|
في العقل الإنطباعي
حمزة بلحاج صالح
الحوار المتمدن-العدد: 6543 - 2020 / 4 / 21 - 16:06
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
العقل الإنطباعي عقل ينهل من المعيوش سطحا ..
يمنح الرأي و قد لا يكون رأيا بقيمة الرأي العلمي...
ينهل من اللاعقل و اللارأي و يقدم انطباعا لا رأيا علميا مؤسسا ...
يقيس الأشياء بعقل غير مبني و لا ممنهج ... و لذلك وجب الكلام في إلتباسات الرأي و هل هو نسبي و ما هو الرأي...
و ما الفرق بين عقل إنطباعي و تأملي وصفي ...
و عقل " لالاندي"نسبة الى " لالاند " مكون و مبني ...
و هل كل رأي يعد رأيا و ما الصواب و ما الحقيقة وهل النسبية ترادف الإلتباس و مدعاة للغموض ...
لا ليس إلى درجة التمييع تلتبس علينا الحقيقة العلمية الناصعة ببرهانها وحجتها و تماسك منطقها الباني لها ...
فلا تبقى حقيقة و لا علم ولا رأي ونحن ننتهج مقولة " نسبية الحقيقة " و " الإختلاف " و نسحبها إلى مساحة شبه المتعلمين أو العامة ..
الحقيقة تدرك كلما تحقق بناء العقل المكون بفتح الواو بناء عميقا و منهجيا و علميا وافرا و راسخا و منفتحا إطلاعا على المنجز البشري وكلما حصل التحرر من الأحادية و الأقنومية و الإنغلاق ..
لا مكان للنسبية إلا بين الأفكار الراقية المؤسسة و الممفهمة والمتنافسة و المتقاربة والمختلفة علميا ...
و ليس بين فكر و" لا فكر" و بين فكر واسع الأفق عميق التأسيس و فكر مسيج مغلق سجين هو في الحقيقة ينتسب عارية إلى الفكر و يحمل إسمه ...
أيضا يجب الإشارة إلى أن الرأي في شؤون الحياة اليومية المعيشية غير الرأي في القضايا المصيرية الكبرى و المشتركة و العلمية...
المجتمع المدني الذي يجهل لا ينتج رأيا علميا بل ينتج صنوفا من الأراء الشاردة و الشاذة و السطحية و الإنطباعية...
باسم النسبية سنقترب من القول بل الحسم بالقول بأننا في عنق الزجاجة و رحم القول بأن بعض اللارأي أو شبه الرأي أو وهم الرأي أو حتى خلاصة العقل الإنطباعي و التأملي اليومي بات يعد رأيا و يقارن بالرأي العالم الراسخ قدما في العلم و الفن و أدوات
النظر المتعلق بها و فهم الواقع بالعلم و استشرافه و هذا عين الفساد.....
إن النسبية لا تعني تبرير الجهل المقدس و المركب و اضمحلال الوعي لذلك قال الشاعر " و كم من عائب قولا صحيحا و افته من الفهم السقيم " ...
كما أن الذي لا يدري بأنه لا يدري لا ينتج رأيا بل جهلا مركبا يدافع عنه كعقيدة ...
و ليس كل معرفة مسطورة قابلة للتحول و لتنقل عملا بين الناس و موقفا و تمثلا...
قال المعري يصف التقى و الورع الفاسد الأبله " و لو كان التقى بلها و عيا ..فأعيار المذلة أتقياء " أو قريبا من هذا ..الأعيار جمع عير و هم الدواب ...
النسبية لا علاقة لها بالأراء التي تصدر عن الأقانيم المغلقة و الإنطباعات السطحية لعامة الناس أاو من يحملون ألقاب النخب و هم في عداد العامة ...
من مظاهر فساد الرأي صدوره عن عقل يعرف بانغلاقه و أحاديته و سطحيته و تمترسه حول شكل واحد من المعرفة غير المكتملة أحيانا...
إن المؤسسات التربوية و التربية في النهاية هي التي تتحمل الجزء الهام من مسؤولية ظاهرة التدين المغشوش وغير المستنير و غير العميق و الفاقد لملكات التفريق و التمييز فهي بين حدين متطرفين ..
حد تديين و أخلقة و أسلمة كل شيء أسلمة هشة و سطحية و مغلقة و واهمة و شعارتية تلغي دور العقل و لا تبقيه إلا شكلا و صورة و إسما ...
و حدا الإغتراب و المروق من الدين و القيم و اللغة باعتبارها أسباب لغياب العقل النقدي التحليلي ..
كما أن الأنظمة السياسية الحاكمة يساعدها كل نمط تدين لا يحيي العقل و يبنيه ..
فهي تتلاعب و توظف لكل مرحلة حدا منهما بل الغالب اليوم أنها تنتظم مع تيار عولمة القيم...
و من ثمة يصعب على من نشأ و كان منتوج مدرسة و نظام تعليمي يلغي العقل و وظيفته في التعلمات و فلسفة التربية أو يعادي الدين ..
أو كان منتوج جامعة تناسل عن منظومة تربوية لا تراعي هذه الجوانب ...
يصعب أن يتحرر و يحرر عقله ...
لا يمكننا إلا أن نجني متدينين منغلقين على أنفسهم أو علمانيين مغتربين سطحيين مقلدين سطحيين يعادون القيم و الدين و اللغة و كلها مؤشرات تبلد و إخفاق للعقل و تقليده الأعمى للنامذج و الوصفات الجاهزة
ترسخ أعطابه فيه لتسكنه بصفة مزمنة دائمة تعيق تألقه و إبداعه و تحرره و استقلاله..
ضف لها دور المسجد و الخطاب المسجدي الباهت و المزيف و غير المحين و الذي يعلم الإختزال و التبسيط و التعميم ...
ضف إلى ذلك اثار تشيء الحياة و لهث الناس وراء الريوع و المكاسب و المادة و اليوميات و تبرير ذلك بلا وقت للمطالعة و استغلال الوسائط في ما ينفع و ينتفع به من الإعلام و الهوائيات و الحصص المفيدة فيها بل تستخدم للاني و اللحظي و العابر ..
التافه وحده هو الذي يمر للأسف عبر السوق و الإعلام و السلطة و المعارضة و الحزب و الشعب و المجتمع و غيرها من مفاصل الحياة الحيوية التي تساهم في ترويض الانسان و تهجين وعيه و تجعله لصالح أنظمة العار..
إنها حالة ارتهان و استلاب و تشيء تنتج لنا السلفي و الوهابي و المدخلي و التراثي المنغلق و التقليدي و المذهبي و اللامذهبي و كلهم نتاج منظومة واحدة ..
و هي التي تنتج لنا المطبل للسلطة و التافه و مؤمن إيمان العجائز و المقلد الأعمى و التابع الذيلي و عشر المواطن و مشروع المواطن ..
و العقل التصنيفي الذي إن أنصفت مسلما شيعيا عدك شيعيا و إن أنصفت صوفيا في مواقف أصبحت صوفيا و إن أنصفت زيديا أصبحت زيديا و إن تحدثت عن العقل و محاسنه فأنت معتزلي و إن قمت بنقدك للجمهور و السنة و الجماعة فأنت رافضي أو زنديق أو فاسق أو تستخدم التقية أو مجوسي مندس ..
عقل ذرري صغير و منطفىء...
عقل " خواف"... عقل يعتقد أن الله يعاقب المجتهدين و يأجر من يتمسكون بتطرف شديد و عنيف بأصنامهم و أوثانهم و ما جعلوه في منزلة الوحي و هو كلام بشر أو يتعلقون بزعاماتهم أو أنانيتهم فأين السبيل الى التنوير و العقل و الإسلام الصحيح في كل هذا ...
عقل عاجز عن الإستفادة من الثراء و التنوع داخل تراثه و عاجز عن ابتكار الجديد و التحرر و الإستقلال و الإستفادة من " الاخر" أو تجاوز جزء هام من الفهوم التراثية للدين لأنها في نظره كفر و تتفيه لإنتاج الأولين والسلف الصالح و هم بشر أو الفهوم الإغترابية المحاكتية للاخر ....
عقل يعيش تحت غطاء العموميات التي تحمل فهوما خطيرة مثل " لا يصلح اخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها " " و " ما فرطنا في الكتاب من شيء " -قران- و كم يختبىء من فاسد سقيم وراء الفهم السيء لهذه المقولة ...
هكذا نجد أنفسنا مع العقل كأداة بل كأداة معطلة و ليس مع العقل كمحتوى كما اشار الجابري لهذا التقسيم إلا حشوا بالمستقيل عن الواقع و المتوتر توترا سلبيا و المقسم المشتت للجهد و القاتل للإرادة و المغتال للأمل...
#حمزة_بلحاج_صالح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أسد القصير ..فقيه ..بمنزع وحدوي إسلامي و إنساني
-
أمير الموسوي ..إيراني بروح جزائرية ..و منزع إنساني كوني
-
جيل التقليد باسم الانفتاح على الاخر و باسم الاصالة و التراث
-
احسان الفقيه و شكرا كورونا
-
ما غاب عن الحراك الجزائري مدة عام من النضال
-
أسئلة الشك في منظومة العدم و اليقين البشري المهدد
-
الفتنة و نار الله الموقدة ..في جيوسياسا النصر العربي و الإسل
...
-
الرفاعي و فلسفة الدين و أنسنته
-
في الفساد السياسي و المالي و الإداري و التربوي..تصحيح رؤية .
...
-
لا نيابة في التفكير في الدين..
-
بوح الدواخل : معناه و رمزيته
-
في النقد العلمي عند الشيعي و السني و اعتباره فتنة و جريمة
-
في الإصلاح التربوي بلا مشروع و رؤية...
-
محمد حسين فضل الله بين قراءة إنكفائية و قراءة إبداعية تسبح ف
...
-
مناهج التعليم في العالم الإسلامي و إنتاج المعرفة..الجزائر أن
...
-
الجزائر : ما لم و لن يستطيع السيد تبون تغييره في بنية للنظام
...
-
أبو تمام ..إرتقوا ..أنا لا أنزل..
-
في نكبة و حال نخبنا القديرة من حال جامعاتنا
-
معنى الجوع و الظمأ عند النخب القديرة و المتميزة و الشريفة
-
في إيران و الشيعة و نخب السنة و الحالة الجزائرية
المزيد.....
-
مستوطنون متطرفون يقتحمون المسجد الأقصى المبارك
-
التردد الجديد لقناة طيور الجنة على النايل سات.. لا تفوتوا أج
...
-
“سلى طفلك طول اليوم”.. تردد قناة طيور الجنة على الأقمار الصن
...
-
الحزب المسيحي الديمقراطي -مطالب- بـ-جدار حماية لحقوق الإنسان
...
-
الأمم المتحدة تدعو إلى ضبط النفس وسط العنف الطائفي في جنوب ا
...
-
الضربات الجوية الأمريكية في بونتلاند الصومالية قضت على -قادة
...
-
سوريا.. وفد من وزارة الدفاع يبحث مع الزعيم الروحي لطائفة الم
...
-
كيفية استقبال قناة طيور الجنة على النايل سات وعرب سات 2025
-
طريقة تثبيت تردد قناة طيور الجنة بيبي الجديد 2025 TOYOUR BAB
...
-
الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال اقتحم المسجد الأقصى المبارك 21
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|