|
القلم والمخرز
حسين التميمي
الحوار المتمدن-العدد: 1580 - 2006 / 6 / 13 - 11:37
المحور:
الصحافة والاعلام
على الصحفي ان يعمل الآن بروحية النملة الضئيلة الحجم وهي في سبيلها إلى تفتيت جبل من السكر ونقله إلى مكان أفضل ، هو جهد شاق لاشك في هذا لكنه عمل عظيم ولابد من إتمامه ، ولو سقطت النملة (عفوا أقصد الصحفي) في الطريق فعلى الآخر أن ينجز ما تبقى من العمل ، ولقد كنت أراقب النمل وهو ينقل المعلومة (أو الخبر) إلى نملة أخرى كي تتم المهمة ، ولا يضيع منها الطريق ،أي أن ثمة خط مرسوم لأحلامنا بالغد ، وعلينا أن نعلّمه ولو بدمائنا كي لا يضيع منا السبيل و.. نضيع . ربما بهكذا إيمان قد نصل ، ربما بهكذا عزيمة وإصرار سنحقق المستحيل . هذا المستحيل الذي تقدر النملة أن تحققه ولا يقدر أغلب الكتاب على تحقيق عشر من أعشاره . قدر لي قبل فترة أن التقي بمسؤول رفيع الشأن ، وقد كان موضوع اللقاء مقال نشر لي في احدى الصحف أثار مشاعر الغضب لدى أحد المسؤولين المعنيين بالموضوع فراح يسب ويشتم ويلعن ، بصوت جهور ترددت أصدائه في أرجاء البناية الحكومية العتيدة ، وحين التقينا جميعا بالسيد المسؤول (رفيع الشأن) راح هذا الأخير يلقي علينا خطبة عصماء كي يقنع الفرقاء بالتوصل الى حل توفيقي دون ان يتمكن من قراءة الموضوع أو تبعاته بطريقة موضوعية دقيقة للوصول الى الحقيقة ، ولعل أغرب ما وصلني منه عبارة استخدمها لكي يقنع (المسؤول الصغير) المحتدم المشاعر إذ قال : لقد قرأت المقال ولم يهز فيّ شعرة واحدة !! عجبا كيف لمسؤول رفيع الشأن أن يتحدث بهذه الطريقة ، سيما وأن المقال يتحدث عن مشاعر الناس التي أهانها استغفال المسؤول الذي صم آذانه عن سماع شكواهم ؟ وماذا على الصحفي أن يفعل كي ينبه المسؤول إلى عمله الحقيقي والى دوره الفاعل ، وكيف لنا أن نكتب بعد الآن اذا كانت كتاباتنا لاتهز شعرة واحدة في رأس هذا المسؤول أو ذاك ؟ ثمة صديق قال لي بأن ثمة طريقة لإيصال الصوت إلى الآذان التي لا تريد أن تسمع لكن الصحفي يربأ بنفسه أن يتحول الى سائس (.... ....) فنحن في زمن باتت فيه الديمقراطية والحرية سلاح ذو حدين ، ولعل أغرب مافي هذا الزمن أن يفقه المسؤول النوع المتطرف من الديمقراطية ، فيخلي طرفه من كل أنواع المسؤولية بحجة أنه يدافع عن الديمقراطية وهو في الوقت عنه لا ينسى أن يعبئ جيوبه وجيوب ذويه بكل أنواع الورق الأخضر ، مستغلا الفسحة التي تمنحه اياها هذه المساحة من الديمقراطية المتطرفة ، بمعنى آخر .. هو يحاول استرضاء المحتل عن طريق تبنيه لأساليب شكلية تؤيد هذه السياسة المرتبكة ، ثم يسير على حبل السياسة كمن يحمل عصا التوازن بغير إيمان بقضية هذا الشعب الصابر المحتسب ، وبغير إيمان (أيضا) بالمتغير الحاصل منذ 9/4/2003 أي أن هذا المسؤول (وهذا يشمل الكثير منهم) يعمل على اداء دوره بمهارة وحذق ، كي يقنع طرفا نقيض – الشعب والمحتل – وهذه مهمة بالغة التعقيد ولن يقدر على أداءها إلا (بلياتشو) أي مهرج يرتدي قناع رسمت عليه شفاه تبتسم وعيون تضحك (بمناسبة أو غير مناسبة) لكن المفارقة هنا ، أن هذا المسؤول (عفوا أقصد البلياتشو) يفترض أن هذا الجمهور قد جاء من أجل الضحك ، وليس من أجل معاناته مع النفط والغاز والكهرباء والبطالة وتردي كافة أنواع الخدمات الأخرى ، لذا هو لن يدرك (أي المسؤول) بأن الجمهور سيخرج من هذا العرض غاضبا وليس ضاحكا ، فكل الخطب الرنانة لن تثير مشاعرنا ، مادامت لا تسهم في مداواة جراحنا ، لأننا لن نجد حين نخرج إلى الشارع (بعد انتهاء المسؤول من خطبته) شارعا يبلط ، أو حفرة تردم ، أو صفائح نفط أو قناني غاز توزع علينا بعدالة ، أو كهرباء تستمر ولو بموجب القطع المبرمج ، أو موظف يعاد الى الخدمة وفقا لاستحقاقه الإنساني وليس الحزبي ، أو .. أو .. وما أكثر الواوات التي لا ينفذ منها الا بقدر تعلق الأمر بفعل (وسط ، توسط ، توسطا ، واسطة ، وساطة) وبين هذا وذاك يقع دورنا أو فعلنا كصحافة ، أي أننا نحيا بين طرفا كماشة ، فأسنان المسؤول المدببة تطحننا من الأعلى وراحة المواطن التي تساندنا (متخذة دور السندان) تتلقفنا ، بمعنى آخر .. نحن بحاجة الى وعي كبير من المواطن كي يعي دورنا ويؤازر خطانا ، ونحن بحاجة أيضا الى مسؤول تكون طبلة أذنيه غير مخرومة برنين الذهب والفضة ، كي يستطيع سماعنا ويتأثر بكلماتنا ، والى أن يحدث هذا فنحن نقدم للمواطن الكريم بالغ الأسف والاعتذار عن القصور الذي ارتكبناه لأننا لم نزل نؤمن بالقلم الذي يرسم للغد نافذة ، ونعتذر بشدة أيضا لأننا نؤمن بهذا القلم حد أننا نمد أيدينا كي تفتح نافذة الغد بعزيمة وإصرار كي تمر رياح التغيير .
#حسين_التميمي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رؤوس عراقية في صناديق الفاكهة
-
اذا ضحك الحمقى من مشاهد موت ابناء شعبنا ، فقل انهم حمقى لاأك
...
-
.. بين الايثار والاستئثار
-
وماذا عن حقوق الناس؟
-
!! مناصب تشريفية .. مناصب تشريبية
-
لماذا لا يقرع ناقوس الخطر !!
-
!! لزوم الشيء .. الشيء ولزومه
-
بائع اللبن يطرد المحتل
-
مايكرو ارهابي
-
من المسؤول .. من البريء ؟
-
تخريب غير منظور
-
متى يطرق الوزير بابي ؟
-
لماذا لا يزعل الشعب قليلا ؟
-
ثلاثة قتلى - قصة قصيرة
-
شيء من نار ..نص وقراءة
-
لجان مشبوهة
-
انفلونزا الفساد الاداري
-
في التربية والتعليم
-
يوم كأنه العراق .. يوم هو العراق
-
مؤيد نعمة.. فنان الشعب .. لن نقول وداعا
المزيد.....
-
لثاني مرة خلال 4 سنوات.. مصر تغلظ العقوبات على سرقة الكهرباء
...
-
خلافات تعصف بمحادثات -كوب 29-.. مسودة غامضة وفجوات تمويلية ت
...
-
# اسأل - اطرحوا أسئلتكم على -المستقبل الان-
-
بيستوريوس يمهد الطريق أمام شولتس للترشح لفترة ثانية
-
لندن.. صمت إزاء صواريخ ستورم شادو
-
واشنطن تعرب عن قلقها إزاء إطلاق روسيا صاروخا فرط صوتي ضد أوك
...
-
البنتاغون: واشنطن لم تغير نهجها إزاء نشر الأسلحة النووية بعد
...
-
ماذا نعرف عن الصاروخ الروسي الجديد -أوريشنيك-؟
-
الجزائر: توقيف الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال
-
المغرب: الحكومة تعلن تفعيل قانون العقوبات البديلة في غضون 5
...
المزيد.....
-
السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي
/ كرم نعمة
-
سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية
/ كرم نعمة
-
مجلة سماء الأمير
/ أسماء محمد مصطفى
-
إنتخابات الكنيست 25
/ محمد السهلي
-
المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع.
/ غادة محمود عبد الحميد
-
داخل الكليبتوقراطية العراقية
/ يونس الخشاب
-
تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية
/ حسني رفعت حسني
-
فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل
...
/ عصام بن الشيخ
-
/ زياد بوزيان
-
الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير
/ مريم الحسن
المزيد.....
|