أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - علي وتوت - في الاجتماع السياسي للعراقيين ....عن أيّ مجتمع عراقي نتحدث ؟















المزيد.....

في الاجتماع السياسي للعراقيين ....عن أيّ مجتمع عراقي نتحدث ؟


علي وتوت

الحوار المتمدن-العدد: 1582 - 2006 / 6 / 15 - 11:51
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


في خضم الانشغال القائم ببناء الدولة القادمة، يبدو التساؤل عن مدى وحدة المجتمع في العراق قضية غايةً في الأهمية، ذلك أن الإجابة عنه هي التي سوف تحدد مدى نجاح جهود بناء الدولة القادمة أو فشلها. وإذا ما كنـّا، قد أوضحنا في مقالة سابقة، أن ما هو قائم من عوامل الوحدة على مستوى الاجتماع السياسي الآن، يُظهر لنا ويبين مدى هشاشة الفكرة القائلة بوجود مجتمع سياسي واحد في العراق، فإن ما نحاول بحثه في هذه المقالة هو عوامل الوحدة على مستوى الاجتماع الثقافي. ولبحث هذه القضية من وجهة نظر السوسيولوجيا (علم الاجتماع)، نطرح بعض التساؤلات التي يمكن أن تكون الإجابة عنها أساساً ومرتكزاً لحلّ هذه القضية:
* ما الذي يجمع بين الأكراد من أبناء مدينة السليمانية بسكان الجبايش في الأهوار مثلاً ؟ أو ما الذي يجمع بين الأرمني في بغداد والعربي في الفلوجة والتركماني في طوزخورماتو ؟ هل هي اللغة أو الإثنية (تدعى خطأً القومية) أو الطائفة أو الدين؟ وإذا ما شئنا أن يأخذ التساؤل مداه الأوسع فلنطرحه بالوضوح الآتي:
* ما الذي يجمع بين الجماعات الاجتماعية أو المجتمعات المحلية في العراق ؟؟
- وللإجابة عن هذه التساؤلات ينبغي علينا تسليط الضوء على المشتركات الثقافية للمجتمع في العراق. إذ إن هذا المجتمع، هو الأكثر تنوعاً على مستوى الانتماء الثقافي أثنياً (هناك العرب والأكراد والتركمان والأرمن و.. ما إلى ذلك) ودينياً (هناك المسلمين والمسيح والصابئة واليزيدية و.. ما إلى ذلك) وطائفياً (هناك انقسام حاد في الجماعة الإسلامية بين الشيعة والسنة، مثلما أن هناك أكثر من طائفة مسيحية كالنساطرة والآرثوذكس والكاثوليك أو باللهجة العراقية الآثوريين والسريان والكلدان). وبناءً على هذه الحقيقة، فإن لا شيء تقريباً يجمع بين هؤلاء الأفراد. إذ أن هناك اختلافاً كاملاً على مستوى اللغة أو الأثنية أو الطائفة أوالدين.
إن هذه المعطيات هي معطيات واقعية، حتى وإن كانت الدولة الراحلة قد أغفلتها بشكل كبير ولعوامل كثيرة، لم يكن الاهتمام ببناء هوية عراقية موحدة أحدها. فعلى الرغم من أن قلة من دول العالم تقوم في مجتمع أحادي العرق والدين والمذهب واللغة. إذ أن معظم دول العالم، على العكس من ذلك، تضم أقليات كبيرة، تتميز عن الأغلبية بأصولها أو بثقافتها أو بديانتها. وفي أكثر من ثلثي دول العالم توجد هناك أقلية من هذا النوع تضم (20 %) من السكان أو أكثر. وأمريكا وكندا وعدد آخر من دول أوربا الغربية، تبدو الأمثلةً الأكثر وضوحاً في هذا الشأن. ولكن هذه الدول رسخّت منذ أمد بعيد مفاهيم الهوية الوطنية لدى أفرادها، ولم يعد هناك شك في انتماء هؤلاء الأفراد وولائهم لمجتمعهم الأكبر ودولتهم.
إنَّ وحدة وتماسك المجتمع تنجز بإلغاء كافة مظاهر التمييز والتفرقة القومية والدينية والطائفية والسياسية، واعتبار كُل أفراد المجتمع سواسية في الحقوق والواجبات، وتعميق وترسيخ أُسس المشاركة الحقيقية الكاملة للمواطنين في إدارة الدولة والقيام بالأنشطة الوطنية على تنوعها، وبالسعي للقضاء على الفجوة بين الدولة والمجتمع من خلال الانبثاق الطبيعي للدولة والسلطة من رَحم المجتمع ذاته، وبالتفاني لتطبيق السياسات العادلة والمتوازنة الهادفة لخدمة الاجتماع السياسي والثقافي في المجتمع.
ولكن هل عملت الدولة الراحلة في العراق على توحيد المجتمع وزيادة تماسكه عبر ترسيخ مفهوم الهوية العراقية، بل لخدمة الوجود العراقي برمته، مما ينفي أي شعور بالتمييز وأي مُبرر للانقسام المجتمعي ؟
- وللإجابة عن هذا التساؤل ينبغي أن نتذكر بعضاً من حقائق التعامل السياسي مع وحدة وتماسك المجتمع في العراق، لنقول أنه إذا كان فيصل الأول قد عمل جاهداً في سبيل صهر التنوع الإثني والديني والطائفي في مجتمع العراق والخروج بالـ (الهوية العراقية) والعمل على زيادة لُحمة المجتمع في العراق، وبما يعزز من وحدته وتماسكه وذلك من خلال تبني إصلاحات في توجهات الدولة نحو معالجة العنصرية الإثنية والدينية والطائفية السياسية والتي أضرّت بالنسيج المجتمعي. فإن من أتى بعده من الملوك لم يجتهدوا لكي يكملوا مسيرته. فكان الملك غازي متطرفاً في ميوله الإثنية العربية مما جلب عليه نقمة الأكراد، وهذا ما يبدو واضحاً في محاولة بكر صدقي الانقلابية. أما الوصي عبد الإله وعلى الرغم أن سياسته تميزت بمهادنة الإنكليز، فإنه يؤخذ عليه تأليب المجتمع ضد المؤسسة العسكرية. فيما لم يتسن للناس رؤية ما كان سيفعله الملك الشاب فيصل الثاني، الذي لم يعرف المجتمع في العراق ما هي ميوله وتوجهاته.
أما في العهد الجمهوري، فإنه وما عدا الأشهر الأولى بعد تموز 1958، فإن أية محاولات جادة لدمج المجتمع في العراق في بوتقة الهوية ((العراقية)) لم تقم، بل إن الدولة الراحلة، وبخاصة في مرحلة حكم البعث، عملت على تبني المشاريع الإثنية الشوفينية والطائفية المقيتة فترك ذلك شعوراً بالاغتراب عن الدولة الراحلة لدى غالبية أفراد المجتمع، هذا من جهة. ومن الجهة الأخرى يمكننا طرح تساؤل آخر بنفس المعنى هو: هل اجتهدت الدولة الراحلة في العراق على توحيد المجتمع وزيادة تماسكه عبر تفعيل مفهوم المواطنة ؟
- وللإجابة يجب أن نحدد مفهوم المواطنة Citizenship قبلاً. إذ يرتبط هذا المفهوم الحديث بأساس فلسفي قديم، هو مفهوم (الدولة/المدينة) التي تكونت في اليونان قبل الميلاد بعدة قرون، وهي الوحدة الأساسية في التكوين السياسي. وفي الأصل, فان المواطنة مقابل الغرباء, في المدن الإغريقية القديمة, هي المناخ الذي ولدت منه المعادلة الثانية, الأحرار (المواطنون) والعبيد (الغرباء) وليس العكس.
لكن المفهوم الحديث للمواطنة تطور قبل قرابة (200) سـنة عندما تشكلّت الدول الأوربية الحديثة. فالدولة الحديثة تعتبر لنفسها السيادة المطلقة داخل حدودها، وان أوامرها نافـذة على كل من يقطن داخل تلك الحدود الجغرافية. لكن ومن اجل منع استبداد الدولة وسـلطاتها فقد نشأت فكرة المواطن الذي يمتلك الحقوق غير القابلة للأخذ أو الاعتداء عليها من قبل الدولة. فهذه الحقوق هي حقوق مدنية تتعلق بالمساواة مع الآخرين وحقوق سـياسية تتعلق بالمشاركة في اتخاذ القرار السياسي، وحقوق جماعية ترتبط بالشئون الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
والمواطنة بهذا المفهوم تختلف عن الأخـوة الدينية. فالمسلم أخ المسلم ويرتبـط معه بروابـط معنوية فوق الزمان والمكان، أما المواطنة فهي رابطة التعايش السلمي بين أفراد يعيشون في زمان ومكان معينين (أي جغرافية محددة). وتشكل المواطنة إحدى الأسس التي تقوم عليها البنى التحتية في دولة المؤسسات ومجتمع القانون. فالمواطنة هي الآلية للحد من الصراعات الإثنية، والدينية، والطائفية، على قاعدة مبدأي عدم التمييز والمساواة، فليس من غير الغريب أن تجد مجتمعاً متعدد الأعراق والأصول كفئة موحدة وفق منظومة من البنى القانونية، والمفاهيم الاجتماعية التي تشترط عدم التمييز والمساواة في الحقوق والواجبات.
لكن المواطنة في مجتمع العراق، كانت ومن وجهة نظر الحكام في أنظمة الحكم المتعاقبة للدولة الراحلة، صفة للجماعة التي ينتمي إليها هؤلاء الحكام، وهي جماعة إثنية ذات صفةٍ دينية طائفية محددة سلفاً وذات تعداد سكاني قليل، المسلمون السنة العرب تحديداً، والذين تقدر نسبتهم بـ (19.7 %)، (بمقابل الأغلبية الشيعية التي تقدر نسبتها بـ (51.4 %)، أو مقارنةً بالجماعة الكردية التي تضاهيها من حيث النسبة (18.4 %)). إذ إن هذه الجماعات لا يعدُّ أفرادها من المواطنين، بل إن المسألة وصلت في كثير من الأحيان إلى سلب الجنسية العراقية عنهم لمعارضتهم أنظمة الحكم التي كانت تضطهدهم على الدوام وتسلب حقوقهم الثقافية الطائفية لمجرد كونهم شيعة أو أكراداً. فالشيعة هم فرس والأكراد لا ينتمون للعراق العربي. هكذا تتعامل ذهنية السني العربي مع باقي الجماعات الاجتماعية التي تشكل المجتمع في العراق. وعليه يمكننا حسم الإجابة بتأكيد أن الدولة الراحلة لم تعمل جهدها أبداً لخلق مفهوم المواطنة.
استناداً إلى ما سبق، هل يمكن بأي حال من الأحوال أن نتحدث عن وجود مجتمع عراقي واحد ؟ أو أن الحال، وكما رأينا، هو مجتمع منقسم على ذاته، وفيه من الصراع الأثني والطائفي والديني، أكثر مما في أي شعبٍ آخر، كما يقول الأستاذ الكبير (د. علي الوردي) في نهاية دراسته في طبيعة المجتمع العراقي. وهنـا يصبح لزاماً أن نعيد التساؤل مرة أخرى:
- حتى متى يبقى فعل توحد المجتمع في العراق محكوماً بقوة الدولة وقائماً بقمعها، وليس محكوماً بفعل الجماعات الاجتماعية وقائماً بإرادة الأفراد ؟؟



#علي_وتوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في أبعاد العولمة ومستوياتها
- انتهاكات حقوق الطفل في العراق 1-2
- بيئة الإنسان من منظور الثقافة والمجتمع
- 2-2 انتهاكات حقوق الطفل في العراق
- في مفهوم المواطنة ... وحقوق الإنسان


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - علي وتوت - في الاجتماع السياسي للعراقيين ....عن أيّ مجتمع عراقي نتحدث ؟