أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - لطيفة الشعلان - سيرة أصولي مصري















المزيد.....

سيرة أصولي مصري


لطيفة الشعلان

الحوار المتمدن-العدد: 1580 - 2006 / 6 / 13 - 11:46
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ماذا يحدث اذا جاء خذلان الرجل من جسده؟
هذا بعض ما تصوره رواية (نيجاتيف)، فلجسد الرجل حالاته الصاعدة والهابطة، وله ضعفه النفسي والفزيولوجي الذي قد يضعه في لجة الحرمان أو الحرج، وله خيباته التي لاتتبدى كثيرا في الرواية العربية المهجوسة دائما بمعاني الغزو والفحولة الكاملة. لكن هذا ليس بيت القصيد، فحينما استوقفتني الرواية، بدأت أفتش عن خالد البري، فإذا به قد كتب قبل (نيجاتيف) شهادة أصدرتها (دار النهار) توثق تجربته حين كان منتسبا لصفوف الجماعة الاسلامية بمصر عنوانها: (الدنيا أجمل من الجنة: سيرة أصولي مصري).
وهي سيرة أو شهادة تنهي صفحاتها الـ 93 من دون أن تصادف طعنا أو تشهيرا أو تصفية حسابات مع الأصحاب القدامى. خالد يكتب من دون نقمة أو مرارة أو صراخ يفطر القلب ويصم الأذن. يكتب برغبة في كشف الظروف التي يتم فيها تجنيد الشباب للانضمام إلى الجماعات الإسلامية، وماذا يحدث بعد ذلك في خضم تلك التجربة النفسية والعصبية التي تشبه المحرقة. يكتب باعتبار الكتابة في بعض تجلياتها شكلا من الخلاص، أو استعادة الذات، فلا مكان للأسماء أو للأوصاف المحددة التي تدل على أشخاص بعينهم، بل هو يومئ صراحة إلى ألمه إذا : "ما فهم قراء هذا الكتاب أن أولئك الذين كانوا إخوتي في الجماعة هم أسوأ الناس طرا ".
هناك شهادة سعودية مماثلة كانت قد انتشرت في مواقع الانترنت قبل سنوات قلائل، ووقعت باسم مستعار هو (التائه)، وكان مقدرا لها أن تكون بمستوى شهادة خالد البري أو أرفع منها، لكن هناك ما حال دون ذلك. كون خالد الذي اختبر التجربة بنفسه شخص معروف باسمه الصريح بينما (التائه) اسم مستعار ليس قضية، لكن الأمر متعلق بالكيفية التي كتبت بها الشهادتان.
في نص (التائه) كثير من الحقيقة لاشك في ذلك، سواء كان الكاتب امتحن الخبرة بنفسه، أو سمع بها وصاغها في قالب روائي، أو حبكها لتحاكي ما يحدث في الواقع من استقطاب وتجنيد، لكن مقتل هذه الشهادة كان كامنا فيما انطوت عليه من شخصنة، أو من تشهير طال أسماء معروفة، إلى حد اتهام بعضهم بتدبير مؤامرات قتل، وجمع مال بطرق ملتوية، وتزوير في النتائج الجامعية لصالح الطلاب المتعاطفين مع الفكر المتشدد في واحدة من أعرق الجامعات السعودية. طبعا قد يكون مثل هذا حدث، لكن الكاتب كان بغنى عن ذكر أسماء صريحة، فهو لايقدم تقريرا مخابراتيا بل مايفترض أنه وثيقة، فالمحاذير القانونية المحيطة بكلام من هذا النوع يجعل من الصعب الركون إلى نص (التائه) كشهادة معتبرة كما يمكن الركون لنص خالد البري. الشيء الآخر الذي يغني شهادة الأصولي المصري ويغيب في سيرة (التائه)، أن الأول خصص فصلا لاستبطان مشاعر الأصولي الحسية ناحية الجسد والحب والمرأة، أو المكبوت الكبير في حياة الأصوليين لكنه الفاعل في كثير من رؤاهم الاجتماعية والثقافية وحول المرأة.
الخلاصة أن سيرة الأصولي المصري كُتبت لتبقى، أما سيرة الأصولي السعودي فكتبت لتفرقع وقد حدث أن حققت دويا كبيرا وقت نشرها في الانترنت. الآن أظننا بحاجة إلى شهادات من تحولوا، لاتكفي المقالات الصحفية، أو مايقال في اللقاءات المتلفزة والمقروءة. نعرف اليوم بضعة من المثقفين السعوديين مثلهم مثل خالد البري انضووا يوما تحت لواء الجماعات التكفيرية، ثم انعتقوا منها بعد تجربة السجن والمراجعات الذاتية، لكنهم لم يفردوا كتابة معمقة لهذه التجربة بمضامينها النفسية والعقلية. سبق واقترحت على الزميل مشاري الذايدي شيئا من هذا القبيل. إنها رحلة في الوقائع الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية، لكنها كذلك رحلة فيما وراء العقل، فيما وراء الشعور، فيما وراء النفس، وليست تشهيرا أو صخبا موقوتا.
إننا أمام قصة رهيبة نعرف عناوينها العريضة وتغيب عنّا تفاصيلها الصغيرة حيث يكمن الشيطان باسمه ورسمه، أو الخطر الذي تغوّل ومضغ أعمار الصبية وبراءة أفكارهم وأحلامهم حين حولهم إلى متشددين ومكفرين، وفي حالات أخرى إلى قتلة. لاشيء يوجع القلب أكثر من كلام أباء من قضوا في تفجيرات إرهابية، حين يشيرون إلى ماحل بأبنائهم الصغار الطيبين المسالمين من تغيرات هائلة في الهيئة و التفكير و السلوك بعد مصاحبة معينة، أو بعد الانخراط في هذا النشاط أو تلك الجماعة. أي نقمة، أي ألم، أية حرقة أو لوعة يشعرون بها أمام من فحّم أجساد أبنائهم أو مزقها أشلاء، بينما أنا امتلأت يوما بالتوتر والحنق لمجرد أن مدرسا طلب من الأطفال ومن بينهم إبني، أن يرسموا بناية تصطدم بها طائرة لتندلع منها النيران. أعتقد بأن ما يحدث تحت أنظارنا وبعيدا عنها من عمليات تُسرق فيها العقول الغضة، أو تُغسل، أو تُفخخ، أكثر هولا وشناعة مما نتصور. المصيبة أن كثيرين لا يعلمون أن النمو المعرفي لدى الأطفال يتأثر بأشياء صغيرة جدا، يقررها أو يفعلها الأباء أو المعلمين أو الراشدين عموما، ولأنهم لايعلمون فهم لا يأبهون بما يرونه أمورا تافهة، لكنها في الحقيقة ليست كذلك في تشكيلها لوعي الصغار. حفظ صوتي المدير وجميع معلميه من سعوديين وفلسطينيين لكثرة مهاتفاتي، لكنني بدأت ألاحظ نفسي وأقول: لقد تعبت !
من زاوية أخرى ربما نتفاجأ لو انكشف الغطاء عن المسكوت عنه، أو عن صنائع النساء وأدوارهن في اختطاف عقول التلميذات في المؤسسات التعليمية والتربوية وتحويلهن إلى تكفيريات صغيرات، فماذا عساهن يغرسن في أولادهن مستقبلا، أو أي شيء ستزرعه الأم المتشددة واعية أو من غير وعي في أطفالها. ناهيك عن التسطيح الذي يجعل الأنشطة اللامنهجية تدور داخل قوسين هما ستار اكاديمي وعباءة الكتف. ثم طبيعة الطفولة التي ستنتجها ثقافة عمادها التحريم والترهيب والتكاليف.
يحدث أن تكون الأنشطة الثقافية التي تقام في المدارس أحد الروافد لخلق أفكار الانغلاق والتعصب وكراهية الآخر، ومن الملاحظ أن الحساسية التي تحاط بها هذه الأنشطة بحسبانها دعوية هي التي تُضيق من الدور الرقابي المفترض عليها. ومن يعتقد بأن الحال اليوم أفضل مما كان عليه بعد أن اتسعت العيون، وزادت مساحة الفضح، يخطئ. نعم بعد الحادي عشر من سبتمبر انكمشت اختيارا أو جبرا نشاطات كثيرة كانت ستائر للاستقطاب وللتشدد، لكنها بدأت تعود وتتمدد من جديد. أتحدث تحديدا عما يتم في النشاطات النسائية، لاعلم لي بغير ذلك.



#لطيفة_الشعلان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المشي في حقل الأشواك
- ردا على الشاعر الليبي صالح قادربوه: - .. وانهم يقولون مالا ي ...
- تزمامارت وأبو غريب
- الرمز بين ابن العلقمي والبرامكة
- طل الصبح ولك ميليس
- شجون الجسد
- عفاف البطاينة: رواية الشرق والغرب
- تجنيد الأصوليين للنساء: تلك الأحجية
- قاموس يمشي على قدمين
- نساء ضد النساء
- جراح الروح والجسد
- يا بطلة الراليات السعودية: السكوت من ذهب !
- الغول والعنقاء و المثقف السعودي
- لاوقت للتثاؤب
- جروح ايه اللي انت جاي تقول عليها
- خلف كل ثائر دمعة سدى
- عباسيون وعارضات أزياء
- هيفاء وعالية .. والسجن السياسي
- الاجتماعي والسياسي
- خليل حاوي وعروة بن الورد


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - لطيفة الشعلان - سيرة أصولي مصري