أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - امير الدراجي - الخراب الرائع والهدم الجميل ثمنا لحرية متوحشة امام امن مفترس















المزيد.....


الخراب الرائع والهدم الجميل ثمنا لحرية متوحشة امام امن مفترس


امير الدراجي

الحوار المتمدن-العدد: 455 - 2003 / 4 / 14 - 06:11
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


 
        غرفة انعاش ديمقراطية في دبابة مثقفة
  منذ يومين وانا يتيم من الوالدة العزيزة التي شبعت نقرا وضربا من اصبعي الواحد،انها السيدة كمبيوتر،وكعادتنا نحن المعدان نصر على تخلفنا وعدم اتباع الاليات التقنية لاستخدام الكيبورد بكل الاصابع،اذن ارحت امي من اللطم اليومي وها انذا الطم صدرها هذا اليوم لاعود لمن يبحث في الانقلابات المفاجئة للفكر،نائيا بوقته من التكرار والاجترار الصحفي والخطابات المعلبة الى لطزاجة الروح والفكرة،الى الغرابات التي لم اضعها في صفائح من تنك او ذهب،اطلقها عارية بلا قشرة تخدشها النسمات الطيبة وتدميها الحسرات المتاوهة،لان مسيس الحياة بها لا يتحمل التعليب والفكر المسبق،ذلك الذي يكاد لا يجد قبرا بين الموتى،وما علينا الا ان ندفنه لان روائحه عفنة مميتة.  الان وانا امام الكيبورد شرها كعطشى المعدان وهم لا ينتظرون حلب الجاموس بل يشربوه من الضروع المتدلية كالعنب الولهان تحت وارف الاوراق !! كنت في اوسلو ، لكن بعض رفقتي من المثقفين اما متخلفون تكنولوجيا لا يملكون كمبيوتر او انهم فقراء ليس في وسعهم شراؤها ،لذا انقطع حبل المسرة يومين مزعجين سجلت فيهما مئات الملاحظات،مع اني لم اقرا أي كلمة من الانترنيت..ربما البعض تصور انني في بغداد او الناصرية،او في طريقي الى هناك،احاول مع غيري وضع الحرية وسط دروع الفكر والكلمة،واتسرب الى الضمير كالشرارة في نفط،فثمة احبة منذ اكثر من ثلاثين عاما فارقوني،وثمة ام كانت على ثقة ان تراني قبل موتها،وانا على ثقة من انها ستموت في اليوم الثاني بعد مشاهدتي،لان اللعبة انتهت على ما قال اللاعب الغير دوري!!اجل لعبة الحياة ستنتهي وان تحقيق الامل هو دعوة للموت،فهل اجدد الامل في خلايا امي التي تعيش على امل ان تراني؟ الحياة لا تستحق ان تستمر من دون امل،انها سكتت الحرقة على ذكرى الغائبين..الحزن والالم والاوجاع والصراعات كلها جذوة الحياة،حتى بعض الحمى ايذان بان الحياة تتفجر بتطرف ،وتهيء اسباب الاقلاع لقوة جديدة!!انه الامل الذي يتكتم على نفسه،فينبلج من تحت الركام ليعيد صياغتنا من جديد..اشياء كثيرة وكبيرة تتخزن في جوفي الان،وتستعد لاطلاق حرائق الزهرة،مبللة بالندى الصباحي والبشارة التي في انفسنا جميعا،حيث تعصي على الاستظهار الا بقوة وقحة لا تخجل!!سامارس وقاحات الحقيقة حتى الافراط،واكون مع بعضنا خوارج الحقيقة،نسّابة العدالة،مؤرخي المستقبل،لان الفكر القديم،التاريخيات البارة تبدو مع الجثث المنسية تنشر روائحها الكريهة في الزوايا والشوارع..انها جثث الفكر البطولي،ومعفنات المرجعية المستبدة وهي تلثم وجهها الهمجي بشتى العبارات التربوية القديمة،اصرخ الان كبطل كرامازوف(مات الاب)،مات التاريخ،فثمة هجمات بدافع الموت والدفن تشنها مجموعات لا تعرف انها اختارت ان تموت برغبة مسبقة،فمن ينصحها الان على تجنب الموت( نحن هنا نتحدث عن حروب ثقافية وفكرية ومعرفية وليس حروبا عسكرية). سوف اجرد مجموعة من الظواهر المحيرة لاكشف عن مسارها بعد حين،اقدم كشفا للفحوصات السريرية عنها وان بدت للجميع بحلة مخزية واخرى بائسة ..لكني ارى اجمل مشهدا الان رغم كل ما حدث..اشاهد تراتبا متقنا لبلاد تصر على ان تكون اجمل الدنيا،فانتظروا متى يسفر الجمال عن محاسنه..سنتحدث عن كل هذا بلقطات سريعة مكثفة. الوقت مهلهل بالفرح،الازمنة حاسمة جدا،اللحظة عصية على الاستشراف ،وقد انهارت القمم ..كل شيء يمارس اجمل حلل الهدم..كل شيء يسير الى الخراب الجميل،الاحتراق البطولي للتاريخ..لقد جمعت الانقلابات مجموعة هائلة للمصطلحات الجديدة ،ثمة لغة اخرى تدق على ابواب السجون السبويهية،الاكثر ثورية على ماضي فكر الاستبداد،ذلك الشقيق الذي اختار ان يبكي في ازمنة الفرح،يبكي عراقا  شيدته الجماجم والدم تهدم والدنيا لا تتهدم!!وهنا يطرح الفكر الوطني البطولي اخطر مدخلا للحرية ،الوطنية اصبحت من مخلفات عوائل الارهاب،واثبتت من دون شك انها احد الاقنعة التي يختفي وراءها المطلوبون!! لنأتي للافكار مباشرة،ونجردها من أي حصانة جماعية،لنقتل النفس الداخلية كي لا تؤذي احدا غيرنا،ففينا تكمن عناصر القتل التربوي الطويل،لناتي للعالم كطلاب محو الامية القمعية،ونمزق كل الشهادات كما تمزقت الصور كلها..لناتي بكل الصمت لعالم  نستجمع ثرثرته من جديد.. لناتي بكل الفراغ لعالم يحترق ويمحوا المخربون اثاره ونؤثثه من جديد،فيما تلك الاورام المخربة كانت ضروورة قدرية ، وذراعا في انظمة التكافل الطبيعي ،لعالم يبحث عن انسانيته وسويته ،ومن الضروري ان يقدم نفسه كاقوى تطرفا للقمع بما انتجه التخزين من فوضى كامنة،لم تتعود النظام الا كقوة عدوانية،لان النظام جردها من كونها قوة فاضلة ومارس معها طويلا التصرف كمتهمة مصادرا مشاركتها في صياغة النظام والمؤسسة، النظام دمر انظمة براءتها فتصرفت كالهجن،دمر سلامها فتصرفت كالقتلة،دمر احلامها فتصرفت ككل ياس..المجد للخراب،المجد للشرطة الذين يجزؤون بين كرامة اللص وقصاصه!!
سنتحدث طويلا،لانني استقرضت من الانترنيت بعض الغياب..وها انا اطالب بديني فالى ذلك النزف الخوارجي ساطلق الغرابات ككل غواية وفتنة من على اصرار الموت الى حفلة الحياة..انه تاريخ من الوف السنين يتوقف الان،ويستريح على وطن كان كومة من المقابر والطغاة والالم ، كان خطاب الخنث المقدس،الى شعب تحول مجرد مذابح للانس ودماء لشهريار ابدي.. تعالوا نوقف تاريخ الرقاب وهي تنحني لسيوف الاضاحي الثقافية والمعتقدية،ليكن هدم كل مرموز مقدس مثابة لحرية لا تتوقف عند سلطة تحتكر الحرية سرا بكل المشاعية الخبلاء فترمي علينا عظام المقدس والحد، كالكلاب الجائعة!! لنكن الانسان ونودع كلب بافلوف الوضيع في خلوة النفس الطيبة،وقد كرمتها كل النصوص،لكن دهاء وذكاء السلطات اذلها طويلا دهاء المفسرين للنصوص امام اكثرية مغفلة.
الخراب الجميل.. تكسير الاوثان..جرثومة الحرية تاتي بجرثوم القمع.. حذاري من عودة ابناء صدام بحجة الامن.
كثيرون تناولوا الفوضى العارمة التي اجتاحت المدن بعقل تحافظي ، وانا منهم حيث حذرت من اليوم الاول عن مخاطر الشيء ونقيضه،فخطر الشيء ياتي بالانقض الاسوء،أي الفوضى تاتي بالردع اللامحتشم،وهذا ما تكشفه الكامرات من استعادة مقززة لجماعات كانت مختفية بسبب عهرها السياسي وخوفها من القصاص،الى استعياب ظهورها بين الناس وقد كانت تنعم في حظوة النظام وتروع الناس واستثمار الانتماء للسلطة في التسيد على الكرامات المشطوبة..هاهم الان يدخلون بشعارات حفظ الامن،ويتصرفون مع الجماهير كما يتصرف رجال البعث وفدائيي صدام ،حيث الضرب على طريقة المجيد،بالاحذية بعض ما قيل عنهم لصوص وعابثين،انه مشهد يستعيد تحقير الانسان،ويتبادل تسفيه الانسانية من قبل الردع مع الفوضى،وهذا خطير ومفزع ونحن نشاهد مجموعات القانون المنتقم من اللص الفالت،دون ان نعتقد ان هؤلاء ،قوى الحقد السياسي وقوى التاريخ الذين جاؤوا بدخان الردع وضبط الامن،بانهم سيبقون على تبادل فوضى الردع المطلق وفوضى الحرية المطلقة،كلاهما خطر،وكلاهما يحاولان اثبات شرعية النظام المقبور،وهذا ما نطق به مواطنون،استدركوا ان الحرية اقل اهمية من الامن،كما لو ان العراقيين كتب عليهم اما حرية فالتة او ردع فالت.
وهنا لا يسعني الا ان احلل واطلق تحذيراتي المخيفة من تبادل المبرر بين قوتين لا تمثلان الحلم الكبير الذي نقف على مشارفه..هناك خطر حقيقي،لا نقول حسب مقولات المؤامرة !!ان ايدي تديره.كلا فثمة  موار هائل لانظمة الطبيعة والمفاعلات الاجتماعية لابد للمعرفة والفحص ان يلاحقها ويكشفها،وبالتالي اعطاء المخارج لها.
العراقيون عاشوا في دولة الشقاوات ،والالتهام المفترس للحياة باسوء بؤسها،ادخلوا جماعيا لمنظومة الموت،وتنفسوها كمصدر للبقاء والصيرورة،انهم اضداد ذاتهم،يتصرفون ككيانات ميتة في دولتهم القديمة،وقد اثر هذا الموت بتخزين تصورهم الاعمى للحياة،انهم اميين حتى العظم في التعرف على الحياة..كل علاقاتهم ولغتهم لا تعدو اكثر من علاقات القبر والدم والاغتيال والسجن والحرب والاختفاء والغياب والتحقيق والشرطة وفرق الموت ،فيما كل هذه القاموسية اليومية مشفوعة بحيوية دائمة تقدمها صورة الرئيس وهي تنتشر بمئات الملايين في الشوارع والبيوت والدوائر الحكومية،انها تعبر عن مصادرة ماحقة لكليانية الشخصية العراقية،مصادرة سرها وعلنها،مزاجها ككون فطري،محابها ومكارهها،كل شيء في نظام الفطرة الداخلية مصاغ طبقا لمصدر الخطر،الحاضر في كل مكان،المعلن عنه حتى في خلوة الهوامش المنسية،في الاحلام،بمن فيهم احلام المنفيين الهاربين للملاذات الامنة..كل شيء اثبت عند العراقي مقدرة مميزة واسطورية على تحمل انظمة طبيعة ليس في مقدور القديسيين والاولياء تحمل تبدلها وانقلابها،الى حد خلق المجتمع الصوفي،وهو نوع من الاستلاب الهيامي إزاء عملية الحلول المزدوج بين العاشق والمعشوق. نحن امام انسان خرافي،ذا طبيعة غرائبية بكل ما للكلمة من تعريف بارد،هذا الانسان الذي اجبر على تمليك تشيئه للفرد وبالتالي فصله عن ملكيته الفطرية لجسمه وبدنه ومزاجه وعشقه وكرهه ومحيطه وبيئته واحلامه وحقه في الكره السري والحب المعلن،اذ استغرب كيف لا يحرق هذا الكائن المتغرب بالمطلق عن الحياة ان لا يبيد الحياة بذاته!!انه انجاز ان لا يجد نفسه مصابة بعار تمليكها للفك المفترس،واستغرب ايضا كيف لم يقم حتى الان بجلد دجلة وهدم شواطئها وحرق النخلة،واطلاق النار على الهواء وعلى راحته التي تملكها التصفيق والتملق؟كيف لا يحرق كل شيء لانه مملوك لنظام خوفه وجمهورية موته؟لعلها ثغرة فاضلة ان تحدث عملية الهدم الجليل فقط لمؤسسة الدولة،أي مدينة القبر،فراديس الذبح المفدى؟؟استغرب كيف لا يتحول العراقي الى تنين مفترس لحديد الابواب والزنازين ويبتلعها،ويطارد الفرات ككل متهم بالانتماء لدولة قتله؟لان كل شيء اعيدت صياغته على قاعدة ملكية الرعب،الماء الهواء الحب العشب اللغة التاريخ ،ولاسوء نظام التواطئ الذاتي،وهذا يدل على كون العراقي كائنا متسامحا قياسا لمشهد الحريق المفترض كتكافل وتوازن مع سوية النفس واستعادتها من عملية التدمير الماحق لكل شيء،لان كل شيء بما فيها نفسه كانت مملوكة،وهذا يفرض عليه تدمير الملكية القديمة،اذ لا غرابة ان يدمر ويخرب وينهب كل شيء،ولا غرابة ان يدمر ذاته الخائنة كلها،كبيئة مصاغة خوافيا،ومؤسسات وبيوت ،لا غرابة ان يهدم كل بناء حتى البيوت البريئة،لان انظمة التخنيق المبرمج أدت به الى ممارسة التنفس الطبيعي،الى امتلاك رئتيه،والهدم سيكون هو الرئتان والخراب هو البلعوم الذي لا يقبل أي حل وسط للتنفس..لا اعرف ان العراقي يمتلك نظام حشمة للخراب،وهذا سار جدا،اذ ثمة بقايا للانسان باقية بعد ان دفع بمنهجية غاشمة الى مصائر الحيوان المطلق، نظام الغريرة المهتاجة بالاحتراز والكمون والتدرن المزمن..وما صورة الخراب المطروحة الان الا احتشام ناقص الطبيعة،لانه لا يعبر عن الصورة المفترضة عن اخلاقية الخراب المطلق في ظل المحق الانساني المطلق،حيث جهزه النظام القديم بكل عناصر كراهيته،بكل منظومة خرابه،وقد تراكم تاريخ من التفريغ المنهجي لانسانيته وحصاناته العاطفية والوجدانية جميعها،مما جعله يأت لازمنة الحرية منفلتا يبحث عن توازنه الثاري البافلوفي المباشر،وهو لن يستعيده الا بهدم الذات المفرغة عبر مؤسسات عدة،كانت تعمل بمعية التماثيل والصور الى شطبه وتغييبه نهائيا،اذن فانه شطب تاريخ الغياب وهدم مؤسسته الفراغية،وقد ادى بهذا التدمير القصدي اروع صور التحضير لبناء ذاته القادمة وقد محقها في التاريخ منتظرا اعادة توليدها بلا ترميم  في الحاضر والمستقبل. اذن هو يهدم خرابه وسجنه،فكل شيء يشترك في تدميره وتفريغ انسانيته،وهذا ما جعل خطوته الهادمة تتصرف بجرف يتخذ سير السلطعون( حيوان بحري يسميه العراقيين او الجنّيب،وهذا يسير سيرا عرضيا جارفا) ، حيث التجريف الشفائي للنفس المطعون بتكونها القسري ذاتيا وتربويا،حيث لا مجال لترميم كسورها ووقوفها من دون تدميرها نهائيا،لان أي ترميم هو ترميم كسور العالم القديم،وهكذا ياتي الهدم الماساوي كتعبير جراحي شديد الوجع بغية انبات جذوري للعالم الجديد انه المحو المقدس للذات الخانة.
ببساطة شكلت الدولة كمنظومة للادولة،أي الفوضى القانونية القائمة على حماية تحويل الشعب والبيئة والحياة الى فردية الحاكم، وقد استوحى العراقيون فكرة الضبط الوحشي كنظام ما،وانتظموا لفترة طويلة من الزمن مكيفين انفسهم للوحشية القانونية المشار لها،فاعتبروا انضباط الموت ملاذا طارئا طال امده،استطاعوا من خلاله ايجاد تسكينا لقوى المجتمع المفرغ ،مما ادت المفاجأة المنفلتة نوعا من الدهشة الصادمة التي لا تتقبل باي حال النظام غير المباشر الذي ادى لذلك،لانها اعتادت الوضع المباشر،ناهيك عن التكيف القسري لفترة طويلة مع نظام اجتماعي تساكن مع الوضع السابق،فيما منظومة حراسة النظام تتساوق مع مدرسة التوحش والتغييب المفزع لمكانة الانسان،مما يدل على السلوك الشائن للمنظمات الاهلية التي استحدثت نفسها بعد الفرهود والفلتان كحراس ممتلكات،لان في مخزونها ليس غير القانون المتوحش والمهين للانسانية كموروث ردعي،وهكذا تبادلت الفوضى نفسها بين الامن المتوحش والحرية المتوحشة. هكذا تستعيد الصورة البعثية القديمة مشروعية سلوكها  المحقر للانسان وهو في صورة خطيئته،لانها ترعرعت على الامن الانتقامي،كمنظومة لممارسة التعذيب والتحقير والمزاج العدواني وليس القانون  كعقد جماعي لا عقد فرد من طرف واحد ،وهذا ما اهل الافراد الى التصرف مع القانون والنظام باعتبارهما اعداء مطلقين، بل ومعزولين بالكامل عن الناس،لانهم الفرد في مواجهة الجماعة والجمهور،اذن فان تدمير المؤسسة المنعزلة هو استعادت الشعب لذاته من الغياب،وهذا يجعل التخريب عملا شرعيا وجماليا هائلا بصفته تدميرا لمؤسسة الامن المتوحش والفرد الذي كان الشعب والمؤسسة في كنهه ونظمه محلولا بمزاجه الباطش.
ان هذا الخراب هو التغسيل الجليل للماضي ،انه عملية بتولية مقدسة لاستعادت الذات،المدرسة وحتى المستشفى يتخذ شكل دائرة مخابرات،كل ما تتصف به الموسسة او أي نظام هو دائرة تعذيب وابتلاع مفترس للانسانية. وطالما انه كذلك فان الشعب محي تلك القوى المغيبة لذاته ليعيد صياغتها انطلاقا من حطام التاريخ ،بحيث ان تدميره هو نظام تكافل طبيعي جدا،ينبجس من قيم تبادلية ذات منظور غير مباشر للجماليات المدفونة في لجة الفوضى واكوام الحريق.
في سياق هذه الصورة تتجلى مجموعة احترازات فائقة الحذر مما قد تشكله المليشوية الذاتية والامنية التي تصرفت بموروث نظامي وامني مهين. ولعل مبادرة ضباط الشرطة،الى جانب نداءات الاساتذة والاطباء والمثقفين والفعاليات  الاجتماعية الى ظهور لامع لحركات الحرية والاحرار من داخل العراق،بموازاة استبعاد تاريخية الاستبداد المتشكل في المعارضة المنتظرة والرابطة للانقضاض على فرح المستقبل،نستخلص العديد من الحساسيات السياسية الاجتماعية الملتبسة،ولعل رهانات توزينها وتسكينها تقع على عاتق لاعراقي  في الوقت الحاضر،على الاقل،وهذا يتطلب تعاونا واعادة تاهيل واستشفاء خارجي للحياة الامنية والسياسية امام النموذج العراقي المشوه،الذي يحمل بذاته وسائل عدة للتدمير الذاتي ان في تصوره للحرية او الانضباط معا.
هل ستكون صدمة الغرب الليبرالي صاعقة للعقلانية القديمة او المتكيفة التي اعتادت الانتظام مع قيم الاقوى؟ان عالم يعدم الانسان بمجرد التفكير بالحرية انه لعالم معادي للحياة برمتها،وهذا يتطلب تدمير قيم الموت وعلاقات القبر والزنزانة وسط غرفة انعاش فائقة،وهذه الغرفة طبقا لقيم النذالة المثالية والاستقواء الانتهازي ،وشرعات القتل اللاقانوني هي غرفة انعاش في دبابة،اكثر ثقافة من داعية حقوق انسان!!اذن فان غرفة الانعاش الفائقة حول مصير الديمقراطية تتطلب غرفة مدرعة من الكسور المحتملة،وهي غرفة دبابة لابد ان تكون مستشفى اجتماعي وسياسي لاعادة الحياة للوليد المنتحر،الذي لم يعلمه التاريخ الانتصار للحياة بل حراسة الموت. للاسف تلك هي الحال التي الت اليها اوضاعنا،حيث لا موثقات محترمة على امكانية ماسست العدالة وجمالية الانسان ككينونة كريمة من هفوات القانون وحماقات الردع تحت حجج الفرهود والنظام،لان النظام اعتاد مواجهة البراءة كمذنب دائم،وصادر حقها في حماية العقد الجماعي وخلق مجموعات سلبية تتعامل مع النظام كعدو وقاتل وقاهر،فيما استمرأت انظمة الردع والانضباط هذا الغياب المتعاون لمواطن استبعد حتى وداده لانظمة السجن فكيف معارضته؟
نعتقد ان رك السلوك الامني الموروث الى جانب استغراق المجاميع السبارتوطوسية الهادرة في انتزاع حريتها من مؤسسة التاريخ،سيؤول الى انعاش طغمة جديدة تاستاثر بالحماية القانونية لنتائج التحرير،وبالتالي سرعان ما نجد تحديثا للزنزانة وقانونا للفاسدين والبطّاشين من مواريث تاريخ التوحش. من هنا لابد ان تكون العقول التاملية والابداعية والمدنية ان تبادر الى تلقف ثورة قطاف الحرية،ولا يجعلوا الامنيين والعثية النائمة تستعيد سلطتها مرة جديدة لتقودنا الى عراق تافه وغبي،واعمى لا يعرف لكلماته الهتافية غير الرغوة البافلوفية الزابدة من فمه واصواته الغرائزية. وهذا يتطلب تلقف الدور من قبل هذه القوى الجاهزة للاستقواء واعقل الولائي،وبالتالي اعادة تاهيلها على قيم الاحرار واحترام النفس،واجتثاث فكرة الولاء للاقوى من جذور تكوينها،لانها تسقط على الاميركي صورة البعثي الحاكم وتتملقه،مما يدعونا الى التذكير بان العراقيين المخالفين والمجاهرين بمعارضتهم لاميركا يصرخون قرب الجنود وامام الدبابات،مما لم ولن يماسه العراقيون بكل حياتهم،وهذا يجعلنا الحفاظ على مكسب الادارة الحامية لمعارضيها،لان الصارخين بالتحرير من الغزو انفسهم سيعيدون الدولة القاتلة لمعارضيها،وفي حال قبلت المخالفة فانها تحدد شروطها وشكلها واطارها،أي معارضة معلبة ومملحقة للقائد اول!!وهذا يجعلنا ان نمارس نوعا من ديمقراطية الارهاب الادبي المتبادل،لان هؤلاء الدعاة سيعلقون مشانق الحرية،تحت شعار العمالة،فيما الحرية تسمح لهم المطالبة بشنقها مما لا يمثل مخالفة قانونية في اطار ديمقراطية حماية حياة الخصم،وهذا من الوجهة الجنائية مدان،أي الدعوة للقتل والحرب ليست وجهة نظر،انما مخالفة جنائية وليست حرية،وهذا يفرض العمل على ايجاد ضوابط دستورية وقانونية للحرية من المستفيدين منها لفكرة الحرب وشحذ الناس لقتل داخلي وسفك جديد.
ان القوى والافكار الشبابية الجديدة مطالبة بالتقاط المبادرة وتفويت فرصة الفراغ السياسي،منعا لتاريخية الاستبداد سواء برجالات وقيم السلطة القديمة او فكر الاستبداد الحزبي الغاشم. هكذا يبدو خراب المدن اجمل من بناء الزنازين ،تلك الزنازين التي أوحت للمواطن  بالخوف من كل مؤسسة وساوى بين المستشفى ومديرية الامن وبين المدرسة واقبية التعذيب!!!



#امير_الدراجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نداء : على جيوش الحلفاء توفير الامن من اعداء القانون وقادة ا ...
- سلاما ايها الاستعمار.. مرحى ايتها الخيانة.. انقذونا من انفسن ...
- دعوة للانقلاب على تاريخية الاحزاب المستبدة:اعادة تاهيل الاحز ...
- الفكر اليومي:الازمنة الحاسمة والاوثان المتهدمة. خصم ليبرالي ...
- شضايا عاشقة: لقطات على شفير الهاوية
- دماء على منديل احمر:ثنائية الاستقلال والاستبداد والحرية والا ...
- امير غرناطة الازرق :فائق حسين مطلوب من الله كي يرسم جدارية ا ...
- التيار الوطني الديمقراطي :ثورة معرفية على ارث التزوير من اجل ...
- ردنا على نصائح الاسدي المبطنة بالارهاب: العراق دولة اوركاجين ...
- شغاف على عيون صادفتني في 8 شباط :اعياد واحزان من دون عراق او ...
- العشاء الاخير وثورة السياسة الشابة على المومياءات الحزبية.
- اذا كان السلام مريض فهل الحرب عيادة علاج نفسي؟
- حول دعوة الركابي لمؤتمر للمعارضة من حقنا مناصفة الدكتاتوريين ...
- جريدة الحياة تسرب خبر عن تراس الركابي وفد المعارضة في بغداد: ...
- بعد اكثر من ربع قرن انتصرت يا داود البصري على جبار الكبيسي
- مثقفون بلا حدود ودعوة لاعلان تضامن عالمي مع المثقف والمفكر ه ...


المزيد.....




- مزارع يجد نفسه بمواجهة نمر سيبيري عدائي.. شاهد مصيره وما فعل ...
- متأثرا وحابسا دموعه.. السيسي يرد على نصيحة -هون على نفسك- بح ...
- الدفاع الروسية تعلن حصيلة جديدة لخسائر قوات كييف على أطراف م ...
- السيسي يطلب نصيحة من متحدث الجيش المصري
- مذكرات الجنائية الدولية: -حضيض أخلاقي لإسرائيل- – هآرتس
- فرض طوق أمني حول السفارة الأمريكية في لندن والشرطة تنفذ تفجي ...
- الكرملين: رسالة بوتين للغرب الليلة الماضية مفادها أن أي قرار ...
- لندن وباريس تتعهدان بمواصلة دعم أوكرانيا رغم ضربة -أوريشنيك- ...
- -الذعر- يخيم على الصفحات الأولى للصحف الغربية
- بيان تضامني: من أجل إطلاق سراح الناشط إسماعيل الغزاوي


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - امير الدراجي - الخراب الرائع والهدم الجميل ثمنا لحرية متوحشة امام امن مفترس