|
الشن الامريکي لا يوافق الطبق الايراني
نزار جاف
الحوار المتمدن-العدد: 1581 - 2006 / 6 / 14 - 10:47
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
المبادرة الاوربية الاخيرة لإطلاق الحوار مع إيران بغية التوصل الى حل يکفي"المتخاصمين"القتال، وعلى الرغم من الإشادة الايرانية الحذرة بها، ومامهدت لها من تصريحات اخرى يکتنفها الکثير من الغزل الضمني لا لأوربا فحسب، و إنما حتى بإتجاه"الشيطان الاکبر" ذاته، لکنها رغم ذلک، سوف لن تکون سوى مجرد محاولة أخرى سوف تسعى طهران وبذکاء و حنکتها المعهودة في سياسة کسب الوقت، من إستغلالها بطريقة مثلى و تحقيق المزيد من التقدم التقني"نوويا"، لإجبار الغرب على المزيد من التزلف لها و السعي عبر سياسة حوار الطرشان لإقناع طهران بالتخلي عن برنامجها النووي. وإذا ماکان الغرب يبدو أحيانا في موقف الحائر و المتردد بخصوص إتخاذ موقف نهائي موحد"صارم" بوسعه ردع المسعى الايراني الحثيث لإمتلاک ماهو أبعد من إستخدام سلمي للطاقة النووية، فإن طهران من جانبها قد لا تنظر من نفس الزاوية و لا يختمر في ذهنها هکذا تصور، بل هي دوما تأخذ الغرب على"سبعين محمل شر"ومافتأت تحذر الشعوب الايرانية من إحتمال توجيه ضربة مباغتة لها. إلا أن السعي الايراني المتدرج و الملئ المناورات الکلامية و السياسية على الصعيدين الاقليمي و الدولي من أجل الوصول الى نهاية مشوارها النووي، سوف لن يمر في طريق آمن و بسلام، ذلک أن أجهزة الاستخبارات الدولية التي ترکز الکثير من إهتمامها بما تفعله طهران"في السر"، تسعى لمعرفة آخر ما توصلت إليه العقلية الايرانية على هذا الصعيد، کما أن سياسة"القوة الناعمة"التي شرعت واشنطن مؤخرا في إنتهاجها ضد إيران، قد تکون لها إرتباط"طردي" ضمني قوي بتلک التقارير الاستخباراتية السرية بشأن تطورات البرنامج النووي الايراني. إلا أن سياسة"القوة الناعمة"لواشنطن، بدأت تأخذ إتجاها سوف يأخذها قادة إيران العقائديون على محمل الجد، سيما وأن الولايات المتحدة الامريکية التي تکتفي حاليا بالجلوس على"التل"لمراقبة سير محاولات أصحاب"الحل و العقد"في أوربا مع طهران، فإنها مع ذلک فتحت في أروقة دوائرها الخاصة الملف الايراني الداخلي بکل أبعاده و تشعباته، وإذا کانت الانباء تنقل لقاءات السيد"بيرنز" و بنت السيد ديک تشيني، برموز متباينة من أطياف المعارضة الايرانية، فإن تزايد تأکيدات ممثلي الشعوب الايرانية على الاخذ بنظام فيدرالي لإيران مابعد الحکم الديني و ما يرافق هذه التأکيدات من حرکة تململ و تبرم وصلت الى حد التمرد و العصيان کما حصل في مختلف أرجاء آذربايجان على خلفية الرسوم الکاريکاتيرية، ناهيک عن تلک القنوات الفضائية و الاذاعية الموجهة الى مختلف الشعوب الايرانية، کل هذا من شأنه أن يدع طهران لکي تفکر مليا في شأن الاستمرار في برنامجها النووي، إذ يبدو أن واشنطن قد أمسکت "منطقة الالم"في الذراع الايرانية وهي تقوم بالشد عليها کلما کان هناک تقدم في الشأن النووي. والحق أن ماقدمته طهران من خدمات للإستراتيجية الامريکية في المنطقة و لاسيما في حربي تحرير الکويت و العراق و حرب إقتلاع طالبان وتحرير شعبها من براثن الجهل و التخلف، قد تفوق بکثير ماقدمته العديد من الدول الاخرى المحسوبة على الفلک الامريکي في المنطقة، مع ملاحظة أن الخط العام الذي يرسم السياسة الايرانية مبني على مناهضة المصالح الامريکية لافي المنطقة وإنما حتى في أرجاء العالم، لکن هذه الخدمات التي قدمتها"وستقدم المزيد الاخر منها"لم تکن إطلاقا بدافع حبها للغرب أو طموحها لنيل الثقة الامريکية، بقدر ماکانت"وتکون"مناورات سياسية لامناص من القيام بها مع القطب الوحيد المهيمن حاليا على العالم، وهي قد إستطاعت ولو لفترة أو حتى لفترات محددة من إستغفال اوربا و امريکا بتعاونها غير المباشر معهما في مجالات محددة، فإنها تسعى للإستمرار على نفس المنوال من خلال تقديم خدمات کبيرة بطريقة غير مباشرة و الاستمرار في موقفها العقائدي المبني على أسس دينية مدافة بعنصرية ضمنية والذي هو في خطه العام يناقض المشروع الامريکي في المنطقة و العالم. غير أن نظرة متفحصة للذي حدث منذ السقوط المدوي للجدار الشيوعي، يؤکد أن الاستراتيجية الامريكية سوف تمضي على أهم رکيزتين أسقطت بهما دولة لينين، وهما التمسک بالافکار الليبرالية و الدعوة لتحرير الشعوب المظطهدة أو تلک التي تعاني من القمع الديني أو العرقي أو حتى الفکري، ويقينا أن تفتت الاتحاد السوفياتي و يوغسلافيا ماکان ليحصل لولا وجود الرکيزتين الآنفتين، وهما أيضا ساعدتا الولايات المتحدة حتى في أفغانستان و العراق، مثلما سوف تکون في عونها في إيران و دول أخرى على القائمة الامريکية. إن التقارير الاخيرة الواردة من إيران بشأن الاوضاع السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية تثير العديد من حالات الاستفهام خصوصا مايتعلق بالرئيس محمود أحمدي نجاد الذي صعد ببرنامج إنتخابي يدعو أساسا لمحاربة الفساد و إجتثاثه، إذ أن إثارة موضوع إختفاء6 مليارات دولار من أموال عائدات النفط الايرانية من قبل عضو في مجلس الشورى الايراني"البرلمان"، قد لا يکون مبعث خير و فأل حسن للحکومة الايرانية التي تعاني من إختناقات عديدة على أصعدة متباينة، کما إن النبأ الذي تناقلته وکالة"ايسنا"الايرانية و التي تشير الى مجموعة حقائق غير مسرة هي الاخرى لدولة تدعي بناء مجتمع مثالي مبني على أخلاق مستمدة من الشريعة، إذ يذکر هذا النبأ المستقى أساسا من مجلس مختص بمتابعة أضرار الافعال الاجتماعية، أن أکثر من 100 إيراني قد ماتوا خلال العشرين يوما المنصرمة على أثر تناولهم لمواد مخدرة مزورة کما إن نفس المجلس يشير الى أن هناک4000آلاف ملف بخصوص حالات إغتصاب جنسي من قبل الاخوان بحق أخواتهم، کما أن هناک1200 ملف بخصوص حالات إغتصاب جنسي من قبل الآباء بحق بناتهم. هذه التقارير لو وضعت الى جانب تلک التقارير التي تذکر أن هناک أرقاما مليونية من المدمنين على المواد المخدرة و أن هناك أرقاما مليونية من العاطلين عن العمل بل وحتى أن في طهران ذاتها هناک مشکلة تزايد عدد بائعات الهوى في الشوارع حيث يتجاوز عددهن مئات الالوف وفق أکثر الارقام البيانية تواضعا، ناهيک عن حقائق أخرى مفزعة بخصوص الوضع الامني الذي بدأ يفقد حالة الثبات النسبي الذي کان عليه لافي المناطق المحرومة في بلوجستان و کوردستان و عربستان و آذربايجان و تورکمان صحراء، بل وأن الامر قد وصل الى داخل المناطق ذات الاغلبية الفارسية مثل طهران و شيراز و إصفهان مما يدعو الى الوقوف و التأمل في حقيقة الوضع القائم في طهران والتي وصلت الى حد من الممکن جدا وصفه بالازمة الخانقة. وبعد کل هذا و ذاک، وبعد المبادرة الاوربية الاخيرة، فإن أي بشارة خير بشأن تعامل إيراني يفضي الى نتيجة إيجابية ليس بالامکان مشاهدتها في الافاق، کما أنه في المقابل، ليس هناک أية ثقة أمريکية أو حتى اوربية بالنوايا الايرانية بصدد برنامجها النووي، ولعل مضي الولايات المتحدة الامريکية قدما و بإسلوب قد يشابه نظيره الايراني في الضبابية، في التعامل مع ملف الشعوب الايرانية، مسألة تدعو المراقب لمطالعتها بحذر سيما وأن التقارير المتسربة عن وجود حالة من التناغم بين أطياف المعارضة الايرانية من جهة و بين هذه الاطراف و الادارة الامريکية من خلال وزارة الخارجية من جهة ثانية، وفي کل الاحوال، سوف لا يوافق الشن الامريکي الطبق الايراني!
#نزار_جاف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حماس و فتح و قشة الاستفتاء
-
حسين نعمة..لک الحق ولکن
-
ماذا يجري في العراق؟
-
عربستان..المصادرون في أوطانهم
-
دولة کوردستان..واقع ستفرضه ترکيا و إيران
-
أحمدي نجاد..معجزة الالفية الثالثة
-
قادة خرجوا من القبعة الامريکية
-
برکات سيدنا الشيخ
-
حکومة تخطت حاجز الامر الواقع
-
الإستخارة الإيرانية
-
هذا ما جنته فتح على نفسها
-
وحدة الاراضي العراقية أم وحدة أراضي ترکيا؟
-
ترکيا و إيران على خط المجابهة مع الکورد
-
إيران..عضو جديد في المحفل النووي
-
رسالة کوردية الى واشنطن
-
صفعة دبلوماسية للسيد غول
-
الطعم الاسرائيلي في الصنارة الايرانية
-
قمة الاسترخاء
-
إذا کان القذافي بطلا فماذا يکون نجاد؟
-
وماذا عن الذئاب الترکية؟
المزيد.....
-
أسعد أولادك…. تردد قناة طيور الجنة التحديث الجديد 2025 على ج
...
-
استقبلها الان.. تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024
-
“فرح أطفالك طول اليوم” استقبل حالا تردد قناة طيور الجنة بيبي
...
-
كاتدرائية نوتردام في باريس.. الأجراس ستقرع من جديد
-
“التحديث الاخير”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah T
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف بالصواريخ تجمعا للاحتلال
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تعلن قصف صفد المحتلة بالصواريخ
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف مستوطنة راموت نفتالي بصلية
...
-
بيان المسيرات: ندعو الشعوب الاسلامية للتحرك للجهاد نصرة لغزة
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف بالصواريخ مقر حبوشيت بالجول
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|