اللوم على هيئة النزاهة، وبمناسبة تصاعد الأصوات من جديد ضد الفساد بسبب دخول عامل إضافي مستحدث وهو انهيار اسعار النفط وقعود الحكومة ع الحديدة وعجزها المتوقع عن تدبير رواتب موظفيها فإن ثمة خطأ شائع في قضية مكافحة الفساد في العراق من الضروري بمكان الانتباه اليه في هذا الوقت بالذات أكثر من أي وقت مضى... فإلى جانب مهام هيئة النزاهة المتعلقة بإشاعة ثقافة النزاهة ونشر سبل الوقاية من الفساد ومهام أخرى تتعلق باقتراح القوانين التي تساهم في مكافحة الفساد والتنسيق مع منظمات المجتمع المدني في هذا المجال فإن مهمتها الجوهرية التي تستقطب اهتمام المواطن ويرى فيها صلب عمل الهيئة والغاية من وجودها هي قضية معاقبة الفاسدين واسترجاع الأموال المسروقة منهم...وغني عن القول إن الهيئة: 1.تمارس مهمتها لتحقيق هذا الهدف ضمن حدود القانون ولا يحق لها تجاوز صلاحياتها بأي حال من الأحوال... 2.إن ساحة عمل هيئة النزاهة هي السلطة التنفيذية وليست السلطة القضائية أو التشريعية الا ما ندر... ولو تابعنا اجراءات التعامل مع أية قضية فساد لوجدناها تمر بالمراحل التالية: المرحلة الأولى: التحري والتدقيق والتحقيق: وما دامت ساحة عمل الهيئة بالأساس هي السلطة التنفيذية فإذا كان راس السلطة التنفيذية وهو في العراق رئيس الحكومة، إذا كان مؤمن بمحاربة الفساد فرض أرادته على معيته ضمن السلطة التنفيذية وأجبرهم على تزويد الهيئة بالملفات والامتثال لطلبها في اجراء التحقيق الأصولي مع من ترى أن له علاقة بقضية فساد...واذا كان راس السلطة التنفيذية وهو رئيس الحكومة غير مؤمن بقضية مكافحة الفساد أو كان هو أو المقربين منه مشاركين فيه، أو انه لا يريد من مكافحة الفساد أن تشمل شخص او مجموعة أو دائرة أو نوع معين من النشاط استقوى به الشخص أو المجموعة أو الدائرة أو النشاط وأعاق حصول الهيئة على الملفات أو امتثال الأشخاص لطلب الهيئة في التحقيق...وعند حصول هذه الحالة عادت الهيئة بخفي حنين من المرحلة الأولى وقبل أن تتقدم الى المرحلة الثانية وطيلة عملها في السنوات الفائتة كانت الهيئة تصطدم بهذه العقبة الكأداء من لدن رؤساء الحكومات وبطانتهم، هذا يعني أن اجتياز المرحلة الأولى بنجاح انما يتوقف على مدى أيمان رأس السلطة التنفيذية بقضية مكافحة الفساد وتجاوبه في ذلك... المرحلة الثانية: التقاضي والمحاكمة: إذا كان راس السلطة التنفيذية يعني رئيس الحكومة لا ضلع له أو المقربين منه في الفساد ومؤمناً بقضية محاربته وقادراً على فرض ارادته على معيته عندها تتمكن الهيئة من المضي بإنجاز المرحلة الأولى بنجاح لتنتقل الى المرحلة الثانية وهي مرحلة التقاضي واصدار قرار الحكم... وفي هذه المرحلة فإنه وبموجب مبدأ فصل السلطات فإن قضية اصدار قرارات الحكم تقع ضمن اختصاص السلطة القضائية حصراً...وهيئة النزاهة ليس من اختصاصها لا أن تصدر امراً بالقبض ولا أن تصدر قرارا بالحكم...فاذا كانت السلطة القضائية مؤمنة بقضية مكافحة الفساد ومستقلة قولاً وفعلاً ولا تمارس عليها السلطة التنفيذية سطوةً أو نفوذا أصدرت قرارات الحكم بالبراءة أو الإدانة...وهنا تكون المرحلة الثانية قد انجزت بنجاح ، ولكن ان كانت السلطة التنفيذية مشاركة في الفساد وغير مؤمنة بقضية محاربته ومارست هيمنتها أو سطوتها على جهاز القضاء أو القاضي ، عادت هيئة النزاهة بخفي حنين ايضاً دون أن تعبر المرحلة الثانية الى المرحلة الثالثة، ومعروف الكم الهائل من الضغوط الذي مارسته ادارة المالكي وبطانته على القضاء وايضاً الكم الهائل من الرضوخ من قبل رأس السلطة التنفيذية رئيس الحكومة للمقربين منه والكتل السياسية من اجل تجنيب اتباعها المساءلة والعقاب وفتح الأبواب مشرعة لهم ليمارسوا حلب مخرجات الدولة ونهب المال العام... المرحلة الثالثة: مرحلة تنفيذ قرارات القضاء: على افتراض ان السلطة التنفيذية بشخص رئيس الحكومة ليس له أو المقربين منه ضلع في الفساد ومؤمن بقضية محاربة الفساد والفاسدين ويفرض ارادته على معيته بالامتثال لإجراءات محاربة الفساد ولا يمارس هو أو أي شخص آخر نفوذاً أو سطوة للتأثير على استقلال القضاء أو القاضي وصدرت قرارات الادانة بسلاسة متناهية فإن تنفيذها يقع ضمن اختصاص السلطة التنفيذية أيضاً فهي التي تنفذ أوامر القبض والحبس ومصادرة أموال المدانين ممن هم في الداخل والسعي لاسترداد المطلوبين أو الأموال المسروقة ممن هم في الخارج من خلال أطراف في السلطة التنفيذية وتحديداً وزارات الداخلية والخارجية بالتنسيق مع القضاء وهيئة النزاهة. المرحلة الرابعة: مرحلة نسف قضية مكافحة الفساد: اذا كانت السلطة التنفيذية بشخص رئيسها مؤمن ومصمم على محاربة الفساد والفاسدين فإنه يكبح ويمنع أية محاولة على الالتفاف على جهود هيئة النزاهة وأجهزة القضاء لإخراج الفاسدين من شباك العقاب بعد إن دخلوه من الباب من خلال قيامهم بدبلجة مشروع قانون للعفو تحت حجج شتى يشمل المدانين بقضايا فساد ليدفعوه الى البرلمان ليصادق عليه تلبية لطلب كتله السياسية لاستنقاذ أتباعهم وفتح الأبواب مشرعة لهم ليعاودا لنهب أموال الشعب وبذلك تكون السلطة التنفيذية بشخص رئيسها ورضوخاً لرغبات المتنفذين من الكتل السياسية قد نسف جهود هيئة النزاهة وجهود جهاز القضاء من الأساس. في هذا يتضح أن قضية مكافحة الفساد يقع 75% أو أكثر من خيوطها في جعبة السلطة التنفيذية ورئيسها بالذات بالتعاون من الكتل الحزبية أو رضوخاً لمشيئتها ، وليس لهيئة النزاهة من دور في مكافحة الفساد ومعاقبة الفاسدين الى نصيب في المهمة لا تتعدى مساحته أكثر من 25% في أفضل الأحوال وهذه الـ 25% ايضاً يتحكم فيها رأس السلطة التنفيذية لأنه وبطانته هم من يختارون رئيس الهيئة وهم من يقررون إقالته...وعليه فإنه ليس الأمر كما هو شائع خطأً من أن المتحكم الوحيد بنجاح أو فشل قضية محاربة الفساد والفاسدين هي هيئة النزاهة... ومن يقول غير ذلك أقول له راجع المراحل من جديد لتقف على هذه الحقيقة: 1.هل أتاحت الحكومة من 2003 لغاية تاريخه حصول هيئة النزاهة على الملفات والوثائق لتلبية متطلبات الشفافية ومن دون استثناء...؟ لا. 2.هل مكنت الحكومة هيئة النزاهة من القيام بواجبها في التحقيق مع المثارة ضدهم شبهات فساد وفي مختلف القضايا من دون استثناء...؟ لا. 3.هل تجنبت الحكومة ممارسة الضغوط على القضاء وفي كافة الحلات دون استثناء...؟ لا. 4.هل كانت الحكومة جاده في القيام بواجبها في تنفيذ قرارات القضاء ودون استثناء...؟ لا. وإليك الدليل: أصدرت المحكمة الاتحادية بتاريخ 4/ 11/2019 قرارها بعدم وجود نص دستوري يلزم التعيين وفق مبدأ المحاصصة، هذا يعني بأن كافة التعيينات على اساس المحاصصة وفي كافة السلطات التنفيذية والبرلمانية والقضائية باطلة دستورياً ويتوجب إلغاءها، هل التزمت السلطة التنفيذية بحكم المحكمة الاتحادية البات والملزم لكافة السلطات بموجب الدستور...؟ لا. 5.هل أن الحكومة تجنبت بالفعل نسف جهود هيئة النزاهة وأجهزة القضاء ولم تسمح بخروج المدانين من الشباك بعد دخولهم من الباب...؟ لا. وإليك الدليل: كم قانون عفو أعدته السلطة التنفيذية شمل المدانين بقضايا فساد وأقره مجلس النواب بسلاسة تامة واريحية مشهود لها وبمباركة رؤوس الكتل السياسي...؟ ولهذا نقول: التي ترتكب الفساد هي السلطة التنفيذية والتي تمنع مكافحة الفساد هي الحكومة بشخص رئيسها وبطانته من 2004 لليوم... وعندما يطلق رئيس الجمهورية عبارات من قبيل أن مكافحة الفساد مهمة الجميع فأعلموا انه انما يريد من وراء ذلك تعويم قضية الفساد وقيدها ضد مجهول، وعندما يطلق رئيس الحكومة دعوات من قبيل أن مكافحة الفساد انما هي مهمة وطنية فأعلموا انه انما يريد بقوله عدم إلزام نفسه هو بالذات بوصفه راس السلطة التنفيذي التي تمارس الفساد والذي يقع على عاتقه هو بالذات 75% من مهمة مكافحة الفساد. من هنا تأتي أهمية ان يكون راس السلطة التنفيذية رئيس الحكومة غير مشارك هو والمقربين منه في الفساد، مؤمن بقضية مكافحته وقادر على فرض ارادته على معيته، مؤمن بسلطة القانون واحترام استقلال القضاء واستقلال هيئة النزاهة، وعدم الخضوع لسطوة الكتل السياسية، الى جانب المواصفات الأخرى المتعلقة بالسياسة وحرصه على سيادة العراق واحترام ارادة وحقوق الشعب.
#موسى_فرج (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بين د. قاسم حسين صالح وسعدي الحلي...
-
ما قل ودل...
-
جابر...الذي لم ينصفه قومه...
-
إنهم يأكلون ما لله وما لقيصر وما لعلاوي...
-
علاوي من دون عمام ليس أقل سوءاً من غيره بعمام...
-
من يزرع الفساد يحصد العواقب ...
-
لو فعلناها لقاسمناهم المجد حقاً... دعوة للعراقيين وفي مقدمته
...
-
من يجرؤ ليقضي بين أشياخ القضاء العراقي...؟
-
العراق من محنة الى أخرى في وقت عزَّ فيه الناصر...
-
الاتفاق الصيني بين فقاء عبد المهدي وضجة رفيقات منال يونس...
-
. الاتفاق الصيني ورفيقات منال يونس... (2)
-
الاتفاق الصيني ورفيقات منال يونس...
-
قانون الانتخابات وضياع الرؤية في لجة التفاصيل ...
-
حال البرلماني الفائز وفق الدوائر المتعددة...
-
رداً على رسالة الأستاذ الفاضل حامد الحمداني...*
-
بعد إن قدم صدام رأس العراق للأمريكان على طبق من ذهب...هل يعي
...
-
الساسة إذا دخلوا مظاهرة أفسدوها ونزعوا الشوك من دبابيرها ...
-
عادل عبد المهدي ...ماذا حقق وأين أخفق...؟
-
للمطالبين بإقليم البصرة... الدستور مصمم للانفصال وليس الأقال
...
-
موازنة العراق تفوق مجموع موازنات 8 دول ... . عدد سكانها 10أ
...
المزيد.....
-
من معرض للأسلحة.. زعيم كوريا الشمالية يوجه انتقادات لأمريكا
...
-
ترامب يعلن بام بوندي مرشحة جديدة لمنصب وزيرة العدل بعد انسحا
...
-
قرار واشنطن بإرسال ألغام إلى أوكرانيا يمثل -تطورا صادما ومدم
...
-
مسؤول لبناني: 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية عل
...
-
وزيرة خارجية النمسا السابقة تؤكد عجز الولايات المتحدة والغرب
...
-
واشنطن تهدد بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الأجنبية المرتب
...
-
مصدر دفاعي كبير يؤيد قرار نتنياهو مهاجمة إسرائيل البرنامج ال
...
-
-استهداف قوات إسرائيلية 10 مرات وقاعدة لأول مرة-..-حزب الله-
...
-
-التايمز-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي لن
...
-
مصادر عبرية: صلية صاروخية أطلقت من لبنان وسقطت في حيفا
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|