أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ياسين المصري - إلحاد الأمس وإلحاد اليوم















المزيد.....

إلحاد الأمس وإلحاد اليوم


ياسين المصري

الحوار المتمدن-العدد: 6544 - 2020 / 4 / 23 - 14:18
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الإلحاد في لغة العربان: هو الميل عن القصد، والعدول عن الشيء، ومصدره لحد، واللحد هو الشّقُ في جانب القبر.
فالإلحاد لغويًا صفة يراد بها كل من مال عن القصد والحقّ، ولذلك أطلقها العربان على كل من يظهر بدعةً، فهو ضال وكل ضال في النار، حتى وإن آمن بالله وبنبيه. كما أطلقت على الكفار والزنادقة وإن كانوا على أديان أو مذاهب أخرى.
 ومن حيث المصطلح: هو مذهب فكري ينفي وجود خالق للكون. وقد اشتقت التسمية من اللغة الإغريقية (أثيوس atheos) وتعني بدون إله. وقد ظهر في اليونان في بداية القرنين الرابع والخامس الميلاديين في أفكار كل من ثيودور الملحد 320م وكريستياس 403م وديوجين الكلبي 412م ودياغوراس من ميلوس 415-465م. وغيرهم ممن نُقلت عنهم عبارات تنفي صراحة وجود الخالق.
ومن هنا ظهرت التفرقة بشكل دقيق بين صفة الإلحاد atheism وغيرها من الصفات الأخرى الكاشفة لعقيدة صاحبها:
 فالملحد Antitheist: هو المنكر للدين ولوجود الإله، ويتخذ موقفًا عدائيًا منهما ومن المتدينين بالمثل،
اللاديني: صفه يفضلها كثير من الملاحدة وهي تعني من لا يؤمن بدين ولكن ليس بالضرورة أن يكون منكراً للإله،
الربوي Diest: هو الذي يؤمن بأن الإله قد خلق الكون، ولكنه ينكر أن يكون قد تواصل مع البشر عن طريق الأنبياء أو الأديان،
اللاأدري Agnostic: هو الذي يؤمن بأن قضايا الألوهية والغيب لا يمكن إثباتها وإقامة الحجة عليها كما لا يمكن نفيها، باعتبارها فوق قدرة العقل على الإدراك،
المتشكك Skeptic: هو الذي يرى أن براهين الألوهية لا تكفي لإقناعه، وفي نفس الوقت لا يمكن تجاهلها،
والعلماني Secularist: هو من يدعو إلى إقامة حياة البشر على أساس العلم والعقل ومراعاة مصلحتهم بعيداً عن الدين، فالعلمانية اصطلاح سياسي واجتماعي وثقافي لا علاقة له بعقيدة الفرد الدينية، بل أن الهدف منه هو حماية الدين من السياسة وحماية السياسة من الدين.
الفرق بين إلحاد الغربيين وإلحاد العربان هو أنَّ الملاحدة في الغرب ينكرون وجود الربوبية (الخالق) ويعتبرون المسيح في حال وجوده التاريخي على أنه مصلح لا أكثر ولا أقل، بينما الملاحدة العربان لا ينكروا وجود الله بقد إنكارهم لنبوة محمد، يقول الدكتور عبد الرحمن بدوي فى كتابه: تاريخ الإلحاد في الإسلام: «إذا كان الإلحاد الغربي بنزعته الديناميكية هو ذلك الذي عبّر عنه نيتشه حين قال" لقد مات الله" وإذا كان الإلحاد اليوناني هو الذي يقول:" إن الآلهة المقيمين في المكان المقدس قد ماتت" فإن الإلحاد العربي هو الذي يقول: "لقد ماتت فكرة النبوة والأنبياء"». 
إن فكرة إنكار وجود الخالق في نمط الإلحاد العروبي المعاصر هي فكرة طارئة عليه وليست قديمة كما هي في نمط الإلحاد الغربي. فكتب التراث الإسلاموي تخبرنا بأن المعاصرين لنبي الأسلمة كانوا يؤمنون بالأرباب (الله إلى جانب آلهة أخري عديدة)، ولما أعلن نفسه نبيًّا من عند الله كذبوه وشككوا في صدق وحيه، لعدم انسجامه مع العقل والمنطق، ولكنهم خضعوا له بعدما أشهر سيفه على رقابهم، وحصر وجودهم على التمتع بما تجلبه حروبه المتواصلة من غنائم وسبايا. توقفت حروبه تدريجيًّا، وظل سيفه مسلطًا على رقاب الناس حتى يومنا هذا. وصف النبي معارضيه بالمنافقين، الذين عرفوا فيما بعد بالملحدين، الذين ظهرت موجتهم الإلحادية في وقت مبكر من التاريخ، ومع ذلك صمدت الديانة أمامها، وظلت باقية بشكل ما تحت حد السيف. فهل ستصمد ويكتب لها البقاء أمام الموجة العاتية من الإلحاد الحديث، وهل مازال السيف المسنون اللماع، قائمًا على المفتي المفتون بالابتداع؟ بحسب عنوان كتاب للإمام برهان الدين إبراهيم بن عمر البقاعي، المتوفى سنة 885م؟
الإلحاد العروبي القديم
في أواخر الدولة الأموية، نشأ صراعٌ فكريٌ نتيجة لتصادم العديد من الثقافات الشرقية والغربية، فكان له بالغ الأثر في تكوين العقلية الإسلاموية الإلحادية التي سادت في العصر العباسي؛ فأصبح واحدًا من أخصب العصور الفكرية في تاريخ العالم كله. يقول عن ذلك الدكتور بدوي: إن القرنين الثالث والرابع هجريًا من عهد العصر العباسي، قد شكّلا أوجّ حركة الإلحاد في التاريخ الإسلامي.
فمنذ كان أبو جعفر المنصور وليًّا للعهد في أيام أخيه أبي العباس (السفاح)، أول الخلفاء العباسيين، وهو يكن عداوة وكراهية وازدراء لأبي مسلم الخرساني، الذي كان له أعظم الفضل في تجنيد خرسان إلى جانبهم ومن ثم تمكينهم من حكم المتأسلمين من بغداد، فكان أول شيء فعله المنصور بعد أن اصبح خليفة عقب موت أخيه أنَّ فتك بأبي مسلم الخرساني، مما أثار غضبًا عارمًا من الخراسانيين.
وقد أشار د. زكى نجيب محمود في كتابه: المعقول والامعقول ـ في تراثنا الفكري إلى أن ردود الفعل من الفرس لقتل الخرساني كانت مقاومة ثقافية من باب المعارف العقلية العلمية ولكن الوجه اللامعقول فيها، هو تأليه أبي مسلم وان روحه صعدت إلى السماء ليعود مرة أخرى.
كان للعباسيين أجندة دينية وسياسية مختلفة عما يريده الخرسانيون، فانقلبوا عليهم وقتلوا زعيمهم، مما نتج عنه صراع سياسي - فكري، مازال صداه يتردد بين الشيعة والسنة حتى اليوم!
بدأت مقاومة الخراسانيين أولًا بثورة سنباد الذي أغضبه مقتل الخرساني وطالب بدمه وتبعه كثيرون من المجوس (الزرادشتيين). فأرسل المنصور حملة في عام 137هـ/ 756م بقيادة ”جمهور ابن مرار العجلى“ فهزم سنباد واستردَّ منه الأموال والسبايا، ولكنه أخذها لنفسه ولم يرسلها إلى الخليفة، بل ونقض البيعة وتمرّد عليه ونادى بخلعه؟. قضى المنصور على تمرده وحمله على الفرار إلى أذربيجان. تلت ثورة سنباد مقاومة فكرية من خلال ثورة الراوندية في سنة 141هـ/758م، وهم من قرية راوند في خراسان، وقد أعلنوا في البداية أن أبا جعفر المنصور هو الإله الذي يرزقهم ويطعمهم، ولما استنكر ذلك على نفسه، انقلبوا عليه وقالوا إنه لا يستحق التقديس، وبدأوا بالدعوة إلى عقائدهم الأولى والردة إلى ديانات الفرس قبل التأسلم. وهي الزرادشتية والمانوية والمزدكية. خاصة وقد رأوا العباسيين يعاملون الذين مازالوا على تلك الديانات مثل اهل الكتاب بأن يتأسلموا أو يدفعوا الجزية عن يد وهم صاغرون أو يقتلوا، ممَّا حمل الكثيرين منهم على التأسلم ظاهريًاً وإحياء عقائدهم الأولى باطنياً.
بعدما يقرب من 200 عام على ظهور الديانة المفترض في مكة، بدأ العباسيون فبركتها من بغداد، بهدف السيطرة الكاملة على المنطقة، فجندوا عددًا من جلاوزتهم الفرس الخبثاء (ابن هشام والبخاري ومالك … إلخ) ليكتبوها، ويكملوا قرآنها من مصادر عديدة، ويختلقوا لها شخصية نبوية، تبعًا لما يُمْلونه عليهم. وفي نفس الوقت كان هناك أناس آخرون من الفرس أيضًا يستعملون عقولهم ويناهضون الخبثاء فيما يكتبونه، فأطلق عليهم تعبير زنادقة بالفارسية أو ملحدين بالعروبية، وقد عرفوا أنذاك بأنهم الذين يعتقدون الكفر ويُظهرونه كلما سنحت لهم الفرصة، وينكرون إلحادهم إذا اكتشف أمرهم وهذا بخلاف المنافقين الذين يستترون بكفرهم في باطنهم بينهم وبين أنفسهم، ويظهرون التأسلم. بيد أن الشيخ السوري ابن تيمية عرَّف الزنديق بأنه ”ألمنافق الذي يظهر التأسلم ويبطن الكفر”
في ذلك الوقت وبحسب قول الدكتور بدوى كان الزنادقة يتواجدون في أماكن عديدة مثل بغداد وحلب ومكة والبصرة والكوفة وكان أشهر ما يوجه اليهم من التهم هو ترك الفرائض الإسلاموية مثل الصوم والصلاة والحج أو لادعائهم بأنهم يستطيعون ان يكتبوا نصوصا أحسن من القرآن. ويشير إلى أنّ الحركات الأولى للزندقة أو الإلحاد قد تم التعامل معها بحسم، كما حدث مع ابن المقفع من تعذيب وقتل، ولكن في النصف الثاني من القرن الثالث الهجري، وطوال القرن الرابع؛ تعاملت الدولة الإسلاموية المترامية الأطراف معهم بروحٍ سمحة وتركتهم يعبرون عن آرائهم بحرية؛ أمثال ابن الراوندي، وهو من أشهر الملاحدة في تاريخ الإسلاميّة، في حين جلست بهدوء تؤلف وتُصدر الكتب التي دحضت أفكارهم.
في نفس القرية التي انطلقت منها ثورة الراونديين ولد في عام 210هـ/827م أبو الحسن أحمد بن يحيى بن إسحاق المشهور بابن الراوندي، وَكَانَ من أشهر الزنادقة على الإطلاق، وأكثرهم وضوحًا وأشدهم عقلانية، فاعترض - مثلًا - على تفضيل لغة العربان على غيرها من اللغات، ووصف الحج والطواف ورجم الشيطان بالشعائر الوثنية والطقوس الهندوسية، وأنها كانت تمارس من قبل العربان في الجاهلية، وتساءل عن سبب عدم قدوم الملائكة لمعونة المسلمين يوم معركة أحد. وتعجب من أن الملائكة الذين انزلهم الله يوم معركة بدر كانوا “مفلولي الشوكة وقليلي البطش” فلم يقتلوا أكثر من 70 رجلا ولم ينزل أي ملاك يوم معركة أحد عندما “توارى النبي بين القتلى فزعا”
واعتبر غزوات محمد سلبا ونهبا. وتهكم من وصف الجنة قائلا: “فيها حليب لا يكاد يشتهيه إلا الجائع والزنجبيل الذي ليس من لذيذ الأشربة والإستبرق الذي هو الغليظ من الديباج”
وقال إن الذي يأتي به النبي إما أن يكون معقولا أو لايكون معقولا، فإن كان معقولا فقد كفانا العقل بإدراكه فلا حاجة لنبي وإن كان غير معقول فلا يكون مقبولا.
وكان على قناعة بان القرآن ليس فريدا ويمكن كتابة نص أحسن منه وقال إن عدم مقدرة أحد على محاكاة القرآن يرجع إلى انشغال العربان بالغزو والقتال.
ورأى أنه ليس بواجب على الله أن يرسل الرسل أو يبعث أحداً من خلقه ليكون نبيه ويرشد الناس إلى الصواب والرشد، لأن في قدرة الله وعلمه أن يجعل الإنسان يرقى ويمضي إلى رشده وصلاحه بطبعه. وقال إن تصورات الإنسان عن الخالق محاطة بالأوهام والأساطير، لأن فكر الإنسان يعجز عن إدراك الخالق أو معرفة أوصافه.
في كتاب: ”الإسلام جاء من بلاد الفرس“ خصصت الفصل الثامن والأخير لنشاة الشيعة في إيران وفيه حديث مفصل (ص 424 وما بعدها) عن الزنادفة، يمكن للقارئ الرجوع إلى الكتاب على الرابط التالي:
https://www.4shared.com/s/fOAin7aRgiq

الإلحاد العروبي الحديث
الإلحاد بوجه عام هو قرار شخصي لاعتماده على قناعة العقل والمنطق، وهو عكس الإيمان الديني المتوارث عن الآباء والأجداد، ويعتمد على العاطفة المتقلبة لدي الإنسان، حيث تشتد حينًا وتخف أحيانًا.
من الواضح أن الأغلبية العظمى من المتأسلمين منذ موت نبيهم وحتى الآن لم يكونوا، وليس في استطاعتهم أنَّ يكونوا متأسلمين بالفعل، ولم تكن لهم أسوة حسنة في نبيهم، فلم يلتزموا بسوء أخلاقه وانحطاط سلوكه وكذبه ومفاخذة صغيرات السن، والغزو والقتل والسلب والنهب وسبي الإناث واغتصابهن … إلخ. مع أن بعض مشايخهم يحاولون جاهدين ومجتهدين الحث على ذلك وتحويل العالم من حولهم إلى جحيم لا يطاق، فهذا أحدهم في مصر (الحويني) يعزوا سبب فقر أمة التأسلم وانحطاطها إلى التوقف عن هذه الأفعال النبوية (الكريمة).
ظلت ظاهرة الإلحاد ملازمة لتاريخ الإسلاموية منذ فبركتها وبقيت حتى الآن، وذلك لأنها لم تكن وليدة المصادفة أو رد الفعل التلقائي، ولكن فرضها إعمال العقل وسلطان المنطق، وظهرت على السطح بشكل قوي في الوقت الراهن مع تقارب المسافات بين البشر وتسهيل سبل الاتصال بينهم، وتلاقح الثقافات وتبادل المعارف في وقت قصير، ففي وقت مبكر من هذا العصر توفرت الشجاعة لدي بعض الملحدين، فأظهروا إلحادهم بشكل علني مثل الدكتور اسماعيل أدهم في كتاب «لماذا أنا ملحد؟» المكون من 14 صفحة حاول من خلال المعادلات الرياضية اثبات الحاده، وقيل انه انتحر بعد ان وجدت جثته طافية على ساحل جليم بالاسكندرية في 23 /7 /1940، بينما كذب ذلك شقيقه الدكتور ابراهيم ادهم وقال إن جميع كتبه وأبحاثه ودراساته قد اختفت بشكل غامض ولم يعثر لها على اثر.
وقد اعتبر ملحدًا كل شخص يستعمل عقله في تفنيد أو نقد الديانة، والاعتراض على السلوك الشاذ لنبيها، مثل المفكر عبداللهِ عليٍّ القصيميُّ (المتسعود) أحدُ أشهر الملاحدةِ المُعاصرينَ، الشاعر العراقي جميل صدقي الزهاوي، أحمدُ لطفي السيّدِ، طه حسين، صادق جلال العظم،، زكي نجيب محمود، فرج فودة، سيد القمنى، خليل عبد الكريم … وغيرهم الكثير من أساتذة التنوير في عالم الضلال والظلام. وقد قسمتهم دار الإفتاء المصرية إلى ثلاث مجموعات هي: ”الذين لا يعترضون على الإسلام كدين ولكن يرفضون (أسلمة السياسة) وينادون بدولة علمانية. والذين يرفضون الإسلام كدين تماما. والذين تحولوا من الإسلام إلى دين آخر“.
ومن الملاحظ أنَّ رجال الدين المتأسلمين يخلطون دائمًا بين مفهومي الإلحاد والعلمانية، وكلاهما غير مقبول لديهم، إذ ينظرون إليهما على أنهما صنوان، مع أن بعض التنويريين يلتزمون بالدين، ولكنهم ينادون بفصله عن الدولة وحمايته من التدخل في السياسة، وحماية السياسة منه، ويسعون إلى إيجاد خطاب إسلاموي جديد، وتحقيق التقدم والإصلاح عن طريق تحدي الممارسات الدينية "القمعية واللاأخلاقية".
ومع ذلك مازال رجال الدين الإسلامويين يربطون الإلحاد بالغرب وظهور العلمانية التي تهدف إلى إقصاء الدين عن السياسة والحياة، أو بالوجودية أو الشيوعية أو اليهودية… إلخ.
الملحدون في أيامنا هذه ليسوا من أوساطِ المفكّرينَ والفلاسفةِ، ولا ينتمون إلى أي مستوى نخبوي في مجتمعاتهم، بل هم أشخاص عاديون، وربما لم يطلع أحدهم قط على أفكار ابن الراوندي أو إبن المقفع أو الرازي أو غيرهم من كبار الملاحدة، ولكن إلحادهم نجم كرد فعل نفسي من التشدد الديني والاجتماعي!، ممَّا أدَّى بهم إلى النفور من الدين والتدين، وأن الكثيرين منهم قد تربوا في بيئات دينية أو اجتماعية متشددة، بل إن بعضهم قد حفظ القرآن وتعلم الدين وربما تتلمذ على بعض المشايخ ثم صار به الحال إلى الإلحاد!. بدأوا يدركون أنَّ الدين مجرد ثقافة بشرية منحرفة عن الأهداف الإنسانية، وتأثروا بلا شك بما يدور حولهم من هذيان رجال الدين وسلوكيات المتأسلمين الإجرامية. فالإلحاد والارتداد هما رد فعل في الاتجاه المضاد لذلك الغلو غير المبرر. وقد تم سُجن العديد منهم في جميع بلاد العربان لقيامهم بأعمال اعتبرت إلحادية. فقد ذكرت تقارير إعلامية أن شابا متسعودًا في العشرينات من عمره حُكم عليه بالإعدام بعد أن نشر مقطع فيديو لنفسه يمزق نسخة من القرآن. وفي فبراير عام 2015، حكمت محكمة متسعودة على رجل بالإعدام ”لنبذه دينه الإسلاموي“، وفقا لصحيفة "سعودي غازيت". وفى عام 2014، حكمت محكمة مصرية على طالب يُدعى كريم أشرف محمد البنا بالحبس ثلاث سنوات بتهمة ”ازدراء الأديان وترديده عبارات من شأنها تحقير الذات الإلهية“، بعد أن نشر بعض تعليقات على فيسبوك. وقد وصفت "هيومان رايتس ووتش" حبسه بأنه ”جزء من حملة حكومية لمكافحة الإلحاد وأي شكل من أشكال المعارضة السياسية“. وفى يناير عام 2015، توجه المصري أحمد حرقان، الذي كان قد أعلن عن آرائه الإلحادية في إحدى القنوات التلفزيونية، إلى قسم شرطة في الإسكندرية ليقدم بلاغا ضد عدد من الأشخاص متهما إياهم بالتعدي عليه هو وزوجته أثناء سيرهما في الشارع بسبب معتقداته. وحاليًا يخضع حرقان للمنع هو وأسرته من مغادرة البلاد.
ولأول مرة في تاريخ المنطقة تُثار نقاشات حول موضوع الإلحاد على محطات التلفزيون، وتستضيف بعض البرامج ملحدين جنبا إلى جنب مع رجال الدين المتأسلمين. وعادة ما يسأل المذيع الملحدين عن أسباب تخليهم عن الإسلاموية، في حين يُرجع رجال الدين السبب إلى مشاكل شخصية أو إلى طيش الشباب والمراهقة. وتصف وسائل إعلام مصرية جهود الدولة والمؤسسات الدينية لمكافحة هذا الاتجاه باسم "الحرب على الإلحاد". بينما تقول دار الإفتاء المصرية إن ”مواقع التواصل الاجتماعي وفرت لهؤلاء الشباب المغرر بهم مساحات كبيرة من الحرية أكثر أماناً للتعبير عن آرائهم ووجهة نظرهم في رفض الدين“
وفى يونيو عام 2015، أطلقت وزارة الشباب المصرية بالتعاون مع مؤسسة الأزهر مبادرة لمواجهة ”التطرف والإلحاد“. وفى تصريحات صحفية، قال الشيخ أحمد تركي- أحد المنسقين - إن المبادرة تهدف إلى ”تسليح الشباب بالحجج العلمية في وجه الادعاءات الإلحادية“.
ويضيف الشيخ : ”الإلحاد قضية أمن قومي ... إذا تمردوا (الملحدون) ضد الدين، فإنهم سيتمردون على كل شيء آخر“.
ربما لا يعرف الشيخ المعنى الحقيقي لتعبير ”أمن قومي“ ولكن الخبث الديني لا بد وأن يتناغم دائمًا مع الخبث السياسي لتنفيذ الأهواء وفرض الطاعة والولاء!
إلحاد اليوم مبرر بالقول والفعل، فأصبح له نفوذا قويًا بعدما ظهرت حقائق مخزية في صلب الديانة الإسلاموية، ليس أقلها ما ارتكبه نبيها الكريم، وعجز رجال الدين عن تبريرها، واتضح أنه دين عنف ومصدر أساسي للانقسام بين البشر، وتهديد وجودي للحداثة والمجتمعات البشرية المتحضرة.



#ياسين_المصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نتيجة التخبُّط بين ثقافتين
- الإنسان بين الوهم والواقع
- ما سر عداء العروبان والمتأسلمين لعلم المنطق؟
- هل السفاهة من خصال العربان؟
- رد على تعليق الأستاذ منير كريم
- إعتذار المشايخ عن فتاويهم المدمِّرة!
- القول المعقول في أخلاق الرسول
- خلاصة البيان في تأويل القرآن
- تجديد التراث الذي يريده المشايخ
- ما سبب إضطراب الشخصية المصرية؟!
- الشجرة المحتارة بين الغباء والحضارة!
- لماذا أصبحت مصر مرتعًا للاغتصاب الجنسي؟
- ومازالت الصعلكة مستمرة! 2/2
- ومازالت الصعلكة مستمرة! 1/2
- الإسلاموية في حالة غضب!
- العلمانية حتمية تاريخية وضرورة اجتماعية
- لماذا لا تزول الغُمَّة عن هذه الأُمَّة؟
- إنكار الحقائق والقفز عليها
- لماذا أهاجم العربان بلغتهم!؟
- نظرية المؤامرة عندهم وعندنا


المزيد.....




- عمال أجانب من مختلف دول العالم شاركوا في إعادة بناء كاتدرائي ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي ...
- أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع ...
- الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى ...
- الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي- ...
- استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو ...
- في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف ...
- ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا ...
- فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ياسين المصري - إلحاد الأمس وإلحاد اليوم