أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات - سعد كموني - لا بد من ثورة تقدمية














المزيد.....

لا بد من ثورة تقدمية


سعد كموني
كاتب وباحث

(Saad Kammouni)


الحوار المتمدن-العدد: 6529 - 2020 / 4 / 5 - 03:24
المحور: ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات
    


ليس من الضروريّ أن يكون الإنسان فاشلاً في الحفاظ على حضارته، عندما يفشل أو ‏يرتبك في مواجهة جائحةٍ فايروسية؛ فمنجزات الإنسان باتت عظيمةً وعظيمة جداً في مجال ‏سيادة العقل على الظواهر الطبيعيّة، ولكن الحضارةَ ستبقى مع هذه السيادة يعتورها النقصان، ‏مما يودي بها وبمنجزاتها عاجلاً أم آجلاً، ذلك أنّ التقدّم الحضاريّ يقوم بالهيمنة المعرفية على ‏الطبيعة، إضافة إلى الهيمنة على مجمل النوازع النفسية، ولا يمكن أن يحصل التقدّم الحضاريّ ما ‏لم يكن التعاضدُ بين طرفي هذه الثنائيّة.‏
إذا كانت الهيمنة على الظواهر الطبيعيّةِ مبررةً بالحاجةِ الإنسانية التي تقتضيها العلاقة بين ‏الاجتماع البشريّ والطبيعة في كنف الزمان، فإنّ الهيمنةَ على النوازع النفسيّة أيضاً يجب أن تكون ‏مبررة بالحرص على سلامة الاجتماع البشريّ في علاقته مع الطبيعة. وهنا تنشأ الاجتهادات ‏والرؤى المختلفة التي تقدِّر حجم التدخل في الحياة الفرديّة أو الجمعيّة، بموجب القوانين الوضعيّة ‏أو المرجعيّات الإيمانية الروحية، في تحديد طبيعة الهيمنة على هذه النوازع والحدّ من أخطارها ‏المتوقّعة على الأفراد ومجتمعاتهم. وهنا أيضاً تتأسس الاختلافات التي تتطور إلى خلافات حول ‏الخصوصيّة والعمومية. إذْ لا يوجد ما هو خاص لا علاقة له بما هو عام، ولكن بعض ‏الخصوصيات قد يكون خطرها محدوداً أو غير بادٍ فلا يحق لأحد أن يتدخّلَ بها، سوى القانون ‏الذي يحميها ويحمي الأفراد وجماعاتهم من إمكان تماديها. أمّا النوازع التي تهدّدُ الاجتماع البشريّ ‏واستقراره فهي التي ينبغي أن تعقدَ لأجلها الاتفاقيات، وتحدَّد كل العلاقات الإنسانية بما لا ‏يتناقض معها.‏
صحيحٌ أنّ الحاجات تختلف من بيئة إلى أخرى، ومن ثقافةٍ إلى أخرى، إلا أنّ الصحيح ‏أيضاً أن استمرار السلامة الإنسانية على ظهر الكوكب، يقتضي ترشيداً للحاجات، وتشكيل ‏قناعات مشتركة بأنّ الطبيعة للجميع، وظواهرها تعني الجميع، ومعرفتها ينبغي أن تكون متاحةً ‏للجميع، وأن يكون السعي دؤوباً ليكون الجميع خاضعاً بشكل أو بآخر لما تقتضيه المعرفة. وتسيّدُ ‏العقل ممكنٌ بمقدار ما يبدع في هذا المجال أو ذاك، لا بمقدار ما يستهلك من آثار الإبداعات.‏
إذا كان التصدّي لبعض الظواهر الطبيعية يقتضي أن يبنى على ما يعلم؛ فلا يجوز أن ‏تُحتكر المعلومة ارتهاناً لنوازع الأرباح، أو لأيّ سبب آخر. فالمعلومةُ للجميع، طالما أن الظاهرةَ ‏تتحدّى الجميع. وهنا تجدرُ الإشارة إلى أن تسيّدَ العقل على الظواهر قد لا يكون سوى وهمٍ على ‏الأقلّ ببعض جزئياته، إماّ لأنّ العقل بات مطمئنّاً لآلياته العريقة، وإما لأنّ الظواهر قد أدمنت هذه ‏الآليات فبات أداؤها متطوراً ومختلفا، وفي نظر العقلاء كما لو أنها لم تتغير. الأمر الذي ‏يستدعي إعادةَ النشاط وبعث العقل من جديد بغية تمكينه من السيادة مرّةً أخرى، وشماتةُ ‏المعترضين على المؤمنين بالعقل تاريخياً،لا تجدي وليس لها أيّ معنىً؛ فهم بالنهاية سيعالجون ‏مرضاهم بما يمليه الطبيب.‏
طبعاً أنا لا أعترض على الجانب الروحيّ الذي يشكلُ مرجعيةً ثقافيةً يحدّ بها الإنسان من ‏إلحاح نوازع النفس؛ بل أراها ضرورةً لا بدّ منها في كبح الغرور والاعتداد، كي يتسنّى للإنسان أن ‏يموضع نفسه بإزاء الطبيعة وظواهرها، الموضع الواجب ، بل ينبغي أن يكون هذا الجانب هو ‏الضامن بمثابة النفس اللوامة، أو الضمير الحيّ، أمام الكشوف العلمية وما تتيحه من إمكانات ‏القهر والاستعباد والإذلال.‏
كما أني لا أعترض على أعمال العقل الذي يشكّلُ مرجعيّة علميّة يحدّ بها الإنسان من ‏إلحاح الظواهر الطبيعيّة على حياته؛ بل أراها ضرورةً لا بدّ منها في تعزيز الرهان على إنسانية ‏الإنسان، ومسؤولياته تجاه حياته والكون، بل هو ضرورة ليمضي الإنسان في هذا الكوكب على ‏هدىً من أمره وسلطانٍ مبين. ‏
إذن، لا بدّ من ثورةٍ تقدّميّة في ترشيد المسار الحضاري، موقفٍ جذريّ شمولي علمي، ‏يجعل الإنسان سيّداً على الطبيعة، وعلى نوازع النفس البشريّة، وهذا يقتضي أخلاق الاجتهاد ‏والبحث العلمي، كما يقتضي سيادة القانون فوق المصالح الآنيّة لأي متنفذٍ معنويّ أو شخصيّ، ‏فالإنسان فوق كل قيمة، وما من ضامن لهذا سوى عقلنة القوانين الوضعية وغير الوضعية، ‏وسيادتها في كل المجالات والأمداء. ‏



#سعد_كموني (هاشتاغ)       Saad_Kammouni#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوحش ليس شكلاً بل مضمون
- كورونا والثورة
- أنت المسؤول
- تهافت التأويل العلمي عند زغلول نجار وآخرين


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- الآثار القانونية الناتجة عن تلقي اللقاحات التجريبية المضادة ... / محمد أوبالاك
- جائحة الرأسمالية، فيروس كورونا والأزمة الاقتصادية / اريك توسان
- الرواسب الثقافية وأساليب التعامل مع المرض في صعيد مصر فيروس ... / الفنجري أحمد محمد محمد
- التعاون الدولي في زمن -كوفيد-19- / محمد أوبالاك


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات - سعد كموني - لا بد من ثورة تقدمية