|
الصين تهزم جنود الله
إبراهيم محمد فائق الراوي
الحوار المتمدن-العدد: 6530 - 2020 / 4 / 6 - 10:34
المحور:
ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات
واخيرا الصين تصل نهاية حربها مع جنود الله "كورونا" بعد السيطرة عليها والقضاء على اسبابها وبذلك تحسم النتيجة لصالح الصين ضد جنود الله، مما يعني هزيمة الاله وجنده. يزعم الفقهاء(بعضهم إن لم يكن كلهم) ان كورونا جندي من جنود الله، وان الله ارسله الى الصين ليهلكهم وينتقم منهم بإعتباره عقوبة الهية جزاءا بما فعلوا بالمسلمين. وكان هذا الكلام في اول الامر، فلما ساد وانتشر الوباء في ارجاء العالم عموما والوطن العربي(المسلم) خصوصا، تبدلت مواقفهم ليقوموا باستنجاد الصين الشيوعية "الكافرة" وامريكيا الصليبية "الشيطان الاكبر" لانتاج لقاح او علاج ينجيهم من هذا الوباء. إن القول بأن فيروس كورونا جندي من جنود الله هو مجازفة وتقول على الله بغير علم وافتراء عليه. الدليل "الديني" قوله تعالى: (وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ ۚ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَىٰ لِلْبَشَرِ)، (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ ........ وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ)، (وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۚ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولً)، (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ ۗ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ)، فبين الله تعالى في هذه الايات ان جنود الله لا يعلمها الا هو(وقد زعم هؤلاء انه يعلمون جنود الله وكأنهم اطلعوا على الغيب!!)، وان الانسان مطلوب منه ان يقول ما له به علم وان يسكت عما جهل، وان الافتراء على الله من اقبح الظلم. اما الدليل "العقلي" على امتناع كون فيروس كورونا من جنده، هو ان العلم الحديث يستطيع التغلب على الفيروس ولو بعد حين، اذا فمن المحال ان يكون جنود الله اضعف من صنع خلقه والا فسينتصر الخلق على الخالق، بناء على هذه الادلة فان كل من زعم ان كورونا من جنود الله فقد افترى على الله كذبا وبهتانا وادعى دعوة بلا دليل ولا علم. أما القول بأن فيروس كورونا عقوبة الهية، فهذه مجازفة اكبر وطعن في الوهية الله(وما قدروا الله حق قدره). الدليل "الديني" قوله تعالى: (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولً)، (وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ)، (وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ۚ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ)، (وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ), فيبين الله في هذه الايات ان الله لا يعذب حتى يبعث رسولا او نذيرا ينذر الناس ويدعوهم الى الصلاح ويقيم عليهم الحجة ويبين لهم المحجة(معذرة الى ربك ولعلهم يهتدون)، فإن أبى القوم الهداية نزل العذاب، والسؤال هنا هو هل بعث الله رسولا الى الصين(مؤيد من الله) الجواب بالتأكيد لا، اذا كيف يعذبهم الله وهو لم يرسل رسلا اليهم إلا اذا كان الله كذابا! وحاشاه. كذلك بين الله تعالى ان العذاب يوم القيامة، في الاية الثالثة. أما الدليل "العقلي" فهو ان الله لماذا يعاقب الصين فقط لماذا لا يرسلها الى امريكا او الى اسرائيل ويبيدهم اليس هؤلاء عند الفقهاء اشد من الصين جرما، ثانيا لماذا لايرسلها الله الى المجرمين اي الى الحكومات فمثلا في الصين الحكومة هي المسؤولة عن تعذيب المسلمين فلماذا يرسل الله فيروس كورونا على المستضعفين من الناس ويدع الظلمة في النعيم، ونحن نعلم ان القران دائما يذكر ان الصالحين يخرجهم الله من العذاب ويبقى القوم الظالمين تحت العذاب. ان هؤلاء الشيوخ الذين زعموا ان كورونا عقوبة الهية وانهم جند من جنود الله، ماذا سيكون موقفهم(الفقهاء) لو اصاب هذا الفيروس احد ابنائهم او امهاتهم او ذواتهم؟! ان هؤلاء قد صوروا للعالم ان الله شرير وسادي يحب الانتقام والتعذيب والقتل(وما قدروا الله حق قدره)، بل صوروا الله انه ضعيف لان فيروس كورونا(جندي الاله حسب زعمهم) قد خسر امام الصين، بل بهذا الكلام جعلوا الله كذابا لانه يقول(وان جندنا لهم الغالبون) فكيف يخسر جنود الله؟! لكن هؤلاء لم يتدبروا القران ولم يهضموه وسلموا عقولهم لاهل القرون الوسطى(افلا يتدبرون القران ام على قلوب اقفالها). إن العقل الاسطوري والتراثي الرافض لفكرة التجديد والحداثة سيظل تفكيره مرتبط بالغيب ارضاءا للنقص الذي يعيشه اصحابه في حياتهم، فهم يرون العالم وتقدمه ويرون انفسهم في قعر التخلف والرجعية فيبررون بقولهم ان هذا ابتلاء من الله لنا لاننا تركنا الحجاب والصلاة، ولو ذهبنا الى افغانستان سابقا لرأينا المصلين في صلاة الفجر اكثر من المصلين في صلاة الجمعة ولرأينا النساء كلهم يلبسن الحجاب ولكنهم مازالوا في قمة التخلف وهُزِموا امام امريكا بعد حربهم مع روسيا، ولو ذهبنا الى موريتانيا والى شنقيط بالتحديد لرأينا اعداد طلبة العلم الشرعي تفوق اعداد طلبة الكليات في بقية انحاء العالم ومع ذلك مازالوا في قعر التخلف. اذا السبب في التخلف ليس في ترك الصلاة وترك الحجاب، ودليل ذلك ان الرسول(عليه الصلاة والسلام) بقي في مكة 15 سنة يدعو الناس الى الاسلام واستطاع ان يكسب اتباع وان يتقدم في مسيرته الدعوية هذا كله ولم تكن الصلاة ولا الحجاب مفروضة بعد على المسلمين بعد. اخيرا، ان كل ما نعيشه من حالة التخلف والانهزام الفكري هو بسبب هؤلاء المشايخ الذين حرفوا الدين ولم ينتجوا سوى الارهاب والدمار والرجوع للوراء، وما داعش الا نتيجة حتمية لهذا الفكر السقيم، وان زعموا انهم براء من داعش، فلن يغني عنهم برائتهم شيء، فداعش لم تخرج من عدم بل خرجت من هذه الافكار والمعتقدات المتخلفة، فداعش هي بنت هذه الافكار، ولإن انهزمت داعش(التي تحمل السلاح) فما زالت داعش(التي لا تحمل السلاح) حية بيننا تحمل افكارا سامة قذرة، يخادعون الناس بتطويل اللحى وتقصير الثياب امتثالا بالاسلام والاسلام منهم براء.
#إبراهيم_محمد_فائق_الراوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
المزيد.....
-
هل يضغط ترامب على مصر والأردن لتنفيذ خطته بشأن غزة؟ حسام زمل
...
-
نتنياهو يجيب على سؤال -هل وجود الجيش الأمريكي ضروري- لتطبيق
...
-
زملط معلقًا على مقطع لترامب حول ضم الضفة الغربية: يتعين علين
...
-
السجن لجندي إسرائيلي أساء معاملة فلسطينيين في سجن -سدي تيمان
...
-
شاهد.. هدية نتنياهو لترامب تخليدا لذكرى هجوم إسرائيل على لبن
...
-
بعد خطاب ألقته من المنفى.. متظاهرون يهدمون منزل رئيسة وزراء
...
-
-غزة أرضنا ولن نرحل-.. فلسطينيون في دير البلح يحتجون على تص
...
-
ضربة موجعة للصين: بنما تتخلى عن -طريق الحرير- لإرضاء ترامب
-
سلسلة زلازل تضرب جزيرة سانتوريني في بحر إيجة
-
مسؤول عربي كبير يحدد طريقة إفشال مخطط تهجير سكان غزة
المزيد.....
-
الآثار القانونية الناتجة عن تلقي اللقاحات التجريبية المضادة
...
/ محمد أوبالاك
-
جائحة الرأسمالية، فيروس كورونا والأزمة الاقتصادية
/ اريك توسان
-
الرواسب الثقافية وأساليب التعامل مع المرض في صعيد مصر فيروس
...
/ الفنجري أحمد محمد محمد
-
التعاون الدولي في زمن -كوفيد-19-
/ محمد أوبالاك
المزيد.....
|