|
كيف صار الزمن الجميل جميلا ... ؟
رياض محمد سعيد
(Riyadh M. S.)
الحوار المتمدن-العدد: 6532 - 2020 / 4 / 8 - 17:43
المحور:
المجتمع المدني
بداية علينا ان نتفق على مفهوم الزمن الجميل ، اذ لا يجوز تحديده بمفهوم ربطه بشخص دكتاتور او ربما حدث جلل او كارثة كبيرة ادى ذلك الى خسائر و احزان و الام كبيرة تحملها الشعب لأن اعتبار الزمن الجميل هو زمن شخص او مرحلة او حدث كبير غير صحيح ، اذ ان ذلك يعني مصادرة الذكريات وتجسيدها واختزالها بذلك الحدث او ذلك الشخص ، واذا كان هذا هو الوصف و المقصود ، اذن قد حق القول انك مخطيء جدا او فاهم الموضوع غلط ، و لا لوم في هذا لأنك يجب ان تكون مؤهلا لتعرف ما هو الزمن الجميل ( لا تنفعل من كلمة مؤهل واستمر بالقراءة لتعرف المقصود) قد يكون عمرك الان منتصف الثلاثينات وتصارع الزمن لتحقيق اهدافك و غاياتك وهذا شيء جميل ، وطبيعي ان تترك خلفك اثار صراعاتك مع الزمن الذي مر عليك والتي تشكل ذكرياتك القريبة بكل تفاصيل الحياة ( سعيك للتعلم والتخرج و الزواج وتكوين الاسرة وفرحة انجاب اول طفل و حمله بين يديك وتنظيم الاسرة وسماع الاغاني و مشاهدة الافلام و قراءة الكتب ومواجهة الناس و التعامل معهم وحل المشاكل و البيع و الشراء و وكل هذه التفاصيل واكثر بما في الحياة من احزان و افراح و ساعات غضب و خسارة و ربح و فقدان الاحبة و و و . كل هذا وانت تساير الزمن وتصارعه احيانا لتتشكل في عقلك انجازاتك التي هي ذكريات الماضي القريب والتي ينتج عنها الخبرة من تجارب الحياة ، ولاحظ ان عمرك صغير و صراعاتك محدودة بالزمن الذي عشته ... هذا الوصف ينطبق على كل البشر . وكل شخص يحمل في عقله ذكريات صراعاته مع الزمن . لكن تخيل معي حجم الذكريات لمن عمرهم 20 عام او 30 عام وتخيل معي لو ان عمرك هو منصة تقف عليها لتنظر الى متراكمات تاريخ صراعك مع الزمن وما خلفته وراءك من تراكم للذكريات . كم تعتقد سيكون علو المنصة وكم سيكون طول خط الذكريات لمن عمره 20 عام وكم لمن عمره 30 عام و كم سيكون لمن عمره 65 عام واي المنصات اعلى من تراكمات السنمين ليتمكن من النظر الى خط تراكم الذكريات الابعد على طول سلسلة خط تاريخ الذكريات الذي تركناه خلفنا . هذا من ناحية ولكن من ناحية اخرى يجب ان نستحضر شيء مهم جدا عندما نتكلم عن الزمن الماضي هل هو جميل ام لا .. حتما هو جميل لأعتبارات مهمة اولها اننا عشنا ذلك الزمن ولا زلنا نعيش و نتنفس وهذه نعمة تبعث فينا الشكر و العرفان للخالق الذي جعلنا نقف اليوم هنا و نتذكر ما فاتنا ... بينما اخرين .. لم يسعفهم قدرهم وانتهو دون ذكريات وماتو .. الذكريات التي مرت جميلة لأنها مرت بأمان ولأننا عشناها بتفاصيلها بحلوها ومرها بحزنها وفرحها بغضبها وتعبها وراحتها بحبها وكرهها لكننا لا نعلم هل سنعيش اللحظات القادمة من عمرنا ام لا ... اذن كل ما مر بنا من صراعات مع الزمن كانت جميلة لأننا على قيد الحياة و ننتظر ما يحمله لنح الغد . الان .. اين صدام .. مثلا من هذا الصراع ولماذا نحشر تاريخنا و صراعنا معه ، ولماذا يكون الزمن غير جميل لأنه يعيش زمننا ، ان اللحظات التي عشناها وتعرضنا لها في صراعاتنا مع الزمن كانت ملكنا حتى السجين عندما يقضي 25 سنة من عمره في السجن يصارع الحياة وقبل نهاية المدة يتذكر كيف كان و كيف تجاوز تلك المحنة . الان نأتي الى اهم نقطة تجعل الذكريات والصراعات مع الحياة للزمن الماضي زمن جميل . وكما قلنا ان الزمن الماضي مقرون بالعمر فتخيل نفسك بعمر ما بعد ال 65 وانت جالس على كرسي تتأمل الصباح الجميل مع مشاهد الخراب و الدمار لوطننا الجميل وتريد ان تشري كأس من الماء وتخونك قدميك .. الن تتذكر ايام قوتك وكيف كنت تصارع الزمن و انت بكامل القوة و الاطمئنان ... اليس ما فات كان زمنا جميلا . اين صدام من كل هذا . لعنة الله عليه و على افعاله لكل من اذاه او تسبب بألمه لكن لاتسرق زمننا الجميل و تلصقه به .. زمننا الماضي كان جميلا وسيبقى جميلا لأننا كنا نصارعه (الزمن) بقوانا وتغلبنا عليه او يتغلب علينا احيانا لكننا عشناه و وصلنا الى هنا . ولا زلنا نتذكر بفرح كل خطواتنا حين كنا نتخذ قرارت ابناءنا الصغار وتعريفهم بمتطلبات الحياة .. لكن حين يمر الزمن سيكبرون سنة بعد اخرى حتى باتو بالغين يصارعون الزمن بقواهم ويتخذون قراراتهم بأنفسهم ولاحاجة لهم بنا الا لأستشارة احيانا ... بينما نحن انهكنا التعب وتركنا الصراع للشباب و لا نملك الا الذكريات نحيا معها الى ساعة يشاء الله . اذن كان الزمن الماضي زمن جميل لأننا كنا شباب مقتدرين واليوم اصبحنا عاجزين ، والعجز هنا هو سن اليأس و سن التقاعد ، نغمض اعيننا و نتذكر الزمن الجميل .
#رياض_محمد_سعيد (هاشتاغ)
Riyadh_M._S.#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ماذا تحمل 2020 للعراقيين
-
تركيا .. النجاة في الحكمة
-
لا عراق بلا شباب العراق
-
فايروس كوكب الارض
-
هل اردنا الحياة و لم يستجيب القدر ؟
-
أنا لم أفهم ... هل فهمت انت
-
العرب .. الدين .. التطور
-
ماذا بعد التظاهرات
-
فؤاد غير مفيدة
-
بقع على نسيج عراقي
-
لكي لا نخسر الجولة
-
نظرة في الاسلام السياسي
-
ما دام الحمقى موجودون
-
المأمول عند الفاسدين
-
في نيسان 2003
-
التمدن ... يعني الخلاص
-
نحو ساعة الفصل
-
كفى لمن دمر العراق
-
كيف توصف الرجولة في العراق
-
لماذا تخلف المسلمون
المزيد.....
-
مراسل RT: ممثل الأمين العام للأمم المتحدة والمنسق المقيم توا
...
-
في جريمة هي الأكبر ضد الصحفيين في قطاع غزة خلال حرب الإبادة
...
-
من لبنان وتركيا والأردن.. ضوابط لعودة اللاجئين السوريين إلى
...
-
اعتقال قاضي المحاكم الميدانية في سجن صيدنايا بسوريا
-
اعتقال -سفاح صيدنايا- في طرطوس وحراك دبلوماسي سوري مع دول ال
...
-
منظمة حقوقية: أكثر من 10 آلاف مهاجر لقوا حتفهم بالبحر العام
...
-
استشهاد 3 أطفال رضع في خيام النازحين بغزة
-
الحرس الثوري الإيراني يعلن اعتقال جاسوس في مدينة أردبيل
-
الداخلية الأردنية تكشف عدد اللاجئين السورين العائدين إلى بلد
...
-
تعذيب أسر أورهان من قبل صوفيا.. احداث ناريه في مسلسل المؤسس
...
المزيد.....
-
أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|