ييلماز جاويد
(Yelimaz Jawid)
الحوار المتمدن-العدد: 1580 - 2006 / 6 / 13 - 10:30
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
صحيح ما جاء في الأمثال ( وراء كل مخلص .. ألف مخ لص ) ، إذ ما إنفكت التقليعات منذ سقوط الصنم تتجدد وتخرج علينا في كل فترة بأثواب مختلفة ، متزينة بألوان متنوعة ، متبرقعة ببراقع ما أنزل الله بها من أشكال . تقليعة الغيرة على الدين الحنيف كان ديدنها الذبح بالسكين ، وكأن الجزار قد حصل على تفويض بدخول الجنة ، وتقليعة لبست لبوس الوطنية ، وبإسم معاداة المحتل أخذت تختطف عباد الله وتطالب بالفدية لفك أسرها ، وأخرى تحرق كل أخضر ( والنفط الخام الأخضر من ضمنها ) لتحصل من وراء الستار أجراً بالورق الأخضر أيضاً . وتقليعة لم تكن في الحسبان أن تتقاتل فئات هي من نفس الدين والطائفة والمذهب ، كسبت المواقع ولكن أطماعها كانت أكبر من ما كسبت ، فصار الأخ يقتل أخاه من أجل منصب أو نفوذ أحتله ويرى نفسه أجدر به .
في الآونة الأخيرة نرى ولادة تقليعة جديدة ، تستحق أن تسمى ( تقليعة آخر زمان ) ، تقليعة تهجير فئات أثنية من مناطق معينة من البلاد ، وتصفية تلك المناطق في الولاء إلى جهات محددة ، او غير محددة . فإن كان التحليل المنطقي يوصل إلى مؤشرات أسباب التهجير والفرز الطائفي في بعض المناطق بقصد تصفية الولاء لجهات سياسية معينة، إلاّ ان العقل يقف حائراً في تفسير تهجير المندائيين مثلاً وعلى الأخص الصاغة منهم من مدينة العامل في بغداد ، وكذا يقع في تيه وحيرة أكبر حيال عمليتي إغتيال أخوين شقيقين في فترة لا تتجاوز الأسبوعين وهما في الواقع متضادين في فكرهما السياسي ، فواحد متديّن متصوّفٌ محسوب على المعارضة بينما الثاني موظّف بسيط في دائرة إعلامية ولا ينتمي إلى أي تيار سياسي .
لقد قلنا في مقال سابق أنّ عاصفة هوجاء تكتسح العراق ، وناشدنا قبل ذلك المراجع الدينية ودعوناهم أن يبادروا ويفتوا بما توجبه عليهم تعاليم الأديان السماوية بأن يأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر ، ويلقوا على عاتق الناس واجب الإبلاغ عن كل مسيئ لإيقافه دون الجريمة . إلاّ أن نداءاتنا لم تسمع ، وأولي الأمر من المسؤولين في السلطة لا حول لهم ولا قوة ، بينما النار تأكل بالهشيم والضحايا اليومية من الأبرياء من أبناء الشعب أصبحت فوق التحمّل . لقد كنا نغني ( يا ليل يمته الصبح ) وما أن أتانا الصبح بسقوط الصنم حتى حجبت سحابة سوداء وجه الشمس . فمتى الفرج ، ومتى الخلاص من هذا النفق الذي حُشرنا فيه .
ييلماز جاويد
11/6/2006
#ييلماز_جاويد (هاشتاغ)
Yelimaz_Jawid#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟