أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - عبد القادر معيوف - مراجعات في زمن الكورونا















المزيد.....


مراجعات في زمن الكورونا


عبد القادر معيوف

الحوار المتمدن-العدد: 6543 - 2020 / 4 / 22 - 16:48
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


هكذا ومن دون مقدمات ، عادت إلى الساحة القضايا الأساسية المعلقة منذ سنين ، وفي لحظة فارقة أهداها فايروس كورونا للبشرية ، عاد السجال حول مفهوم الدولة ، مؤسساتها ، دورها في تنظيم الحياة الاجتماعية والاقتصادية ، الصحة العمومية ، التعليم العمومي، الرعاية الصحية للعموم وغيرها من المسائل الجوهرية التي طال تهميشها والتي كانت شارات مختلف السياسيين إبان الثورة والتي تلاشت مع مرور الزمن تاركة المجال للأطروحات اليمينية ليبرالية ويمينية دينية محافظة...
في لحظة فارقة تاريخية ، تعود إذا هذه الأطروحات لتصدر المشهد العالمي خاصة بعد إخفاق المنظومات الوطنية في الدول الكبرى الرأسمالية في الوقوف أمام الفايروس وتأثيراته ، فقد بان للعموم مدى هشاشة المنظومة الليبرالية ، هذه الأنظمة التي دعمت الخوصصة وإقتصاد السوق وما يسمى بالانفتاح الإقتصادي على حساب كل ماهو عمومي، هذا في الأنظمة القوية ، فما بالك أنظمة التبعية وعلى رأسها طبعا دول شرقنا النائم ... فمن يقف حقا لمواجهة هذه الكارثة وتداعياتها الإقتصادية والإجتماعية ؟ فجأة إختفت كل رؤوس الأموال والأحزاب والجمعيات التي غزت العالم إبان الإنتخابات ، إختفى كل الذين ملؤوا حياتنا صخبا : رجال الأعمال غلمانهم من إعلاميين وأشباه الفنانين ، سماسرة الشعارات من ثورجيين ، ورجال الدين السياسي... في لحظة حبس الجميع أنفاسه ليعود ليسأل عن الصحة العمومية التي همشت لسنوات فاسحة المجال للمستشفيات الخاصة ،عن التعليم العمومي وجودته بعد أن حولته السياسات اليمينية المتتالية خاصة في العشرية الأخيرة إلى سلعة وتجارة مع غزو المؤسسات الخاصة لهذا المجال ، عن مخابر البحث العلمي التي انتظرت دولنا القطاع الخاص لتنميتها وتطويرها... النتيجة كانت محسومة ، إفلاس كل هذه المنظومات أمام أول تحدي كبير...
لقد حاربت الأوليغارشية المالية لعشرات السنين كل الأصوات الحرة التي دافعت ولا تزال على مفهوم الدولة ، مدنيتها ، دورها الرئيسي في الحياة الاقتصادية والاجتماعية مستغلة السيطرة الثقافية التي فرضتها على العامة عبر وسائل الإعلام والإتصال المباشر ، هذا في معظم دول العالم ، أما في الشرق ، فالوضع أسوء من ذلك، خاصة مع التحالف المعلن بين رأس المال ورجال الدين : فرأس المال لعب ولا يزال يلعب الدور الأساسي في سيطرة فكر الكهنوت على العامة ، حيث أنه وفر لهم كل مستلزمات المرحلة (من إعلام ، مراكز ،جمعيات) وفي المقابل إستعملهم في فرض فكره وخاصة في حربه مع الآخر ، فلا أحد يمكنه أن ينكر دور رجال الدين في عالمنا العربي خصوصا في محاربة ثقافة الحياة أمام ثقافة الموت ، ثقافة الصبر والإمتحان أمام ثقافة المقاومة والثورة ، ثقافة الإنهزام والخنوع للفقر والجهل تحت مسمى القضاء والقدر أمام ثقافة الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية ، ثقافة محاربة المفكرين والمجددين والإصلاحيين و المنفتحين على تطور الفكر الإنساني وتجارب الشعوب الأخرى ، ثقافة التكفير والقتل ...
إن المتأمل للتاريخ الحديث لشعوب الشرق ، ليستطيع بسهولة أن يرى مدى قوة هذا التحالف الذي يتحكم بالمنطقة منذ حوالي 50 سنة ، هذا التحالف الذي طالما كان إحدى أدوات السيطرة الإمبريالية للقوى العظمى والإقليمية ، تجلى في غزو العراق ب2003 وتدمير الدولة (مع كل التحفظات على دولة البعث وأخطائها) لإقامة نظام العمائم الذي حول العراق من قوة إقليمية إلى دولة فقيرة مفلسة ، من دولة مستقلة إلى حكومة وجهات تحكم عبر إتفاق أمريكي –إيراني ... ومع الربيع العربي ، لعب هذا التحالف دورا رئيسيا في إخماد الثورات الشعبية ، فلقد نجح هذا التحالف في تدمير وحدة الصف وتقسيم المجتمع ، تغيير الشعارات الأساسية من حرية و ديموقراطية و عدالة إجتماعية و تشغيل و كرامة وطنية إلى شريعة ، دولة دينية ومحاربة الردة ... النتيجة إفلاس الدول وإنهيارها الإقتصادي الذي تدفع ثمنه ولا تزال الطبقات الفقيرة والمتوسطة ... في أواخر 2019 ، أصيب الشرق بزلزال أخطر من تسونامي ، سقط نظام البشير الإخواني في السودان ، وإنطلقت انتفاضات شعبية بطابع مدني إختفى فيها كل نازع ديني ، طائفي أو مذهبي ، بكل من لبنان والعراق ، فخرج الآلاف من الشباب ينادي بدولة وطنية تحكمها الكفاءات لا العمائم ، انتفاضات لا يزال صداها يتردد إلى اليوم مثلت وستمثل منعرجا مهما في تاريخ الشرق إذا ما كتب لها النجاح ، هذا ولا تزال كل وسائل إعلام دول الشرق على إختلافها تحاول تمييع هذه الثورات ومحاربة الشباب الثائر بكل الوسائل خاصة أنه نشر فيهم وفي أنظمتهم الرعب والذعر وإمكانية إنتقال هذه الموجة من الإنتفاضات والثورات تحت ما يسمى بتأثير الدومينو...
وإن كان الحديث عما يحصل في الشرق مؤخرا يطول ويطول ، إلا أني أردت التعريج بالأساس على جائحة كورونا وعلى ما يحصل هنا في معظم دولنا وخاصة في تونس أين تبخر العمل الجمعياتي الذي طالما إزدهر أيام الإنتخابات وايام تجنيد شبابنا للإنظمام لحركات الجهادية و إرسالهم لقتال في سوريا ، ففي لحظة إختفت أكثر من 20 ألف جمعية خيرية عن الساحة لتفرض علينا أسئلة كثيرة من الضروري الإجابة عنها تتعلق بأنشطة هذه الجمعيات مهامها ، تمويلها ... ظهر وبإمتياز مدى ضعف الدولة أمام الأوليغارشية المالية التي تقود القطاع الخاص ، برامج بالمليارات لدعم هذه الأوليغارشيات ، التي لم تقدم شيءا بل بالعكس تقمصت دور الضحية من جديد وهاهي تطالب بحقها في تعويضات جديدة تدفع ثمنها الطبقة الوسطى ... في المقابل أتحفتنا الحكومة بإقتطاع يوم عمل من الموظفين أتبعتها بمشروع جديد لا يزال قيد النقاش يقوم على إقتطاع 10 بالمئة من رواتب الموظفين وكالعادة يغض الطرف عن رجال الأعمال والتهرب الضريبي الذي يقدر بحوالي 25 مليار دينار (ما قيمة أكثر من 80 بالمئة من موازنة الدولة)... أيظا ومع تهاوي أسعار النفط ، فإن تراوح أسعار عقود النفط الخام بين 20 و30 دولار (لأواخر العام) سيوفر للدولة أكثر من 800 مليون دينار لا سيما أنها إعتمدت سعر 65 دولار للبرميل عند إقرار ميزانيتها للعام 2020، ورغم إقرار التعديل الآلي لأسعار المحروقات ، إلا أن الحكومة تواصل تجاهلها لهذه المتغيرات ولم تخفض بتاتا أسعار المحروقات (فلا يمكن إعتبار تخفيظ ال20 مليم الأخير تخفيظا بقدر ما يمكن إعتباره ضحكا على الذقون)...
تشير الأرقام الرسمية أن الطبقة الوسطى في تونس تآكلت في العشرية الأخيرة ، حيث كانت تمثل حوالي 70 بالمئة من حجم السكان في 2010 (حسب المعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية) إلى 55 بالمئة في 2015 ومن المنتظر أن ينزل الرقم إلى ما أقل من 50 بالمئة مع بدايات سنة 2020 ، ومع هذا الإنهيار تأتي أزمة الكورونا لتؤكد أن المرحلة القادمة تتطلب مراجعة سريعة للمفاهيم الأساسية للدولة ومؤسساتها ، منظومة دولة الرعاية كمبدأ أساسي ، إعادة النظر في المنوال التنموي وللسياسات الليبيرالية التي إعتمدها دولنا منذ حوالي نصف قرن ، وحدة الصف الديمقراطي للوقوف أمام لتحالف الدين السياسي واليمين الرأسمالي من جهة والإمبريالية من جهة أخرى ، والوقوف أمام الهيمنة الثقافية التي أسقطت كل المشاريع الثورية في المنطقة...



#عبد_القادر_معيوف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- فيديو يُظهر اللحظات الأولى بعد اقتحام رجل بسيارته مركزا تجار ...
- دبي.. علاقة رومانسية لسائح مراهق مع فتاة قاصر تنتهي بحكم سجن ...
- لماذا فكرت بريطانيا في قطع النيل عن مصر؟
- لارا ترامب تسحب ترشحها لعضوية مجلس الشيوخ عن ولاية فلوريدا
- قضية الإغلاق الحكومي كشفت الانقسام الحاد بين الديمقراطيين وا ...
- التمويل الغربي لأوكرانيا بلغ 238.5 مليار دولار خلال ثلاث سنو ...
- Vivo تروّج لهاتف بأفضل الكاميرات والتقنيات
- اكتشاف كائنات حية -مجنونة- في أفواه وأمعاء البشر!
- طراد أمريكي يسقط مقاتلة أمريكية عن طريق الخطأ فوق البحر الأح ...
- إيلون ماسك بعد توزيره.. مهمة مستحيلة وشبهة -تضارب مصالح-


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - عبد القادر معيوف - مراجعات في زمن الكورونا