أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - داخل حسن جريو - مصطلحات نشاز ما زالت قيد التداول















المزيد.....


مصطلحات نشاز ما زالت قيد التداول


داخل حسن جريو
أكاديمي

(Dakhil Hassan Jerew)


الحوار المتمدن-العدد: 6531 - 2020 / 4 / 7 - 10:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ثمة مصطلحات نشاز ما زال البعض يتداولها بهدف الإحتقار أو ألإزدراء أو التقليل من قيمة الآخرين لدوافع شتى , قد تكون دوافع إجتماعية ,وقد تكون بعضها سياسية أوطائفية وغيرها. وما نريد الحديث عنه هنا ,وفي هذا الوقت بالذات الذي تعاني فيه بلادنا من أزمات وكوارث لا تعد ولا تحصى بسب الحماقات وسوء الإدارة التي إرتكبها حكام العراق على مدى سنوات , وبخاصه بعد غزوه وإحتلاله عام 2003, وما آل إليه حال العراق من فقرمؤلم مدقع, وتخلف حضاري رهيب في جميع مجالات الحياة, وتفشي الأمراض والأوبئة التي باتت تحصد أرواح آلاف الناس في كل مكان, والتي تتطلب جميعها أن تتكاتف الجهود لإنقاذ العراق من محنته التي لا مثيل لها في بلد حباه الله بالثروات والخير الوفير , إلاّ أن البعض ومنهم ممن يحبوا أن يوصفوا أنفسهم بالمفكرين أو المثقفين أو لنقل ممن نالوا حظا من التعليم في الأقل , ما زال يردد أوصافا نابية بحق شريحة واسعة من مواطنيهم الذين يشاركونهم هموم وطنهم وأفراحه , تارة يوصوفوهم "بالشروكية" وتارة " بالمعدان " , وذلك بقصد إهانتهم وإحتقارهم لا لذنب إرتكبوه , إلاّ لكونهم من سكنة القرى والإرياف التي أهملتها الحكومات المتعاقبة , أو فقراء كادحين لم ينال معظمهم حظه من التعليم , , يمتهنون في الغالب مهنة الزراعة أوتربية المواشي أو مهنا أخرى بسيطة كسبا لقوت يومهم, وهم بذلك يوفرون سلة الغذاء لعموم العراقيين . وقد ذهب البعض منهم إلى أبعد من ذلك بوصف جميع سكان مدن وسط العراق وجنوبه بمصطلح الشروكية , لا بقصد الوصف الجغرافي كما قد يعتقد البعض بمعنى شرق العاصمة بغداد , بل بقصد الذم والإنتقاص من قيمة هؤلاء الناس والإستهانة بهم مهما كانوا .
أكدت جميع قوانين الأرض وشرائع السماء وفي مقدمتها الدين الإسلامي الحنيف على تكريم الإنسان وعدم المساس بكرامته أو تحقيره والإستهزاء به كما جاء ذلك في سورة الأحقاف :
بسم الله الرحمن الرحيم
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ.
صدق الله العظيم


وللحقيقة نقول أن هذه المسميات النشاز ليست وليدة اليوم , إنما تعود جذورها لحقب تاريخية خلت , ففي حقبة العهد الملكي التي إمتدت من العام 1921 وحتى العام 1958 , كان معظم سكان المدن صغيرها وكبيرها على حد سواء والقصبات الحضرية يطلقون تسمية " المعدان " على سكان القرى والأرياف بصرف النظر عن مكانتهم الإجتماعية. تحمل هذه التسمية في طياتها نوعا من عدم الإحترام والتقليل من شأنهم , من منطلق أن سكان المدن أكثر حضارة وتمدنا وعلما وثقافة , وقد يكون هذا صحيح إلى حد ما بالقياس النسبي, لكون البعض منهم قد نال حظا من التعليم , حتى لو كان تعليما بسيطا, ربما لا يتعدى القراءة والكتابة , وتمتعوا ببعض وسائل التحضر من كهرباء ومياه نظيفة ومستشفيات ومدارس وغير ذلك, والتي جميعها لم تكن متاحة يومذاك لسكان القرى والأرياف , مما نجم عنها إتساع الهوة الحضارية بينهما . وبذلك إقترنت كلمة المعدان بالتخلف والجهل بصورة أو بأخرى. عانت هذه الشريحة من العراقيين أكثر من سواها من ظلم وقهر وتعسف , حيث كان شيوخهم وكبار الإقطاعين يعاملونهم كالعبيد سنيين طويلة دون منحهم أجور مجزية لتأمين حياة كريمة لهم ولعوائلهم . والغريب حقا أن هذه التسميات المشينة إقتصرت على سكان قرى وأرياف مدن وسط العراق وجنوبه , بينما لا يختلف واقع حال بقية قرى العراق كثيرا , إن لم يكن حال بعضها أكثر سوءا وتخلفا في جميع النواحي , وكذا حال الكثير من الأحياء الشعبية في بغداد ومدن العراق الأخرى .
أدى هذا الواقع المؤلم إلى هجرة أعداد كبيرة من سكان القرى والأرياف , غالبيتهم من محافظات ميسان وذي قار وواسط إلى مراكز المدن وبخاصة المدن الكبيرة , بغداد والبصرة حيث سكن الكثير منهم في مجمعات صرائف في أطراف هذه المدن , صرائف الشاكرية في جانب الكرخ , وصرائف ما يعرف بخلف السدة في جانب الرصافة ,وصرائف الكزيزة في البصرة ,ولا يختلف الحال في بقية مدن العراق الأخرى , ومارسوا مهنا بسيطة لا تتطلب أية مؤهلات سوى قدرتهم البدنية. وبقيام ثورة الرابع عشر من تموز عام 1958 أنصف الزعيم عبد الكريم قاسم هذه الشريحة بإسكانهم في مدينة خاصة بهم في جانب الرصافة عرفت بمدينة الثورة, بمنحهم قطع أراضي سكنية ومساعدتهم ببنائها, بعد أن تم نقلهم من صرائفهم البائسة في الشاكرية وخلف السدة.ولا عجب أن نرى سكان مدينة الثورة قد هبوا جميعا لصد إنقلاب الثامن من شباط الدامي دفاعا عن الزعيم عبد الكريم قاسم حبا ووفاء لما قدمه لهم , والذي ما زالوا يحملون في قلوبهم حبا راسخا لذكراه العطرة التي يتناقلونها جيلا بعد آخر.
شهدت مدينة الثورة إهتماما خاصا وتطورا ملحوظا في بنيتها الأساسية وتوفير الكثير من الخدمات لها من قبل الرئيس صدام حسين في مطلع عقد الثمانينيات , بهدف كسب ود سكانها وإبعادهم عن الوقوع في شباك الحركات السياسية المعارضة لنظامه , وبخاصة أن النظام الإيراني كان يحرض هذه الشريحة من العراقين على الثورة ضد نظامه السياسي بعد أن قام النظام بتغيير تسميتها مدينة صدام .وسعت إحزاب الإسلام السياسي التي تقلدت زمام السلطة في العراق في إعقاب الغزو الأمريكي وإحتلال العراق عام 2003 إلى توظيف الكتلة السكانية الكبيرة لهذه المدينة لصالحها من منطلق طائفي , حيث أسمتها بمدينة الصدر. وبرغم كل ما قدمته هذه المدينة من تضحيات لم تجن سوى المزيد من الخراب والدمار والفقر والحرمان وتردي الخدمات بصورة غير مسبوقة.
وشهدت صرائف البصرة تحسنا ملحوظا في عهد محافظها ناصر الحياني في عقد الستينيات من القرن المنصرم بتخصيص قطع اراضي سكنية ومساعدة أصحابها ببناء دور سكنية بسيطة لهم في منطقة سميت شعبيا بإسم الحيانية تيمنا بمحافظها . ومنذ ذلك الحين لم يطرأ أي تحسن ببنيتها التحتية , وما زال سكانها يعانون الأمرين. والحق يقال أن مدينة البصرة بمجملها لم تنل حظا من التطوير والإعمار منذ سقوط حكومة الزعيم عبد الكريم قاسم وحتى يومنا هذا , حيث عانت المدينة وما زالت تعاني من الدمار والخراب الذي أصابها جراء الحروب والصراعات التي جرت على أرضها وبجوارها .
وبرغم التحسن النسبي بالمستوى الحضاري لهذه الفئة من العراقيين, إلاّ أن النظرة الدونية إليهم من قبل البعض والتعامل المشين معها من قبل ذوي النفوس الضعيفة لم يتوقف حتى يومنا هذا , لدرجة أن البعض بات ينكر عليهم إنتمائهم الوطني الأصيل لهذا الوطن على الرغم من أنهم الأكثر تضحية بالدفاع عن الوطن على مر العصور , ذلك أن الفقراء والكادحين كانوا دوما وقود الحروب والصراعات في كل زمان ومكان. يدعى البعض أن ما يسموهم بالمعدان هم من أصول هندية نزحت مع البريطانيين أثناء إحتلالهم العراق عام 1918 , ويدعي آخرون أنهم من أصول فارسية , أو تزاوج نساء عراقيات بهنود أو فرس كما يزعمزن . ومع جلّ تقديرنا وإحترامنا لكل الأقوام والجنسيات في العالم , لكننا نقول أن هذه الأقاويل هي مجرد إفتراءات وتفاهات لا قيمة إنسانية لها ولا يملك مروجوها أي دليل تاريخي يسندها , ذلك أن هؤلاء القوم عراقيون أصلاء وربما أكثر عراقية من سواهم , وهم ملح تربته وأساس حضاراته عبر التاريخ , وبدونهم لا يكون العراق عراقا . وينكر البعض عليهم عروبتهم وهنا نقول لهؤلاء الأدعياء , إذا لم يكونوا هؤلاءعربا أقحاحا , فهل يا ترى من يكون عرب العراق ؟ وكيف يكون العراق بلدا عربيا بدونهم وهؤلاء القوم يمثلون غالبية سكان العراق. والغريب في أمر هؤلاء الأدعياء أنهم كانوا حتى وقت قريب يتشدقون بالعروبة ,على الرغم من أن الكثير منهم من أصول أجنبية وافدة إلى العراق أو من تركة الدولة العثمانية. لا نقول هذا إنتقاصا من عراقيتهم كما هم يفترون على الآخرين , ذلك إننا نؤمن بعراقية كل من ولد في العراق أو من عاش فيه وإكتسب جنسيته شرعا بصرف النظر عن قوميته ودينه ومعتقده ومذهبه , وإتخذ من العراق وطنا له.
ومما يؤسف له أن الصراعات السياسية قد ألقت بظلالها على التركيبة السكانية في العراق المتعددة القوميات والأديان والطوائف وإرتباطاتها المتشابكة مع دول الجوار وتضارب مصالحها , الأمر الذي دفع البعض لإثارة بعض الحساسيات والحزازات بين أبناء الشعب الواحد الذين عاشوا في كنف العراق سنين طويلة , بهدف شق الصف الوطني ودق أسفين بين أبنائه لتحقيق مصالح فئوية ضيقة , موظفين الورقة العنصرية تارة والورقة الطائفية تارة أخرى , والأخطر من كل ذلك التشكيك بالإنتماء الوطني وإزدراء فئات واسعة من الناس بذرائع ودعاوى باطلة ما أنزل الله بها من سلطان. وختاما نقول أن هذه الأراجيف السخيفة لا تخدم أحدا ولا تصب في مصلحة الوطن الجريح المستباح من كل هب ودب , إنما تزيد آلامه وتفرق وحدة صفوفه وتعطل نهضته من كبوته وتعيق تقدمه , لذا نهيب بكل العراقيين الوطنيين الشرفاء الإبتعاد عن هذه السفاسف والتوجه نحو نصرة العراق وإنقاذه من محنته .



#داخل_حسن_جريو (هاشتاغ)       Dakhil_Hassan_Jerew#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نكون شعبا أو لا نكون ...ولكن لسنا مكونات
- كيف لا نحب العراق ؟
- العراق يتهاوى ... هل من منقذ ؟
- لماذا إنحسر دور اليسار العراقي... في الإنتفاضات الشعبية
- التشكيلات العسكرية في العراق
- أريد وطن
- بعيدا عن الطائفية والعنصرية ... قريبا من الوطن
- العلاقات العراقية الإيرانية ... قراءة موضوعية هادئة
- زيارة بنس نائب الرئيس الأمريكي .... ما وراء الأكمة وما وراءه ...
- ما يجب أن يقال
- حكومات عراق ما بعد 2003
- الإنتفاضة التشرينية ... قراءة موضوعية
- العزف النشاز على وتر الطائفية
- العراق مستودع بارود ... حذار أن ينفجر
- التظاهرات في العراق ... ثمة تساؤلات مشروعة؟
- رحمة بالعراق ... رفقا بدماء العراقيين
- الأمانة العلمية وحقوق الملكية الفكرية
- -الديمقراطية العراقية - ... ديمقراطية ممسوخة
- هل باتت دولة العراق ... دولة الرجل المريض حقا ؟
- تداعيات المنظومة الأخلاقية في العراق ... من يوقفها ؟


المزيد.....




- إسرائيل تُعلن تأخير الإفراج عن فلسطينيين مسجونين لديها بسبب ...
- الخط الزمني للملاحقات الأمنية بحق المبادرة المصرية للحقوق ال ...
- الخارجية الروسية: مولدوفا تستخدم الطاقة سلاحا ضد بريدنيستروف ...
- الإفراج عن الأسير الإسرائيلي غادي موزيس وتسليمه للصليب الأحم ...
- الأسيرة الإسرائيلية المفرج عنها ‏أغام بيرغر تلتقي والديها
- -حماس- لإسرائيل: أعطونا آليات لرفع الأنقاض حتى نعطيكم رفات م ...
- -الدوما- الروسي: بحث اغتيال بوتين جريمة بحد ذاته
- ترامب يصدر أمرا تنفيذيا يستهدف الأجانب والطلاب الذين احتجوا ...
- خبير: حرب الغرب ضد روسيا فشلت وخلّفت حتى الآن مليون قتيل في ...
- الملك السعودي وولي عهده يهنئان الشرع بمناسبة تنصيبه رئيسا لس ...


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - داخل حسن جريو - مصطلحات نشاز ما زالت قيد التداول