أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - الصبار - بعد احداث ايلول الاسلام السياسي محل اختبار والاشتراكية بديل واقعي















المزيد.....

بعد احداث ايلول الاسلام السياسي محل اختبار والاشتراكية بديل واقعي


الصبار

الحوار المتمدن-العدد: 28 - 2002 / 1 / 6 - 15:04
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    




عقدت منظمة العمل الديمقراطي "دعم" اجتماعها العام الخامس في مقرها بالناصرة في 7-8/12. خصص القسم الاول من الاجتماع لمناقشة الموقف السياسي والفكري على خلفية احداث 11 ايلول، والتي لخصت في وثيقة قدمها المكتب التنفيذي للاجتماع العام. ونوقشت في اليوم التالي التقارير الميدانية حول النشاط التنظيمي في مجالات العمال والشبيبة والشباب والنساء ووضعت خطط عامة للاشهر الثلاثة القادمة. وتم اقرار الوثيقة الرئيسية والتقارير الميدانية وتمت تزكية اعضاء اللجنة المركزية وانتخاب المكتب التنفيذي والامين العام الرفيق العام يعقوب بن افرات. فيما يلي بعض الموضوعات التي نوقشت في الوثيقة السياسية.

اذا كانت حرب الخليج ساحة المعركة بين الاستعمار الامريكي الجديد الذي مثلته ادارة بوش الاب، وبين ما تبقى من التيار القومي الذي مثّله صدام حسين وحزب البعث، فان افغانستان هي ساحة الصدام بين نظام العولمة شبه الليبرالي والشركات المتعددة الجنسيات التي تقودها الولايات المتحدة وبين الاسلام الاصولي الذي يقوده اسامة بن لادن.
وقد حصر التيار القومي مفهوم الامة في العرب وحدهم، اما التيار الاسلامي الجديد فوسع هذا المفهوم ليضم المسلمين في كل انحاء العالم محوِّلاً العرب الى اقلية داخل الامة الاسلامية الاوسع. في هذا الترتيب الجديد انقسمت الامة العربية الى تيارين متنافسين على استقطاب الشارع: تيار قومي تقدمي قادته مصر وسورية والعراق، واعتمد على دعم الاتحاد السوفييتي وكان جزءا من كتلة دول عدم الانحياز. وفي المقابل التيار الاسلامي الرجعي الذي قادته السعودية ودعمته امريكا تحت راية "الجهاد" ضد النفوذ السوفييتي في الشرق الاوسط.
وجاء انتصار المجاهدين في افغانستان كمقدمة لانهيار الاتحاد السوفييتي، مما اضعف التيار القومي في الشرق الاوسط. السعودية التي كانت المحرك والممول الاساسي في الحرب بافغانستان، لعبت دورا رئيسيا في الحرب ضد صدام حسين في العراق الذي كان قد خرج لتوّه من حربه ضد ايران، وبدأ يطور طموحات عربية. هزيمة العراق الذي اعتبر قوة اقتصادية مهمة في العالم العربي، قضى نهائيا على الحلم بتشكيل سوق عربية مشتركة توظف الموارد العربية لخدمة العرب وليس لخدمة امريكا.
نتيجة اضافية للتفوق الامريكي والتيار الرجعي السعودي الذي انعكس في حرب الخليج عام 1990، كانت مبادرة مدريد-اوسلو وتبني الدول العربية والاسلامية للمشاريع الامريكية الاسرائيلية. ومما لا شك فيه ان الاستسلام الفلسطيني لاسرائيل في اوسلو كان التعبير الحاسم عن نهاية المرحلة القومية في تاريخ العرب. الفراغ السياسي الذي نجم عن هذه الهزيمة، امتلأ سريعا بالحركات الاسلامية.
ولكن طبيعة هذا التيار الاسلامي منذ نشأته هي الانتهازية، فهو يغير تحالفاته حسب تغير مصالحه، ويبقى الامر الثابت عنده ان الشيوعية كفكر وممارسة هي عدوه الاكبر. ان فكرة التحرر والتقدم الاجتماعي السياسي والاقتصادي امر لا يعنيه، وكل ما يهمه هو بسط الشريعة الاسلامية كنظام تديره شريحة اجتماعية عليا لها مصالحها الطبقية الخاصة.
المثير ان التيار الاسلامي ما كان لينجح في فرض نفسه على الساحة لولا تغلب الفكر الغربي الليبرالي على الفكر العمالي الشيوعي. فالفكر الليبرالي يميز المجتمعات التي تعتمد على اقتصاد قوي وطبقة وسطى مستقرة، ولا يلائم الوضع الاقتصادي المتدني والتركيبة الاجتماعية القبلية اللذين يميزان العالم الثالث. وكانت النتيجة الطبيعية لذلك ان تخلت الامبريالية عن الاستثمار في هذه الدول المتخلفة، ونظرت اليها كمنبع للموارد الخام التي يجب استغلالها.
الفراغ الفكري المتسبب عن هذا الوضع، ملأه الفكر الاسلامي الذي كان اكثر ملاءمة للوضع الاقتصادي والاجتماعي المتخلف. ان تقدم الاسلام كتيار فكري سياسي كان اذن مربوطا رباطا وثيقا بتقدم الامبريالية بقيادة الولايات المتحدة، وتابعا لها اقتصاديا. النموذج الامثل على ذلك هو السعودية التي تحولت في التسعينات الى القوة المسيطرة في الشرق الاوسط فيما تراجع دور مصر وسورية قياسا بدورهما في العقدين السابقين.

التناقض الصعب في الاسلام المتشدد

لكسب السيطرة والنفوذ السياسي احتاج الاسلام السياسي الى دعم الولايات المتحدة، هكذا سيطرت طالبان مثلا على افغانستان عام 1996. ولكن لكسب دعم الجماهير التي ترى في الاستعمار الامريكي مصدر معاناتها ومصائبها، كان على الاسلام السياسي ان يركب موجة الغضب الشعبي ضد الولايات المتحدة وحلفائها، وضمنهم الانظمة العربية. فاستياء الشعوب العربية من الملك الاردني او السعودي لا يقل عن استيائها من امريكا واسرائيل، بل هي ترى، وبحق، ان اسرائيل والاردن والسعودية في خندق واحد ضدها. التناقض الكبير الذي دخلته الحركات الاسلامية المتشددة انها رغم ادعائها نصرة الشعوب الفقيرة، الا انها تحالفت مع دول رجعية مثل السعودية المدعومة من امريكا، وليس هذا فحسب بل ان مصدر التمويل الرئيسي لهذه الحركات يأتي من المؤسسات الخيرية الخليجية.
ولا تتلقى الحركات الاسلامية هذا الدعم مجانا، بل تلعب بالمقابل دورا مهما جدا، وخاصة في دول الخليج حيث تشكّل حلقة الوصل بين العائلات الحاكمة وبين الجماهير. وتعتبر المساجد والنوادي والمؤسسات الخيرية التي سيطرت عليها الحركات الاسلامية، نوعا من "المجتمع المدني" الذي يتيح التعايش بين الشعب والنظام، ويقلل فرص الاحتكاك الناجم عن اتساع الفجوة بين الطبقتين.
الاساس الذي يسمح بهذا التعايش هو التزام الحركات الاسلامية بعدم مسّ شرعية الانظمة، مقابل حصولها على حرية النشاط. وتزداد اهمية هذا الجهاز المدني المميز خاصة في الدول التي تنعدم فيها الاجهزة الديموقراطية والاحزاب، فمن خلاله تتمكن العائلات المالكة من احتواء الجماهير وشراء صمتها بالمال.
وقد وصل هذا النوع من التفاهم بين الحركات الاسلامية والنظام الى ذروته في باكستان. ففي حين يحرم النظام العسكري الباكستاني اي نشاط سياسي، يبرز دور الاحزاب الدينية الاسلامية التي تخدم الجيش من خلال السيطرة على الشارع عبر المساجد التي تحولت الى مركز اجتماعي وسياسي مهم.

طلاق اضطراري

ولكن التعايش بين التيار الاسلامي والنظام الرأسمالي العالمي وصل درجة الصدام. فقد كان على التيار الاسلامي ان يحسم خياره: فإما ان يواصل التبعية المطلقة لامريكا الامر الذي سيفقده الدعم الجماهيري، وإما مواجهة امريكا والانسياق وراء مشاعر الجماهير الناقمة على امريكا بسبب تردي اوضاعها الاقتصادية. ان "الانتصار الباهر على الشيطان الاحمر"، على حد تعبير "المجاهدين" في افغانستان قبل عقد من الزمان، لم يحسّن وضع الشعوب المزري بل زاد معاناتها، فتحتم اذن مواصلة "الجهاد" ضد من كان اصلا المسؤول الرئيسي عن هذه المعاناة، وهي الولايات المتحدة الامريكية ونظامها الرأسمالي العالمي.
ولكن التيار المجاهد بزعامة بن لادن لم ينجح في قراءة الخريطة. فبينما اعطى الجهاد السابق ضد الاتحاد السوفييتي خدمة جليلة للمخطط الرئيسي للنظام الرأسمالي العالمي، وعبر عن التقاء المصالح بين الاسلام السياسي والامبريالية، الا ان الجهاد المعلن اليوم على امريكا يختلف نوعيا، اذ لا تدعمه اية قوة عظمى.
وبدل محاولة التفكير في كيفية انتزاع الثروة العلمية من ايدي الاقلية وتوزيعها على الاغلبية بشكل متساو، سعى الجهاد الجديد لتدمير الغرب بكل ما يعنيه من تقدم علمي واجتماعي وتكنولوجي وسياسي بدعوى انه كفر. في هذه المعركة أظهر التيار الاسلامي الاصولي فقدانه الثقة والايمان بامكانية تغيير العالم، وهنا يكمن ضعفه. هذا الاجتهاد الديني الذي يقلل من اهمية الحياة الدنيا ويرى في الآخرة حلا للمعاناة، يلائم مجتمعا فقد ثقته بنفسه وبقدرته على التغيير. ولهذا الضعف سبب مادي هو ان الاسلام كنظام قبلي عاجز عن تغيير العالم نحو وضع ارقى، لانه لا يستطيع مجاراة الواقع المادي العالمي الذي اعتاد التعامل بمفاهيم الديمقراطية والليبرالية التي لا تجد لها اساسا في الشريعة الاسلامية. النتيجة لهذا الوضع كانت تدميرية، اذ انها غذّت اليأس والاحباط وقادت لنقمة عمياء على الغني وولّدت رغبة شمشونية بتقويض اعمدة المعبد على كل من فيه.
الامر الذي عجّل بانهيار الاسلام انه بعد ان "استغل" امريكا لهزم الاتحاد السوفييتي، اضطر لوضع نظريته الغيبية موضع الاختبار ولم يجد له نصيرا هذه المرة سوى القوة الالهية، على حد تعبير بن لادن وجماعته. وكان على هذه القوة ان تتغلب على القوة الامريكية المعتمدة على العلم والتكنولوجيا المتطورة. ان الاعتداءات على مركز التجارة العالمي كانت قمة هذا الاختبار. ولكن في هذه المواجهة كشف التيار الجهادي كل اوراقه، فانهيار نظام طالبان كنظام عبر عن التطبيق السياسي للاسلام الجهادي على دولة بكاملها، اثبت ان النظرية الاسلامية كانت فقاعة خطيرة بالنسبة لحقوق الاغلبية الساحقة من الشعوب في الغرب ولكن ايضا بالنسبة للشعوب المضطهدة والمستغلة والجائعة في العالم الثالث.
ولكن هزيمة الاسلام السياسي لن تحل مشكلة الارهاب كما انها لن توفر جوابا للازمة البنيوية التي يعيشها اليوم المجتمع البشري. فالارهاب كما اشرنا اصبح سلاح المساكين اليائسين من امكانية التغيير، وذلك بسبب فقدانهم الادوات والاساس المادي لطرح بديل واقعي لمحاربة الفقر والاستغلال. ولسنا، لذلك، ممن يتحالفون مع امريكا لهزم الاسلام المتطرف، على اساس "عدو عدوي صديقي"، بل اننا نرى في الاسلام السياسي افرازاً من افرازات الرأسمالية نفسها وحليفا لها في حربها ضد الطبقة العاملة العالمية.
ان فشل الاسلام السياسي في تحديد العدو الحقيقي للشعوب المضطهدة هو احد اسباب عجزه في الساحة الفلسطينية ايضا عن تشكيل بديل واقعي وعملي يلبي حاجات الشعب الفلسطيني في نضاله ضد الاحتلال الاسرائيلي من جهة، وضد سلطة عرفات الذي انضم للخندق الامريكي ولتحالفه ضد الاسلام الجهادي من جهة اخرى.

مسؤولية التغيير في المراكز الصناعية

ان الازمة التي اندلعت بين الرأسمالية وحليفها الاسلامي ليست ظاهرة عابرة، بل مؤشر الى ازمة اعمق بكثير. لهذه الازمة علاقة مباشرة بما خلّفته العولمة من ظلم وازمات اجتماعية على نطاق عالمي. لقد ركب بن لادن موجة النقمة الجارفة على امريكا والغرب، والتي زادت نتيجة الازمة الاقتصادية العالمية وخيبة الامل من الوعود التي قطعها البيت الابيض للشعوب الفقيرة.
ان اشد ما تحتاجه الانسانية في هذه المرحلة هو صياغة بديل فكري وتنظيمي جديد لا يعتمد على الربح كمحرك للاقتصاد من جهة، ولا على نظريات غيبية من جهة اخرى. انهيار الاتحاد السوفييتي ككتلة حققت توازنا ضروريا وكسند لشعوب العالم الثالث، طرح من جديد مسألة المركز الذي يمكن ان يشكل النواة الصلبة للتغيير السياسي والاجتماعي. ماركس ولينين فهما ان امكانية صمود الثورة الاشتراكية مرهونة بحدوثها في عدة مواقع صناعية متطورة في نفس الوقت.
اندلاع الثورة في روسيا التي اعتبرت بلدا رأسماليا متخلفا نسبيا للدول الرأسمالية الاخرى في اوروبا، كشف للانسانية الطاقات الكامنة في النظام الاشتراكي، ولكن بسبب العزلة التي فرضت على الثورة وعدم امتدادها لبلدان رأسمالية متطورة اخرى، اضطرت الثورة الاشتراكية الوحيدة للاعتماد على بلدان نامية في العالم الثالث، ولاستثمار موارد هائلة في الدفاع عن نفسها في المواجهة المستمرة مع النظام الرأسمالي الغربي الذي لم يكف عن محاربتها.
وحتى لو رأينا في هزيمة الاتحاد السوفييتي امرا مؤقتا، فمن الواجب والضروري مراجعة الدروس من انهيار التجربة الاشتراكية الاولى. ولعل اهم هذه الدروس ادراك ان المفتاح لمواجهة امراض النظام الرأسمالي لا يكمن في جبال افغانستان او شوارع الضفة الغربية، بل في الدول الصناعية الكبيرة، حيث يتمركز رأس المال بصناعاته ومراكزه الحكومية والاعلامية والعسكرية. ان البديل للنظام القائم يمكن ان يتبلور فقط في هذه المراكز الصناعية، ومنها يمكنه ان يمتد الى دول الاطراف الاقل تطورا.
بداية هذا التحول سجلت في عام 1999 بعد عامين من انهيار البورصات في دول شرق آسيا، وقبل عامين من احداث 11 ايلول. نهوض الحركة المناهضة للعولمة، في قلب الولايات المتحدة، كانت التعبير الاول عن الادراك بان هناك حاجة لتحديد اسباب معاناة العالم. رغم مواطن ضعفها الكثيرة، الا ان الحركة المناهضة للعولمة تطورت في المراكز الصناعية احتجاجا على النظام الرأسمالي.
اهمية المواجهات التي بدأت في سياتل كانت انها جاءت مرافقة لمظاهر تمرد في مواقع اخرى في العالم ضد النظام الامريكي: من هذا الرفض العراقي للاستسلام، والعصيان الفلسطيني لاتفاق اوسلو، والتحركات الجماهيرية ضد الانظمة الرأسمالية في كوريا واندونيسيا، والاضرابات العمالية في امريكا اللاتينية. هذه الاحداث مجتمعة ساهمت في زعزعة الهيمنة الامريكية، وخلقت وعيا سياسيا جديدا بالنسبة لضرورة ربط معاناة العالم الثالث بقوى اجتماعية في المراكز الرأسمالية نفسها، وخاصة النقابات والاحزاب اليسارية وطلاب الجامعات وغيرهم.
ان تطرف بن لادن واعوانه كان انعكاسا لتطرف نظام البيت الابيض والشركات المتعددة الجنسيات التي تحدد سياساته. من هذه الناحية، فتحت احداث 11 ايلول بلا شك عهدا جديدا في الحياة السياسية بالدول الصناعية نفسها التي يتمتع سكانها بمستوى معيشة مرتفع جعلها سلبية ولا مبالية تجاه ما يحدث من مآسٍ في العالم.
عندما تدخل الازمات الكبيرة الى قلب المدن الرئيسية فانها تزعزع استقرارها، ويدرك مواطنوها انهم ليسوا في منأى عما يحدث في العالم. النموذج المصغّر على ذلك يضربه سكان تل ابيب الذين اعتقدوا ان اتفاق اوسلو حل مشاكلهم، ولم يكترثوا بالمعاني الاقتصادية والسياسية لهذا الاتفاق بالنسبة للفلسطينيين، ثم فوجئوا بنار الانتفاضة على اعتاب منازلهم.
ولا تجب الاستهانة بالنظام الرأسمالي الامريكي فهو لم يستخدم بعد كل اوراقه للحفاظ على امتيازاته، ولا يجب باي حال الاعتقاد باننا على قاب قوسين من التغيير السياسي المنشود. وسيكون من الخطأ ايضا في هذا السياق تجاهل استسلام الطبقة العاملة الغربية واحزابها للحكومات الرأسمالية، واضاعتها سنوات طويلة من التجربة والتاريخ الثوري والقدرة التنظيمية بعد ان اقنعت نفسها بان الازمة لن تصل اليها ابدا. في 11 ايلول تحطم هذا الوهم عندما ادت الاحداث الى تعميق الركود الاقتصادي، وفُصل مئات آلاف العمال الامريكيين، حتى وصل عدد المفصولين منذ شهر آذار 2001 الى مليون عامل.
من المتوقع ان تواصل الطبقة العاملة الغربية دعم حكوماتها طالما ان الاخيرة تواصل توفير الامن ومستوى المعيشة المرتفع لها. ولن يكون من السهل تغيير خمسين عاما من التعايش مع النظام الرأسمالي. ان تبني الطبقة العاملة منذ الحرب العالمية الثانية لنمط حياة وايديولوجية الطبقة الوسطى، يشكل حاجزا كبيرا جدا لا يمكن القفز عنه، الا في حالات الطوارئ، حين تتفاقم الازمة الاقتصادية الى ازمة اجتماعية وسياسية في آن معاً.
ولكن لا يجب ان تثبط هذه الصعوبات من عزيمة الثوار في العالم. ولا يجب الاستهانة بالامكانيات المادية الثقافية الهائلة التي تتمتع بها الطبقة العاملة وشريحة المثقفين في الدول المتطورة. هذه الامكانيات تشكل اساسا علميا قويا ومهما في امكانية طرح برنامج بديل معتمد على تقسيم الموارد بشكل عادل ومتساوٍ. ان المجتمع الصناعي المتطور الذي يملك وسائل الاتصال والاعلام العصرية، قادر على التنظيم المدني والنقابي بشكل لا يقارَن بقدرة العالم الثالث. وحتى لو اندلعت في دولة نامية معركة هامة ضد النظام الرأسمالي فلن يكون بمقدورها وحدها حسم موازين القوى العالمية. فقد استهلكت هذه الدول النامية قواها في سنوات نضالها الطويل مع الاستعمار.
ان نهاية كل نظام مشروطة بانتهاء دوره التاريخي، أي بانتهاء قدرته على توفير الامن والحياة الكريمة للانسانية. ان بناء البديل السياسي الثوري هو ضرورة تاريخية مربوطة ارتباطا جدليا بانهيار النظام الرأسمالي القائم، وليس باجتهاد ذاتي لاصولي اسلامي في افغانستان او يساري متطرف في احدى الدول الغربية يستعجل حدوث الثورة والتغيير، دون ان يأخذ بالحسبان الظروف الموضوعية اللازمة لتمهيد الطريق امام التغيير الثوري.
لا يعني هذا بالطبع ان الطبقة العاملة في الدول المتطورة ستنجح في قيادة الانسانية نحو اسقاط النظام الرأسمالي وبناء النظام الاشتراكي الجديد والمتساوي، ولكنا نقصد القول ان غياب هذه الطبقة عن قيادة النضال سيؤدي الى تفاقم الازمة العالمية واستمرار حلقة الموت والارهاب الى درجة قد تتدهور الى حرب عالمية مدمرة.



#الصبار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اشرطة اعترافات بن لادن الجريمة في الاعتراف ايضا
- دولة فلسطينية ورقة توت للسعودية


المزيد.....




- روسيا أخطرت أمريكا -قبل 30 دقيقة- بإطلاق صاروخ MIRV على أوكر ...
- تسبح فيه التماسيح.. شاهد مغامرًا سعوديًا يُجدّف في رابع أطول ...
- ما هو الصاروخ الباليستي العابر للقارات وما هو أقصى مدى يمكن ...
- ظل يصرخ طلبًا للمساعدة.. لحظة رصد وإنقاذ مروحية لرجل متشبث ب ...
- -الغارديان-: استخدام روسيا صاروخ -أوريشنيك- تهديد مباشر من ب ...
- أغلى موزة في العالم.. بيعت بأكثر من ستة ملايين دولار في مزاد ...
- البنتاغون: صاروخ -أوريشنيك- صنف جديد من القدرات القاتلة التي ...
- موسكو.. -رحلات في المترو- يطلق مسارات جديدة
- -شجيرة البندق-.. ما مواصفات أحدث صاروخ باليستي روسي؟ (فيديو) ...
- ماذا قال العرب في صاروخ بوتين الجديد؟


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - الصبار - بعد احداث ايلول الاسلام السياسي محل اختبار والاشتراكية بديل واقعي