هادي فريد التكريتي
الحوار المتمدن-العدد: 1581 - 2006 / 6 / 14 - 10:47
المحور:
المجتمع المدني
قرأت ما كتبه الأستاذ الكاتب رزاق عبود عن المؤتمر التاسيسي للكتاب العراقيين في السويد ، ولا أريد أن ُأعِِرف بأن رزاق عبود ومن خلال كتاباته كان ، وسيبقى ، كاتبا حرا وطنيا وملتزما بقضايا الشعب والوطن ، صريح العبارة ، دقيق المعنى ، إلا أني أسجل عليه وصمه لكل من حضر هذا المؤتمر بوصف ( كتاب السفارة العراقية ) ، وأنا أول من يحتج على هذا الوصف المغاير للحقيقة ، بكوني ، كما هناك الكثيرون غيري ، خارج هذا الوصف المتعسف ، فأن كان بعض الحضور ممن لهم علاقة بالسفارة ، فلا يعني أن شائبة تلحق بوطنية هؤلاء الحضور ، فالسفارة تمثل حكما وطنيا بغض النظر عن كل الملاحظات التي لنا أو لغيرنا عليها ، وتبقى السفارة بيتا عراقيا لكل العراقيين ، سواء أكانوا وطنيين أم طائفيين أم عنصريين ، فكل عراقي هي من تمثله السفرة خارج بلده ، فحضوري لمؤتمر كتاب عراقيين في السويد ، جاء وفق ما هو مثبت في مسودة النظام الداخلي ، الوثيقة المراد مناقشتها لتأسيس هذا الاتحاد ، الاتحاد ( تجمع ثقافي طوعي ديموقراطي مستقل ، يضم كافة الكتاب العراقيين الذين يؤمنون بأهدافه ...بغض النظر عن خلفياتهم السياسية أو انتماءاتهم القومية أو الدينية أو المذهبية ) ، و من شروط العضوية في الاتحاد ، ( يحق لكل عراقي يتمتع بشروط الكتابة والإبداع ويؤمن بالمفاهيم الديموقراطية العامة ، ولم يكن مروجا للثقافة الدكتاتورية ومروجا للإرهاب القومي أو الديني أو العقائدي والتعسف الفكري الآيدلوجي ، أن يكون عضوا في الإتحاد ..) فهل كان من الضروري أن يستثني النظام الداخلي كتابا وطنيين لهم علاقة ما بالسفارة ، وهل السفارة العراقية اليوم كما هو الحال بالأمس ، وكرا للتجسس وإرهاب المواطنين ، وحتى عندما كانت السفارة تمثل النظام الفاشي آنذاك ، أثبتت التجربة خطل رأي مقاطعة السفارة ومراجعتها ، سواء للحصول على وثيقة السفر أم لأي شأن آخر .
السفارة بكل من هم فيها ، موظفون يتقاضون رواتبهم من خزينة الدولة ، وهي لخدمة كل عراقي ، مهما كان شكله ولونه ومعتقده ، تدار بأموال عراقية ، وعلى من يرى فيها نزوعا لموقف عنصري أو طائفي، أو معاداة للوطنية ، على الكتاب الوطنيين فضح هذا التوجه دون هوادة ، وفي هذا الصدد أشار السيد عبود إلى كوني واحدا ممن ( ..لم يستمع أحد إلى تحذيراتهم ، أو ملاحظاتهم ..) فعلى الرغم من اعتراضي على إيراد إسمي الذي لا ضرورة له في مثل هذا الأمر ، إلا أن السيد عبود يجانب الحقيقة ، والحقيقة هي أن كل المؤتمرين الحضور، قد ناقشوا من منطلق المسؤولية كل شأن من الشؤون المطروحة للنقاش ، ورفضوا كل كلمة قيلت بحق السفارة وعنها ، وطالبوا بحذفها بالإجماع ، لذا فقد خلت الوثيقة من كل لفظة بهذا الشان . التحذير الذي أشار إليه الزميل عبود ، هو أن الكتاب طليعة الشعب العراقي في رسم ملامح الحكم الذي يريد ، وربط الكتاب بنهج الحكومة يقضي على كل أفق للتطور ، فكلما ابتعد الكتاب عن قرار الحكومة وسياستها ، حتى وإن كانت الحكومة من الأحزاب والتنظيمات التي تمثلهم ، كلما وضحت الرؤى عندهم في استشراف المستقبل ، وتطورت أساليب معالجة نواقص الحكم ، من هنا كانت تنطلق التحذيرات ، وليس من منطلق آخر معاد للسفارة .
يشير السيد عبود إلى نواقص وسلبيات في المؤتمر ، فهذا صحيح ، خصوصا بعدم حضور كل الكتاب العراقيين في السويد ، وهذا الأمر خاضع لظروف كل من حضر ، أو لم يحضر ، وقد خلا الحضور حتى من الزملاء الذين ساهموا في التحضير لهذا المؤتمر لفترة طويلة ، والبعض قد اعتذر ، كما هناك من أرسل ملاحظاته دون حضوره ، والبعض لم يلب الدعوة ولم يعتذر ، وآخرون لم يتم الإهتداء لعناوينهم ، وهناك من لم تعجبه ، أو لم تتوافق شروط (الإيمان بالديموقراطية والوطنية ، بعيدا عن الطائفية والعنصرية ) مع نزعته الفكرية وتوجهاته السياسية ، وهذا يعني في المقابل ، أن شريحة واسعة ، نتيجة هذه الشروط ، أصبحت خارج الدعوة ، أمر آخر إتسم به المؤتمر قصر الوقت ، وتحديده باربع ساعات ، تخلصا من تكاليف لا قدرة لهذا المؤتمر على سد تكاليف وجبة الغذاء ، ولو ُأستطلعت الآراء قبل عقد المؤتمر ، لكان قد استصحب كل مساهم سندويشة لغذائه من أجل إطالة أمد المؤتمر ، كما كان المفروض أن يدفع كل مساهم بدل الإشتراك مقدما ، لتسديد بعض النفقات ، إلا إن هذا لم يحصل .. من السلبيات أيضا أن يقطع بعض الحضور قرابة 500 كيلو متر مرهقة من السفر المتواصل ، كحالي ، ليدخل القاعة وهو متعب ومرهق ، فعندما يكون الهدف ساميا ، تتلاشى سلبياته التي فاقت الإيجابيات ، إلا أن الروح الإيجابية التي سادت وتمتع بها أعضاء المؤتمر، هي التي كانت سائدة ، رغم كل النواقص والأخطاء ، بسبب أن من حضر كان جادا لتأسيس رابطة أو اتحادا للكتاب .
السيد رزاق عبود رُشح إلى منصة الرآسة ، وحسب علمي لم يعترض ، ولم ُيكرهه أحد على الترشيح ، كثيرون هم الذين رُشحوا من قبل الغير ، إلا إنهم إعتذروا ، ولم يكن هناك إكراه أو فرض لترشيحهم ، فكان السيد عبود واحد من ثلاثة ، ُألقيت عليهم مسؤلية إدارة المؤتمر ، نجاحا أو فشلا ، ولم يبدر من السيد عبود رفضا لهذه المسؤولية ، وترأُس إدارة الجلسة شأن الثلاثة ورهن إتفاقهم ، ولا شأن للحضور في هذا ، والحضور منصاع لقرارهم وما يفعلون بحرية ، إلا أن التلكؤ ، ولا أقول الفشل ، بعدم اتخاذ قرار حاسم وحازم من قبلهم ، في كيفية مناقشة الوثيقة ، هو الذي بدد الكثير من وقت المؤتمر ، وبالطبع السيد عبود يتحمل ثلث المسؤولية ، والثلثان الآخران يتحملهما زميلاه على منصة الرآسة ، ولا دخل لآعضاء المؤتمر في الموضوع .
في منتصف الجلسة أعلن الزميل رزاق عن رغبته لترك منصة الرآسة ، بحجة التعب وألام في الظهر ، إلا أن الحضور عارض هذا العذر ، ولم يفصح عن حقيقة السبب ، كما هي صراحة ابن عبود التي عهدناها به ، إلا بعد أسبوع من انتهاء المؤتمر ، وهذا مؤسف حقا .
لم يكن هناك من يعترض ، فيما إذا كان الزميل عبود يريد أن ( تعقد هيئة الرآسة اجتماعا تداوليا لانتخاب الرئيس ) فهذا شأن هيئة الرآسة إن ( استحوذ على الرآسة زميل عزيز ) حسب وصفه ، لذا ليس منطقيا أن يلقي بالمسؤولية على كل أعضاء المؤتمر ، أو على أشخاص بعينهم ، فالقاء المسؤولية على الغير ليست صفة لكاتب ملتزم بقضايا شعبه ، مثل السيد عبود ، وكما عهدناه به ، وهو من َقِبَل تحمل المسؤوليةلإدارة الحوار والنقاش مع غيره ، دون ضغط أو إكراه .ولم يكن هناك من فرض رأيا أو فرض ترشيح أحد ، فالسيد رزاق يعرف أن البعض حاول أن ُيرشح للهيئة الإدارية ، من لم يكن حاضرا ، وهؤلاء لم يحضروا لسبب قاهر ، لكونهم من ساهم في الإعداد لهذا المؤتمر ، إلا أن الحضور لم يوافق ، كما لم يوافق الحضور على توكيل الغير لإنتخاب الهيئة الإدارية ، وهذا يعنيأن الحرية كانت كاملة ومطلقة للمؤتمر في كل قراراته ، ولم يتدخل أي كان في عمله وقراره .
هذا المؤتمر تعرض لنقد جارح ، وكأن الحضور لم يكن بينهم إلا طلاب عشاء من السفارة ، أو جمهور لحضور حفلة طرب لطلاب الأقسام الداخلية أيام زمان ، أمر مؤسف أن ينحدر النقد لمثل هذا الواقع ، كان بودي لو تمتعت بقراءة نقد بناء ، يعالج كل مفاصل الخلل ، وهي كثيرة ، خصوصا لمن يساهم في وضع اللبنات الأولى لهيئة تلم شمل كل من يستخدم قلمه من العراقيين في السويد ، ولعضد ما يعانية شعبنا من قتل طائفي على الهوية ، وقطع رؤوس ، وتفجير وتفخيخ . إنها اللبنة الأولى لهذا التأسيس ، وعلى الرغم من كل نقد وبأي صيغة كانت فهو يحمل في ثناياه التعديل والتصحيح ، ولا يسعني إلا أن أقول شكرا لابن عبود على صراحته غير المعهودة ، وظلمه للكثيرين ممن حضروا ، وتأشيره لبعض مظاهر خلل فينا ..
13 حزيران 2006
#هادي_فريد_التكريتي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟