|
معاينة السياسة الخارجية الجزائرية بعد 100 يوم من أداء -قسم اليمين الرئاسي-: وسائل التواصل الاجتماعي كأداة لرصد الرأي العام، رصد تجديد انتظارات المواطن، وقياس مستويات الرضا الجماهيري..
عصام بن الشيخ
كاتب وباحث سياسي. ناشط حقوقي حر
(Issam Bencheikh)
الحوار المتمدن-العدد: 6530 - 2020 / 4 / 6 - 11:29
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
معاينة السياسة الخارجية الجزائرية بعد 100 يوم من أداء "قسم اليمين الرئاسي": وسائل التواصل الاجتماعي كأداة لرصد الرأي العام، رصد تجديد انتظارات المواطن، وقياس مستويات الرضا الجماهيري.. د/ عصام بن الشيخ أستاذ محاضر جامعة قاصدي مرباح ورقلة – الجزائر – الجزائر- (الإثنين 06 أفريل 2020) ********************************************* "المسنّون يصدّقون كلّ شيء، متوسطو العمر يشكّون في كلّ شيء، الشباب يعرفون كلّ شيء" – كريستين لاغارد مديرة صندوق النقد الدولي FMI نقلا عن استشهاد للمفكر الاقتصادي أوسكار وايلد.
في كلّ التجارب الانتقالية التي تعقب الثورات أو الانتفاضات الشعبية، يعاين الباحثون تحولات السياسة الخارجية للدول قبل وبعد الحدث الثوريّ، لرصد ألغاز الانتفاضات الشعبيّة وانعكاساتها على أدوار الدول وسلوكات صنّاع القرار، وبما أنّ بلدنا لم يعرف حدثا ثوريا راديكاليّا، فإنّ التغيير الشامل الذي ينادي به الحراك تحت شعار: "≠يتنحاو_قع"، شكّل دعما – عكس كلّ التوقعات- لإعادة ديناميّة الخارجية الجزائرية بمنطلقاتها المتجددة، في ضوء التقديرات الداخلية للمصالح الخارجية للجزائر، قبل وبعد استحقاقات (12/12/2019). فحين قال ماكرون للقيادة الجزائرية "أصغوا للحراك"، لم تأخذ الجزائر تصريحه كاعتداء أو مناكفة، لأنّ زمن التدخّل في الشؤون الداخلية للجزائر قد ولّى، فإذا كانت "الديمقراطية الغربيّة" لا ترحم، فإنّ النديّة تتيح للدول الأصغر حجما لعب أوراق ضغط كثيرة، للتملّص من الالتزامات التي كانت مفروضة عليها في السابق، وفق ترتيبات أو تفاهمات مرحلة الكولونيالية وما بعدها. تحضُر السياسة الخارجية للجزائر في خطاب الرئيس عبد المجيد تبون في كلّ لقاء إعلاميّ محليّ أو أجنبيّ، فلقد ضرب الرئيس موعدا شهريا مع الإعلام لتصحيح غياب الرئيس الأسبق عبد العزيز بوتفليقة في عهدته الرئاسية الرابعة (لملء الفراغ الدستوريّ وامتصاص مطالب الشارع خلال العهدة الرابعة). فقد أعلن الرئيس تبون انتهاء فترة "خفوت الصوت الجزائري" حول مختلف القضايا الدولية والإقليمية، وخروج الجزائر من "حقبة السماح" كما يسميّها الباحثون. فدستور 2020 المزمع طرحه أمام المؤسسات الدستورية للجزائر في القريب العاجل – بعد انتهاء أزمة انتشار وباء كورونا -، سيتضمن عهدتين رئاسيتين للرئيس المنتخب، قد تمكّنانه من ترتيب مستقبل السياسة الخارجية الجزائرية خلال المستقبل المنظور القريب (2020 – 2030)، وتحقيق نجاحات مؤكّدة. فكلّ ما حدث خلال العشرية السابقة للرئيس المستقيل بوتفليقة، هو "سوء تحكّم واستغلال لقدرات "جيل الألفية Y"، الذي يفضّل الإجابات السريعة على محرّك غوغل Google، لا يثق في الحكومات، نشأ في أسر تمتلك الحواسيب، ولا يهمّه تحقيق استقرار سياسي مستديم. نعيش عصر "الديمقراطيات الغفيرة" نتيجة الديمغرافيات المتحوّلة، فكما أنّ قلة رضا الشباب على أداء الحكومات ناجم شيوع استخدام الرقمنة من قبل هذا الجيل "المتحوّل رقميّا وثقافيّا"، فإنّ حلّ الفساد حسب النظريات الغربيّة الما-بعد حداثيّة "جدّ بسيط"، ولا يقتضي تجنيد القضاء وحده وجعله في مقابل الحراك. إذ تقول نظرية "تضخّم نسبة الشباب Youth Bulg" (1995) التي اشتغلت بها الـ: CIA، أنّ القضاء على الفساد وتحقيق الاستقرار السياسي هو "عملية مستدامة"، يتم من خلالها تجنيد "جيل الألفية Y" (1980-2000) في تحقيق الصالح العام، دون تكليف رسميّ أو تجنيد علنيّ، فهم المنتجون والمستثمرون والمستشارون بالنسبة للاستخبارات الداخلية، فإذا كان لجيل الألفية في جيش حلف شمال الأطلسي الناتو NATO رتب عسكرية هامة، فقد تفوق الجيش الجزائريّ حين استخدم جيل الألفية بطريقة أفضل من المؤسسات المدنيّة، التي يجد ربها الالتحاق بمقارباته التنظيمية والضبطيّة، لتخريج كوادر قادرة على البناء، صامدة في أوقات الأزمات، قادرة على كشف المؤامرات، خالقة للثروة والإنتاج، بيد محليّة. أطلق المفكر العراقي عبد الحسين شعبان على حراك 2019 في العراق والجزائر ولبنان والسودان اسم حراك "الصناعة المحليّة"، كما كشف "وباء الهزيمة واليأس" (كورونا) عن ظهور "صناعات محليّة مبهجة" لأدوات الوقاية محلية الصنع في مواجهة "صدمة أزمة ندرة الأدوات الطبيّة". تحيلنا هذه المسألة إلى دور عامل "الصدفة" في اختبار القدرات المدنيّة" الكامنة لدى الشعوب في أوقات الأزمات والكوارث والأوبئة. فكيف حين تحدث أزمة عسكرية الغرض منها اختبار القدرات الكامنة للجيوش، بغرض الاستفزاز أو الاستدراج للحروب والنزاعات الخطيرة؟، فمن سيريد اختبار غضب مؤسساتنا العسكرية على نحو التصريح الغبي لخليفة حفتر أن تونس والجزائر تسرقان ثروات ليبيا، وأن الحفتر قادر على نقل ميليشياته إلى داخل الجزائر؟. فكلما تطور الخطاب الرسميّ إلى التهديد بالاعتداء، فذاك دليل على غياب الذكاء (بكل اختصار). "ما تلعبش مع دزاير". أدّى انتشار الأفكار المتظرفة على الأنترنت إلى (نقل التطرّف بين أمواج النازحين واللاجئين، تجنيد الفتيات في الغرب عبر الدواعش، تهديد سلامة الأطفال وسهولة استدراجهم في الشبكة العنكبوتية، تحريض الجماعات المعارضة للشباب المهمشين، إرسال رسائل من الدول الأجنبية المعادية لشراء الخيانات، نشر الجرائم الإلكترونية ومحاولات السطو على المواقع الإلكترونية للبنوك والشركات، سرقة الأسرار الأمنية لمؤسسات بغرض الابتزاز، نشر الكراهية والتحريض الديماغوجي وصراع الشعوب والحضارات وازدراء الأديان، نشر الأخبار الزائفة وضخ المعلومات الخاطئة...)، كلها مظاهر الأشكال الجديدة من التهديدات التقليدية التي لا تقل خطورة عن وباء كورونا. "الجاليات (شظايا المجتمعات)" كما يسميّها المفكر الأمريكي الراحل صاموئيل هنتجتون، إنّها تعكس –ودون تعميم- في الغالب: (صورة الفشلة محليا، الناجحون خارج الوطن)، لقد كشف أزمة العالقين في مطار تركيا عن اختبار امني جديد نجح فيه وزير الخارجية صبري بوقادوم، فقد أمر الرئيس تبون بتدقيق هويات كلّ الراغبين في الدخول إلى الجزائر من أنقرة، فلقد خرج عشرات الدواعش من سوريا عقب استرجاع الرقة وحلب وإدلب في القريب العاجل، فما الذي تعنيه العواصم الغربية حين قال ترمب لماكرون: "اختر اللطيفين من الدواعش لاستضافتهم في السجون الفرنسية"، كيف انتهت الأمور إلى اختلاط الجاليات بالمتطرفين الغلاة؟. وقبل اندلاع حراك 22 فبراير، استضافت مراكش مؤتمر الأمم المتحدة للهجرة، ما الذي كانت تعنيه الأمم المتحدة بسياسات (تنظيم هجرات آمنة منظمة ومنتظمة للاجئين؟)، لقد سجلت ولاية تمنراست الجزائرية 43 جنسية افريقية بسبب الحروب التي تخوضها فرنسا في دول الساحل الإفريقي، وسجلت ولاية ورقلة 23 جنسية أيضا. الأمر يتطلب سياسة خارجية أكثر تدخلّية وحزما. *- السياسة الخارجية الجزائرية بقيادة الرئيس عبد المجيد تبون: انتهاء "حقبة السماح/ The Grace Periode" وبداية "حقبة التوازن".. إذا لم تستطع الجزائر فرض نفسها كمهيمن إقليمي فعليها التذكير في كلّ مرة بأنها بلد محوريّ، باستخدام كلّ أشكال استعراض القوة الممكنة. لقد اضطرت الجزائر إلى مسايرة الأحداث في ليبيا ومالي، وآلت عدم تقديم دورها بوصفها (صاحبة مبادرة) قادرة على ممارسة التأثير والنفوذ في دول الجوار، إلاّ بعد أن أثبت اللاعبون الدوليون أن رقعة الشطرنج قد خلقت توازنات تسبب في فشل الدولة في كلّ من ليبيا ومالي. إذ تحوز الجزائر على تفوق عسكري في مواجهة التحديات الأمنية والعسكرية على حدودها على طول 6000 كلم، وبلدنا جدير بالخشية على الصعيد العسكريّ، رغم أنّها لم تشارك خارج حدودها في أية مهام عسكرية بسبب "المانع الدستوريّ". لذلك توجب التذكير أن الجزائر تعتبر الدبلوماسية والجيش محركي سياستها الخارجية، وأنّ اعتمادها على البراغماتية الذرائعية لن يعني تنازلها على المبادئ. فالجزائر متشبعة بقيم دعم قضايا التحرر وهي لن تغيّر نهجها مستقبلا. أصدر الرئيس تبون مرسوما رئاسيا في (18 فبراير 2020) لإنشاء "الوكالة الجزائرية للتعاون الدولي من أجل التضامن والتنمية"، وهي مؤسسة ذات بعد إفريقي مع دول الجوار، مؤسسة عمومية ذات شخصية معنوية تح وصاية رئاسة الجمهورية، لها مهام جسام تتعلق بمساعدة جهاز العمل الدبلوماسي بالكفاءات الوطنية، وانجاز دراسات اليقضة الإستراتيجية والاستشراف. كما يعتزم رئيس الجمهورية تطوير مركز الدراسات الإستراتيجية الشاملة ببئر خادم وتعزيزه بالباحثين، إضافة إلى تطوير هياكل ودوائر وزارة الخارجية الجزائرية لتفعيل السلك الدبلوماسي بالخارج. وقد حصلت الجزائر على موقع هام في الجامعة العربية من خلال تعيين الدبلوماسي حسن رابحي في منصب الأمين العام المساعد بمنظمة الجامعة العربية، وكان مقررا أن تبدأ ترتيبات القمة العربية المقبلة في الجزائر، لولا إعلان تأجيل انعقاد القمة العربية بالجزائر بسبب انتشار فيروس وباء كروونا في الدول العربية. انهارت أسعار النفط رغم اجتماع قمة أوبك + مطلع العام 2020، ثم طالب ترمب الرياض حسم خلافها مع موسكو، خفض إنتاجها للنفط في شركة آرامكو، لإعادة رفع سعر البترول، لأنّ الحكومة الأمريكية ستضطرّ لتعويض خسائر شركاتها متعددة الجنسيات، الجزائر تمتلك احتياطيا هاما للعملة الصعبة بـ 60 مليار دولار، وقد يتعزز هذا الرصيد بعد انتعاش أسعار النفط مجددا، سيكون لخبر العثور على ترياق لداء فيروس كورونا، دور في إعادة الأسواق إلى النشاط مجددا، وإعادة الحياة للإقتصاد العالمي بعد ركود صعب ومفاجئ. لا تزال شركة سوناطراك الجزائرية لصناعة البتروكيماويات تدعم السياسة الخارجية الجزائرية لتستخدم ورقة النفط في بناء الدور الجزائري في الخارجي، لقد شارك وزير الطاقة الجزائري في مؤتمر أوبك +، وكان للجزائر دور هام في ضبط الاتفاق الدولي للمنتجين، ولا تزال ورقة النفط والغاز قوية جدا، ويقوم الرئيس تبون بتوظيفها ببراعة، خصوصا بعد استعادة الجزائر لموقعها الاستراتيجي في البحر الأبيض المتوسط واستكمال سيادتها البحرية على جزء من جزيرة كابريرا بالأميال البحرية التابعة للسيادة الجزائرية، حيث ستبدأ حرب تمرير أنابيب النفط والغاز Gazoduc/Oliduc. وبدلنا يمتلك فرقاطات بحيرة وغواصات وحاملات حوامات وطائرات دون طيار كفيلة بمراقبة الأقاليم الجوية المتوسطية التابعة للسيادة الجزائرية. مشكلة استرداد الأموال المنهوبة اقتضت تعاون الأجهزة الأمنية والقضاء للتفاوض مع عصابات "الكليبتوكرات/ Kleptocrates" الفاسدون في زمن "الديمقراطية الفاسدة L’Ochlocratie"، يزيد تعزيز العدالة والنجاح في ردع الفاسدين من تماسك الجبهة الداخلية، وتقوية الدور الجزائري في الخارج، فالكثير من الأموال المنهوبة توجد في البنوك الأوروبية والأجنبية الأخرى، وهو ما يقتضي تفعيل لجنة خاصة في التفاوض المتخصص لوزارة الخارجية الجزائرية، لوضع ترتيبات إعادة هذه الأموال إلى داخل البلاد مجددا، عبر إرسال "إنابات قضائية دولية" هادفة ومحددة وواضحة. إسكات الأصوات المشوشة على الأمن الداخلي، والتي تنشر روايات تحريضية تتسبب في إرباك أجهزة الأمن، بدعم من قوى أجنبية معروفة، يدخل هذا التفاوض ضمن خانة عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلاد، ومنع استخدام التهديدات على الأراضي ضد مصالح الدولة، لغلق هذا الملف بشكل حازم. تدخل باريس في الشؤون الداخلية للجزائر، مسألة هامة جدا، فقد اندلعت أزمة دبلوماسية بين الجزائر وباريس، اقتضت استدعاء وزير الخارجية الجزائري للسفير الفرنسي للاحتجاج على التصريحات المغرضة ضد المؤسسة العسكرية الجزائرية على قناة فرانس 24 انطلاقا من الأراضي الفرنسية، وتعكس هذه المسألة وجود شبهات لتدخل السفارة الفرنسية في تغذية الحراك الجزائري بالدعم السريّ غير المقبول، لكن هذه المسائل لم تطرح على طاولة التفاوض بعد. القضية الليبية، شكّلت فارقا في تحقيق "خبطة دبلوماسية محققة"، فقد اضطر الرئيس التركي رجب طيب اردوغان إلى زيارة الجزائر لتوضيح سياسات تركيا تجاه ليبيا، كما استقبل الرئيس تبون وزير الخارجية التركي مولود أوغلو ورئيس الحكومة الإيطالي الشاب سيرجيو دي مايو (زعيم حركة الخمس نجوم)، وتوصل وزير الخارجية الجزائري صبري بوقادوم إلى زيارة المشير خليفة حفتر في بنغازي، بعد تصريح الرئيس عبد المجيد تبون أنّ تهديد طرابلس "خط أحمر بالنسبة للجزائر"، حيث (ترفض الجزائر أن يكون جوارها محكوما بسلطة من الميليشيات المتفرقة). كما كان دعم القضيتين الفلسطينية والصحراوية من خلال القمة الإفريقية الـ: (33) بأديس أبابا (09 – 10 فبراير 2020) التي حضرها الرئيس تبون، تأكيد على تحقيق "فيتامين" الانتماء القاريّ كما يسميه المصري مصطفى الفقي. فبالإضافة إلى حضور الجزائر مؤتمر برلين حول ليبيا، كان تصريح الرئيس تبون على قناة روسيا اليوم أن الجزائر ترفض "صفقة القرن" وتصرّ على تقرير مصير الشعب الصحراوي، دليلا على تمسك الجزائر بالثوابت. نحن نعيش في عصر "الديمغرافيات المتحوّلة" وتحدي الحفاظ على الهويات، فما الذي يعنيه "تنظيم هجرات آمنة منظمة ومنتظمة"، تزامن اندلاع الحراك الجزائري مع مؤتمر أممي في مراكش 2019 حول الهجرة واللاجئين، رفضت الجزائر مبدئيا مقاربته التي تنادي بدمج واحتواء اللاجئين والناوحين ومنحهم الشرعية، تشكّل مشكلة رفض الجزائر استقبال العالقين في مطار أنقرة بسبب وباء كورونا من فئة فاقدي الجوازات دون تدقيق أمنيّ في هوياتهم، خاصة بعد الحديث عن تصدير أنقرة لقوافل من معتقلي الجهاديين المتطرفين الدواعش من الداخل السوري عبر الأراضي التركية. "الدولة أبرد الوحوش الباردة" مقولة لفريديرك نيتشه سأختم بها التساؤل حول الطموح الامبراطوري المزيف لأنقرة، إنّ ما تقوم به أنقرة في سوريا وليبيا لا يرقى إلى السياسات الاستراتيجية، لأنّ الانخراط متبوع بانسحابات متكررة تدلّ على غياب الرؤية وتحديد مصالح محددة للانتشار التركيّ الجدير بالمراقبة والمتابعة، خاصة بالنسبة لمصر والجزائر. ولولا انشغال الرئيس تبون بالقضية الليبية ثم حصار انتشار وباء كورونا في البلاد، لعرفت الجزائر طرح وثيقة تعديل الدستور 2020 على غرفتي البرلمان، حيث يصرّ الرئيس تبون على ضبط الجبهة الداخلية لتعزيز الدور الجزائري في الخارج. وهذا ما يؤكد على ازدياد الملفات الضاغطة على رئيس البلاد. تقول القواعد السياسية لبناء العلاقات الدولية خاصة بالنسبة للدول الصغرى، كما وصفها المصري مصطفى الفقّي، والتي يمكن تلخيصها في ما يلي: ــ تعزيز الانتماء القاريّ "فيتامين للذات الوطنيّة". ــ الخلاص من التبعية الديون والعوز المادي، تصنع أسس "البلد المنيع". ــ "أسوأ العلاقات الدولية" هي: (حين يتنبأ الخصم القويّ دوما بمواقفك). ــ "الخبطة الدبلوماسيّة" في الخارج، تعطي نفسا للسياستين الخارجية والداخلية معا. ــ "الحكمة الدبلوماسية" ناتج تصوّر دقيق ومعلومات صحيحة للرصد والتتبع. ــ حين تخضع لدولة ما، ستفرض عليك قانونها: "أنت يجب أن لا تسقط، وأن لا تحلّق". ــ حين تكون تابعا لدولة ما، ستنظر إليك "نظرة حبّ، لكن دون احترام"، أما حين تعصيها وتكون مستقلا عن إرادتها وتأثيرها، فـ: "ستنظر إليك نظرة احترام، لكن دون حبّ"). ــ لكلّ دولة أدوات تمكّنها من التضييق على الآخر مهما كان وزنه، أدوات "لها قوة الحرب، لكن دون حرب". ــ هل لديك قدرة على تحريك قوة سياسية ما من داخل دولة الخصم (التسلل باستخدام القوة الناعمة)؟، إن لم يكن لديك ذلك، فلا بدّ عليك من بناء دور إقليمي للتأثير، لتفرض التفاهمات على الآخرين. ــ الترشح للرئاسة "باب ملكيّ" ليس كبقية أنواع الترشيحات، يساعد على خروج دولة ما من أزمتها بسرعة قياسية. لكن كلما كان الرئيس بسلطات مطلقة، سهّل على جماعات المصالح السيطرة عليه، وتمكّن الخارج من التغلغل للتأثير فيه. ــ يساعد الحزب السياسي الرئيس، على إطلاق سلسلة من عمليات التأهيل والتجنيد والتربية المدنية والسياسية، التي تدعم الجدارة وتقلّل المحسوبية. وإلاّ فإنّ الحكم دون حزب سياسيّ سيفتح الباب لجماعات التمويل والتبرع (لوبيات المصالح والقرب)، وستبعد المواطن عن المؤسسات وتقذف به إلى الشارع. ــ الصحافة غير الحكومية "مصدر غير آمن" و(جماعة ضغط مهنية)، تقترب من الولاء المطلق وتبتعد عن الصحفي الناصح، (قل ما تشاء، ونحن نفعل ما نريد). سيبقى الرهان الجزائري في التموقع في دوائر الانتماء العربي والإسلاميّ واضحا، لأنّ الجزائر دولة محورية داخل الاتحاد الإفريقي، أما تفعيل الاتحاد المغاربي فيتعلّق يتحول المفاهيم الخاصة بالجوار المغاربي، فقد أشاد الرئيس تبون بتشجيع الشعب المغربي للفريق الوطني الجزائري الحائز على كاس الأمم الإفريقي المقامة صيف 2019 بالقاهرة، وأكّد أن مغرب الشعوب بحاجة إلى تأكيد مغرب الحكومات التحرّر من التدخلات الخارجية، فببساطة تطلب منا الدول الأوروبية أن (نتفق على مصالح الشعوب الأوروبية، وأن نختلف على مصالح الشعوب المغاربية)، فكيف استطعنا أن نتفق لتمرير أنابيب الغاز الجزائري إلى أوروبا ولم نتفق على مصالح الشعوب المغاربية. إذ تأمل الجزائر أن تؤسس لعلاقات مغاربية نموذجية على الصعيد الثنائي والجماعي الإقليمي، يشبه العلاقة الجزائرية التونسية الراسخة، إذ يغطي الجيش الجزائري الأقاليم التونسية بموجب اتفاقية دفاع ثنائية تم توقيعها عام 1983، وبسبب تواضع تسليح الجيش التونسي، وامتلاك صناعة حربية جزائرية محترمة، تمكن البلدان من القضاء على الإرهاب في جبال الشعانبي عام 2013 والتنسيق لمواجهة الإرهاب والجريمة المنظمة والتهريب بعد انهيار نظام العقيد القذافي في لبيبا عام 2011، وعليه، فإنّ (القدرة على تقدير المصالح، تجنب الغموض في تحديد الأهداف، الحاجة إلى التأيد الشعبي، امتلاك المعلومات وتقنيات الدفاع، تفعيل آليات صناعة القرار)، سيكون كفيلا بتمكين الخارجية الجزائرية من التعبير عن مصالحها الدولية والإقليمية بشكل أكثر فعالية ونشاطا في العقد المقبل. ********************************* "الجيش يدعم الرئيس (نعم)، الجيش يمارس السياسة (لا)" - الجنرال المتقاعد محمد خلفاوي – *- احترافية متجددة للتخفيف من أعباء المؤسسة العسكرية: استمرار صورة الـ: "الجيش المخلّص" تتوقف على "معاونة الشعب".. قامت قوات جزائرية خاصة بسحب السفير الجزائري عبد الحميد بوزاهر من العاصمة الليبية طرابلس عام 2014 و50 موظفا من السفارة الجزائرية هناك، بعد رصد اتصالات لجماعات مسلحة كانت تخطط لاختطاف السفير الجزائري، وتمتلك الجزائر طائرات درونز قادرة على حراسة الحدود الجزائرية الليبية التي تمتد إلى 980 كلم، وقام نائب وزير الدفاع (بالإنابة) الفريق سعيد شنقريحة بمناورات عسكرية ضخمة على الحدود الليبية نقلت 15 ألف عسكري إلى الحدود الشرقية للجزائر، لمراقبة الأوضاع في دولة الجوار بعد بروتوكول التعاون العسكري التركيّ الليبي الأخير 2019. قامت الشرطة الجزائرية والجيش بمراقبة الحراك للحفاظ على الآرواح والممتلكات، ففي (مارس 2019) مع بدايات الحراك، واجه وزير الثقافة آنذاك السيد عز الدين ميهوبي حادثة نهب وتخريب المتحف الوطني للآثار القديمة والفنون الإسلامية بالجزائر العاصمة، ورافق الجيش الحراك بقيادة الفريق الراحل أحمد قايد صالح الذي تعهد بحماية المتظاهرين وعدم السماح بإرهاق قطرة دم واحدة. استمر الجيش الجزائري في مناوراته العسكرية الجوية والبحرية والبرية التي بدأن منذ مناورات طوفان 2018، اكتساح 2018، بركان 2020، طوفان 2020، وغيرها من المناورات والتمرينات الميدانية بالذخيرة الحية لاختبار كل أنواع الأسلحة. كما ورد، فإنّ سيطرة الجزائر على الأميال البحرية المتوسطية، وسيطرتها على الواجهة التابعة لها في جزيرة كابريرا وتوضيح عدم وجود خلاف حدودي بحري مع اسبانيا، قد مهّد للقوات الجزائرية البحرية أن تقوم باستعراض قدرتها على حماية البحر الأبيض المتوسط ومتابعة الحركة التجارية للسفن، ومراقبة تصدير المخدرات وتجارة البشر، خصوصا القادمة من الساحل الليبي أكبر ساحل في المتوسط، مراقبة الهجرة غير الشرعية التي لم تحول البحير المتوسط إلى أكبر مقبرة عالمية عائمة، بل إلى مصدر للأمراض المتنقلة أيضا مثل انتشار وباء الاكليل كورونا. شارك الجيش الجزائري قوات الشرطة مهام حماية متظاهري الحراك خلال أكثر من 55 جمعة (أسبوعا) منعا للعنف (الطور البلانكي واليعقوبي للحركات الاجتماعية)، فبعد أن هدّد الوزير الأول السابق السيد أحمد أويحي بتحول الحراك إلى العنف بقوله في البرلمان: "سوريا بدأت بالورود"، فقد أصبح النجاح في تطبيق المقاربة لأمنية لتطويق الحشود تحت عين ورقابة المؤسسة العسكرية التي راهنت على عدم إرباك المشهد الداخلي في البلاد مهامها الدستورية لحماية الحدود والإقليم. فالجيش لن يمارس السياسة حتى في ظلّ انسداد الحياة السياسية، ولن يقبل المغامرة بالتحول إلى المرحلة الانتقالية التي هددت بفراغ دستوري خطير، وقد أكّدت مجلة الجيش لسان حال المؤسسة العسكرية، أنّ الجيش على وعي تامّ بحتمية اختيار المسار الأسهل لنجاح استحقاق (12/12/2019) لتسهيل عودته إلى مهامه التقليدية في حماية الإقليم. الجيش حرر العدالة بفضل الحراك، مقولة تروج الآن للحديث عن مرحلة جديدة في تاريخ الجزائر، ستصبح فيها السلطة القضائية سلطة قادرة نسبيا على مقاومة السلطة التنفيذية، في انتظار إصلاح ما تبقى من المؤسسات غير المؤهلة للعب أدوارها الوظيفية، ونعني بذلك الغياب التام لغرفتي البرلمان وضعف آليات المساءلة والمحاسبة والمبادرة بالتشريع. ستدخل الجزائر بعد الاستفتاء الدستوري على مرحلة جديدة من تقوية الأداء البرلماني بعد الاستحقاقات التشريعية لتشكيل مجالس منتخبة وطنية ولائية وبلدية ستعرف تجديدا شبابيا حتميا، وكلما شيدت المؤسسات، تعزز الاستقرار، وتمكنت المؤسسة العسكرية من العودة إلى مهامها الدستورية التقليدية. لقد أظهر الحراك مصداقية التعليم العسكري في المؤسسة العسكرية بعد نجاح تجربة مدارس أشبال الأمة التي عادت إلى التشييد مجددا خلال 17 عاما الأخيرة بفضل القرارات الشجاعة للفريق أحمد قايد صالح رحمه الله، كما أظهرت التصريحات أنّ الضباط الجزائريين يحصلون على تكوينات دولية في المعهد الملكي البريطاني والجيش الروسي والجيش المصري وفي عدد من الدول الصديقة الأخرى للجزائر، وقد نجح الجيش في تخريج دفعاته من الأطباء والصيادلة والمهندسين في مختلف التخصصات بصرامة وجدية كبيرين، مما يجعله قدوة لإصلاح التعليم المدني للتربية والتعليم العالي، اللذين يعانيان من مشكلات كثيرة تتعلق بالتسيير ومناهج التكوين ومصداقية الشهادات.
********************************* شمس الدين شيتور: "المهندس الذي يخرجه الجيش، أفضل من المهندس المدني" تصريح في الإذاعة الوطنية القناة الثالثة منشور على يوتيوب *- جيل الألفية، والمعرفة التي "لا توجد في الكتب المدرسية": إشكالية التحكّم في الجيل "المتحوّل ثقافيا": نحو "عقد رقمي أمنيّ جديد" لتوظيف المواطنين الشباب في مهام سياديّة "خطأ في محلّه".. لقد كان تصريح وزير التعليم العالي شمس الدين شيتور حول تغطية الجامعات بتأطير الأساتذة (من مستوى صفر)، كان تصريحا في محله على الرغب من تصويبه. لقد قرأت مقالة بعنوان: "كيف تضرب في (0) مسيرة علمية حافة؟"، فلقد مللت كأكاديمي أنتمي إلى "المجتمع الجينيّ" (كما نوصف في الغرب) من مشروطية "بحوث الترقيات"، (فكلما كان الأستاذ الجامعي بيداغوجيا أنجح، استطاع الوصول إلى درجة بروفيسور بوتيرة أسرع)، وكلما كنت باحثا أسعى إلى تقديم الإجابات عن الأسئلة المتراكمة في حياتنا... (لا داعي لإكمال ما حدث وسيحدث لي). المهم في هذا المقام أنني حققت انتماءين مؤكدين بصفة (عضوية)، فأنا أنتمي إلى جيل الألفية "كحقيقة بيولوجية"، لكنني أنتمي إلى "المجتمع الجينيّ" أيضا بصفة مهنيّة. هذا ما كشفته مجلة التمويل والتنمية الصادرة عن صندوق النقد الدولي FMI عام 2017، لقد قرأت كلّ مقالاتها وفي المقدمة مقال كريستين لاغارد مديرة صندوق النقد الدولي الحالية، وزيرة المالية الفرنسية السابقة. سلسلة مقالات جيدة، تشرح المشكلات الاقتصادية التي ستواجه جيل الألفية، إضافة إلى دراسة هامة أخرى لمركز راند كوروبورايشن حول إشراك جيل الألفية في مهام حماية الأمن القومي. لقد أجاب الجنرال محمد خلفاوي على سؤال في قناة KBC التابعة ليومية الخبر بمناسبة الاعتداء على جريدة تشارلي ايبدو الفرنسية (يناير 2015)، أنّه إذا كان سيد أحمد غزالي قد ألمح إلى غياب الأحزاب ووجود 02 مليون مخبر تابع لجهاز الاستعلامات والأمن DRS، فهو يطمح إلى تحويل 40 مليون جزائري إلى عضو في هذا الجهاز لحماية وطنه، لأنه يحوز على معطيات دولية خطيرة، وختم قائلا: "أنا أنتظر موت تنظيم الدولة داعش على أرض الجزائر، وعليها أن تجرّب الدخول إلى أراضينا". لاحظ الغربيون بداية تموقع مدهش لشباب "جيل الألفيةY " من (مواليد 1980 – 2000) في المواقع القيادية في الغرب، في الوزارات والبرلمانات والجيوش، فلقد أصبح الكثير منهم صناع قرار وصائغين للتشريعات وقادة ميدانيين للجيوش، فبدأت مؤسسات الاستخبارات الدولية في الغرب، في تصميم الاتصالات والتواصل وبناء التوقعات وفقا لهذا الأمر، لإعداد هذا الجيل لمهام مثمرة تخدم الأمن القوميّ، جيل أكثر تعلّما وإطلاعا على التاريخ، شركاء عمل مرغوب فيهم، جيل شارك في ثورات وانتفاضات الألفية الثالثة بعد عام 2000، وقع في اختبار استقطاب من مختلف التطرّفات (أحزاب وجماعات اليمين واليسار المتطرّف في الشرق والغرب)، ولدوا في كنف أسر تمتلك حواسيب وهواتف نقالة، يفضّلون الإجابات السريعة على غوغل محرّك البحث العالميّ، لخلق "معايير جديدة، لأمّة صغيرة"، تطمح في تحقيق نجاحات، لا توجد معرفتها في الكتب المدرسية التقليدية. يطرح الغربيّون تساؤلات هامّة حول تمرّد الشاب المهندس ريتشارد سنودن موظف الاستخبارات الأمريكية اللاجئ في موسكو: هل هو وطنيّ أم خائن؟، نحن نطرح في الجزائر نفس التساؤلات عن مزامير الصحافة الجديدة (أمير، عبدو زمار، بن سديرة، عبود، .. وغيرهم)، لحسن الحظّ أنّ الأكاديميين يسمّون "المجتمع الجينيّ"، لأنّ جمع وتحليل المعلومات لا يتمّ على الإطلاق، على فايسبوك ويوتيوب، وليس عبر اللايف، لجمع التوقيعات والتبرعات الرقميّة، ففي الدول ذلت التخطيط العالي، يتم تحليل الأخبار والمعلومات لتقصّي مستويات زيادة الوعي لدى جيل الألفية، فقبل استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، نجحت الولايات المتحدة الأمريكية في توظيف استوديوهاتها في هوليود لتصميم تصميمات حداثيّة خياليّة عن القوة المدنية والعسكرية الأمريكيّة، من على حاملات الطائرات والمقاتلات الجوية والغواصات وداخل مكاتب مدراء أنجح الشركات العالمية، وكان لتلك التصميمات دور فعال في توجيه المخيال الشعبي لجيل الألفية الأمريكي، وقد أعجبت كثيرا بالأفلام التاريخية التي أنتجتها وزراه المجاهدين والثقافة الجزائريتين لإنتاج أفلام تاريخية ومسلسلات دينية تقدّم شخصيات قياديّة محبوبة مثل مصالي الحاج الشيخ إبن باديس والعقيد لطفي (في انتظار الانتهاء من فضيحة عدم تقديم فيلم العربي بن مهيدي)، فلقد اختار الرئيس تبون الفنان سهيري لقيادة وزارة السينماتوغرافية. هذا الإصلاح الهام – على الرغم من تأخّره- يدعم انخراط جيل الالفية في تحقيق الأهداف الكبرى للدولة. فجيل الألفية في أمريكا الجنوبية الذي يكره الفساد وتخلّف النظام التعليمي ولا تعجبه قياداته السياسية عموما، نجح في تنظيم حملات ضدّ العنف والحشيش والاختطافات، مثلا قام شخص يدعى أوسكار موراليس في إطلاق حملة رقمية على فايسبوك لإجبار تنظيم القوات الكولومبية المسلحة فارك FARC (قبل إعلانه عن تحوله إلى حزب سياسي وتخليه عن العنف المسلح)، على إطلاق سراح رهائن مختطفين، لقد قاد هذا الشاب حملة إنقاذ ناجحة ودعم جهود الدولة الكبرى، حين قام ببناء زخم للقضايا العادلة عبر فايسبوك. بصراحة أعرف شخصين في ولاية ورقلة الصحراوية جنوب الجزائر، أحدهما اسمه طارق بن الشيخ، وهو المسؤول عن الملف الاجتماعي لشركة توتال الفرنسية، قام بتمويل العشرات من المدارس والمستشفيات بولاية ورقلة انطلاقا من قدرته على إجبار شركته التي تمنحه أجرا على منصبه، معتبرا أنّ للمواطن حقّا في الحصول على جزء من مساهمة الشركات العاملة بالجزائر في دعم التنمية البشرية، وعلى الرغم من عدم شكره أو تقدير جهوده، لم يملّ طارق، أو صديقي وصديقه شيخ حسين قرفي، الحارس بشركة SNVI، الذي يبني زخم القضايا والمطالب الاجتماعية في بلدية الرويسات بولاية ورقلة، واستطاع لفت نظر مؤسسات بريد الجزائر بلدية ورقلة بلدية الرويسات لقضايا التنظيف والتهيئة العمرانية استغلال المساحات وتطوير المدارس، وشاب آخر يدعى شرف الدين يمتلك دبلومات غريبة (هاكر شرعي، محكم تجاري، ضابط فيروسات، منتج تطبيقات).. وعدد من الدبلومات الأخرى التي لم أحفظ عناوينها بعد. لقد قال الرئيس تبون أنّه على علم بجهود منظمات مدنية أفضل من الأحزاب السياسية وأقوى منها في العمل الخيري عبر أقطار الوطن. باختصار إنهم جيل الألفية. إذا كانت الحملات تقاد عبر فايسبوك وهو حزب رقمي شعبي جديد، فإنّ تويتر تشارك بقوة كبيرة الآن كأمانة عامة للحزب الرقمي الجديد لجيل الألفية Y (1980-2000). قرأت مقالا للسوسيولوجي ناصر جابي عن الفرق بين "الإبن القافز" و"العالة"، جيل الألفية كما تقول الأبحاث الغربية، أفضل من الآباء (الجيل X لما بعد الحرب العالمية الثانية) في التعليم والعمل، لكنّه سيفشل في مواجهة الأعباء وسيعجز عن الإدخار وعن تأمين تقاعد مريح. لأنّ الآباء محظوظون، كانوا اقلّ تعليما لكنهم مشغولون الآن بتزيين المنازل وتوسعتها، والتخطيط لرحلات السفر والتجوال الدولية!. لذلك يسمّون صراع جيل الألفية Y وجيل الآباء X بحالة "الاحتراق" النفسي، الدافعة إلى الهجرة، نقد الذات، وربما الانتحار. وقد لفت انتباهي برنامج لمغني راب جزائري تحوّل إلى صحفي متقصّ للحقائق يدعى مستر آبي Mester AB، هذا الأمر حدث في روسيا، لقد نادى وزير هامّ في حكومة بوتين يدعى فلاديسلاف سوروكوف إلى نشر غناء الراب لأنه يعدّل مستويات غرور (جيل الأنا النرجسي) الذي زادت ظاهرة السلفي (التصوير الشخصي) من اعتداده بنفسه، للحصول على الثناء دون جهد، فهذه الفئة تجرّ شباب الألفية إلى الخلف، إلى وضعية (الشباب كشتيمة) بمعنى ازدراء الجيل X لهم: "مازلتو صغار". فما هو الحلّ في مثل هذه الوضعيات الحرجة. تقول الدراسة أنّ النزهات الاجتماعية خاصة في المولات المتجارية الكبرى، قادرة على تحقيق سلم مؤقت بين الجيلين (جيل الألفية Y وجيل الآباء X)، حيث سيعتاد الآباء على مشاهدة أبناء الألفية Y في وظائف التكنولوجيات الجديدة (موقع عمل ممتع وحداثيّ جذاب). في روسيا، يدعم جيل الألفية الرئيس فلاديمير بوتين الذي اعتمد على خطة وزيره سوروكوف لاسترداد الأموال المنهوبة، فرغم من أنه من الجيل X)) إلاّ أنّه تحول من حارس شخصي لأحد الأغنياء إلى روائي مزيف في الجرائد ثم إلى وزير متخصص في إلقاء القبض عل الفاسدين، لقد جعلت قصة سوروكوف جيل الألفية Y متحمسا للعب نفس الدور، فهو ينخرط في مساعي الدولة الروسية لإحياء بطولات وملاحم الأمّة السوفياتية السابقة، ويساهم في سياسة "جدار روسيا العظيم" ضد التهديدات الرقمية غير التقليدية. أما جيل الألفية في منطقة الشرق الأوسط فيبحث عن الهجرة للبحث عن فرص عمل في محيط آمن، لينعموا بسلام لا يجدونه في منطقة النزاع الأكثر خطورة في العالم. تقول الأبحاث السيكولوجية أنّ أفراد الجيل الثالث يتعاملون مع الهاتف كـ: "جزء من أجسامهم"، يحملونه في السراء والضراء، فوضع الهاتف على السرير علامة على استعداد هذا الجيل لاستقبال الأنباء عن الأزمات على مدار الـ :24 ساعة، فهم جنود الإنقاذ، لإصلاح أعطال الحواسيب، وفتح المصانع، وأكشاك الخدمات السريعة، إرسال حوالات التحويلات المالية وتعبئة الأنترنت..، إنهم يقاتلون في ميدان الحداثة الرقمية، لخلق نمط عيش رقميّ جديد، لكنه مخادع. تخشى السلطات عبر العالم، ألاّ تمتلك الاستخبارات الداخلية معلومات دقيقة عما يحدث لهذا الجيل، يبحثون عن أشخاص يقدمون معلومات موثوق بها، ذات مصداقية، يمكن أن يبني عليها صناع السياسات ومتخذو القرارات التنفيذية قرارتهم الصارمة، إذ أن المطلوب هو القيام بتحديثات مستمرة وآنية قادرة على خلق "موجات من الدعم" الذي يحافظ على انتباه صانعي القرار. هذا ما كان يريده الرئيس تبون في اجتماع "الحكومة – الولاة". فنحن الأكاديميون على سبيل المثال يسمينا الغربيون "المجتمع الجيني" لأنّ قدرتنا على تحليل المعلومات أكثر ملاءمة من أفراد جيل الألفية أو حتى المخبرين، فنحن نقدّم أحكاما تقديرية تدعم صناع القرار، وما على الحكومات سوى الاستثمار في مهارات جيل الالفية، لتقديم معلومات (لا توجد في الكتب المدرسية) عن وضعياتهم المعيشية والحلول التي يرغبون في مشاهدتها. والملاحظ، هو سعادة صناع القرار بصفتين لجيل الألفية (رغبتهم في التنقل والعمل بالخارج مقابل تعلقهم بالوطن ورغبتهم في نقل ما سيرونه غلى داخل الوطن، وثانيا رغبتهم في رؤية العالم من خلال مسيرتهم المهنية وتسويق صورة بلدهم من خلال عبقريتهم التي تكيفت مع مقتضيات الحداثة). مشكلتان مؤكدتان فقط تواجهان جيل الألفية، وهما (الديون التي ستثقل كاهلهم، عدم ضمانهم للتأمين الصحيّ والتقاعد). لذلك، لجيل الألفية Y مواصفات خطيرة، هم رواد المشروعات وأصحاب الأعمال، مستهلكون للأنترنت، المسوّقون لخبراتهم عبر يوتيوب، لا يحبون الأحزاب السياسية، جيل متحول ثقافيا (عالي التعليم)، ينادي بعقد أمني رقمي وثقافي جديد، شواغلهم الأساسية (كيف أتحرر، كيف أعيل أسرتي، كيف أحصل على وظيفة مرنة ومشوقة مؤقتة، تكون جسرا لتحقيقي مشروعي الخاصّ). هذا كلّ ما يحقّ لهم أن يحلموا به، لكن الحكومات تفكر كالآتي: (كيف أحولهم إلى مستشارين دون أن يتقاضوا أجورا على هذا الدور، كيف أصغي إلى مناقشاتهم في منصات آمنة وموثوقة، كيف استبق التهديدات التي ينتبهون وينبهوننا إليها في حواراتهم المدهشة، كيف أجعل استقرار البلاد هدفا كبيرا لتعزيز شعور الدولة بالانجاز، كيف أمنع الدعاية السيئة وتسريب المعلومات الحيوية للدولة، كيف أحمي جيل الألفية الذي ينتمي إلى حاضنتي الوطنية، كيف أجذب المواهب المؤثرة على الصناع القرار لتعزيز التعاون دون تكلفة ودون مقابل). بل أكثر من ذلك، في الغرب، يشترط قطاع عقد اتفاقيات آمنة لتوظيف جيل الألفية في الرقابة الرقمية (اتفاقية عدم الكشف عن المعلومات، والتعهد بنيل التدريب المطلوب)، لذلك يمنع الأمن والجيش فئة: (الغارقين في الديون، واضعي الأوشام، من يثقبون أنوفهم أو شفاههم، مدخني المخدرات والماريغوانا) من العمل في وكالات الأمن أو الجيش، وتعتبرهم غير مؤهلين لرصد المعلومات والتعاون مع السلطات. ربما أكون قد أطلت في هذا المقال، لكن الرابط واضح، تسليم المشعل غلى جيل الألفية Y من قبل الجيل X يجب أن يكون آمنا ومؤمنا، بصفة منظمة ومنتظمة (كما تريد الأمم المتحدة بآليتها المدهشة لإغراق بلدنا باللاجئين)، بهذه الطريقة تتوفر لنا المناعة لتمكين الشباب على معيار الجدارة Méritocratie وليس المحسوبية Népotisme التي كاد أن يغرقنا فيها نظام الرئيس الأسبق بوتفليقة، كما انتهى عهد حكم الشيخوخة (حكم كبار السنّ مدى الحياة) Gérontocratie، وأصبح بإمكان جميع الجزائريين المشاركة في بناء الوطن، والدليل كمّ الحاجات التي قام وباء كورونا بتعريتها. والتي أبانت عن معدن ثمين لأمثال وزير التجارة بروفيسور كمال رزيق الذي أفتخر بانتمائه إلى الجامعة الجزائرية على الرغم من علاتها ومشاكلها الكبيرة.
#عصام_بن_الشيخ (هاشتاغ)
Issam_Bencheikh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كيف يحمي وعينا الحقوقيّ المقبل -الساعة البيولوجيّة- لإنسان م
...
-
الحراك العربي والتحديات الأمنية الخطيرة لاستخدامات -الإعلام
...
-
هل استلهم دونالد ترمب فكرة -صفقة القرن- 2019 من أبحاث أكاديم
...
-
إحياء الذكرى الأولى للحراك الشعبي الجزائري (الجمعة 22 فبراير
...
-
همهمة أكاديمية: التعديل الدستوري 2020 في عهد رئيس الجمهورية
...
-
مصيدة ربط الحقوق بالمفاوضة الابتزازية.. من بحث سياقات الفعل
...
-
فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل
...
-
-ضيّع نفسك، تجدها-... إبراهيم الكوني، ومعضلة تحرير الإنسان ا
...
-
الصمود المعرفي لأطروحات عبد الله الغذامي وأحمد الصرّاف: المج
...
-
تفكيك بنية الأصوليّات البروتستانتية في العالم الإسلاميّ: مقا
...
-
حول ظاهرة -انمحاء الأكاديمي- الاجتماعي، وتأثيراتها في الحالة
...
-
ثالثة الأثافي... ساسة -دمية الميدان-: فقر فكريّ وفساد ماليّ
...
-
أوروبا موحّدة ب: -وتائر- متفاوتة- لا -سرعات مختلفة-: وصفة مو
...
-
بناءات ومقاصد الخطاب الغربيّ المعادي للإسلام قديما وحديثا: ت
...
-
مشكلة تمويل صناديق التقاعد في دولنا العربية: محاورة لأستاذنا
...
-
-إطحن أمو-... استحالة الهروب إلى الأمام في المملكة محسن فكري
...
-
الانفتاح والانغلاق.. المواجهة السرمدية في السياسات العربية
-
أحلام -هنري كيسنجر- والاختبار التركي... التخطيط للحرب العالم
...
-
في نقد فلم: -فضل الليل على النهار/ Ce que le jour doit à la
...
-
إشادة فلاسفة الغرب السابقين ب: -حكمة النبي محمد-: -الحلقة ال
...
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|