|
قناع الزرقاوي: الوجه الحقيقي للإرهاب الأمريكي
حسني أبو المعالي
الحوار المتمدن-العدد: 1580 - 2006 / 6 / 13 - 11:28
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
اعترف الاحتلال الأنكلو-أمريكي أخيرا بأخطائه الجسيمة في العراق، وهو اعتراف لم يكن مبنيا على الفضيلة، وإنما هو محاولة لامتصاص غضب الرأي العام العراقي والعربي والدولي بعد كل فضيحة يرتكبهاهذا الغازي البغيظ،، فالاحتلال خطط وبرمج ونفذ للوصول إلى ما آل اليه الوضع في العراق من أجل تقسيمه، علما بأن الاعتراف الوقح لا يبرر الخطأ الأكبر ألا وهو احتلال العراق، فتأريخ الأخطاء الأمريكية ضد الشعب العراقي طويل وعريض، والمتتبع للشأن العراقي يدرك بوضوح جرائمها، فهي التي صنعت الطاغية صدام حسين وأوصلته إلى قمة السلطة في العراق، ليعبث وبموافقتها، بمقدرات الشعب، ودفعته للحرب ضد إيران ومكنته من مواجهتها ثمان سنوات طاحنة، راح ضحيتها مليون شهيد، وورطته في غزو الجارة الكويت ثم خانته لأجل مصالحها ليعيش العراق وشعبه أكثر من عشرسنوات عجاف لم يشهد مثيلها الوطن، من قبل، إرهابا إقتصاديا وسياسيا في ظل الحصار الجائر الذي فرضته الإدارة الامريكية، وهي التي زرعت أبي مصعب الزرقاوي في وادي الرافدين وسرقت بواسطته أمن العراق وحرية العراق وخيرات العراق، وأخيرا قتلته بعد أن أنهى مهمته في تمزيق وحدة الصف العراقي على المستوى الطائفي، وقد وعدت الإدارة الامريكية، كل العراقيين، زورا قبل الإحتلال بأنها ستحقق لهم الأمن والسلام والحرية، ولكنها منحتهم الدمار وأوهمتهم بأنها المنقذ والمحرر، وبالمقابل إذا كانت الأخطاء الأمريكية التي ارتكبها الاحتلال قبل وبعد غزوه للوطن تعتبر من الكبائر فإن الأخطاء التي ارتكبتها الأحزاب والطوائف الأصولية العراقية في حق الوطن والمواطن العراقي هي من أكبر الكبائر فقد لعب قادة تلك الأحزاب وبعض الشخصيات المتطرفة من الشيعة والسنة دورا بائسا في بلورة واستفحال الصراع الطائفي بين أبناء الشعب الواحد عندما وقعت في شرك السنارة الأمريكية واتبعت الأسلوب الذي يخدم سياسة الإحتلال، في التعامل السيئ مع مجريات الأمور من خلال تكريس المصلحة الفردية على حساب مصلحة الشعب والوطن، نحو ضمان الحصول على مناصب أكبر والاستئثار بالكراسي ما يتيح لها سبل السيطرة على سرقة المال العام أولا، وقمع الأحزاب المعارضة لها ثانيا، الشيء الذي مهد إلى تغيير لغة الحوار السلمي إلى لغة حوار السلاح بين أبناء الشعب عبر تجييش الأحزاب والطوائف إلى ما يعرف بنظام الميليشيات، حتى أصبح الإرهاب المزدوج الذي مارسته عناصر متخلفة من الطائفتين أمرا واقعا بين تلك الأطراف، راح ضحيتها الآلاف من الشعب العراقي بسبب جهل تلك الأحزاب والشخصيات لمبدأ الديمقراطية واحترام الرأي والرأي الآخر، فهل تعترف تلك الطوائف بأخطائها وتبتعد، رحمة بالشعب، عن الطائفية لصالح الوطن؟ إن الطائفية نقيض للديمقراطية، فهما ضدان لا يتفقان، والإرهاب جاء نتيجة للصراع بين التخلف والتحضر بين الظلام والنور، وقد صنعته أياد عراقية من جميع الأحزاب الأصولية المتطرفة " لا أستثني منهم أحدا " وإن كان تمويل بعضها من الخارج، وهو ما فتح الباب على مصراعيه لدخول اللصوص والمجرمين وقطاع الطرق وأعوان النظام السابق لأن يعيثوا فسادا ويمارسوا لعبتهم القذرة في ظل الشقاق العراقي العراقي بإسم المقاومة، ولو افترضنا جدلا وجود مقاومة مسلحة عراقية ضد الاحتلال، إلا ان واقع الحال وحجم الضحايا الكبير من الأبرياء العراقيين الذين ذهبوا على أيدي هؤلاء المسلحين، غيرميزان المعادلة الذي يلغي على هذا النحو وجود مقاومة حقيقية، فهل سمعنا عن مقاومة وطنية تمعن في سياستها بذبح الابرياء من أبناء الشعب بطريقة جبانة؟ وهل عمليات تصفية الحسابات الشخصية أو الطائفية ترقى إلى مستوى الفعل الأخلاقي لرجال المقاومة؟، وماذا نسمي قتل العمال وهم في انتظار أن يحظوا بحق الحياة في العيش، واستهداف المطاعم الشعبية التي يرتادها البسطاء من الناس، ووضع العبوات الناسفة في الطرق العامة فيقع ضحيتها العشرات من الأبرياء، واغتيال المئات من خيرة الأبناء من ذوي العقول والكفاءات، وتفجير البنى التحتية من أجل أن يبقى المواطن يشكو العطش وسوء الخدمات العامة، وأخيرا وليس آخرا اختطاف فريق التكواندو الرياضي وهم نخبة من الواعدين الشباب، في عمر الربيع، نخبة توقعت استقبالا جماهيريا حافلا عند عودتها الى تراب الوطن بعد أن رفع أصحابها راية العراق خفاقة في المحافل الدولية، عودة يفترض أن تكون مشحونة بالفرح والحب وفي رأس كل صغير مجموعة من الأحلام الصغيرة على المستوى الشخصي، وأحلاما كبيرة على مستوى الوطن، لكنهم لم يتوقعوا أن يكونوا هدفا لعصابات وحشية تجهض كل الاحلام، أطفال يمثلون المستقبل الواعد للبلد، فمن يجعل من كل هؤلاء الأحبة الصغار هدفا إنما يحاول أن يوقف حركة مستقبل الوطن الذي تنفس لتوه بدايات العملية الديمقراطية بعد عقود من الدكتاتورية البغيضة والتي بسببها وحربها ضد شعبها وجيرانها ابتلينا بالاحتلال، وعوضا من تبني خط مواجهته باعتباره عدوانا ضد العراق وشعبه حرصت قوى الظلام في العراق على مواجهة الشعب المقهور، بشكل عشوائي، والهدف منه هو محو أبجديات العمل الديمقراطي والعودة إلى زمن القهر والإرهاب المنظم الذي تمارسه الدول الاستبدادية، وإلى الذين تغريهم كلمة المقاومة ويدافعون –جهلا – عن الارهاب أقول: هل تفجير الأسواق والمطاعم وبيوت الله وخطف الأبناء والمساومة عليهم هي من الأخلاق المتعارف عليها لدى المقاومة؟ وهل تلك العصابات التي نشرت الرعب والخوف والهلع في نفوس الشعب أكثر مما نشرتها قوات الاحتلال تستحق أن تحظى بشرف المقاومة؟ ولمصلحة من تبقى أصوات الإنفجارات والرصاص وصفارات الإنذار وسيارات الإسعاف هي الموسيقى السائدة التي تقتحم الآذان في الوطن كل يوم؟ وهل من الحكمة أن تبقى بغداد الرشيد وكافة مدن العراق أشبه بالأرض اليباب، تكسوها الأزبال من كل حدب وصوب لأن "المقاومة" تأبى إعادة إعمار البلد بحجة وجود الاحتلال ؟ وهل من الانسانية أن تعم الفوضى في محطات الوقود والانتظار لساعات في الطرق بسب أعمال الهدم والتخريب من قبل الذين تسمونهم زورا بالمقاومة ؟ وهل من الرجولة أن يعيش المواطن العراقي رعبا وخوفا بسبب الإرهاب – عفوا أقصد المقاومة - لا بسبب الاحتلال؟ فقد اختلطت الأوراق وتماهت الشعارات الفضفاضة بين الحقيقة والكذب وبين الحق والباطل، في ظل الفوضى العارمة التي راح ضحيتها الشعب العراقي وليس الاحتلال، فلا "المقاومة المسلحة" التي تستهدف العراقيين شريفة، ولا الأحزاب الأصولية في توجهها الطائفي كانت عفيفة، ولا الشخصيات التي تحركها بجهالة هي نظيفة، وبالتالي فإن الحكومات المتعاقبة ليس لها سوى أن تكون هزيلة وضعيفة، لا تفكر إلا برواتب أعضاء البرلمان ولا يهمها سوى التسابق للفوز بالمقاعد الوزارية المهمة ومراكز صنع القرار، فمتى ستصحو ضمائر قادة الأحزاب والطوائف لترفع نداءا عراقيا واحدا من أجل حقن الدماء وإنهاء الكوارث اليومية ضد الأبرياء ؟ ومتى سيعلو صوت العقل لدى قادتنا من أجل أن يعم الحب والسلام فضاء العراق؟ أترك هذه التساؤلات لمن يهمه أمر الوطن وآمل أن تستجيب لها الضمائر الحية إن بقيت هناك ثمة ضمائر مستيقظة لدى من يعتبرون أنفسهم عقلاء وقادة لهذا الوطن الجريح .
#حسني_أبو_المعالي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قناع الزرقاوي والوجه الحقيقي للإرهاب الأمريكي
-
أبعاد السياسة الاسرائيلية في الوطن العربي
-
للصراحة حدود يا بن عبود
-
سحقا للشعب من أجل شيطان السلطة
-
هل حكم على الشعب العراقي بقصة لا تنتهي مع الطغاة؟
-
الإعلام العربي: حرية نشر الخبر أم مسؤولية نشر الخبر
-
الطائفية في العراق: قريبا من السلطة بعيدا عن الاسلام
-
بانوراما الألوان واحتفالية الأشجار
-
الفنان التشكيلي المغربي المكي مغارة وحوار العتمة والنور
-
ثلاث محطات ضوء مغربية من شمس الموسيقى العربية
-
أنين العود في ليل العراق الطويل
-
إعلان مدفوع الثمن
-
من الذي أساء إلى الإسلام غير المسلمين ؟
-
الأغنية العربية في ميزان الفيديوكليب
-
الشمس والغربال / رأي في الأغنية العربية
-
رنين العود أنين العراق
-
بغداد الحرية في ظل الاحتلال
-
الإبداع والمدينة
-
محنة العراق بين الإرهاب والاحتلال
-
حدود اللون وآفاق الكلمة
المزيد.....
-
التهمت النيران كل شيء.. شاهد لحظة اشتعال بلدة بأكملها في الف
...
-
جزيرة خاصة في نهر النيل.. ملاذ معزول عن العالم لتجربة أقصى ا
...
-
قلق في لبنان.. قلعة بعلبك الرومانية مهددة بالضربات الإسرائيل
...
-
مصر.. غرق لانش سياحي على متنه 45 شخصًا ومحافظ البحر الأحمر ي
...
-
مصدر يعلن موافقة نتنياهو -مبدئيًا- على اتفاق وقف إطلاق النار
...
-
السيسي يعين رئيسا جديدا للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام
-
ثلاثة متهمين من أوزبكستان.. الإمارات تكشف عن قتلة الحاخام ال
...
-
واشنطن تخطط لإنشاء قواعد عسكرية ونشر وحدات صاروخية في الفلبي
...
-
هايتي: الأطفال في قبضة العصابات مع زيادة 70% في تجنيدهم
-
تحطّم طائرة شحن في ليتوانيا ومقتل شخص واحد على الأقل
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|