أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - عماد العزابي - التعليم القروي بين الواقع والافتراضي















المزيد.....

التعليم القروي بين الواقع والافتراضي


عماد العزابي

الحوار المتمدن-العدد: 6538 - 2020 / 4 / 15 - 18:19
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


لا يختلف اثنان على كون النظام التعليمي في المغرب هو ذو توجه تبعي بالأساس يجسد التمايزات الاجتماعية و يكرس الفوارق الطبقية بين الفئات، وانسجاما و الفكرة القائلة "يصعب بناء نموذج نظري لفهم المجتمع دون العودة إلى التاريخ"، هنا تفرض علينا الملحاحية التاريخية الغوص ولو بشكل جزئي في هذا التاريخ من أجل توطئة تعتبر هي ركيزة باقي الأفكار التي سنحاول جردها في خضم النقاش،فما شهدته أوربا في قرون سابقة من ازدهار وتقدم ظلت دول أخرى غارقة في فلك الاستعمار، والمغرب جزء من هذه اللعبة التي عمرت طويلة ولا زالت حاضرة إلى اليوم ولو بأشكال مختلفة، فعندما نلبس جلبابا أنتروبولوجيا فإننا نجد أنفسنا أمام تقسيمات تفرض ذاتها على أي باحث من أجل الارتكان لها لهذا لن نخرج عن المألوف، إذ سنقول بأن المرحلة التي سبقت الاستعمار كانت تتميز بنوعين من التعليم لأول تقليدي يكون في الغالب في "المسيد أو الجامع"، بينما الثاني أوروبي كان موزع على العديد من المدارس وخاصة "المدارس الاسرائيلية"، بعد هذه المرحلة سيأتي الاستعمار ليس حبا في سواد أعين المغاربة وإنما من أجل إنتاج تعليم طبقي يخدم مصالحه الاستعمارية وقد تمثلت أساسا في الإصلاحات التي تم نهجها في هذا الجانب"جامعة القرويين" ثم هناك مرحلة ما بعد الاستقلال التي تميزت أساسا بإصلاحات متعاقبة عديدة بدأت من سنة 1957 إلى غاية الرؤية الاستراتيجية 201"5-2030 " كل هذا كان ضمن مسار طويل تميز بالعديد من التقلبات طبعها المد و الجزر كما لعبت الجماهير الشعبية عبر لغة الشارع دور مهما في كبح العديد من المخططات السياسات التعليمية التي مافتئت الدولة المغربية تدخر جهدا في تطبيقها، ولعل التاريخ أفضل كاشف لهذه الحقائق.
فبعدا هذه النبذة المختصرة التي جعلت منا نحصل على تصور عام للصيرورة التي مر بها التعليم بالمغرب، وجب علينا تخصيص التخصص و النزول إلى الميدان بعين ثالثة لفحص اللامرئي و إظهار المضمر ، التعليم القروي مند مدة طويلة وهو يعيش في هشاشة كبيرة لافتقاره للبنيات التحتية اللازمة من جهة وأيضا من جهة ثانية ضعف الإمكانيات لدى سكان العالم القروي و الواقع المرير الذي يفرضه النظام الأبوي الذي لا زال متغلغل في المجتمع المغربي انسجاما مع الطرح "الباسكوني"، وأمام هذا الوضع الذي قد يبدو للجميع بأنه عادي و تعود عليه مند زمن ليس بقريب ستظهر متغيرات جديدة، ستعري الواقع أكثر فأكثر ، فهل هذه المتغيرات هبات إلهية من أجل تدارك الوضع و إعادة النظر في السياسات التعليمية؟ أم أن الواقع المعاش يفرض ذاته و عدم حيادية المجال تجعل من التمايزات و الفوارق توسع هوة التعليم؟
إن التعليم هو حق مقدس لكافة أبناء الشعب، لكن أي تعليم هذا الذي سنتحدث عنه اليوم في ظل وجود شلل تام في البلاد وفي ظل وجود فوارق طبقية ظهرت للعيان بشكل واضح،إذ أتبثت بالفعل أن التعليم هو طبقي بامتياز وفي خدمة مالكي وسائل الإنتاج وأصحاب الرساميل الرمزية فقط، إذ بتاريخ 16 مارس ستعمل وزارة التربية و التكوين و البحث العلمي على تعليق الدراسة إلى وقت لاحق، جعلت معها كل مهاجر قروي من أجل الدراسة العودة إلى مسقط رأسه في جو من الغموض وبحوزته وابل من التساؤلات التي ستظل عالقة فقط لأيام قليلة ليتم بعدها طرح تساؤلات أكثر عمق وتعقيدا، إذ بقرار سيادي ستعمل الدولة على فرض الحجر الصحي و إعلان حالة الطوارئ بالبلاد،"المتعلم القروي" ينتظر مأله ومصيره في ظل هذا الواقع، سيطل علينا أصحاب الاختصاص بعصا سحرية تلوح فوق سماء غائمة وذلك بإعلان استمرار التعليم عن بعد، شيء رائع أن نرى هكذا خطوات و إجراءات تهدف إلى توظيف التكنولوجيا الحديثة و الوسائط الرقمية في التحصيل الدراسي و البحث العلمي، هنا سنقول بأننا اقتربنا ولو قليلا من دول رائدة في هذا المجال، وإنما سرعان ما نصطدم بقوة الواقع و دهشة البدايات، إذ تم تجنيد العديد من الأساتذة و الأطر البيداغوجية من أجل مواكبة تحصيل الدراسي و تقريب الدروس من الطلبة و التلاميذ الشيء الذي يجعلنا نرفع القبعة لكل الأطر التربوية الساهرة على تقريب الدرس من المتلقي" من علمني حرفا صرت له عبدا"، كما عملت أيضا الوزارة على تخصيص بعض القنوات و المحطات الإداعية ، وأشرطة فيديو تشرح من خلالها العديد من الدروس في مستويات مختلفة، حتى الآن كل متتبع وقارئ يظهر له أن المنظومة التعليمية بخير و كل الأشياء تسير بشكل سليم رغم متغيرات الجائحة وما فرضته، لكن في بداية الحديث انطلقنا بعين ثالثة لكشف المستور و إظهار المخفي، بحيث سرعان ما سيتفجأ الكل بجدلية الشروط الذاتية و الموضوعية التي يمكن من خلالها تتبع المسار الدراسي داخل العالم القروي، إذ ظهرت هشاشة البنيات التحتية اللازمة لقيام هذا التعليم بحيث نجد مناطق ينعدم فيها صبيب الانترنيت، و حتى إن وجد فهو ضعيف لا يسمح للمتعلم بتتبع الدروس بالشكل اللازم، ظهرت لنا حقائق جديدة قديمة تتمثل أساسا في أن أغلب المتعلمين لم يسبق لهم أن زاروا بوابة الكترونية أو تصفحوا محرك بحث من قبل هنا حديثي بالتحديد عن تلاميذ العالم القروي، الذي أصبح يفرض على أسرته شراء هاتف ذكي من أجل مواصلة الدراسة، مع وجود عائق وهو عدم التمكن من استعماله، هناك معطى أخر وهو شديد لأهمية و يفرض ملحا حيته وهو التنوع على مستوى المقررات و عناوين الدروس في مختلف المستويات الدراسية، و هنا من أجل التوضيح أكثر ندعو القارئ إلى تصفح الجامعات، هل لها نفس الوحدات أم لا؟ وحتى إن وجدت ندعو القارئ إلى تصفح هذه الدروس هل هي موحدة على الصعيد الوطني أم أن كل جامعة لها برنامجها العام الذي تنهجه؟، حتى الآن لم نتحدث عن العوامل النفسية الخاصة بكل من التلميذ و الطالب وهو يشاهد "بروباغندا" إعلامية كبيرة تلمع "قتامة" المشهد بمستحضرات التجميل عبر تنوير الرأي العام بأن التعليم عن بعد يحافظ على استمرارية المتعلم لتعلمه عبر رصد بعض "الربورطاجات" من منازل ذات انتماء طبقي معين، هنا نساءل لماذا لا يتم بث ربورطاجات من داخل العالم القروي توضح بالملموس هل هناك بالفعل إقبال كبير عن التعليم عن بعد أم لا؟ دون الدخول في مزايدات بالأرقام بكون أن أغلب الأسر تتوفر على جهاز تلفاز يسمح للمتعلم بتتبع الدروس، هذا القليل من الكثير الذي يمكن للباحث أن يواكبه من خلال احتكاكه بميدان الدراسة، فالتعليم القروي اليوم يعرف عطالة مؤقتة فرضتها بالأساس الشروط الموضوعية التي لم تسمح لثلة من المتعلمين من أن يواكبوا تعليمهم على غرار الوسط الحضري الذي على الأقل يوفر بعض الشروط المساهمة في التحصيل العلمي في إطار سياسة التعليم عن بعد.
الشيء الذي يدعونا إلى القول بأن التعليم عن بعد هو هجمة من هجمات الدولة على القلب النابض للمجتمع بحيث لا يمكن لأي كان الحصول على هذا النوع من التعليم، فقط القادرين على امتلاك حواسيب و هواتف ذكية و صبيب أنترنيت هم من تتوفر فيهم شروط الاعتراف بأن يلج حقل قدم بالأمس القريب في سبيله العديد من التضحيات" اعتقالات، استشهادات"، كما أصبح التعليم اليوم يفرض رسوم مسبقة على متلقي خدمات التعليم، وفق منطق اقتصادي محض، فمن ليس له القدرة على اقتناء بطاقة تعبئة لا يسمح له بولوج هذا الفضاء الذي كان عام وأصبح اليوم طبقيا بامتياز ، فلن نتفاجأ يوما إن وجدنا قرارات و مخططات تفرض بشكل خاص على الطلبة المكوث في منازلهم و تتبع الدراسة عن بعد، في ظل التزايد الديمغرافي الذي تعرفه الجامعات المغربية، و بالتالي فإن قطاع التعليم سيصبح لا محالة سوق مربحة تغري كل أصحاب الشركات الكبرى للاستثمار فيه، وهو ما أصبحت بعض بوادره تظهر و خاصة أن مناصب الشغل التي يتم طرحها تفرض تكوينا رقيما رفيعا، و بالتالي وجب استشعار الخطر الذي يحذق فوق رؤوس فئة تعقد عليها أسرها كل الأماني من أجل انتشالها من واقع لازمها لعقود.



#عماد_العزابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كورونا ثورة في نظر البعض
- صرخة طالبان : المنحة حق ثابت لكل طالب باحث


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - عماد العزابي - التعليم القروي بين الواقع والافتراضي